ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 144: حكم تبني الطفل اللقيط

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 21 صفر 1435هـ | عدد الزيارات: 4422 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

لا يجوز شرعاً إضافة اللقيط إلى من تبناه إضافة نسب يسمى فيها الولد اللقيط باسم من تبناه وينسب إليه اللقيط نسبة الولد إلى أبيه وإلى قبيلته كما جاء في الاستفتاء لما في ذلك من الكذب والزور واختلاط الأنساب والخطورة على الأعراض وتغيير مجرى المواريث بحرمان مستحق وإعطاء غير مستحق وإحلال الحرام وتحريم الحلال في الخلوة والنكاح وما إلى هذا من انتهاك الحرمات وتجاوز حدود الشريعة لذلك حرم الله نسبة الولد إلى غير أبيه ولعن النبي صلى الله عليه وسلم من انتسب إلى غير أبيه أو غير مواليه قال الله تعالى "وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" (الأحزاب 4- 5) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام" رواه البخاري ومسلم

وقال صلى الله عليه وسلم: "من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة "

س: هل الحديث الذي يقول "كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به" ينطبق على الطفل اللقيط ؟
ج: الحديث المذكور عام في أكل الحرام وهو من أحاديث الوعيد ولا يشمل اللقيط بحال لأنه لا ذنب له ولا يؤخذ هو ولا غيره بذنب غيره قال الله تعالى "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" ( الأحقاق 164)

س: في عام 1370 هـ وجد والدي طفلا ملفوفا في قماش في رأس جبل من جبال البادية مبني عليه حجر وقد قام والدي بأخذه وإنقاذ حياته وقد أعطاه لوالدتي وقامت والدتي بتربيته وأدرت عليه برضاع دون وجود طفل عليها ذلك الوقت وأرضعته عامين وسماه والدي معتوق وكبر الولد وتربى برفقتنا والمذكور في الوقت الحاضر بالجيش برتبة رقيب وحيث إن والدي ووالدتي قد انتقلوا إلى رحمة الله وقد أوصى والدي بأن هذا الغلام يرث مع الأسرة إذا هداه الله وحيث إن المذكور معاملته معنا حسنة ومع الأسرة فنأمل الإفتاء في ذلك ؟

ج: أولا: يشكر والدك ووالدتك على ما قاما به من الإحسان إلى هذا اللقيط حتى كبر

ثانيا: الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات فأكثر في الحولين فإذا كان رضاع الطفل من أمك كذلك فهو ابن لها ولزوجها من الرضاع وأخ لجميع أولادهما من الرضاعة قال تعالى "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ" ، إلى قوله "وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ" (النساء 23) وقال تعالى "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ" ( البقرة آية 233 )

وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة" رواه البخاري ومسلم

وثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت "كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك" رواه مسلم

علما أن الرضعة هي أن يمسك الطفل الثدي ثم يمص منه لبنا فإن تركه وعاد ومص لبنا فرضعة ثانية وهكذا

ثالثا: لا يجوز أن ينتسب المذكور إلى أبيكم على أنه ابن له

رابعا: لا يرث المذكور من أبيكم لأنه ليس من ورثته

خامسا: إذا ثبت أن أباكم أوصى للمذكور بالثلث فما دون فلا بأس بذلك ولكم أن تصلوا المذكور وتحسنوا إليه فإن الله لا يضيع أجر المحسنين

س: قبل حوالي ثمانية عشر عاماً وقبل صلاة صبح يوم من الأيام وجدت طفلا في لفة وأنا في طريقي إلى المسجد وكان وقتها يبكي فلفت صوته انتباهي وأخذت الطفل إلى بيتي وكانت زوجتي حينذاك حاملا وفي أيام الولادة وقامت زوجتي بإرضاع هذا الطفل قبل أن تضع وقد در الضرع عليه بقدرة الله وبقيت ترضعه حتى أن وضعت وليدها فكانت المدة أربعة أيام منذ إرضاع الطفل والوضع وقد أخفيت هذا الأمر عن الناس جميعا حتى أن وضعت زوجتي وليدها فأشعت بين الناس أنها قد وضعت توأما لإخفاء شبهة الشك في هذا الطفل وقمت باستخراج شهادتي ميلاد توأم ؟

ج: الواجب عليك إخبار الولد اللقيط وتخفيف المصيبة وأنه ليس أولا ولا آخرا وأن ذلك لا يضره شرعا إذا استقام على دين الله وليس لك أن تخفي ذلك لأنه يترتب على إخفائه مفاسد كثيرة منها أنه يحسب من أولادك ويعتبر عصبة لبناتك وغيرهن من الأخوات والعمات كسائر أبنائك ويزاحم أولادك في الإرث وليس منهم ولا مانع من الوصية له بالثلث فأقل وإعطائه شيئا معجلا وأبشر بالأجر العظيم

س: إن لي أختا تبلغ من العمر خمسين عاما وهي صماء بكماء من حين ولدت وحدث أن حصل لها علاقة مع رجل في شبابها فوقع بها فحملت منه وأنجبت ولدا وكبر الولد وعند دخوله المدرسة رفضوا قبوله حتى يحضر بطاقة والده فأضفته معي في حفيظتي وأدخل المدرسة وهو الآن في السنة 3/ ث ويحفظ من كتاب الله خمسة عشر جزءاً ؟

ج: الواجب عليك عدم نسبة الولد المذكور إلى نفسك وإلغائه من حفيظة نفوسك واستخراج حفيظة له ينسب فيها إلى اسم معبد لله كعبد الله وعبد الرحمن ونحوهما وهكذا الجد يعبد لله ثم بعد ذلك ينسب إلى البلد التي ولد فيها فيقال مثلا محمد بن عبد الله بن عبد المجيد الطائفي أو المدني أو المكي ونحو ذلك

س: ثبت اعتداء صياح على عيده بفعل الفاحشة قهرا فحملت منه وأنجبت طفلا ووافقت والدته بإلحاقه بأبيه ؟

ج: حيث ولد هذا الولد من زنا فإنه لا يصح إلحاقه بالزاني لقوله صلى الله عليه وسلم "الولد للفراش وللعاهر الحجر" رواه البخاري ومسلم

ولا يصح أن ينسب إلى من حضنه لئلا يترتب على ذلك اختلاط هذا المنسوب في أولاد المنسوب إليه وينسب إلى قبيلة أمه لأنه منسوب إلى أمه كما في الحديث السابق وأما التسمية لأبيه بعبد الله فجائز فقد قال صلى الله عليه وسلم "إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن" رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

س: والدي متوفى وأقوم بشراء مصاحف أضعها في المساجد وأكتب على المصاحف وقف على روح المرحوم محمد محمد فرج ؟

ج: الصدقة عن والدك المتوفى وإيقاف المصاحف وجعل ثوابها له عمل طيب ونرجو الله أن يتقبل منك ويجوز أن تكتب على المصاحف كلمة وقف لله لأجل إشعار الناس بوقفيتها حتى لا يتصرفوا فيها بما يتنافى مع الوقف أما كتابة الاسم فتركها أولى

س: هل يجوز إخراج المصحف من الحرم للقراءة به في البيت ؟
ج: ما كان وقفا من المصاحف والكتب لينتفع بها في مكان معين لا يجوز إخراجها إلى غيره سواء كان حرما أم غيره إلا إذا تعطل مكانها فتنقل إلى مثله أو أفضل في الانتفاع وما كان وقفا للانتفاع به مطلقا جاز الانتفاع به في غير مكانه من بيت وغيره بإذن المشرف على الوقف ثم المصاحف كثيرة وثمنها زهيد ولا ضرورة إلى إخراجها من مكانها

س: لوالدي المتوفى مكتبة دينية وكتب تاريخية هل يجوز أن نعملها له وقفا لله تعالى ونرسلها إلى البلاد الإسلامية بالخارج ؟

ج: يجوز لكم أن توقفوا هذه المكتبة على طلاب العلم إذا أذن جميع الورثة ولم يكن فيهم قاصر وهذه تبقى صدقة جارية لوالدكم

س: هناك بعض الكتب والأشرطة يبعثها بعض الإخوة والمؤسسات الخيرية ليست موقوفة أي ليس مكتوب على الغلاف "وقف لله تعالى" أو يهدى ولا يباع فهل يجوز بيعها عند الاستغناء عنها من أجل شراء كتب وأشرطة أخرى ؟
ج: ما يوزع من الكتب والأشرطة مجانا من قبل المتبرعين والمؤسسات الخيرية يعتبر وقفا فلا يجوز بيعه ولا التجارة به ومن استغنى عنه دفعه إلى من هو محتاج إليه

س: هل يجوز بيع الكتب المأخوذة من دائرة الإفتاء أو الرابطة بمكة ؟

ج: لا يجوز بيع الكتب المذكورة ونحوها من الكتب الموقوفة وعلى صاحبها أن يستفيد منها أو يدفعها إلى من يستفيد منها بدون مقابل ولا يجوز له أن يأخذ من الرئاسة أو الرابطة أكثر من مرة بطريق الكذب والحيلة وأما تبادل الكتب الموقوفة بين طلبة العلم بدون عوض بل على حسب الحاجة فلا نعلم في ذلك حرجا إن شاء الله لأن المقصود من ذلك الاستفادة لا المعاوضة.

فالكتب والأشرطة والرسائل التي تستلمها من المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد ومن المؤسسات الخيرية ونحوهما يحرم أن تتصرف فيها بالبيع لأن هذه الكتب والأشرطة من الجهات المذكورة تكون وقفا على من أرسلت له يستفيد منها أو يعطيها غيره بغير ثمن

س: هل يجوز هدم مسجد قديم قائم ليبنى محله مكتبة عامة ؟

ج: لا يجوز هدم مسجد قائم ولو كان قديما لمجرد أن يبنى مكانه مكتبة عامة بل لا يجوز بناء مكتبة عامة مكانه لو كان منهدما وإنما الواجب ترميمه إن كان قديما وبناء مسجد مكانه إن كان منهدما ولو ببيع بعضه لإصلاح باقيه وهذا لأن الأصل في الوقف ألا يباع ولا يوهب ولا يورث لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب لما رغب في أن يتصدق بماله في خيبر "تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن ينفق ثمره" متفق عليه.

فكان هذا بيانا عاما في كل وقف واستثنى العلماء من ذلك ما إذا تعطلت منافعه أو كان نقله إلى مكان آخر أرغب فيه وأكثر انتفاعا به وأصلح له فيجوز بيعه أو إبداله بمكان آخر لذلك إبقاء للمنفعة أو تكثيرا لها

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-2-21 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي