الدرس 171: الطلاق المعلق بشرط

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 6 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 3716 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

إذا قال الرجل لزوجته إنك للطلاق اليوم وإلا غداً ليس طلاقا وإنما هو تهديد ووعيد بأنه على استعداد لتطليقها قريبا

وأما قوله علي الحرام فيلزمه فيه كفارة يمين إذا لم يحقق ما هددها به من الطلاق قريبا وذلك بقوله علي الحرام أنك للطلاق اليوم أو غداً

و الحنث العظيم الذي في القرآن الكريم في سورة الواقعة هو الكفر بالله وجعل الأوثان والأنداد أربابا من دون الله قال ابن عباس رضي الله عنهما " الحنث العظيم" الشرك وكذا مجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم رحمهم الله وليس من أيمان الطلاق

إذا قلت لزوجتك بالطلاق إذا وصلتٌ البيت ولم تأت لأضربنك فإن ضربتها بعد ذلك بغية التحلل مما قصدت فلا شيء عليك

وكذا إذا هي وصلت في الوقت المحدد فلا شيء عليك إذا لم تضربها

وإذا هي تأخرت ولم تضربها فعليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام والأولى أن يكون صومها متتابعا وعليك أن تتوب إلى الله سبحانه؛ لأنه لا يجوز لمسلم أن يحلف بالطلاق ولا بغير ذلك من المخلوقات وإنما يحلف بالله وحده لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" متفق على صحته

فقوله بالطلاق حلف بالطلاق وهذا لا يجوز

ومن حلف على زوجته أن لا تفعل الشيء ففعلت ناسية فلا حرج عليه

ومن قال لوالد زوجته اعتبر بنتك منتهية إذا لم تعد إلى بيتها وسوف أنهي أمرها فلا يقع طلاق إذا كان هدفه حثها على العودة وإذا لم ينه أمرها بعد ذلك فلا شيء عليه لأن هذا القول من باب التهديد بالطلاق أو العزم عليه دون إيقاعه وذلك لا يكون طلاقاً

ومن قال علي الطلاق أن لا أفعل كذ ففعله إن كان هدفه إيقاع الطلاق وقع طلقة واحدة وإن كانت نيته منع نفسه فعليه كفارة يمين

ومن قال لزوجته تحرمي علي لو تركت أمك تنام على سريري في غيبتي فنامت الأم بدون علم ابنتها فلا شيء عليه لأن الزوجة لم تمكن أمها من النوم في فراشه

ومن قال لزوجته سأطلقك لا يقع طلاق لأن هذا تهديد بالطلاق

ومن طلق زوجته لخبر سمعه عنها ثم اتضح أن الخبر غير صحيح لا يقع الطلاق لأنه طلاق على أمر يظن حصوله قبل صدور الطلاق منه فتبين له أنه لم يقع منها شيء مما كان هو السبب في الطلاق

والطلاق قبل العقد لا يقع لأنه لا يصح إلا من زوج والخاطب الذي لم يعقد النكاح ليس زوجاً فلا يصح طلاقه ولا يقع لقوله صلى الله عليه وسلم "إنما الطلاق لمن أخذ الساق" ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا طلاق إلا بعد النكاح

ومن حلف أنه كلما تزوج امرأة فهي طالق أو كل امرأة يتزوجها فهي كذا فتعليق الطلاق قبل النكاح لا يقع على الصحيح من قولي العلماء لما روى الترمذي وحسنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "لا طلاق قبل النكاح" ولا يعتبر مجرد نية الطلاق طلاقاً بل الذي يعتبر اللفظ الدال على ذلك وما في معناه من الكتابة ونحوها

وكذا ما يضمره من طلاق زوجته ولم يتلفظ به ولم يكتبه فلا يقع فيما نواه شيء من الطلاق قال صلى الله عليه وسلم "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم" هذا لفظ البخاري رحمه الله

وكذا من نوى الطلاق وذهب إلى المحكمة ليطلق وخرج من المحكمة دون تسجيله أو النطق به فإنه لا يقع بذلك طلاق وتعتبر في عصمته ولا تحتاج إلى رجعه

ولا حرج في تطليق إحدى زوجاته إذا رأى في نفسه عدم العدل بينهما

ولا يقع الطلاق لمن طلق وهو نائم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم "رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يبلغ وعن المعتوه حتى يعقل" رواه الترمذي

ومن كتب ورقة طلاق زوجته وأرسلها إلى والدها وأعلم القاضي في ذلك فقال هذه الورقة غير شرعية فكتب ورقة ثانية طلقة ثانية ظناً منه أن الطلقة الأولى غير معتبرة فبناء على ذلك المعتبر من الطلقتين الطلقة الأولى وأما الثانية فإنه لا يعتبر وقوعها لأنها صدرت من الزوج ظناً منه أن الطلقة الأولى غير معتبرة والحقيقة أنها هي المعتبرة وكلام القاضي في أن الورقة غير شرعية هذا لا يرجع إلى أصل الطلاق والذي صدر من الزوج إنما يرجع إلى صفة تبليغ الزوج لولي الزوجة بالطلاق

وأنه لم يكن بصفة شرعية وعليه فالطلقة الثانية بنيت على أمر يظن تحقيقه فتبين خلاف ما ظن فلا يقع

ومن وكل في تطليق زوجته ثم تراجع قبل أن يطلق الوكيل لم يقع الطلاق

ومن قال إن انجبت زوجتي انثى طلقتها يقصد بذلك الطلاق فأنجبت انثى فهذا وعد من الزوج بالطلاق لا طلاق وعلى هذا لا يقع الطلاق بمجرد ولادة زوجته انثى بل يتوقف على تنفيذه وعده بتطليقها بالقول لكن لا ينبغي للزوج أن يصدر منه مثل هذا القول فإن الله تعالى هو الذي يهب الذرية ذكوراً وإناثاً وليس ذلك إليه أو إلى زوجته كما هو معلوم من دين الإسلام بالضرورة وقد قال تعالى "لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ" ولأن هذا القول يشبه أمر الجاهلية في كراهية الإناث ولا ينبغي لمسلم أن يتشبه بأمر الجاهلية وكم من امرأة في الدنيا خير من رجل

والرد على الذي خاله طالبه بأخذ زوجته أو طلاقها وأنه قال الله يرزقها الحقوني خذوا ورقتها بدون أن يكون ذلك نتيجة اتفاق على المخالعة وإنما كان ذلك ظنا منه فقط ومن طرف واحد هو المطلق وحيث إن قوله الله يرزقها الحقوني خذوا ورقتها من ألفاظ الكناية وألفاظ الكناية لا يقع بها الطلاق إلا إذا قصد الطلاق بها أو وجدت قرائن تدل على قصد الطلاق وإرادته كالتلفظ بكناية الطلاق عقب طلب الطلاق منه وحيث إنه قال الله يرزقها الحقوني خذوا ورقتها بعد طلب الطلاق منه فتعتبر هذه الكناية طلاقا وحيث ذكر بأنه تركها سنة كاملة ثم طلق طلاقا رجعيا فالغالب أن مطلقته بالكناية قد خرجت من العدة دون مراجعته فإذا كان كذلك فلا يلحقها الطلاق الثاني

ومن قال لزوجته ما أبغاك بنية الطلاق وقعت طلقة واحدة وله مراجعتها ما دامت في العدة

ومن حلف بالطلاق أو الحرام ألا يذبح له صاحبه خشية التكلف ثم ذبح أن يكفر كفارة يمين عن حلفه بإطعام عشرة مساكين خمسة أصواع من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك من أوسط ما يطعمه أهله ويوزعها على عشرة مساكين وإن شاء كسا عشرة مساكين أو أعتق رقبة مؤمنة فإن لم يستطع ذلك صام ثلاثة أيام ويستحب أن تكون متتابعات لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ* لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ" (المائدة 87-98)

تأثم المعتدة من طلاق رجعي إذا خرجت من بيت مطلقها من غير إخراج لها إلا إذا دعت إلى خروجها ضرورة أو حاجة تبيح لها ذلك

إذا أوصى الميت أن يدفن في بلد أو في موضع معين فإنه لا يلزمك العمل بذلك ويدفن مع المسلمين في أي مكان وهذا رداً على من طلب أن يدفن في المدينة وهو من أهل العلا التي تبعد 400 كيلو

والمطلقة طلاقا رجعيا للزوج مراجعتها ما دامت في العدة ولها ما للزوجات وتخدم زوجها ويعاشرها فإذا خرجت من عدتها ولم يراجعها بلفظ أو بوطء في العدة فإنها تكون أجنبية عنه لا يجوز بقاؤه معها وخلوته بها إلا بعقد جديد

أما المطلقة طلاقا بائناً فقد ثبت في مسند الإمام أحمد وفي صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم في المطلقة ثلاثا قال "ليس لها سكنى ولا نفقة" وفي رواية عنها قالت "طلقني زوجي ثلاثا فلم يجعل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة" رواه الجماعة إلا البخاري وفي رواية لأحمد وأبي داود والنسائي ومسلم "إلا أن تكوني حاملا" هذه الأدلة تدل على أن المطلقة طلاقا بائنا ليس لها نفقة ولا سكنى إلا إذا كانت حاملا فلها النفقة؛ للدليل السابق ولأن الحمل ولده فيلزمه الإنفاق عليه ولا يمكنه الإنفاق عليه إلا بالإنفاق عليها

ومن قال لزوجته أنت طالق طالق طالق ولم يقصد البت وإنما قصد طلقة واحدة فتعتبر طلقة واحدة والمطلقة وهي حامل تنتهي عدتها بالوضع

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وجمع الله شمل الأسر

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه أجمعين

1435-3-6 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة