الغناء

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 25 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 1769 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي أحل الحلال وحرم الحرام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

أما بعد

عباد الله: لقد قست القلوب إلا من عصم الله وأصبحت لا تتأثر بالمواعظ وأمست لا تنكر منكراً ولا تعرف معروفاً باتت في المعاصي والجة وهي لا تشعر ترى حرمات الله تنتهك فلا تتغير النفوس فقدت الغيرة لمحارم الله وأصبح الهوان يسيطر على أوساط الناس إلا من عصم ربك كل ذلك بسبب المعاصي التي كانت عند السلف الصالح تعتبر من الكبائر ونراها اليوم من الصغائر وذلك بسبب كثرة المنكرات فكلما خرج علينا منكرٌ قلنا السابق أهون من اللاحق ومن المنكرات التي استفحل أمرها الغناء فإن البعض من الناس أصبح يحللها وينفي حرمتها بحجج واهية لا أساس لها من الصحة ومن حججه كثرة انتشارها وكأن الكثرة تفيد التحليل ونسى أن الكثرة توجب عقاب الله وسخطه وهؤلاء نرد عليهم بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم " لَيَكونَنَّ مِن أُمَّتي أقْوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحَرِيرَ، والخَمْرَ والمَعازِفَ،"صحيح البخاري.

عباد الله: قال الله تعالى "ومن الناس من يشتري لهو الحديث" لقمان:6. ، فسَّرَ لهوَ الحديث بالغناء والمزامير كثيرٌ من السلف، منهم ابن عباس وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم، قال ابن القيم رحمه الله:" أما سماعه من المرأة الأجنبية أو الأمرد فمن أعظم المحرمات وأشدها فساداً للدين".

وقال الشافعي رحمه الله:" وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه ترد شهادته وغلظ القول فيه وقال هو دياثة فمن فعل ذلك كان ديوثاً."

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع، والذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء الزرع وللغناء خواص لها تأثير في صبغ القلوب بالنفاق ونباته كنبات الزرع بالماء في خواصه أنه يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن وتدبره والعمل بما فيه فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبداً لما بينهما من التضاد فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى ويأمر بالعفة ومجانبة شهوات النفس وأسباب الغنى وينهى عن اتباع خطوات الشيطان

والغناء صنو الخمر ورضيعه ونائبه وحليفه وحديثه وصديقه عقد الشيطان بينهما عقد الإخاء الذي لا يفسخ وهو جاسوس القلوب وسارق المروءة فبينما ترى الرجل وعليه سمة الوقار، وبهاء العقل، وبهجة الأيمان، ووقار الإسلام، وحلاوة القرآن، فإذا سمع الغناء ومال إليه، نقص عقله، وقل حياؤه وذهبت مروءته، وفارقه بهاؤه، وتخلى عنه وقاره، وفرح به شيطانه، وشكا إلى الله إيمانه، وثقل عليه قرآنه، وقال: يا رب لا تجمع بيني وبين قرآن عدوك في صدر واحد هذا ما ذكره ابن القيم

وقال بعض العارفين: السماع يورث النفاق في قومٍ، والتكذيب في قومٍ، والفجور في قوم، والرعونة في قوم وإدمانه يثقل القرآن على القلب ويكرهه إلى سماعه بالخاصة

عباد الله: إن الإيمان قول وعمل قول الحق وعمل الطاعة وهذا ينبت على الذكر وتلاوة القرآن، والنفاق قول الباطل وعمل الغي وهذا ينبت على الغناء ومن علامات النفاق قلة ذكر الله والكسل عند القيام إلى الصلاة وقل أن تجد مفتوناً بالغناء إلا وهذا وصفه.

والمستمع إلى الغناء يفسد قلبه وحاله من حيث يظن أنه يصلحه والمغني يدعوا القلوب إلى فتنة الشهوات والمنافق يدعوها إلى فتنة الشبهات.

قال الضحاك: الغناء مفسدة للقلب مسخطة للرب، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده: ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب على الماء .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد

عباد الله: كان الناس فيما مضى يستسر أحدهم بالمعصية إذا واقعها ثم يستغفر الله ويتوب إليه منها ثم كثر الجهل وقل العلم وتناقص الأمر حتى صار أحدهم يأتي المعصية جهاراً ثم ازداد الأمر أدبارًا حتى أن البعض هدانا الله وإياهم استزلهم الشيطان واستغوى عقولهم في حب الأغاني واللهو، فعن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليشرَبنَّ ناسٌ من أمَّتي الخمرَ يُسمُّونَها بغيرِ اسمِها، يُعزَفُ علَى رءوسِهِم بالمعازفِ، والمغنِّياتِ، يخسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الأرضَ، ويجعَلُ منهمُ القِرَدةَ والخَنازيرَ " صحيح ابن ماجه للألباني .

اللهم أصلح فساد قلوبنا، اللهم وفق ولي أمرنا وولي عهده لما تحب وترضى.

وصلى الله على نبينا محمد

1435-3-25هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 6 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي