الدرس 274 الإسلام ونواقضه

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 4 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1720 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله وبعد

دين الله واحد وطريقه واضح مستقيم وأن الضلال طرق متشعبة ومتاهات كثيرة قال تعالى "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (الأنعام 153)وعلى كل سبيل من سبل الضلال شيطان يدعو إليه فالسالك على طريق الحق تعترضه صوارف عن المضي في طريقه إلى طرق الضلال تارة بالترغيب وتارة بالترهيب فهو يحتاج إلى علم بالطريق المستقيم وعلم بتلك الطرق المضلة ، ويحتاج إلى صبر وثبات على الحق

أيها الأحبه: إن الارتداد عن دين الإسلام إلى الكفر تارة يكون بترك الإسلام بالكلية إلى ملة من ملل الكفر وتارة يكون بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام مع بقاء التسمي بالإسلام وأداء شعائره فيكون محسوبًا من جملة المسلمين وهو ليس منهم وهذا أمر خطير وموقف دقيق يحتاج إلى بصيرة نافذة يحصل بها الفُرقان بين الحق والباطل والهدى والضلال إذ كثيرًا ما يلتبس هذا الموقف على كثير من الناس بسبب جهله بنواقض الإسلام فيظن أن من أدّى شيئًا من شعائر الإسلام صار مسلمًا ولو ارتكب شيئًا من المكفّرات وهذا الظن الفاسد إنما نشأ من الجهل بحقيقة الإسلام وما يناقضه وهذا واقع مؤلم يعيشه كثير من الناس في عصرنا هذا ممن لا يميزون بين الحق والباطل والهدى والضلال فصاروا يطلقون مسمى الإسلام على من يؤدي بعض شعائره ولو ارتكب ألف ناقض ولم يعلم هؤلاء أن من ادعى الإسلام ومارس بعض العبادات ثم ارتكب شيئًا من نواقضه فهو بمثابة من يتوضأ ثم يحدث فهل يبقى لوضوئه أثر

إن الإسلام ليس مجرد دعوى بلا حقيقة ولا هو جمع بين المتناقضات إن الإسلام دين الحق والصدق إن الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك

إن الإسلام وحدة كاملة لا تتجزأ لا بد من القيام بشعائره وحقوقه وتجنب نواقضه

إن الإسلام دين ودولة ، عبادة وحكم وعمل ، دعوة وجهاد ، وبالجملة فالإسلام يحكم جميع التصرفات والتحركات الصادرة من معتنقيه

عباد الله : إنه لا يكون الرجل مسلمًا بمجرد الانتساب إلى الإسلام مع البقاء على ما يناقضه من الأمور الكفرية كما أنه لا يكفي مدح الإسلام والثناء عليه من غير تمسك بأهدابه وعمل بأحكامه ، فاليوم المنتسبون إلى الإسلام كثير ولكن المسلمين منهم بالمعنى الصحيح قليل

واليوم نسمع كثيرًا ونقرأ كثيرًا من مدح الإسلام ولكن إذا رجعنا إلى مجال التطبيق والعمل وجدنا الشقة بعيدة بين حقيقة الإسلام وبين كثير ممن يمدحونه ويثنون عليه

وإنه لمن الظلم الواضح والضلال المبين أن نطلق اسم الإسلام على من لا يستحقه لمجرد أنه يدعيه أو يمدحه ويثني عليه وهو بعيد عنه بأفعاله وتصرفاته كما أنه من الظلم الواضح والضلال المبين أن نصف بالإسلام من هو مرتكب لما يناقضه من أنواع الردة لمجرد أنه يصوم أو يصلي أو يمارس شيئًا من شعائره وهذا منا إما نتيجة جهل بحقيقة الإسلام أو اتباع للهوى وكلا الأمرين خطير وقبيح

أحبتي: إن نواقض الإسلام كثيرة وأسباب الردة متعددة لكننا نذكر منها ما يكثر وقوعه اليوم في مجتمعاتنا لنكون على بينة منه لنحذره فمنها

الشرك في عبادة الله تعالى مثل ما يفعل اليوم عند القبور من التقرب إلى الموتى بطلب الحاجات منهم ، وصرف النذور لهم والذبح لأضرحتهم ، والذبح للجن لطلب شفاء المريض وهذا واقع اليوم ، وكثير فيمن يدعون الإسلام ، والذي يذهب إلى البلاد المجاورة يرى هذا عيانًا ومنه شيء يفعل عندنا ، ويمارسه الذين يذهبون إلى المشعوذين والدجالين لطلب العلاج فيأمرونهم بالذبح للجن فينفذون ذلك من غير مبالاة والذبح لغير الله شرك أكبر
ومن أنواع الردة عن الإسلام الاستهزاء بشيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كالذي يستهزئ بإعفاء اللحى أو بالسواك أو بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أو بالجهاد أو غير ذلك قال تعالى "قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ " (التوبة 65)

ومن أنواع الردة عن الإسلام الحكم بغير ما أنزل الله فمن حكم بغير ما أنزل الله وهو يرى أنه أحسن من حكم الله ورسوله وأصلح للناس أو يرى أنه مخير بين أن يحكم بما أنزل الله أو يحكم بغيره من القوانين فهو كافر مرتد عن الإسلام قال تعالى "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" (المائدة 44)وسواء حكّم القانون في كل شيء أو حكّمه في بعض القضايا ما دام أنه يرى أن ذلك أصلح للمجتمع أو أنه أمر جائز فهو كافر بالله ، ولو صلى وصام وزعم أنه مسلم، ومن نواقض الإسلام التي كثر انتشارها اليوم في المجتمعات الإسلامية اعتناق المبادئ الهدامة كالاشتراكية والقوميات المناهضة للإسلام فمن استصوب شيئًا من هذه المبادئ أو دافع عنه أو أعان أهله على المسلمين فقد ارتد عن دين الإسلام ولحق بالكفار فلنكن على بصيرة من ديننا وبينة من أمرنا ، لنعرف ما هو الإسلام وما هي نواقضه حتى نحذر منها ومن أهلها

اللهم بصّرنا بالإسلام وثبتنا عليه إلى يوم نلقاك غير مبدّلين ولا مغيرين يا رب العالمين

اللهم اجعلنا من فقهاء هذه الأمة

وصل الله على نبينا محمد

1435-5-4 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 9 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي