ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

سفري إلى المغرب

القصة
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 21 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 5019 القسم: الرحلات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

في اليوم الثامن من شهر جمادى الأولى من عام 1435 هـ كانت رحلتي إلى دولة المملكة المغربية حيث نزلت في مطار محمد الخامس في الدار البيضاء إذ يبعد المطار عن الدار البيضاء عشرين كيلو متر والدار البيضاء تبعد عن العاصمة الرباط بتسعين كيلو متر فاستاجرت سيارة بسائقها بأربع مائة درهم مغربي يعادل مئتي ريال سعودي وتكون السيارة بسائقها تحت تصرفي حتى عودتي فتوجهت إلى مراكش التي تبعد 260 كيلو متر عن الدار البيضاء وسررت برؤية جامعة القاضي عياض بمدخل مدينة مراكش والجامعة تنسب إلى القاضي عياض اليحصبي السبتي من علماء المالكية وما يزال قبره معروف إلى الآن في مراكش ثم توجهت إلى الفندق والأجار بست مائة درهم وبعد أن أخذت قسطاً من الراحة توجهت إلى مسجد الكتبية الذي بناه يعقوب المنصور الموحدين نسبة إلى الدولة الموحدية الذي بني سنة 553 هـ، ويوسف تاشافين هو مؤسس مدينة مراكش والمسجد بني من الحجر والطين والجير والآجري والسقف من الخشب وقد تم ترميمه في العصر الحاضر والمنارة بنيت في عام 561 هـ في عهد الخليفة أبو يعقوب المنصور الموحدي، والجامع يحتوي على ثمانية أبواب بعدد أبواب الجنة كما يقولون، وقد زار المنارة علماء كثيرون منهم ابن عربي وابن رشد القرطبي صاحب كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد ولسان الدين ابن الخطيب الملقب بذي الوزارتين أو ذو العمرين وكذلك الرحالة ابن بطوطة وعلماء كثيرون ومن المتأخرين الشيخ ناصر الدين الألباني والشيخ أبو بكر الجزائري ذكر ذلك لي المؤذن أحمد النميس الذي اطلعني على داخل المنارة إذ تحتوي على سبع قباب متطابقة هذه القباب خاصة بالعلماء حسب درجاتهم وكذلك للمعتكفين في رمضان إذ يتناولون فيها إفطارهم وقد بنيت من الحجر والطين والجير والآجوري، والمنارة يبلغ ارتفاعها 67 متر وداخلها يحتوي على ست قباب والمؤذن يصعد بالخيل للأذان وأنت صاعد تمر على القباب السبع وبها منافذ للإضاءة أثناء الصعود، وفي أعلى المنارة تنظر إلى مراكش والمدينة القديمة وقبر القاضي عياض وقد رأيت ذلك وأنا في في أعلى المنارة، والقبة الأولى ارتفاعها 10 متر والباقي 6 متر

وفي اليوم الثاني كانت زيارتي إلى شلال أوريكا الذي يبعد 60 كيلو متر من مراكش وقد بدأت في الصعود إليه واستغرق الصعود أكثر من نصف ساعة حيث الأحجار الملساء التي تسبب الإنزلاق لذا أنصح أن يلبس حذاء رياضي لتجنب ذلك وإنني أعجب من الأوروبيين وهم يحالون القفز بين الأحجار والمياه للوصول إلى الشلال الأول والذي يعجز الوصول إليه أصحاب البطون الكبيرة والأجسام المترهلة أما الشلالات الست التي بعد الأول فيندر الوصول إليها حيث وجد سلم حديدي يصعد بواسطته إلى الشلال الثاني وبعد انحداري من الشلال توجهت إلى منطقة جبال أطلس والواقع على مفترق طريق سيتي فاطمة وقد اخترقنا السحب والثلوج بجوارنا والسحب تحتنا على ارتفاع 45 كيلو متر وقد غطت الثلوج السيارات وعجزنا أن نرى الأرض من تحتنا والثلوج قد غطت الجبال والأرض وانعدمت الرؤية من السحب وفي قمة الجبال حاولت التزلج بحذائي دون حذاء التزلج رغم تساقط الثلوج علينا

كما شملت الزيارة أغادير التي تبعد عن مراكش 260 كيلو متر، وأغادير منطقة سياحية وغالبية سكانها من البربر وعلى طريق أغادير لاحظنا سكن الفقراء على سفوح الجبال كما هو كائن على طريق شلال أوريكا في سيتي فاطمة

وللمعلومية من مراكش إلى طنجا 600 كيلو متر ونسبة الفقراء في المغرب أكثر من النصف والبرابرة يعيشون في تارودانت وأغادير، وتارودانت هي من أعرق المدن المغربية بمنطقة سوس، تنتمي لإقليم تارودانت وتؤوي 69.489 نسمة. أسستها الأميرة الأمازيغية تارودانت في القرن الثالث قبل الميلاد، وبذلك يرجع تاريخها إلى العهود القديمة حيث اشتهرت كمركز حضاري وتجاري

ومارينو منتجع السواح في أغادير والإيجار اليومي 7000 درهم وفندق صحارى ايجاره اليومي 2000 درهم بينما في مراكش بمعدل 500 درهم وأما سعر البنزين في المغرب للسيارة الصغيرة 700 درهم يعادل 350 ريال سعودي سعر اللتر 12 درهم

وبعض نساء المغرب يرتدين الحجاب غير الوجه أما تغطيت الوجه فنادر جداً

العلاج في المستشفيات الحكومية برسوم أما التعليم في المدارس الحكومية مجاني وأما الجامعي فبرسوم أقل من رسوم الجامعات الأهلية والدراسة تبدأ من الثامنة صباحاً ومنهم من تبدأ دراسته العاشرة صباحاً ومنهم من تنتهي دراسته الساعة الثانية ومنهم من يستأنف الرابعة مساءاً وهذا في التعليم العام

يلاحظ على بعض المحلات كتب اسمها بالإنجليزي

يحترمون الإشارات فلا يتجاوزونها ولا يقتربون من طريق المشاة ومن لم يتقيد بحزام الأمن حتى وإن كان راكب في المرتبة الخلفية يسجل عليه مخالفة لا تزيد عن ألف درهم

وسرني وجود جهاز مثبت بجوار محطات البنزين يقوم بتعبئة العجل عامل بقيمة درهمين والقائد في سيارته

وسرني وجود قرية تحمل اسم العالم ابن جرير وأحياناً تسمى القرية باسم القبائل مثل قلعة الصراغتة وهي بين أغادير والدار البيضاء ونهر أم الربيع على مدار السنة على طريق الدار البيضاء وعلى طريق الرباط ترى زراعة القمح بمسافات طويلة ربما بأكثر من 100 كيلو ودورات المياه عند المحطات في قمة النظافة واتجاه القبلة في المغرب إلى جهة الشرق وجهاز المراقبة يراقب سرعة السيارات

أحياناً تجد رجل أمن واقف بجهازه تحت الجسر بدون سيارة معه وتأخذ الرسوم على السيارات على الطرق السريعة من محطات الأداء فتعطى بطاقة الدخول للمدينة وعند عودتك تدفع الرسوم بما لا يزيد عن 100 درهم

والبرابرة يتكلمون باللغة العربية والبربرية أما العربية والفرنسية فللجميع وأما الإنجليزية والأسبانية والإيطالية فللبعض

ويزرع النخل والخضار والفواكه ويصدر السمك وعدد السكان 38 مليون نسمة والمغرب بها جالية يهودية ونزر يسير من النصارى لذا رأيت كنيسة للنصارى مقابل مسجد في مراكش ورأيت عوائل يهودية يسكنون في الفندق الذي كنت أسكن فيه ولا أدري هل هم من أصل مغربي وانتقلوا إلى فلسطين المحتلة أم إنهم سواح كما شاهدت في الدار البيضاء جامع الحسن الثاني على طرف الشاطئ الذي أديت فيه صلاة الجمعة كلف بنائه مبالغ كبيرة قيل لي أن التجار اجبروا على المساهمة في تكاليف بنائه بحيث يدفع كل تاجر 3000 درهم ويعتبر معلم حضاري والملاحظ أن أهل المغرب يتقيدون بالمذهب المالكي ومثال ذلك الإكتفاء بالسلام في الإنصراف من الصلاة بقول السلام عليكم والأفضل أن يقول السلام عليكم ورحمة الله وهو ثابت من صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ونلاحظ أيضاً تقيدهم بقراءة ورش عن نافع ومثال ذلك قراءة "ملك يوم الدين" من سورة الفاتحة وفي قراءة حفص عن عاصم "مالك يوم الدين " والملاحظ أن المصاحف في المغرب كتبت على قراءة ورش عن نافع في حين القراءة والمصاحف في بلاد الحرمين بقراءة حفص عن عاصم وكلا الروايتين موجودة بمصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه حيث اشتمل مصحف عثمان على القراءات العشر

فوائد

الأولى: القراءات السبع آكد من العشر والقراءات الأربعة عشر ضعيفة

الثانية: قول النبي صلى الله عليه وسلم "أنزل هذا القرآن على سبعة أحرف" ليس المراد بذلك القراءات السبع بل المراد ترادف العبارات والمعنى واحد مثال ذلك قول: أقبل وتعال

الثالثة: فرقة الرافضة مع فرقة الصوفية فرقتين ضالتين متفقتين على هدم الإسلام وتنخران في جسم الأمة الإسلامية ومن يصل إلى أعلى الدرجات في الفرقتين يعفى من التكاليف الشرعية مثل الصلاة والصوم

كما لاحظنا انتشار الصوفية وهو الدعاء الجماعي بعد صلاة الفريضة والقنوت أيضاً بعد الفريضة وأثناء الصلاة أحياناً في بعض المساجد وهذا من بدع الصوفية والأصل أن القنوت يكون في الصلاة عند النوازل لا أن يكون عادة في الصلاة أو بعدها

ومن الذي سرني في المغربي حسن أخلاق رجالهم والإبتسامة لا تفارق محياهم وإحترامهم للضيف وبشاشتهم في وجهه

فهذا مجمل ما رأيت وأما عن التفصيل فدولة المغرب تقع في أقصى غربي شمال أفريقيا عاصمتها الرباط وأكبر مدنها الدار البيضاء التي تعتبر العاصمة الاقتصادية، ومن أهم المدن: الرباط وهي العاصمة والدار البيضاء ومراكش وطنجة وأغادير وفاس

يطل المغرب على البحر المتوسط شمالا والمحيط الأطلسي غربا يتوسطهما مضيق جبل طارق تحده شرقا الجزائر وهناك خلاف حول الحدود المغربية مع الجزائر وجنوبا موريتانيا وفي الشريط البحري الضيق الفاصل بين المغرب وإسبانيا ثلاث مكتنفات إسبانية هي سيتة ومليلة وصخرة وقميرة

عرف المغرب في فترة التاريخ القديم ابتداء من الألفية الراعبة قبل الميلاد تعاقب عدة حضارات وهي كالتالي

حضارات العصر الكلاسيكي: الحضارة الفينيقية منذ القرن الثاني عشر قبل الميلاد والحضارة اليونيقية منذ القرن الخامس قبل الميلاد والحضارة الموريطانية منذ القرن الثاني قبل الميلاد والحضارة الرومانية منذ القرن الأول بعد الميلاد

خلال التاريخ القديم فتح المغرب أبوابه بشكل أوسع للدول المحيطة بالبحر المتوسط عندما ازدهرت تجارة الفينقيين وأقاموا مستعمرات لهم في مختلف المناطق المتوسطة

تعد كل من شالة، ليكيسوس، والصويرة من أهم وأول المستعمرات الفينيقية التي أنشأت في المغرب، وقد بقيت الأخيرة مستعمرة فينيقية حتى القرن السادس قبل الميلاد

سيطرت الإمبراطورية الرومانية بعد بضعة قرون على جميع المناطق التي أسس فيها الفينيقيون مستعمراتهم، فقام الأباطرة بتقسيم إمبراطوريتهم إلى مقاطعات ونواح عديدة، كان منها مقاطعة موريطنية الطنجية وعاصمتها طنجيس والتي شملت القسم الشمالي من المغرب الحالي، وفي هذه الفترة عرف المغرب انفتاحا تجاريا مهما على حوض البحر المتوسط

وعند سقوط الإمبراطورية الرومانية خضعت أجزاء من المغرب الحالي للفندال وهم من القبائل الحرمانية الشرقية ثم إلى القرط الغربيين، فالروم البيزنطيين

إلا أنه خلال هذا الوقت، بقيت معظم المناطق الجبلية المغربية مستقلة عن أي دولة أو إمبراطورية، وخاضعة للزعماء المحليين من الأمازيغ

أتى العادون إلى النصرانية إلى المغرب خلال القرن الثاني من ميلادي عيسى عليه السلام وذلك قبل الإسلام، ولاقت هذه الديانة قبولا بين سكان البلدات وبعض الفلاحين

استقر العديد من العرب في المغرب وأحضروا معهم قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم، وقاموا بنشر الإسلام بين الأمازيغ الذين تقبلوه بأغلبيتهم واتخذوا منه دينا لهم

وقام بعض الذين قدموا من شبه الجزيرة العربية بإنشاء ممالك وإمارات مستقلة خاصة بهم، كصالح بن منصور الأول الذي أسس مملكة نكور ونشر الإسلام بين سكان المنطقة، بعد خوض حروب ومعارك عديدة في الكثير من الأحيان

أثر المغرب تأثيرا كبيرا في منطقة المغرب الكبير والأندلس، حيث شكل أول الدول الإسلامية التي استقلت عن الدولة الأموية بعد ثورة البربر وتأسيس إدريس بن عبد الله ممكلة المغرب الأقصى سنة 171هـ

كان مؤسس الدولة الإدريسية المولى إدريس بن عبد الله قد حل بالمغرب الأقصى فارا من موقعة فخ قرب مكة عام 262هـ، فاستقر بمدينة وليلي حيث احتضنته قبيلة أوربة الأمازيغية ودعمته حتى أنشأ دولته. تمكن من ضم كل من منطقة تامسنا، فزاز ثم تلمسان

وبعد سقوط سلالة الأدارسة، ظهرت سلالات المرابطون، الموحدون، المرينيون، الوطاسيون، السعديون، لتحكم المغرب بالتتالي، معظم السلالات المغربية أتت من الصحراء الكبرى واستقرت داخل حدود المغرب الحالي متخذين بعض المدن كعاصمة لدول ذات رقعة جغرافية واسعة، وفي هذه العهود، أي بعد القرن الحادي عشر،ازدهرت البلاد وبرزت كقوة كبرى في شمال غرب أفريقيا، بعد أن حكمت معظم نواحي تلك المنطقة من العالم ومناطق شاسعة من الأندلس

هرب الكثير من المسلمين واليهود إلى المغرب بعد الحروب التي قامت بها الممالك النصرانية لاسترجاع البلاد من أيدي المسلمين، والتي عرفت بحروب الاسترداد

خلال التاريخ الحديث، استمرت سلالة السعديين في الحكم حتى سنة 1069 هـ

برزت بعدها سلالة الرافضة والتي كانت تحكم مملكة تافيلالت ابتداء من 1044 هـ لترث حكم البلاد وتقوم بإعادة توحيد المغرب تحت سلطة واحدة سنة 1076 هـ

في عام 1095هـ استرد السلطان إسماعيل بن علي الشريف مدينة طنجة من الإنكليز، وأخذ يعمل على توحيد جميع المدن المغربية في مملكة واحدة، على الرغم من معارضة بعض القبائل

كانت المغرب من أول الدول التي اعترفت بالولايات المتحدة كدولة مستقلة عام 1201 هـ

وعند بداية الثورة الأمريكية، كانت السفن التجارية التابعة للولايات المتحدة كثيرا ما تتعرض لهجمات القراصنة البربر في المحيط الأطلسي، فأعلن السلطان محمد الثالث أن جميع السفن التجارية الأمريكية تحظى بحماية السلطنة وأنها ستحظى بالحماية عند إبحارها بالمياه الإقليمية المغربية

تعتبر معاهدة الصداقة المغربية الأمريكية التي أبرمت في سنة 1190 من أقدم معاهدات الصداقة المستمرة التي أبرمتها الولايات المتحدة

ابتداء من القرن الثامن عشر بدا المغرب عاجزا عن مواكبة التطورات والثورة الصناعية التي شهدتها بلدان أوروبا الغربية، وحاولت السلطة المركزية القيام بالعديد من الإصلاحات في القرن التاسع عشر، من أبرز هذه الإصلاحات

إصلاحات مالية: عينت الدولة أمناء في المراسي وفرضت عليهم مراقبة شديدة لمحاربة الرشوة والاختلاس، كما حاولت الرفع من قيمة العملة الوطنية وضبطها ومنع تهريبها إلى الخارج

إصلاحات عسكرية: أرسلت الدولة المغربية بعثات طلابية إلى دول أوروبا الغربية لمتابعة التكوين العسكري وعملت على شراء الأسلحة الحديثة وتشييد مصنع للأسلحة بمدينة فاس

من الناحية التشريعية، رغم أن نظام البيعة يتضمن عادة تطبيق الشريعة إلا أنه كان يتم في الواقع الاتفاق على قوانين وضعية تنظم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والقضائية والأمنية في المناطق التي تمتعت بقدر كبير من الحكم الذاتي،هذه الاتفاقيات يتم تدوينها في المدارس وتختلف نسبيا من منطقة مغربية لأخرى، هذا التنظيم لعب دورا هاما في ضبط التوازنات العامة من داخل المجتمع، خصوصا أثناء ضعف السلطة المركزية أو انعدامها في حال حدوث نزاع حول السلطة

من الناحية المؤسساتية، كتب الجنرال هوبير ليوطي الذي شغل منصب المقيم العام الفرنسي منذ 1330 هـ حتى 1343 هـ: «لقد وجدنا أنفسنا في المغرب أمام إمبراطورية عريقة تاريخيا ومستقلة، متمسكة إلى أقصى حد باستقلالها وشرسة في مواجهة أي محاولة لإخضاعها، وهي تظهر حتى هذه السنوات الأخيرة كدولة قائمة الذات بترتيبها الإداري الوظيفي وممثليها في الخارج

وقد أكد المؤرخ البريطاني من أصل لبناني ألبرت حوراني (1333 هـ -1413 هـ) والذي قضى سنوات طويلة أستاذا في جامعة أوكسفورد وجود مؤسسات تنفيذية وقضائية متقدمة إلى حد ما، وقد ورد في فصل من كتابه تاريخ الشعوب العربية: «في أقصى غرب المغرب العربي وفيما وراء حدود الخلافة[العثمانية] تقع دولة من نوع مختلف تماما توجد منذ زمن طويل: إنها الإمبراطورية المغربية»، مضيفا أن هذه الدولة تتوفر على جميع مقومات الدولة الحديثة: المحاكم والوزارات والجيش، حتى وإن كانت قد عرفت فترات من الفوضى وسوء التنظيم

كانت ترتكز السياسة المغربية خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجري على خلق نوع من التوازن الدولي لكي يحافظ المغرب على استقلاله بعيدا عن الأطماع الأجنبية

بدأت أولى الاتصالات مع الخلافة العثمانية في القرن الثاني عشر، حيث أصبح العثمانيون أقوياء جدا بعد سقوط تلمسان (923 هـ) وسقوط الجزائر (921 هـ) ثم الاستيلاء عليها مرة أخرى بصفة نهائية في سنة 935 هـ، مقتربين تدريجيا من مناطق نفوذ الدولة المغربية. بعد سقوط تلمسان سنة 922 هـ، قام سلطان تلمسان بالهروب إلى فاس في المغرب لطلب اللجوء. وقد كان العثمانيون يقاتلون في شمال أفريقيا بصفتهم أعداء إسبانيا الكاثوليكية وفي نفس الوقت كانت سلالة السعديين قد أحرزت انتصارات هامة على البرتغاليين الذين اضطروا إلى الانسحاب من الجنوب المغربي، خاصة في أكادير سنة 919 هـ، لتنجح سلالة السعديون فيما بعد بالإطاحة بسلالة الوطاسيين شمال المغرب وإعادة توحيد المغرب تحت سلطة واحدة

خلال عشر أخذت المصالح الأوروبية تنمو يوما بعد آخر في البحر الأبيض المتوسط، وأصبحت تلك المصالح تحتم على الدول الأوروبية تأمين تجارتها في محاولة للحد من حركة الجهاد البحري التي كانت تقوم بها الأساطيل المغربية في تلك الفترة، ونتيجة لذلك أخذت الكثير من الدول الأوروبية في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري في عقد أو تجديد معاهداتها مع المغرب، ففي عهد السلطان محمد الثالث (فترة الحكم: 1170 هـ حتى 1204 هـ) على سبيل المثال، عقدت حوالي سبع دول أوروبية معاهدات صداقة وتجارة مع المغرب اشتملت على تأمين تجارتها في البحر المتوسط وإعطاء امتيازات لقناصلها وتجارها ومواطنيها، ومن خلال بنود تلك المعاهدات يلاحظ أن هناك تركيز على سلامة سفن الدول الأوروبية وتقديم الخدمات لها في الموانئ المغربية وأن هناك تشابه بين بنود تلك المعاهدات

في بدايات القرن العشرين وبعد فشل الإصلاحات التي هدفت إلى تحديث الدولة والعديد من المشاكل الاقتصادية والأزمات الداخلية والخارجية بعثت فرنسا بجيشها إلى الدار البيضاء في غشت 1324 هـ، واضطر السلطان عبد الحفيظ لتوقيع معاهدة فاس سنة 1330 هـ، حيث فرض على المغرب نوع من الحماية جعلت أراضيه تحت سيطرة فرنسا وإسبانيا بحسب ما تقرر في مؤتمر الجزيرة الخضراء في عام 1323 هـ، وقتها أصبح لإسبانيا مناطق نفوذ في شمال المغرب، أي في الريف، وجنوبه، أي في إفني وطرفاية، أما باقي المناطق بالمغرب فقد كانت تحت سيطرة فرنسا، وفي عام 1341 هـ تم توقيع بروتوكول طنجة وأصبحت طنجة منطقة دولية

نظام الحكم بالمغرب هو نظام ملكي دستوري ديمقراطي اجتماعي، حسب مراجعة الدستور المغربي لسنة 1432 هـ فإن الملك يتمتع ببعض الصلاحيات المحدودة. تسمح الحكومة بوجود أحزاب سياسية معارضة، حيث تم إنشاء العديد منها في السنوات السابقة

يرأس رئيس الحكومة (والذي كان يعرف باسم الوزير الأول قبل سنة 1432 هـ) على رأس الحكومة المغربية والنظام متعدد الأحزاب. تمارس الحكومة السلطة التنفيذية، وتتشاطر السلطة التشريعية مع فرعي البرلمان، أي مجلس النواب ومجلس المستشارين. ينص الدستور المغربي على استقلالية القضاء بمواجهة السلطتين التشريعية والتنفيذية

حسب الفصل التاسع عشر من دستور المغرب فإن الملك هو «أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة

يترأس الملك مجلس الوزراء، وهو من يعين رئيس الوزراء بعد إجراء الانتخابات التشريعية، وبناء على طلب الأخير يقوم بتعيين أعضاء الحكومة. وعلى الرغم من أن الدستور يمنح الحق للملك في أن يعفي الوزراء من مهامهم وحل مجلسي البرلمان أو أحدهما بعد استشارة رئيس كل منهما ورئيس المجلس الدستوري وتوجيه خطاب للأمة، فإن هذا لم يحصل إلا مرة واحدة عام 1384 هـ

يتكون البرلمان المغربي من مجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين. ينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات؛ وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس. يتألف هذا المجلس من 325 عضوا. أما مجلس المستشارين فيتألف من 270 عضوا ينتخبون لمدة تسع سنوات ينتخب ثلاثة أخماسهم في كل جهة من جهات المملكة هيئة ناخبة تتألف من ممثلي الجماعات المحلية، وينتخب خمساه الباقيان هيئات ناخبة تتألف من المنتخبين في الغرف المهنية وهيئة ناخبة تتألف من ممثلي المأجورين

المغرب فعال على المستوى المغاربي، العربي وفي الشؤون الأفريقية. رغم أنه انسحب من منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الإفريقي)، لا يزال المغرب يشارك في تنمية الاقتصاد الإقليمي، كما أنه يحتوي على أكبر ميناء في شمال أفريقيا بمدينة الدار البيضاء، التي تشكل المركز الاقتصادي للبلاد. هناك قدر كبير من العلاقات القوية للمملكة المغربية مع بلدان غرب أفريقيا والساحل

للمملكة المغربية أيضا روابط وثيقة وطويلة الأمد مع الولايات المتحدة، إذ تعتبر المملكة أول دولة بالعالم اعترفت باستقلال الولايات المتحدة عن القوتين الإمبرياليتين فرنسا والمملكة المتحدة. تتضمن مدينة طنجة المفوضية الأمريكية، وهي أول الممتلكات الاجنبية التي اشتريت من قبل حكومة الولايات المتحدة. جرى التفاوض على معاهدة الصداقة المغربية الأمريكية ما بين عامي 1200 و 1201 من الهجرة

حسب الحكومة المغربية والجهات المساندة لها فإن إسبانيا تحتل مدينتي سبتة ومليلية بالإضافة إلى جزر إشفارن، ويسبب هذا النزاع أزمة في العلاقات بين البلدين من حين لآخر. أما الصحراء الغربية فقد شب نزاع عليها بعد انسحاب الاحتلال الإسباني منها عام 1394هـ حيث طالب المغرب باسترجاعها. أثناء المفاوضات الإسبانية مع المغرب طالبت موريتانيا بجزء من الصحراء الغربية بدعوى أن للسكان تقاليد شبيهة بالتقاليد الموريتانية، بينما سعت جبهة البوليساريو إلى إقامة دولة منفصلة في إقليم الصحراء الغربية تسمى "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية". دعت الحكومة المغربية مؤخرا إلى أن تتمتع الصحراء الغربية بالحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع، وذلك عن طريق المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، وتم تقديم المشروع إلى مجلس الأمن في عام 1427 هـ، ورحب به حلفاء المغرب مثل الولايات المتحدة وفرنسا، إلا أنه لم يحظى بموافقة المجلس، الذي دعا الأطراف المعنية إلى الدخول في مفاوضات مباشرة غير مشروطة للوصول إلى حل يقبل به جميعهم

المغرب بلد متعدد في مكوناته القومية والسكانية واللغوية والثقافية، احتضن هذا البلد عبر تاريخه كثيرا من العناصر البشرية القادمة سواء من الشرق، مثل الفينيقيون واليهود الشرقيون والعرب، أو من الجنوب، كالأفارقة القادمين من جنوب الصحراء الكبرى، أو من الشمال، كالرومان، الوندال، واليهود الأوروبيون. وكان لهذه المكونات البشرية جميعها أثر على التركيب العرقي والاجتماعي الذي صار يضم تعددا قوميا، أما دينيا فيبقى الإسلام هو الدين الرسمي والأكثر انتشارا في الدولة، مع وجود أقليتين يهودية ونصرانية

تعتبر اللغتان العربية والفرنسية هما اللغتان الرسميتان في المغرب

والمغرب هو رابع البلدان العربية الأكثر اكتظاظا بالسكان، بعد مصر، والسودان، والجزائر

معظم المغاربة مسلمون على المذهب المالكي. هناك أقليات يعرفون باسم الحراطين والغناوة

كان عدد اليهود في المغرب يصل إلى 265,000 نسمة عام 1367 هـ، إلا أنه انخفض حاليا إلى حوالي 5,500 نسمة (حوالي 0.2% من مجموع السكان) بسبب هجرة الكثير منهم إلى فلسطين المحتلة وأوروبا إن معظم الأجانب المقيمين في المغرب هم فرنسيين وإسبان، وقبل الاستقلال كانت البلاد تضم قرابة نصف مليون مستوطن أوروبي من فرنسا وإسبانيا

يمتلك المغرب بنية تحتية لا بأس بها، وحسنة مقارنة بالدول الإفريقية ودول شمال إفريقيا ولكنها في تطور دائم، إضافة إلى شبكة المواصلات التي ما فتئت تتوسع يوما بعد آخر تماشيا مع النمو الاقتصادي للبلاد. كما أن قطاع النقل متطور نسبيا بالنظر إلى توفر المغرب على شبكة طرقية يبلغ طولها 95000 كيلومتر، وكذلك شبكة سكك حديدية تمتد على مسافة 1907 كيلومترات. ويتوفر في المغرب أطول شبكة طرق سيارة في شمال أفريقيا والثانية في أفريقيا، إذ يبلغ طولها حوالي 56986 كيلومترا، بالإضافة إلى 610,5 كيلومترات من الطرق السريعة

يتنوع مناخ المغرب بحسب المناطق، فهو متوسطي بالشمال، محيطي بالغرب، صحراوي بالجنوب. أما المناطق الساحلية فتتمتع بمناخ معتدل، غالبا ما تعرف المناطق الجبلية بالجنوب مناخا باردا ورطبا خلال فصل الشتاء حيث تعرف جبال الأطلس التي تحتضن مدينة مراكش تساقط الثلوج بكثافة .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1435-5-21

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 3 =

/500