الدرس 183: باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم 3

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 28 جمادى الآخرة 1435هـ | عدد الزيارات: 2163 القسم: شرح وتحقيق كتاب التوحيد -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله صلى الله عليه وسلم: "وَلَا تَمْثُلُوا" المُثْلَة تعني تشويه الجسد من خلال قطع أو بتر الأعضاء للميت أو للحي، فنقول مَثَلْتُ بالحيوان، إذاً قمت بتقطيع أطرافه وتشويهه، ومَثَلْتُ بالقَتيل، إذاً قطعت أنفه أو أذنه أو يديه أو رجليه أو شيئاً من أطرافه، والقول مَثَّلَ، بتشديد الثاء هي صيغة مبالغة

قوله صلى الله عليه وسلم :"وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا،" الوليد معناه الصغير من الكفار لأنه ليس منه خطر على المسلمين.

قوله:"وإذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَادْعُهُمْ إلى ثَلَاثِ خِصَالٍ، أَوْ خِلَالٍ،" الخصال أو الخلال بمعنى واحد، لكن هذا شك من الراوي ، وهذا من الدقة في الرواية.

قوله :"فأيَّتُهُنَّ ما أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ منهمْ، وَكُفَّ عنْهمْ،"أي إذا قبلوا واحدة من هذه الخصال الثلاث فاقبل منهم إجابتهم وكف عنهم القتال.

قوله "ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلَامِ،" الكفار يجب أن يُدعَوا إلى الإسلام ، فإن قبلوا فالحمد لله، لأن هذا هو المقصود، فمن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وجب الكف عنه.

قوله:"ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى التَّحَوُّلِ مِن دَارِهِمْ إلى دَارِ المُهَاجِرِينَ،" يعني المدينة، وكان هذا في أول الأمر.

قوله:"فإنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا منها فَأَخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ يَكونُونَ كَأَعْرَابِ المُسْلِمِينَ،" يعني إن آثروا البقاء في بلدهم ولم ينتقلوا إلى المدينة فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين ، وهم سكان البادية .

قوله:" يَجْرِي عليهم حُكْمُ اللهِ الذي يَجْرِي علَى المُؤْمِنِينَ،وَلَا يَكونُ لهمْ في الغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شيءٌ إلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مع المُسْلِمِينَ،" أي حكم الإسلام فيكونون مسلمين لكن لا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء والغنيمة هي ما يستولي عليها المسلمون من أموال الكفار في أثناء القتال.

قوله:"فإنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الجِزْيَةَ،فإنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ منهمْ، وَكُفَّ عنْهمْ،"أي رفضوا الإسلام فينتقل معهم إلى الخصلة الثانية وهي طلب الجزية ، والجزية مقدار من المال يدفعه الكافر ليعيش بأمن في ظل الاسلام .

قوله:"فإنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ، " هذا دليل على وجوب الاستعانة بالله وعدم الاغترار بالقوة، وأن المسلمين إنما يقاتلون بإعانة الله.

قوله:"وإذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فأرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لهمْ ذِمَّةَ اللهِ، وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ، فلا تَجْعَلْ لهمْ ذِمَّةَ اللهِ، وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ،" قوله:"إذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ" أي الأبنية والقلاع حيث كان يتحصن بها أهل الكتاب غالبا ، والذمة هي العهد.

قوله:" فلا تَجْعَلْ لهمْ ذِمَّةَ اللهِ، وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ " هذا نهي عن ذلك ؛ احتراما لذمة الله وذمة نبيه .

قوله:"وَلَكِنِ اجْعَلْ لهمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ فإنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِن أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللهِ وَذِمَّةَ رَسولِهِ،" الإخفار مصدر أخفر رباعي وهو نقض العهد، والواجب على المسلمين أن لا ينقضوا العهد والميثاق، ويخفروا ، وليس لهم أن يجعلوا ذمة الله وذمة رسوله ؛ لأنهم إذا وقعوا في الإخفار صار أسهل في حقهم من الإخفار في ذمة الله وذمة نبيه، مع أن كليهما لا يجوز لكن بعض الشر أهون من بعض وبعض الكبائر أشد من بعض.

قوله:"وإذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فأرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ علَى حُكْمِ اللهِ، فلا تُنْزِلْهُمْ علَى حُكْمِ اللهِ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ علَى حُكْمِكَ، فإنَّكَ لا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللهِ فيهم أَمْ لا ". إذا طلبوا منه أن ينزلهم على حكم الله فإنه لا يقبل ولا بأس أن يقول : سوف أجتهد في إنزالكم على موافقة الشرع ؛فهذا من باب الحيطة ومن باب الآداب الشرعية في إعطاء العهود والمواثيق وإنزال العدو إلى حكم يرضاه الله .

وبالله التوفيق

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً.

1435/6/28 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 5 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة