جريمة القتل في عرعر

إنَّ الحمدَ لله نحمدُه ، و نستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا

من يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه و رسولُه.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران102)

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾.(النساء:1).

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ (70-71)

أما بعد

عباد الله: لا شيء أخطر على القلب من شبهة تداخله فتفسده فيجعل الحق باطلاً والباطل حقاً ويلتبس عليه الأمر وأكثر ما يقع ذلك إذا اشتعلت الفتن واتبع الهوى واعجب كل ذي رأي برأيه عندئذ يجب على كل مسلم أن يخاف على نفسه من الفتنه وأن يجانب طرق الأهواء والشبهات وإذا وردت الشبهة على نفسه رد المتشابه إلى المحكم والمُحكم في فتن الدماء بين المسلمين أن المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه أوضح ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم في يوم عرفه ولا يُخرج المسلم من إسلامه إلا بيقين لا شبهة فيه وإخراجه بالظن هو قضاء بالمتشابه على المحكم وذلك دليل على تمكن الشبهة في قلب صاحبها لأن تكفير المسلم بلا حق كفر يقول النبي صلى الله عليه وسلم " أَيُّما رَجُلٍ قالَ لأخِيهِ: يا كافِرُ، فقَدْ باءَ بها أحَدُهُما. "رواه البخاري. وقد يوصل التكفير إلى القتل من قبل المُكفر بموجب شبهة والله يقول : ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ (النساء:93). ودلت الأحاديث على أن قتل المسلم بغير حق من السبع الموبقات وأن قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا وأن المقتول يأخذ من حسنات القاتل يوم القيامة وكم من قاتل في فتنة يستبيح دم مسلم يظن أنه قتله لتكون العزة لله ولا يشعر أنه قتله لتكون العزة لفلان

وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد

عباد الله: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران102). واحذروا من التساهل في قضية القتل وإراقة الدماء فلا يجوز أن يقتل القاتل أي شخص ما سواء كان مسلماً أو كافراً إلا بحق الإسلام، ولا يجوز تنفيذ القتل إلا بأمر ولي الأمر المتمثل في القاضي الشرعي، وإن ما حدث من اعتداء غاشم على حرس الحدود في عرعر ليس إلا ضرباً من ضروب الفساد في الأرض وقتل لأنفس معصومة في فتنة عمياء ركبت أصحابها فسيرتهم الشبهات إلى هذا المصير المظلم فحذار حذار من الشبهة فإنها ما دخلت قلباً إلا أفسدته ولا تمكنت من عبد إلا أضلته وكم من شبهة أهلكت صاحبها وأذهبت دينه وديناه

قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾ ( الفرقان 20)

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (الأحزاب56).

اللهُمَّ صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعزَّنا بالإٍسلام فإنه لا عز لنا إلا به، اللهم أكمت أعداءك أعداء الدين المتربصين بعبادك الصالحين من رافضة وصوفية وسائر أصحاب البدع من الفرق الضالة المضلة، اللهم انصر إخواننا المظلومين في اليمن على الحوثيين الرافضة، اللهم كن لإخواننا المستضعفين في العراق وسوريا واجمع شمل المسلمين في مصر وليبيا وتونس وفلسطين وسائر بلاد المسلمين، ﴿ بَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ (البقرة:201). وأدخلنا الجنة مع الأبرار وأغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين .

وصلِّ اللهُمَّ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

1436-03-20 هـ