الدرس 282: أحكام في الإمامة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 23 ذو الحجة 1437هـ | عدد الزيارات: 1753 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

من يعتقد أن الله في كل مكان فهو كافر لا تجوز الصلاة خلفه.

التمائم منها ما يكون شركا ومنها ما يكون محرما، وتحريمه من باب سد الذرائع فإذا كان الإمام يصنع ذلك فيجب أن ينصح، فإن أبى فلا يصلى خلفه ويجب السعي في إبداله بغيره.

ولا يجب على من سكن قرية ونحوها أن يسأل عن حال الإمام ويجوز أن يصلي وراءه إلا إذا رأى منه ما ينكره دينا؛ لأن الأصل في المسلمين حسن الظن بهم حتى يتبين خلاف ذلك.

قبض اليدين بعد تكبيرة الإحرام وقبل الركوع، وقبضهما حال القيام بعد الركوع وقبل السجود سنة من سنن الصلاة لا تبطل الصلاة بتركه، ويصح أن يقتدي من يقبض يديه بإمام يصلي ولا يقبضها

إذا وجدت إماما غير مبتدع فصل معه ولا تصل مع المبتدع، وإذا لم تجد إماما غير المبتدع فإنك تنصحه فإن قبل النصح جازت الصلاة خلفه، وإذا لم يقبل النصح وكانت بدعته مكفرة كمن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره أو يذبح لغير الله فهذا شرك أكبر لا تصح الصلاة خلفه ولا يصح جعله إماما، وإذا كانت بدعته غير مكفرة صحت الصلاة خلفه مثل التلفظ بالنية كقوله نويت أن أصلي

إذا كان المسلم ظاهرا مجهول الحال بالنسبة لعقيدته ولم يعلم عنه انحراف في عقيدته صحت الصلاة وراءه وأكلت ذبيحته

الاختلاف في الفروع ليس له أثر في صحة صلاة بعض المختلفين خلف بعض، وعلى الإمام وغيره من أهل العلم أن يتحرى الأرجح في الدليل، سواء كان المأمومون يوافقونه في ذلك أم لا، مثل السدل في الصلاة والقنوت في الفجر

وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة سنة والسدل خلاف السنة، والقنوت دائما في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح كما يفعل بعض المالكية والشافعية خلاف السنة؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وإنما كان يقنت في النوازل، وكان يقنت في صلاة الوتر

فإذا كان الإمام يسدل في صلاته ويديم القنوت في صلاة الصبح نصحه أهل العلم وأرشدوه إلى العمل بالسنة، فإن استجاب فالحمد لله، وإن أبى وسهلت صلاة الجماعة وراء غيره صلى خلف غيره محافظة على السنة، وإن لم يسهل ذلك صلى وراءه حرصا على الجماعة، والصلاة صحيحة على كل حال

حلق اللحية حرام، وحالقها فاسق؛ إذا كان يعلم تحريم حلقها شرعا، ويصر على حلقها، والصلاة خلفه صحيحة، وكونه يترك الاستفتاح لا يمنع من الصلاة خلفه؛ لأن الاستفتاح سنة، وليس بواجب، وأما البسملة فإنها تقرأ سرا، ولا نعلم دليلا يدل على قراءتها جهرًا، لكن الجهر بها لا يبطل الصلاة، ولا يمنع الصلاة خلف من يجهر بها ؛ لأن الخلاف في ذلك مشهور، والصواب أن السنة عدم الجهر بها

عدم إطالة الإمام للركوع والسجود إن كان ذلك يخل بالطمأنينة فصلاته غير صحيحة، ولا تصح إمامته

وأما الدعاء جماعة بعد الصلاة وكذلك الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة بعد الصلاة كذلك بدعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعلها ولا صحابته رضي الله عنهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه مسلم

حلق اللحية حرام؛ لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب) ولما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس) والإصرار على حلقها من الكبائر، فيجب نصح حالقها والإنكار عليه، ويتأكد ذلك إذا كان في مركز قيادي ديني وعلى هذا إن كان إماما لمسجد ولم ينتصح وجب عزله إن تيسر ذلك ولم تحدث فتنة، وإلا وجبت الصلاة وراء غيره من أهل الصلاح على من تيسر له ذلك، زجرا له وإنكارًا عليه، إن لم يترتب على ذلك فتنة، وإن لم تتيسر الصلاة وراء غيره شرعت الصلاة وراءه؛ تحقيقا لمصلحة الجماعة، وإن خيف من الصلاة وراء غيره حدوث فتنة صلي وراءه؛ درءا للفتنة، وارتكابا لأخف الضررين

لأن مذهب أهل السنة والجماعة الصلاة خلف كل بر وفاجر، طلبا للألفة والجماعة ودرءاً للخلاف والفرقة

وشرب الدخان حرام؛ لأنه ثبت أنه يضر بالصحة، ولأنه من الخبائث، ولأنه إسراف، وقد قال تعالى في وصف نبيه عليه الصلاة والسلام (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) سورة الأعراف آية: 157

وأما حكم الصلاة خلفه فإن كان يترتب على ترك الصلاة خلفه فوات صلاة الجمعة أو الجماعة أو حدوث فتنة وجبت الصلاة وراءه؛ تقديماً لأخف الضررين على أشدهما، وإن كان ترك بعض الناس للصلاة خلفه لا يُخشى منه فوات جمعة ولا جماعة ولا ضرر وإنما يترتب على عدم الصلاة خلفه زجره وكفه عن شرب الدخان وجب ترك الصلاة خلفه؛ ردعا له، وحملاً له على ترك ما حرم عليه، وذلك من باب إنكار المنكر، وإن كان لا يترتب على ترك الصلاة خلفه مضرة ولا فوات جمعة ولا جماعة ولا يزدجر بترك الصلاة وراءه فالأفضل أن يتحرى الصلاة وراء من ليس مثله في الفسق والمعصية، وذلك أتم لصلاته وأحفظ لدينه

فمن كان إماما للجمعة والجماعة وهو يشرب الدخان ويحلق لحيته أو هو متلبس بشيء من المعاصي فيجب نصحه والإنكار عليه، فإذا لم ينتصح وجب عزله إن تيسر ذلك ولم تحدث فتنة، وإلا شرعت الصلاة خلف غيره من أهل الصلاح لمن تيسر له ذلك، وإن خيف من الصلاة وراء غيره حدوث فتنة صلي وراءه درءاً للفتنة وارتكاباً لأخف الضررين، كما صلى ابن عمر وغيره من السلف الصالح خلف الحجاج بن يوسف وهو من أظلم الناس حرصاً على جمع الكلمة وحذراً من الفتنة والاختلاف

فشرب الدخان وحلق اللحية كلاهما معصية لله عز وجل، فإذا كان كل منهما صالحا للإمامة ولا يوجد من الجماعة من هو أفضل منهما فمن صلى منهما إماما صحت إمامته والصلاة خلفه، ولكن الذي لا يحلق لحيته أولى من الذي يحلقها؛ لأن حلق اللحية معصية ظاهرة في وجهه، أما شرب الدخان فقد يخفى ولا يعلمه من وراءه

ويقدم للإمامة في الصلاة من كان له لحية مع حفظه القليل من القرآن على من يحلق لحيته مع حفظه القرآن؛ لأن الأول غير آثم بقلة حفظه، والثاني آثم بحلق لحيته

لبس الملابس الطويلة التي تصل إلى ما تحت الكعبين حرام، سواء كانت قميصا أم سراويلا؛ لعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أسفل الكعبين من الإزار فهو في النار) رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره والمنان في ما أعطى والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) رواه مسلم

أما كشف الرجال رؤوسهم فمباح؛ لأن الرأس ليس بعورة بالنسبة للرجل

ولا يجوز أن يصلي مسبل الإزار إلى ما تحت الكعبين ولا حالق اللحية إماما بمن يعفي لحيته ولا يسبل إزاره؛ لعدم أهليته لذلك بسبب إسباله وحلق لحيته، لكن لو صلى بالناس صحت صلاتهم، إذا كانت قراءته للفاتحة صحيحة سليمة واطمئن في صلاته، وينبغي الاجتهاد في نصحه ليكف عن الإسبال وحلق اللحية، عسى أن يهديه الله، وإن أبى سعي في منعه من الإمامة وإبداله بمن يلتزم بالحق.

العمل في البنك الربوي حرام ومرتكبه عاص لله سبحانه، لكن الصلاة خلفه صحيحة؛ لأنه مسلم تصح صلاته في نفسه إن استوفى شروطها وما فرض الله فيها، في أصح قولي العلماء، وإن تيسر أن يصلى وراء غيره من أهل الصلاح والتقوى فهو أولى

الأضحية سنة مؤكدة لمن قدر عليها، لما ثبت من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم (ضحى بكبشين أملحين أقرنين) رواه مسلم

تصح الصلاة خلف من يتكلم بكلام فاحش، إذا كان الكلام الذي يصدر منه لا يبلغ حد الكفر، أما إن بلغ حد الكفر، كسب الله ورسوله والاستهزاء بالدين ونحو ذلك، فإنه لا يصلى خلفه، ولا تصح الصلاة خلفه لكفره

يجوز للمتيمم المرخص له فيه أن يصلي بالمتوضئ سواء كان تيممه لعدم وجود الماء أم كان لمرضه أم كان لخوفه الضرر من استعمال الماء

فاقد السمع والبصر يصلي جماعة مأموماً في الصف، ويضبط أعمال صلاته من ركوع وسجود ونحوها بحركات من بجانبه في الصف، وعلى ولي أمره ومن حوله أن ينبهوه للصلاة وتصح إمامته، والأولى ألا يؤم؛ لئلا يسهو فيشق تنبيهه.

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1437/12/24 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي