ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 161: باب القرض 3

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 24 ربيع الثاني 1439هـ | عدد الزيارات: 1427 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

قول المؤلف رحمه الله (وإن بدأ به) أي بما يجر النفع

قوله (بلا شرط) بأن أعطاه المقترض ما ينتفع به بلا شرط

قوله (أو هدية بعد الوفاء جاز) يعني بلا شرط، هذه صور ثلاث

مثال ذلك

رجل أقرض شخصا خمسون ألف ثم أوفاه، ثم أعطى المقترض سيارته للمقرض ليتمتع بها لمدة خمسة أيام، مكافأة له على إحسانه، فهذا لا بأس به، لأن هذا من باب المكافأة، والمسألة ليست مشروطة حتى يقال إن هذا شرط جر نفعا

وكذلك إذا أعطاه هدية بعد الوفاء، بأن أهدى إليه هدية قليلة أو كثيرة، فإن ذلك جائز، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه) أخرجه النسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما وصححه ابن حبان

وعُلم من قول المؤلف (أو أعطاه أجود) أنه لو أعطاه أكثر بلا شرط فعلى المذهب لا يجوز، والفرق أن الأجود في الصفة، والأكثر في الكمية، فلا يجوز، والصحيح أنه جائز بشرط ألا يكون مشروطا

أما الزيادة البنكية، فلا تجوز، لأنها مشروطة شرطاً عرفيا، والشرط العرفي كالشرط اللفظي

مثال ذلك: تعطي البنك مائة ألف وبعد سنة يعطيك مائة وعشرة، وهذا لا يجوز لأنه معلوم من تعاملهم، فموظف البنك إذا قال: ماذا تريد، وقلت: أريد حساباً بنكيا، معناه أنك تريد الفوائد

وفُهم من قوله (بعد الوفاء) أنه لو كان قبل الوفاء فإنه لا يجوز، لأنه يؤدي إلى أن يهاديه المقترض كلما مضى شهر أعطاه هدية وبهذا يزيد في تأخير الطلب، ثم يكون كالربا الزائد لكل شهر

مسألة: لو قال أعطيك قرضاً بخمسين ألف على أن تزوجني ابنتك، فلا يجوز، لأن فيه منفعة فأصبح معاوضة ولم يرد به وجه الله، إنما أراد به امرأة يتزوجها

وكذا لو قال: أقرضك على أن تؤجرني بيتك، فلا يجوز

قوله (وإن تبرع) أي: المقترض

قوله (لمقرضه قبل وفائه بشيء لم تجر عادته به لم يجز) سواء كان ذلك قليلاً أو كثيراً

وعُلم من قوله (لم تجر عادته به) أنه لو كان من عادته أن يتبرع له في مثل هذه المناسبة، فإنه لا بأس أن يقبل وإن لم يحتسبه من دينه

مثاله: أن يكون الذي أقرضه صديق له، وجرت العادة أنه إذا سافر يعطيه هدية بعد رجوعه من السفر، فهذا المقترض سافر ورجع من سفره، وكان من عادته أن يعطي الذي أقرضه هدية السفر، فأعطاه هدية السفر بعد أن اقترض منه، فهذا لا بأس به، لأن الحامل له ليس هو المقترض، بل الحامل له هو المودة والصداقة بينه وبين صديقه

قوله (إلا أن ينوي) أي: المقترض

قوله (مكافأته) أي: مكافأة المقرض

مثال هذا: إنسان استقرض من شخص تسعمائة ريال، ثم إن المقترض أهدى إلى هذا المقرض ساعة تساوي مائة ريال، فله أن يقبلها بشرط أن ينوي المكافأة بمثل قيمتها أو أكثر

فإن قال قائل: لماذا لا يردها، قلنا: إنه قد يمنعه الحياء والخجل وكسر قلب صاحبه من الرد، لأنه من الصعب أن يقول: لا أريدها، فأنا قد أقرضتك، لكن يأخذها وينوي المكافأة، بقدر قيمتها أو أكثر، لا أقل

قوله (أو احتسابه من دَينه) فيقبل الهدية ولا يكافئه

مثال ذلك: أقرضه ألف ريال ثم إن المقترض أهدى إليه هدية تساوي مائة ريال فقبلها، لكن قيدها له، وكتب وصل من فلان مائة ريال، فهذا جائز ولا بأس به، لأنه اسقطها من دينه فسقطت عن ذمة المقترض

وإذا حصل عند المقترض مناسبة من المناسبات، وليمة عرس، أو ما أشبه ذلك فدعا المقرض، فإن له إجابته حتى على المذهب، والعلة أنه في الدعوات كغيره، ولهذا القاضي إذا دعاه أحد من أهل البلد التي هو قاض فيها فإنه يجيبه

قوله (وإن أقرضه) أي: أقرض شخصا

قوله (أثماناً) وهي: الدراهم والدنانير

قوله (فطالبه بها ببلد آخر لزمته) أي: لزمت المقترض

مثاله: أقرضه دنانير في الخرج وطالبه بها في الرياض، فيلزمه الوفاء إذا كان معه الدنانير، لأنه لا ضرر عليه، فالقيمة واحدة في الخرج أو في الرياض، بخلاف ما إذا كان في باب السَلَم فيكون الوفاء في موضع العقد، لأن السَلم من باب المعاوضات، وهذا من باب الإحسان ولا ضرر عليه أن يعطيه الدنانير في البلد الآخر

إلا إذا كان في بلد يختلف عن البلد الذي أقرضه فيه، ويلحقه ضرر، فقد تكون قيمته أغلى، فحينئذ لا يلزمه الموافقة

قوله (وفيما لحمله مؤونة قيمته) أي: إذا أقرضه شيئاً لحمله مؤونة فله القيمة في بلد القرض

مثاله: أقرضه مائة صاع بر في مكة وطالبه بها في المدينة، ومن المعلوم أن مائة صاع بر لحملها مؤونة، فلا يلزمه الوفاء في المدينة

غير أن المؤلف استثنى فقال (إن لم تكن ببلد القرض أنقص) والصواب أكثر، لأنه إذا كانت أنقص فلا ضرر عليه

مثال ذلك: أقرضه مائة صاع بر في مكة، وطالبه بها في المدينة، وقيمتها في مكة مائتا ريال، وفي المدينة قيمتها مائتان وخمسون، فهنا يلزمه الوفاء في المدينة، لأنه لن يوفي بُراً، بل له القيمة في بلد القرض، فنقول له: سلم مائتين الآن، لأنه ليس عليك ضرر

أما إذا كانت في مكة وهي بلد القرض بثلاثمائة، وفي المدينة وهي بلد الطلب بمائتين، فهنا لا يلزمه القيمة في مكة، لأن عليه ضرر

ولهذا يعتبر كلام المؤلف رحمه الله فيه سبق قلم حيث قال (إن لم تكن ببلد القرض أنقص) ولهذا تعقبه صاحب الروض بقوله (صوابه أكثر) الروض مع حاشية ابن قاسم 5/49، وما قاله الشارح هو الصواب

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

24-04-1439 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر