الدرس 351: البدع

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 29 شعبان 1439هـ | عدد الزيارات: 1587 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد .

عيد الزهور من الأعياد الموروثة عن الأديان الجاهلية القديمة فلا يجوز إقامة عيد الزهور لأنه في الأصل من أعمال غير المسلمين فهو تشبه بهم والواجب تركه واجتنابه طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

كما لا يجوز للمسلم المشاركة في هذا العيد أو غيره من الأعياد المحدثة في الإسلام لأن ذلك من التعاون على الإثم والمعصية ،وقد نهى الله عز وجل عن ذلك بقوله (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) المائدة :2 .

وليُعلم أن تغيير الأسماء لا يغير الأحكام فتسمية الأعياد المحدثة بالاحتفالات أو المهرجانات أو غير ذلك لا يغير من حكمها شيئاً لأن العبرة بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني كما هو مقرر عند العلماء.

قوله (آية الكرسي ترسي) و(قل هو الله أحد سيفي) وقوله (الرحمن رفيقي) فيه مخالفات شرعية لذا فإنه لا يدعي به كما أن إثبات الانتفاع بهذا الدعاء حال مقابلة من يخشى بطشه بلا دليل شرعي لا يجوز لذا فإن اللجنة تحذر من توزيع هذه النشرة وما ماثلها منعاً من تسرب البدع وانتشارها وهناك محاذير وهي تسمية الله بأسماء لم تثبت في الكتاب والسنة مثل :يا قائم ،يا مقصد، يا غايتاه ،الحق الحقيق .

ودعوات مبتدعة مثل قوله :أسألك بجاه حبيبك ونبيك ،وقوله :اللهم بحق الأسماء العظيمة والآيات الكريمة ،وقوله :يا أعداء الله وأعداء قارئ كتابي هذا خيركم بين أيديكم وشركم تحت أقدامكم.

وإيراد كلمات من القرآن في غير محلها مثل قوله (أقبل ولا تخف إنك من الآمنين) القصص 31 ،(نجوت من القوم الظالمين)، القصص 25(لا تخاف دركاً ولا تخشى) طه 77 ،(لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى) طه 46 وهذا من جنس الموجود في كتب الضلال من تقطيع الآيات والتلبيس على العوام بالدعاء بها.

وبناء على ذلك فإنه لا يجوز نشر هذه الأدعية وتوزيعها ويجب إتلاف الموجود منها .

*قول القائل (صدق الله العظيم) في نفسها حق ولكن ذكرها بعد نهاية قراءة القرآن لم يثبت لأنه لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدون ولا السلف رحمهم الله مع كثرة قراءتهم للقرآن وعنايتهم به ومعرفتهم بشأنه .

عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى عالٍ على خلقه مستوٍ على عرشه بذاته وعرشه فوق السماء السابعة وبائن عن خلقه استواء يليق بجلاله وعظمته وهو ليس داخل العالم بل منفصل وبائن عنه ،وقد دل على ذلك الكتاب والسنة قال تعالى (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) الأعراف :54 ،وقال تعالى (الرحمن على العرش استوى) طه:5 ،وقال تعالى (هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء) هود:7 .

تفسير كلمات الله بأنها مقدوراته وعجائبه جواب باطل يتمشى مع مذهب الجهمية والمعتزلة الذين يقولون إن كلام الله مخلوق والصواب أن يقال كلمات الله سبحانه هي قوله وتكلمه بالأمر والنهي الكوني والشرعي كما قال تعالى (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) يس :82 ،وكلامه من صفاته الذاتيه الفعلية التي ما يزال متصفاً بها أزلاً وأبداً هذا مذهب أهل السنة والجماعة .

لا مانع من وصف الله تعالى بأنه الحق قال تعالى (ذلك بأن الله هو الحق) الحج:6 ،وقال تعالى (ويعلمون أن الله هو الحق المبين)التوبة :25 .

وأما نسبة اللسان إلى الله فإنها لم ترد في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يوصف الله بها لأن أسماء الله وصفاته توقيفية.

تصميم شجرة الأنبياء عمل غير مناسب لأنه لم يبن على أدله ثابتة من الكتاب والسنة ولما يُخشى مما يترتب عليه من محاذير اعتقادية من قبل الجهال فلا يسوغ إصداره ونشره .

الذي دل عليه القرآن والسنة أن الجن مكلفون بالإيمان وبالشرائع وأن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث إلى الثقلين الإنس والجن وأن فيهم المؤمن والكافر والصالح والطالح وأن مصير المؤمنين منهم الجنة وأن مثوى الكافرين النار ،قال تعالى (وما أرسلناك إلى رحمة للعالمين) الأنبياء :107 ،وقال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ،وقال تعالى (يا معشر الجن ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم ءاياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا)الأنعام :130 ؛قال المفسرون الرسل من الإنس فقط وهم للثقلين من الجن والإنس وقال الله عن جن نصيبين (إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريقٍ مستقيم) الأحقاف :30 ،وكذلك جميع الرسل السابقين دل القرآن على أنهم بلغوا رسالتهم للإنس والجن ويقول تعالى (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ۚ قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130) )الأنعام .

فأخبر عن جميع الجن والإنس أن الرسل بلغتهم رسالة الله وهي آياته وأنهم أنذروهم اليوم الآخر .

وكذلك قوله تعالى( قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ فِي النَّارِ ۖ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ۖ حَتَّىٰ إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّار)ِالأعراف: (38).

يدل على أن ما خلا من الأمم فيهم كفار من الجن في النار وذلك إنما يكون بعد إقامة الحجة عليهم بالرسالة فعلى هذا فرسالة الأنبياء قبل نبينا شاملة للإنس والجن.

لا يجوز تمكين غير المسلمين من كتابيين أو غيرهم من إظهار دينهم أو شيء من شعائرهم في بلاد الإسلام ولا السماح لمرشديهم الدينيين بذلك لما يترتب على ذلك من نشر الباطل وأذى المسلمين ومخالفة شعائر الإسلام .

تبرعات الكافر وأعماله التي ينفع بها الناس مثل الكرم والمواساة وصلة الرحم لا تنفعه في الآخرة إذا مات كافراً لعدم توفر شرطي قبول العمل فيها وهما الإخلاص لله والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا) الفرقان (23) وقد تنفعه في الدنيا كما قال تعالى ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ هود :15-16 .

وقد ذكر ابن كثير في تفسيره عن أنس بن مالك والحسن البصري أن هذه الآية نزلة في اليهود والنصارى وقال ابن عباس إنها نزلت في المرائين وإذا أسلم الكافر فيثاب على فعله من الخير زمن كفره فضلاً من الله تعالى لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا اسلم الكافر فحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة زلفها ومحا عنه كل سيئة زلفها وكان عمله بعد الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله سبحانه وتعالى عنه)رواه الدارقطني في غريب حديث مالك من تسع طرق.

وروى مسلم عن حكيم بن حزام رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله أشياءً كنت أفعلها في الجاهلية أتبرر بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أسلمت على ما أسلفت من خير)

من أصول أهل السنة والجماعة عدم القطع لأحد بجنة أو نار إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك وأما النصوص الواردة في الوعد بمنازل عالية في الجنة إذا عمل المسلم بها فإنها تؤخذ على ظاهرها مع الجمع بينهما وبين الأحاديث الأخرى التي وردت في التحذير من إرتكاب الكبائر .

ومنها حديث المفلس الذي أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتدرون من المفلس ؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار)

والمقصود أن من أصول أهل السنة والجماعة عدم القطع لأحد بجنة أو نار كما تقدم ذلك بل يرجون للمحسن الثواب ويخافون على المسيء العقاب ودخول العباد الجنة إنما هو برحمة الله وليس بأعمالهم .

وأما النصوص الواردة في الوعيد بالنار لمن فعل كذا وكذا فهذه أيضاً تؤخذ على ظاهرها مع الجمع بينهما وعلى أصول أهل السنة والجماعة أنهم لا يُخلَدون مرتكب الكبيرة في النار إذا كان مسلماً خلافاً للخوارج والمعتزلة ومرتكب الكبيرة إذا كان مسلماً يسمى عند أهل السنة والجماعة الفاسق الملِّي وهو يدخل في مسمى الإيمان المطلق كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في (العقيدة الواسطية) وذكر أمثلة كثيرة عليه وفاعل ذلك تحت مشيئة الله تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عذبه بقدر معصيته لقوله سبحانه(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا) النساء :48 .

وبذلك يجمع بين أدلة الوعد والوعيد ويعمل بها كلها ولا يرد شيء منها لكن من استحل الزنا أو السرقة أو شرب الخمر أو غيرها من المحرمات المجمع على تحريمها كفر عند أهل السنة والجماعة .

وبالله التوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1439/8/28 هــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي