ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 146 احداث السنة التاسعة من الهجرة (18)

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 26 ذو الحجة 1439هـ | عدد الزيارات: 1157 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد؛

قال ابن إسحاق: قدم رسول الله ﷺ المدينة من تبوك في رمضان، وقدم عليه في ذلك الشهر وفد من ثقيف، وكان من حديثهم أن رسول الله ﷺ لما انصرف عنهم اتبع أثره عروة بن مسعود حتى أدركه قبل أن يصل إلى المدينة فأسلم، وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام.

فقال له رسول الله - كما يتحدث قومه -: «إنهم قاتلوك».

وعرف رسول الله أن فيهم نخوة الامتناع للذي كان منهم.

فقال عروة: يا رسول الله أنا أَحب إليهم من أَبكَارهم، وكان فيهم كذلك محببا مطاعا، فخرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء أن لا يخالفوه لمنزلته فيهم، فلما أشرف على علية له وقد دعاهم إلى الإسلام وأظهر لهم دينه، رموه بالنبل من كل وجه فأصابه سهم فقتله، فتزعم بنو مالك أنه قتله رجل منهم يقال له: أوس بن عوف - أخو بني سالم بن مالك - ويزعم الأحلاف أنه قتله رجل منهم من بني عتاب يقال له: وهب بن جابر.

فقيل لعروة: ما ترى في دينك؟

قال: كَرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إلي، فليس في إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله ﷺ قبل أن يرتحل عنكم، فادفنوني معهم، فدفنوه معهم.

قال ابن إسحاق: ثم أقامت ثقيف بعد قتل عروة شهرا، ثم إنهم ائتمروا بينهم، رأوا أنه لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب، وقد بايعوا وأسلموا، فائتمروا فيما بينهم وذلك عن رأي عمرو بن أمية - أخي بني علاج - فائتمروا بينهم، ثم أجمعوا على أن يرسلوا رجلا منهم، فأرسلوا عبد ياليل بن عمرو بن عمير، ومعه اثنان من الأحلاف، وثلاثة من بني مالك، وهم: الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب، وشرحبيل بن غيلان بن سلمة بن معتب، وعثمان ابن أبي العاص، وأوس بن عوف - أخو بني سالم -، ونمير بن خرشة بن ربيعة.

وقال موسى بن عقبة: كانوا بضعة عشر رجلا فيهم: كنانة بن عبد ياليل - وهو رئيسهم -، وفيهم: عثمان ابن أبي العاص - وهو أصغر الوفد -.

قال ابن إسحاق: فلما دنوا من المدينة ونزلوا قناة؛ أَلفوا المغيرة بن شعبة يرعى في نوبته رِكاب أصحاب رسول الله ﷺ، فلما رآهم ذهب يشتد ليبشر رسول الله بقدومهم، فلقيه أبو بكر الصديق فأخبره عن ركب ثقيف أن قدموا يريدون البيعة والإسلام إن شرط لهم رسول الله شروطا، ويكتبوا كتابا في قومهم.

فقال أبو بكر للمغيرة: أقسمت عليك لا تسبقني إلى رسول الله حتى أكون أنا أحدثه، ففعل المغيرة، فدخل أبو بكر فأخبر رسول الله ﷺ بقدومهم.

ثم خرج المغيرة إلى أصحابه فروح الظهر معهم، وعلمهم كيف يُحيون رسول الله ﷺ فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهلية.

ولما قدموا على رسول الله ﷺ ضُربت عليهم قبة في المسجد، وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله، فكان إذا جاءهم بطعام من عنده لم يأكلوا منه حتى يأكل خالد بن سعيد قبلهم، وهو الذي كتب لهم كتابهم.

وكان مما اشترطوا على رسول الله ﷺ أن يدَع لهم الطاغية وهي اللات ثلاث سنين، فما برحوا يسألونه سنة سنة، ويأبى عليهم، حتى سألوه شهرا واحدا بعد مقدمهم ليتألفوا سفهاءهم، فأبى عليهم أن يدعها شيئا مسمى، إلا أن يبعث معهم أبا سفيان بن حرب، والمغيرة ليهدماها، وسألوه مع ذلك أن لا يصلوا، وأن لا يكسروا أصنامهم بأيديهم.

فقال: «أما كسر أصنامكم بأيديكم فسنعفيكم من ذلك، وأما الصلاة فلا خير في دين لا صلاة فيه».

فقالوا: سنؤتيكها وإن كانت دناءة.

وروى أبو داود عن وهب قا:" سألتُ جابِرًا عن شأنِ ثَقيفٍ إذ بايَعَت قالَ اشترطَت على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أن لا صَدَقةَ عليها ولا جِهادَ وأنَّهُ سمعَ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بعدَ ذلِك يقولُ سيتَصدَّقونَ ويُجاهِدونَ إذا أسلَموا" صحيح أبي داود للألباني.

قال ابن إسحاق: فلما أسلموا وكتب لهم كتابهم، أمر عليهم عثمان ابن أبي العاص وكان أحدثهم سنا.

لأن الصديق قال: يا رسول الله إني رأيت هذا الغلام من أحرصهم على التفقه في الإسلام، وتعلم القرآن.

وذكر موسى بن عقبة أن وفدهم كانوا إذا أتوا رسول الله خلفوا عثمان ابن أبي العاص في رحالهم، فإذا رجعوا وسط النهار جاء هو إلى رسول الله ﷺ فسأله عن العلم، فاستقرأه القرآن، فإن وجده نائما ذهب إلى أبي بكر الصديق، فلم يزل دأبه حتى فقه في الإسلام، وأحبه رسول الله ﷺ حبا شديدا.

وروى عن عثمان ابن أبي العاص قال: كان من آخر ما عهد إلي رسول الله ﷺ حين بعثني إلى ثقيف « يا رسولَ اللَّهِ اجعَلني إمامَ قومي ؟ فقالَ : أنتَ إمامُهُم واقتدِ بأضعفِهِم واتَّخذ مؤذِّنًا لا يأخذُ علَى أذانِهِ أجرًا».صحيح النسائي للألباني.

وروى الإمام مسلم عن عثمان بن أبي العاص، قَالَ : " آخِرُ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذَا أَمَمْتَ قَوْمًا ، فَأَخِفَّ بِهِمُ الصَّلَاةَ "

وروى الإمام مسلم عن عثمان بن ابي العاص أنه أتى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال:" يا رَسولَ اللهِ، إنَّ الشَّيْطَانَ قدْ حَالَ بَيْنِي وبيْنَ صَلَاتي وَقِرَاءَتي؛ يَلْبِسُهَا عَلَيَّ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ذَاكَ شيطَانٌ يُقَالُ له: خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ باللَّهِ منه، وَاتْفِلْ علَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا. قالَ: فَفَعَلْتُ ذلكَ، فأذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي."



وروى مسلم عن عثمان ابن أبي العاص أنه شكى إلى رسول الله ﷺ وجعا يجده في جسده.

فقال له: «ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثا، وقل: سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر».

وروى ابن إسحاق: عن عطية بن سفيان بن ربيعة الثقفي، عن بعض وفدهم.

قال: كان بلال يأتينا حين أسلمنا، وصمنا مع رسول الله ﷺ ما بقي من شهر رمضان بفطورنا، وسحورنا، فيأتينا بالسحور.

فإنا لنقول: إنا لنرى الفجر قد طلع؟

فيقول: قد تركت رسول الله ﷺ يتسحر لتأخير السحور، ويأتينا بفطرنا وإنا لنقول: ما نرى الشمس ذهبت كلها بعد.

فيقول: ما جئتكم حتى أكل رسول الله ﷺ ثم يضع يده في الجفنة فيلقم منها.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1439/12/26هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 8 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي