الدرس186:باب الوكالة 4

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 11 رجب 1440هـ | عدد الزيارات: 1187 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

بعد حمدالله وشكره والصلاة على رسوله .

يقول المؤلف رحمه الله"وتبطل بفسخ أحدهما فظاهر كلامه أن الوكالة تبطل بفسخ أحدهما مطلقا ولو مع ضرره و الصواب إذا لم تتضمن ضررا وإلا فليس لأحدهما أن يضر صاحبه ودليل ذلك قول الله عزوجل "أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ"النساء:12.

وقوله عزوجل "وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا "البقرة:231 وقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار"أخرجه الإمام أحمد عن ابن عباس و صححه الألباني.

ولذلك قال العلماء "إذا تضمن الفسخ ضرراً على أحد الطرفين فإن العقود الجائزة تنقلب لازمة درءاً للضرر.

فعليه فإن ما كان فيه ضرر فإنه ممنوع شرعاً فلو أن الوكيل قبِل الوكالة على أنه سوف يُصرفها في الموسم ثم انصرف من عند الموكل وفسخ فقال اشهدوا أني فسخت الوكالة و الموكِل لم يعلم ففات الموسم فالفسخ فيه ضرر على الموكل فلا يحل للوكيل أن يفسخ إلا إذا استأذن من الموكل من أجل أن يعرف الموكل كيف يتصرف أو يضمن الضرر.

فقوله "تبطل بفسخ أحدهما" ظاهر كلام المؤلف سواء علم الوكيل أم لم يعلم فإذا وكلت فلان على أن يبيع مزرعتي ثم في اليوم الثاني أشهدت رجلين بأني فسخت الوكالة ثم باع الوكيل المزرعة في اليوم الثالث من غير أن يعلم بفسخي للوكالة فالبيع صحيح لأن تصرف الوكيل مستند إلى إذن سابق لم يعلم زواله والتفريط من الموكل لعدم إبلاغ الوكيل بفسخ الوكالة من فوره فتعلق به حق المشتري وقال بهذا الإمام أحمد رحمه الله قوله"وموته" أي إذا مات الوكيل بطلت الوكالة وأيضاً إذا مات الموكل بطلت الوكالة.

والعلة في ذلك أنه إذا مات الموكل انتقل المال إلى ورثته إلا أن يجدد الورثة الوكالة أما الوكيل فتبطل بموته لأن الموكل رضيه بعينه

مثال ذلك رجل وكل شخصاً في بيع ثم قدر الله أن يموت الوكيل فتنفسخ الوكالة ولا يحل للوكيل أن يوكل شخصاً بعد موته يتولى البيع .

فائدة:- ينبغي أن يكتب الوكيل في الوصايا بعد موته الوصي على ثلث مالي فلان لأن الوصي من أذن له بالتصرف بعد الموت و الوكيل من أذن له بالتصرف في حال الحياة إلا أن يكتب الوكيل بعد موتي.

قوله"وعزل الوكيل " كتاب زاد المستنقع أصله كتاب المقنع وعبارة "عزل الوكيل" غير موجودة في الأصل فلعلها سبق قلم من المؤلف رحمه الله.

لكن لا يمنع ذلك من شرح عبارة "وعزل الوكيل " أي فسخ الموكل للوكالة مثال ذلك.

محمد وكل زيد أن يبيع مزرعته ثم بعد انصرافهما باع محمد المزرعة على علي ثم إن زيد باع المزرعة على عمرو وهذا عزل بالفعل أي أن المالك محمد عزل زيد فالبيع الصحيح بيع المالك وهومحمد أما بيع الوكيل وهو زيد فهو بيع باطل فنقدم صاحب الأصل وهو محمد.

وهنا مسألة إذا تصرف الموكل تصرفاً لا يمنع تصرف الوكيل مثل أن يقول وكلتك في بيع سيارتي ثم بعد ذهاب الوكيل أجر المالك السيارة فهذا ليس عزل للوكيل لأن التأجير لا ينافي البيع إذ يجوز بيع المؤجر أما إذا تصرف تصرفاً ينافي الوكالة فهو عزل.

قوله"وبحجر السفه" .

أسباب الحجر ثلاثة الصغر و الجنون و السفه .

وإذا حُجر على الوكيل أو الموكل حجر سفه انفسخت الوكالة .

ومن كان لا يحسن التصرف فالحجر عليه حجر سفه ومن كان يحسن التصرف لكنه غريم مدين دينه أكثر من ماله فالحجر عليه حجر فلس فالوكالة تبطل بحجر السفه مثال هذا الوكيل قال لشخص بع كتبي ثم إن الرجل الذي وكله في البيع وهو صاحب الكتب أصيب بخلل في عقله أفسد تصرفه فتنفسخ الوكالة.

فكلمة السفه تعود إلى العقل بحيث يكون فيه جنون أو سوء تصرف حيث يختل فكره و عقله فلا يعرف شيئاً.

فالحجر لفلس تبطل به الوكالة إن كانت في أعيان مال الموكل أما إذا كانت في ذمته فلا تنفسخ.

أما الوكيل فإنه إذا حجرعليه لفلس فلا تنفسخ الوكالة بذلك لصحة تصرفه في مال غيره .

مثال ذلك بالنسبة للوكيل :وكل إنساناً يبيع دكانه ثم إن هذا الوكيل صار مدينا دينه أكثر من ماله فحجر عليه في أعيان ماله لا في أعيان مال غيره فتبقى الوكالة أما بالنسبة للموكل إذا قال وكلتك أن تبيع بيتي ثم إن الموكل لحقه الدين وصار دينه أكثر من ماله فحجر عليه عندئذ تنفسخ الوكالة .

قوله "من وُكل في بيع أو شراء لم يبع ولم يشتر من نفسه وولده" أي لا يبيع على نفسه ولا على ولده.

والصحيح أنه يجوز أن يبيع على ولده ووالده وأمه وجدته وبنته وبنت بنته إلا إذا ظهرت المحاباة لأنه وكله في البيع ولم يقل لا تبع على هؤلاء فاللفظ يشمل هؤلاء وهؤلاء إلا إذا كان شريك لهم فلا يجوز .

وإذا كان لا يبيع على نفسه فلا يجوز أن يوكل شخصاً يشتريها له .

مثاله أعطاه سيارة لبيعها فلا يصح البيع على نفسه ولا أن يوكل من يشتريها له فيقول يا فلان وكلتك أن تشتريها لي وصار الذي يزيد وكيله حتى انتهت عليه و اشتراها فهذا لا يجوز لأنه حيلة ووكيله قائم مقام نفسه.

وبناء على أنه لا يجوز للوكيل أن يشتري السلعة لنفسه فإنه لا يجوز أن يزيد في ثمنها.

مثاله:- أخرجها أمام الناس و قال من يريد أن يسوم وأراد أن يزيد لما قال واحد بعشرة آلاف قال باثنى عشر أي الوكيل وهو الذي يسمى الدلال فهذا لا يجوز لأنه لو زاد لا يمكن أن يشتري فيكون في زيادته إضرار بالمشترين وتضييق عليهم إلا إذا أذن الموكل للوكيل أن يشتري فيجوز أن يزيد.

وبالله التوفيق.

1440-7-10

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 122 ‌‌مكانة المرأة في الإسلام - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 121 الجزء الثالث عوامل النصر  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي