377 البشارة بالخير

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 6 ربيع الثاني 1441هـ | عدد الزيارات: 752 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

البشارة بالخير من الأمور المستحبة ومنه بشارة الصحابة رضي الله عنهم لكعب بن مالك رضي الله عنه في قصة توبته وقول النبي صلى الله عليه وسلم له لما سلَّم عليه " أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك " متفق عليه ، وإعطاء البشارة لمن يُبشر بخير مستحبة أيضا لفعل كعب رضي الله عنه حيث إنه أعطى من بشرَّه ثوبين .

وإذا كان الإنسان له مظلمة عند أخيه فيطلبها منه في عفاف أو يصالحه عليها وإذا لم يتيسر ذلك فالمرجع في ذلك الجهة المسئولة من محكمة ونحوها .

التآلف والمحبة والتعاون أمور مطلوبة بين عموم المسلمين .

" يا أيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي " الحجرات 2 ، الوعيد المذكور في الآية وهو حبوط العمل خاص بمن رفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم في حياته أما غيره من الناس سواء كانوا علماء أو غيرهم فلا يدخلون في حكم هذه الآية ولكن نصوص الشرع الأخرى وضحت ما ينبغي التعامل به بين الناس من حسن الأدب في القول والفعل وإنزال كل شخص منزلته التي تليق به لا سيما العلماء الذين هم ورثة الأنبياء فلهم من الاحترام والتوقير ما ليس لغيرهم من عامة الناس .

وإصلاح ذات البين فرض كفاية على المسلمين لقوله تعالى " فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين " الأنفال 1 ، وقوله " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما " النساء 114 .

فالخير لك ألا تأخذ هذا المبلغ وإذا أخذته إبرارا لقسمه فالأولى أن تنفقه في وجوه البر رجاء أن يؤتيك الله أجرا عظيما .

إذا قلت أعاهدك فيجب الوفاء بالعهد إذا استطعت وإذا لم تستطع الوفاء بما عاهدت عليه فكفر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة ، فإن لم تستطع فصم ثلاثة أيام .

لا بأس بمخاطبة الأعاجم بلغتهم لمن احتاج إلى ذلك أو لدعوتهم إلى الإسلام وليس ذلك من الرطانة المكروهة .

يكره النوم على البطن لما رواه أبو داود عن طخفة بن قيس الغفاري قال : بينما أنا مضطجع في المسجد الحرام على بطني إذا رجل يحركني برجله فقال : إن هذه ضجعة يبغضها الله ، قال فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه أبو داود ، فينبغي تركه ولو كان من عادة الإنسان لأنه يشرع للمسلم ترك العادة المخالفة للشرع .

والنوم بعد العصر من العادات التي يعتادها بعض الناس ولا بأس بذلك والأحاديث التي في النهي عن النوم بعد العصر ليست بصحيحة ولا بأس بالنوم في أي وقت من ليل أو نهار ما لم يشغل ذلك عن واجب شرعي وإنما وردت الكراهة للنوم قبل صلاة العشاء لأنه مظنة الاسترسال فيه وترك أداء صلاة العشاء في وقتها فكُرِهَ من أجل ذلك .

تجوز تربية الطيور إذا وفر لها ما تحتاجه من ماء وغذاء ومأوى يناسبها فقد كان عمل المسلمين على ذلك منذ القرن الأول ولم ينكر عليهم فقد روى البخاري في صحيحه رحمه الله عن أنس رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له أبو عمير أحسبه فطيما وكان إذا جاء قال : يا أبا عمير ما فعل النُّغَير " نُغْر كان يلعب به .. الحديث .

وإذا جاء مع حمامك حمام آخر فعليك أن تعطيه لأهله أو تعرفه مثل اللقطة .

وتربية العصافير جائزة سواء كان في قفص أو غير قفص إذا قام بما يلزمها من الطعام والشراب ونحوهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الهرة " دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض " وإذا جاز هذا في الهرة جاز في العصافير ونحوها .

وبعث الحيوانات يوم القيامة حق لا ريب فيه ويقتص لبعضها من بعض كما دل عليه قوله تعالى " وإذا الوحوش حشرت " التكوير 5 ، وجاءت الآثار والأحاديث الصحاح بذلك ومنها ما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا " لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من القرناء " ، وما روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يقتص الخلق بعضهم من بعض حتى الجمَّاء من القرناء وحتى الذرة من الذرة " صححه الألباني .

ولا حرج في تربية الحيوانات المباحة في المساكن مع العناية بإطعامها وسقيها .

عمل الظيار مع الناقة إذا مات ولدها لتدر لبنا لا يجوز لما يشتمل عليه من تعذيب للحيوانات .

إذا كان منعك الفحل عن الغنم في بعض الأوقات مصلحة راجحة جاز ذلك .

ضرب البهائم بدون حاجة لا يجوز وعند الحاجة يجوز بقدرها ويتقي الوجه والضرب المبرح .

ولا يجوز ضرب البقرة لغير حاجة لما في ذلك من الإيذاء والتعذيب لها والله تعالى يقول " وأحسنوا إن الله يحب المحسنين " البقرة 195 ، وفي الصحيحين أن ابن عمر رضي الله عنهما مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونه وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال ابن عمر : من فعل هذا ؟ لعن الله من فعل هذا ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا .

ولا يجوز تحميل الحيوان ما لا يستطيع أن يحمله ولا تجوز أذيته بالضرب بل يجب الرفق به وإراحته وما وقع منك وأنت صبي في سن التمييز فتب منه إلى الله جل وعلا رجاء أن يغفر لك .

ولا يجوز وضع عود في فم صغار الغنم حتى لا ترضع من أمهاتها ويمكنكم عزل الصغار عن أمهاتها .

لا يجوز قطع آذان الأغنام أو قرونها بقصد الزينة لما في ذلك من تعذيب الحيوان ومشابهة المشركين في تغيير خلق الله والواجب الإحسان إلى البهائم وعدم إيذائها .

وسم البهائم :

الأصل في الإسلام احترام بهيمة الأنعام وعدم إيذائها بوسم أذنها أو خرقها أو قرضها جزئيا أو كليا أو بغير ذلك إلا إذا كان لحاجة ظاهرة كأن يريد تعليمها بشيء تعرف به له أو لغيره ، من وسم بنار في غير الوجه أو شق سنام الإبل التي تساق هديا فلا بأس بذلك ما دام ذلك في حدود الحاجة ولغرض صحيح فقد ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال : غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه فوافيته وفي يده الميسم يسم إبل الصدقة " وفي الصحيحين عن أنس أيضا قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسم غنما في آذانها .

وثبت في صحيح البخاري عن المسور بن مخرمة ومروان قالا : خرج النبي في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحُليفة قلد النبي صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره والإشعار هو أن يجرح سنام البدنة حتى يسيل دم ثم يسلته فيكون ذلك علامة على كونه هديا .

والإشعار بقدر الحاجة دون الإفراط فيه أما الوسم في الوجه فيحرم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ولعن من فعله ولأن الوجه أشرف موضع في الجسم سواء من الإنسان أو البهيمة وخد الناقة وغيرها من بهيمة الأنعام يعتبر من الوجه لا يجوز الوسم فيه .

أما خصي الحيوان فيجوز ذلك للمصلحة لورود الدليل في ذلك فقد أخرج الإمام أحمد والحاكم عن أبي رافع رضي الله عنه قال : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين مَوْجِيَّين خَصيَّين .

ومن اقتنى كلبا لصيد أو حراسة كان ذلك جائزا له فلا يمنع الملائكة من دخول البيت .

الخنزير والكلب حكمهما واحد من جهة تحريم أكل لحمهما ويختلفان في اقتنائهما فالخنزير لا يجوز اقتناؤه على أي حال ولا بيعه ولا شراؤه أما الكلب فيجوز اقتناؤه ليصاد به والحرث والماشية .

ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من اتخذ كلبا إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية انتقص من أجره كل يوم قيراط " أخرجه الشيخان في صحيحيهما ، وقال عليه الصلاة والسلام " من اقتنى كلبا لا يُغني عنه زرعا ولا حرثا نقص من عمله كل يوم قيراط " متفق على صحته .

وبهذه النصوص وغيرها يعلم أن ما وقع فيه بعض المسلمين من اقتناء الكلاب لغير مسوغ من المسوغات الثلاثة التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يفعل ذلك تشبها بالكفار أو لمجرد التسلية واللهو أنه محرم ولا يسوغ بحال .

وبالله التوفيق

1440-12-13هــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي