الدرس السادس باب مسح الخفين

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 23 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 2421 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

المسح الخفين

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

الخفان :مايلبس على الرجل من الجلود والمسح على الخفين جائز باتفاق أهل السنة لقوله تعالى "وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ" المائدة (6)

قوله "يجوز لمقيم يوما وليلة" لحديث علي رضي الله عنه قال "جعل النبي صلى الله عليه وسلم للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن" أخرجه مسلم

قوله "ولمسافر ثلاثة بلياليها" السفر على نوعين

الأول سفر محرم لايقصر فيه كمن سافر لشرب الخمر أو للاستمتاع بالبغايا

الثاني سفر مباح فيه القصر وهذا مراد المؤلف

قوله "من حدث بعد لبس" يعني أن ابتداء المدة من الحدث بعد اللبس وهذا هو المذهب والصحيح أن المسح لا يتحقق إلا في أول مرة يمسح فالعبرة بالمسح وليس بالحدث مثال ذلك رجل توضأ لصلاة الفجر ولبس الخفين وبقي على طهارته إلى الساعة العاشرة صباحا ثم أحدث ولم يتوضأ وتوضأ في الساعة الثانية عشرة فالمذهب تبتدئ المدة من الساعة العاشرة وعلى القول الراجح تبتدئ من الساعة الثانية عشرة إلى أن يأتي دورها من اليوم الثاني إن كان مقيما أما قول العامة خمس صلوات فهذا غير صحيح فقد يصلي بعد اللبس الظهر والعصر وهو على طهارة ولا يمسح إلا لصلاة المغرب فتحسب المدة من المغرب

قوله "على طاهر" أي طاهر العين لم تصبه نجاسة ومن الخفاق ماهو نجس العين إذا كان خفا من جلد حمار

قوله "مباح" لا محرما لكسبه كالمغصوب والمسروق ولا محرما لعينه كالحرير للرجال

قوله "ساتر للمفروض" أي يشترط لجواز المسح على الخفين أن يكون ساترا للمفروض هذا شرط غير صحيح لأن كثيرا من الصحابة كانوا فقراء وغالب الفقراء لا تخلو خفافهم من خروق فإذا كان هذا غالبا من قوم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينبه عليه الرسول صلى الله عليه وسلم دل على أنه ليس بشرط وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أيضا

قوله "يثبت بنفسه" أي لا بد أن يثبت بنفسه فإن كان لا يثبت إلا بشده فلا يجوز المسح عليه هذا هو المذهب والصحيح أنه يصح فما دام أنه ينتفع به ويمشي فيه فلا دليل على المنع والقول الراجح يجوز إذ لا دليل على هذا الشرط

قوله "من خف" الخف مايكون من الجلد والجوارب ما تكون من غير الجلد كالخرق وشبهها فيجوز المسح على هذا وعلى هذا

قوله "وجورب صفيق" اشترط المؤلف أن يكون صفيقا لأنه لابد أن يكون ساترا للمفروض على المذهب وغير الصفيق لا يستر على حد قوله وذهب الشافعي إلى أن مالا يستر لصفائه يجوز المسح عليه لأن محل الفرض مستور لايمكن ان يصل إليه الماء وكونه ترى من ورائه البشرة لا يضر فليست هذه عورة يجب سترها حتى نقول إن ما يصف البشرة لا يصح المسح عليه

قوله "ونحوهما" أي مثلهما من كل ما يلبس على الرجل سواء سمي خفا أو جوربا فإنه يجوز المسح عليه لأن العلة واحدة

قوله "وعلى عمامة" أي يجوز المسح على عمامة الرجل والعمامة ما يعم به الرأس لحديث المغيرة به شعبه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "مسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه" رواه مسلم

قوله "محنكة أو ذات ذؤابة" المحنكة هي التي يدار منها تحت الحنك وذات الذؤابة هي التي يكون أحد أطرافها متدليا من الخلف اشترط المؤلف للعمامة شرطين الأول أن تكون لرجل الثاني أن تكون محنكة أو ذات ذؤابة لأن المحنكة هي التي يشق نزعها بخلاف المكورة بدون تحنيك وعارض شيخ الإسلام في هذا الشرط وقال إنه لا دليل على اشتراط أن تكون محنكة أو ذات ذؤابة بل النص جاء بالمسح على العمامة ولم يذكر قيد آخر فمتى ثبتت العمامة جاز المسح عليها وهذا هو الصحيح

قوله "وعلى خمر نساء" أي ويجوز المسح على خمر نساء وخمار المرأة ما تغطي به رأسها هذا على حد قول المؤلف والأولى ألا تمسح إلا إذا كان هناك مشقه إما لبرودة الجو أو لمشقة النزع واللف مرة أخرى أو كان الرأس ملبدا بحناء فيجوز المسح عليه ولا حاجة إلى أن تنقض رأسها وتحت هذا الحناء لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان في إحرامه ملبدا رأسه" رواه البخاري ومسلم

قوله "مدارة تحت حلوقهن" أي لا بد أن تكون مدارة تحت الحلق لا مطلقة مرسلة لأن هذه لا يشق نزعها بخلاف المدارة والمذهب أنه يشترط لها توقيت كتوقيت الخف وقال بعض العلماء لا يشترط لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقتها لأن طهارة العضو التي هي عليه أخف من طهارة الرجل فلا يمكن إلحاقها بالخف وممن ذهب إلى هذا القول الشوكاني في "نيل الأوطار" وجماعة من أهل العلم وهذا قول قوي

قوله "في حدث أصغر" الحدث وصف قائم بالبدن يمنع من الصلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة وهو قسمان الأول الأكبر وهو موجب للغسل الثاني أصغر وهو ما أوجب الوضوء فالخمار إنما تمسح في الحدث الأصغر

قوله "وجبيرة" أي يجوز المسح على جبيرة وهي أعواد توضع على الكسر ثم يربط عليها ليلتئم والآن بدلها الجبس قوله "لم تتجاوز قدر الحاجة" الحاجة هي الكسر وكل ما قرب منه مما يحتاج إليه في شدها وإذا كان الكسر في الأصبع واحتجنا أن نربط كل الراحة لتستريح اليد جاز ذلك لوجود الحاجة

قوله "ولو في أكبر" لأنه يجوز المسح عليها في الحدث الأصغر والأكبر لأن المسح على الجبيرة من باب الضرورة والضرورة لافرق فيها بين الحدث الأكبر والاصغر بخلاف المسح على الخفين فهو رخصة

وقوله "إلى حلها" أي إزلتها فإذا برئ الجرح وجب إزالتها فإذا زال السبب انتفى المسبب

قوله "إذا لبس ذلك" المشار إليه الأنواع الأربعة الخف والعمامة والخمار والجبيرة

قوله "بعد كمال الطهارة" فلو أن رجلا عليه جنابة وغسل رجليه ولبس الخفين ثم أكمل الغسل لم يجز لعدم إكتمال الطهارة

قوله "ومن مسح في سفر ثم أقام" فإنه يتم مسح مقيم إن بقي من المدة شيء وإن انتهت المدة خلع مثاله مسافر أقبل على بلده وحان وقت الصلاة فمسح ثم وصل إلى البلد فإنه يتم مسح مقيم لأن المسح ثلاثة أيام لمن كان مسافرا والآن انقطع السفر

قوله "أو عكس" أي مسح في اقامة ثم سافر فإنه يتم مسح مقيم والصحيح أنه يتم مسح مسافر و يصلي صلاة مسافر

قوله "أو شك في ابتدئه" يعني هل مسح وهو مسافر أو مسح وهو مقيم فإنه يتم مسح مقيم احتياطا وهو المذهب

قوله "وإن أحدث ثم سافر قبل مسحه فمسح مسافر" أي أحدث وهو مقيم ثم سافر قبل أن يمسح فإنه يمسح مسح مسافر لأنه لم يبتدئ المسح في الحظر وإنما كان ابتداء مسحه في السفر

قوله "ولا يمسح قلانس" القلانس جمع قلنسوة نوع من اللباس الذي يوضع على الرأس وهي عبارة عن طاقية كبيرة فمثل هذا النوع لا يجوز المسح عليه لأن الأصل وجوب مسح الرأس لقوله تعالى "وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ" المائدة (6) لكن إذا كانت مثل العمامة يشق نزعها فيجوز وإلا فلا

قوله "ولا لفافة" أي في القدم فلا يمسح الإنسان لفافة لفها على قدمه لأنها ليست بخف فلا يشملها حكمه واختار شيخ الإسلام رحمه الله جواز المسح على اللفافة وهو الصحيح لأن اللفافة يعذر فيها صاحبها أكثر من الخف لأن خلع الخف ثم غسل الرجل ثم لبس الخف أسهل من الذي يحل هذه اللفافه ثم يعيدها مرة أخرى

قوله "ولا ما يسقط من القدم" يعني ولا يمسح ما يسقط من القدم لأن الذي يسقط من القدم سيكون واسعا وإخراج الرجل من هذا الخف سهل فيخرجها ثم يغسلها ثم ينشفها ثم يردها

قوله "أو يرى منها بعضها" أي إذا كان الخف يرى منه بعض القدم فإنه لا يمسح ولو كان قليلا وهذا مبني على ما سبق من اشتراط المؤلف أن يكون الخف ساترا للمفروض فالمذهب أنه لا يجوز المسح عليه والصحيح جواز ذلك

قوله "فإن لبس خفا على خف قبل الحدث فالحكم للفوقاني" أي إذا لبس خفا على خف على وجه يصح معه المسح فإن كان قبل الحدث فالحكم للفوقاني وإن كان بعد الحدث فالحكم للتحتاني

قوله "ويمسح أكثر العمامة" لا بد أن يكون المسح شاملا لأكثر العمامة فلو مسح جزءا منها لم يصح ويستحب إذا كانت الناصية بادية أن يمسحها مع العمامة

قوله "وظاهر قدم الخف" أي يمسح أكثر ظاهر القدم لحديث المغيرة بن شعبة "دَعْهُمَا؛ فإنِّي أدْخَلْتُهُما طَاهِرَتَيْنِ، فَمَسَحَ عليهمَا" رواه البخاري ومسلم

قوله "من أصابعه إلى ساقه" أي أن يبتدئ من أصابع رجله إلى ساقه

قوله "دون أسفله وعقبه" لأنهما ليسا من أعلى القدم والمسح إنما ورد في الأعلى

قوله "وعلى جميع الجبيرة" أي يمسح على جميع الجبيرة

قوله "ومتى ظهر بعض محل الفرض بعد الحدث" فرض الرجل أن تغسل إلى الكعبين فإذا ظهر من القدم بعض محل الفرض كالكعب مثلا فإنه يلزمه أن يستأنف الطهارة ويغسل رجليه ويمسح على رأسه

قوله "أو تمت مدته استأنف الطهارة" يعني إذا تمت المدة ولو كان على طهارة فإنه يجب عليه إذا أراد أن يصلي مثلا أن يستأنف الطهارة مثاله إذا مسح يوم الأثنين الساعة الثانية عشرة فإذا صارت الساعة الثانية عشرة من يوم الثلاثاء انتهت المدة فبطل الوضوء والصحيح أنه إذا تمت المدة والإنسان على طهارة فلا تبطل والأصل بقاء الطهارة وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/3/19 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر