ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الرابع عشر شروط الصلاة 1

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 26 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 5547 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "شروط الصلاة"

الشرط عند الأصوليين ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود مثل الوضوء للصلاة يلزم من عدمه عدم صحة الصلاة لأنه شرط لصحة الصلاة ولا يلزم من وجوده وجود الصلاة فإذا توضأ إنسان فلا يلزمه أن يصلي

قوله "شروطها قبلها" معناها أن الشروط تقع قبلها

قوله "منها الوقت" من هنا للتبعيض ويدل على أن هناك شروط أخرى وهو كذلك

وأول شرط من شروط الصلاة الإسلام ، الثاني العقل ، الثالث التمييز

وهذه الشرووط الثلاثة معروفة وكل عبادة لا تصح إلا بإسلام وعقل وتمييز إلا الزكاة فإنها تلزم المجنون والصغير وكذا الحج يصح من الصغير

الشرط الرابع أوقات الصلاة

قوله "منها الوقت" والدليل على اشتراط الوقت قوله تعالى "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا" النساء(103) أي مؤقتا بوقته ولا تصح الصلاة قبل الوقت بإجماع المسلمين وتصح بعد الوقت لعذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من نسيَ صلاةً أو نامَ عنها فَكْفارتها أن يصليها إذا ذكرهاَ" رواه مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، و روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم "صلى الفجر بعد طلوع الشمس" ، وإن صلى قبل الوقت متعمداً فصلاته باطلة ولا يسلم من الإثم ، وإن كان غير متعمد لظنه أن الوقت دخل فليس بآثم وصلاته نفل ولكن عليه الإعادة

قوله "والطهارة من الحدث" أي من شروط الصلاة الطهارة من الحدث لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" رواه البخاري ومسلم

قوله "والنجس" أي ومن شروط الصلاة الطهارة من النجس يعني في الثوب والبقعة والبدن

قوله "وقت الظهر من الزوال إلى مساواة الشيء فيئه بعد فيء الزوال" يقول بعض أهل اللغة الفيء هو الظل بعد الزوال وأما قبله ظلاً ولا يسمى فيئاً وأما علامة الزوال بالساعة فأقسم ما بين طلوع الشمس إلى غروبها نصفين وهذا هو الزوال

وقول المصنف "وتعجيلها أفضل" لقوله تعالى "فاستبقوا الخيرات" البقرة (148) أي سارعوا ولا شك أن الصلاة من الخيرات فالاستباق إليها معناه المبادرة إليها.

ثانياً أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على البداءة في الصلاة من حيث الوقت فسأله ابن مسعود "أي العمل أحب إلى الله تعالى قال النبي صلى الله عليه وسلم "الصلاة على وقتها" أخرجه البخاري ومسلم

ثالثاً أن هذا أسرع في إبراء الذمة لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له ويستثنى من ذلك قول المصنف "إلا في شدة الحر" ففي الحر الأفضل تأخيرها لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله "إذا اشتد الحر فابردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم" أخرجه البخاري ومسلم

وعن أبي ذرٍّ الغِفاريِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْه قال: كنَّا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفَرٍ، فأراد المؤذنُ أن يؤذِّنَ للظُّهرِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أبرِدْ، ثم أراد أن يُؤذِّن، فقال له: أبرِدْ، حتى رَأيْنا فَيءَ التُّلولِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ شدَّةَ الحرِّ مِنْ فَيحِ جهنمَ؛ فإذا اشتدَّ الحرُّ فأَبرِدوا بالصَّلاةِ". أخرجه البخاري ومسلم

قوله "ولو صلى وحده" والتأخير يحصل لمن يصلي جماعة ولمن يصلي وحده ويدخل في ذلك النساء فإنه يسن لهن الإبراد في صلاة الظهر في شدة الحر

قوله "أو مع غيم لمن يصلي جماعة" أي يسن تأخير صلاة الظهر مع الغيم لمن يصلي جماعة والمراد الجماعة في المسجد وهذا أرفق بالناس حتى يخرجوا إلى صلاة الظهر والعصر خروجا واحدا والصواب عدم استثناء هذه الصورة وأن صلاة الظهر يسن تقديمها إلا في شدة الحر فقط

قوله "ويليه وقت العصر إلى مصير الفيء مثليه بعد فيء الزوال" إذ لا فاصل بين الوقتين فوقت العصر من فيء الزوال مثله أي إذا صار الظل طول الشاخص فهذا نهاية وقت الظهر ودخول وقت العصر إلى إصفرار الشمس لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول لله صلى الله عليه وسلم قال "وقت العصر ما لم تصفر الشمس"رواه مسلم أي ما لم تكن صفراء وهذا في الغالب يزيد على مصير ظل كل شيء مثليه وهذه الزيادة مقبولة لأن الحديث في صحيح مسلم ومن قوله الرسول صلى الله عليه وسلم ووقت الضرورة إلى غروب الشمس لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" رواه البخاري

قوله "والضرورة إلى غروبها" أي أنه يمتد وقت الضرورة إلى غروب الشمس

مثال على صلاة الضرورة

إنسان أصيب بجرح فاشتغل يلبده ويضمده ويستطيع أن يصلي قبل إلاصفرار لكن فيه مشقة فإذا أخر وصلى قبيل الغروب فقد صلى في الوقت ولا يأثم

ومن أمثلة الضرورة

لحائض تطهر أو كافر يسلم أو صبي يبلغ أو مجنون يفيق أو نائم يستيقظ أو مريض يبرأ

قول المصنف "ويسن تعجيلها" أي يسن في صلاة العصر تعجيلها في أول الوقت لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي برزة الأسلمي أنه كان صلى الله عليه وسلم "يُصَلِّي العَصْرَ والشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الذّاهِبُ إلى العَوالِي، فَيَأْتِيهِمْ والشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. وبَعْضُ العَوالِي مِنَ المَدِينَةِ علَى أرْبَعَةِ أمْيالٍ أوْ نَحْوِهِ" أخرجه البخاري ومسلم

والصلاة الوسطى هي صلاة العصر

قوله "ويليه وقت المغرب إلى مغيب الحمرة" فإذا غابت الحمرة فإنه يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العشاء وذلك بعد ساعة ونصف تقريباً من أذان المغرب

قوله "ويسن تعجيلها" أي صلاة المغرب لأن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يصليها إذا وجبت" أخرجه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله

لكن المبادرة ليس معناها أنه حينما يؤذن يقيم لأنه صلى الله عليه وسلم قال "صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ المَغْرِبِ، قالَ في الثَّالِثةِ: لِمَن شاءَ؛ كَراهيةَ أنْ يَتَّخِذَها النَّاسُ سُنَّةً" رواه البخاري

قوله "إلا ليلة جمع لمن قصدها محرما" أي قصد جمعا محرما و جمع اسم "مزدلفة" وسميت جمعا لإجتماع الناس فيها ليلة العيد من قريش وغيرهم و"عرفة" لا يجتمع فيها الناس لأن قريش في الجاهلية كانوا لا يقفون في "عرفة" ويقفون في "مزدلفة" قوله "لمن قصدها محرما" أي قصد جمعا محرما

قول المصنف "ويليه وقت العشاء إلى الفجر الثاني وهو البياض المعترض" و وقت العشاء من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل نص عليه أحمد ويستمر إلى الفجر للضرورة، و من أجل معرفة أخر صلاة العشاء من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر فنصف ما بينهما هو آخر الوقت

وما بعد منتصف الليل ليس وقتاً لصلاة مفروضة إلا للضرورة

فقوله "ويليه وقت العشاء إلى الفجر الثاني وهو البياض المعترض" الفجر الثاني بينه المصنف بقوله "وهو البياض المعترض" أي في الأفق من الشمال إلى الجنوب والفجر الأول يخرج قبل الفجر الثاني بنحو ساعة أو قريبا من ذلك والصواب أن وقت العشاء إلى نصف الليل لقوله تعالى "أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ..." الإسراء(78) وغسق الليل عند منتصفه لأن أشد مايكون الليل ظلمه في النصف

قوله "وتأخيرُها إلى ثلث الليل أفضل إن سَهُلَ" و تأخيرها إلى ثلث الليل أفضل إن سهل وإن شق تعجل في أول الوقت دليل ذلك حديث أبي برزة رضي الله عنه قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة" أخرجه البخاري ومسلم وفي حديث جابر رضي الله عنه "إذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وإذَا رَآهُمْ أبْطَؤُوا أخَّرَ..." أخرجه البخاري ومسلم وإن كانوا جماعة محصورين لا يهمهم أن يعجل أو يؤخر فالأفضل التأخير والنساء في بيوتهن الأفضل لهن التأخير

قوله "ويليه وقت الفجر إلى طلوع الشمس" أما وقت الفجر فهو من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس ومقداره بالساعة ساعة ونصف تقريباً

قوله "وتعجيلها أفضل" أي تعجيل صلاة الفجر في أول وقتها لقوله تعالى "وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ" آل عمران (133) ولفعل الرسول صلى الله عليه وسلم "كان يصليها بغلس" رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله

قوله "وتدرك الصلاة بتكبيرة الإحرام في وقتها" قوله "الصلاة" عامة لصلاة الفريضة وصلاة النافلة والصحيح أنها لا تدرك الصلاة إلا بإدراك ركعة لقول النبي صلى الله علية وسلم "من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة" رواه البخاري ومسلم وهذا هو القول الصحيح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية قوله "في وقتها" يشمل وقت الضرورة ووقت الاختيار لكن سبق أن الإدراك معلق بركعة

قوله "ولا يصلي قبل غلبة ظنه بدخول وقتها" أي أنه يجوز أن يصلي إذا غلب على ظنه دخول الوقت ولا يصلي مع الشك وذلك لأن الأصل العدم فلا يعدل عن الأصل إلا بمسوغ شرعي

قوله "إما باجتهاد أو خبر ثقة متيقن" الاجتهاد بأن يكون عالما بأدلة الوقت فلو أنه اجتهد ولما رأى أن النور الساطع القوي قد اختفى صلى العشاء مع وجود الحمرة فهذا لاتصح صلاته لأنه صلى قبل الوقت قوله "أو خبر ثقة متيقن" قوله "متيقن" هذا القول فيه نظر والصواب أنه إذا أخبرك من تثق به جاز أن تصلي على خبره سواء كان إخباره عن يقين أم غلبة ظن

قوله "فإن أحرم باجتهاد فبان قبله فنفل وإلا ففرض" أي اجتهد في تحري الوقت فبان أنه أحرم أي كبر للإحرام قبل دخول الوقت فصلاته تكون نفلا لا يحرم ثوابه وقوله "وإلا ففرض" أي وإلا يتبين أنه أحرم قبله فصلاته فرض وهذا يشمل صورتين الأولى أن يتبين أنه أحرم بعد دخول الوقت والثانية أن لا يتبين له شيء فتصح فرضا لأنه اتى بالعبادة على وجه أمر به ولم يتبين فساده فتكون صحيحة

قوله "وإن أدرك مكلف من وقتها قدر التحريمة ثم زال تكليفه أو حاضت ثم كلف وطهرت قَضَوْها" قوله "وإن أدرك مكلف" المكلف البالغ العاقل و وصف بذلك للزوم العبادات له قوله "من وقتها قدر التحريمة" أي قدر تكبيرة الإحرام قوله "ثم زال تكليفه" أي جن بعد العقل قوله "أو حاضت ثم كلف وطهرت قضوها" أي المرأة بعد دخول وقت الصلاة بقدر تحريمة فزال تكليفها بوجود مانع الوجوب وهو الحيض وإلا فهي بالغة عاقلة قوله "ثم كلف" عائد على قوله "ثم زال تكليفه" قوله "وطهرت" عائد على قوله "أو حاضت" فقوله "ثم كلف وطهرت قضوها" المراد بالمكلف هنا الجنس لوقوعه بعد الشرط فلهذا صح أن يعود الضمير على إثنين مجموعا "قضوها" قضوا تلك الصلاة

مثال المكلف الذي زال تكليفه : إنسان بعد أن غربت الشمس أغمي عليه بعد مضي مقدر التحريمة ثم أفاق بعد منتصف الليل يلزمه قضاء صلاة المغرب لأنه أدرك من وقتها قدر التحريمة أي تكبيرة الإحرام

قوله "ومن صار أهلا لوجوبها قبل خروج وقتها لزمته" أهلية الوجوب تكون بالتكليف أو زوال المانع فيصير أهلا لوجوبها إذا بلغ قبل خروج الوقت وإذا عقل قبل خروج الوقت قوله "قبل خروج وقتها لزمته" أي لزمته تلك الصلاة التي أدرك من وقتها قدر تكبيرة الإحرام على المذهب والصحيح قدر ركعة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" رواه البخاري ومسلم

قوله "ومايجمع إليها قبلها" أي ولزمه ما يجمع إليها قبلها مثال ذلك إذا أدرك من وقت صلاة العصر قدر ركعة لزمته صلاة العصر والظهر والصحيح أنه لا يلزمه إلا الصلاة التي أدرك وقتها فقط

قوله "ويجب فورا قضاء الفوائت" الواجب ما أمر به على وجه الإلزام للفعل وقوله "فورا" المبادرة من دون تأخير وقوله "قضاء الفوائت" القضاء ما فعل بعد وقته المحدد له والفوائت جمع فائتة و هي كل عبادة مؤقتة خرج وقتها قبل فعلها سواء كانت نفلا أم فرضاً الدليل على وجوب القضاء قول النبي صلى الله عليه وسلم "مَن نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا" رواه البخاري ومسلم

قوله "مرتبا" أي يبدأ بها بالترتيب فإذا كان عليه خمس صلوات تبتدئ بالفجر و تنتهي بالعشاء

قوله "ويسقط الترتيب بنسيانه وبخشية خروج وقت اختيار الحاضرة" ذكر أنه يسقط بشيئين :

الأول : "النسيان" فلو كان عليه خمس فرائض تبتدئ من الفجر فنسي فبدأ بالعشاء مع أنها هي الأخيرة فقضاؤه صحيح لأنه يسقط بالنسيان لعموم قوله تعالى "رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" البقرة (286)

الثاني : "خشية خروج وقت اختيار الحاضرة" أي أنه إذا كان يخشى أن يخرج وقت اختيار الحاضرة فإنه يسقط الترتيب مثال ذلك رجل ذكر أن عليه فائتة و الوقت الباقي لا يتسع للفائتة والحاضرة فيقدم الحاضرة

وبالله التوفيق

1434/3/23 هــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر