الدرس السابع عشر تكبيرة الإحرام

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 27 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 2271 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "ويقول الله أكبر" يبدأ الصلاة بقوله الله أكبر يقولها بلسانه ولا يجزئ غير قوله الله أكبر كما لو قال الله الأجل أو الله الأعظم فلا يجزئ وهذا هو المذهب لأن ألفاظ الذكر توقيفية يتوقف فيها على ماورد به النص

قوله "رافعا يديه مضمومتي الأصابع ممدودة حذو منكبيه" أي حال القول الله أكبر يكون رافعا يديه ويرفع يديه عند التكبير مضمومتي الأصابع ممدودة حذاء كتفيه والمد ضد القبض والدليل على رفع الأيدي إلى حذو المنكبين ، حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة وإذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع وصح عنه أيضاً أنه يرفع يديه إذا قام من الجلسة للتشهد الأول فهذه أربعة مواضع ترفع فيها اليدين جاءت بها السنة" ذكر ذلك البخاري

وهذا عام للرجال والنساء ولا دليل على التخصيص والأًصل أن ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء وما ثبت في حق النساء ثبت في حق الرجال ولا دليل هنا على أن المرأة لا ترفع يديها بل النصوص عامة وقوله صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتموني أًصلي" رواه البخاري الخطاب فيه للرجال والنساء

والحكمة من رفع اليدين الإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيم الله عز وجل القولي والفعلي والتعبد لله بهما

وله أن يرفعهما إلى فروع أذنيه لورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم لما رواه مالك بن الحويرث رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم "كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه وإذا رفع رأسه من الركوع فقال سمع الله لمن حمده فعل ذلك وفي لفظ حتى يحاذي بهما فروع أذنيه" أخرجه مسلم والعبادات الواردة على وجوه متنوعة الأفضل أن تفعل هذه مرة وهذه مرة ليتحقق فعل السنة على الوجهين ولبقاء السنة

ففوائد الوجوه المتنوعة

أولاً : إتباع السنة

ثانياً : تطبيق السنة

ثالثاً : حضور القلب

والأمر أيضاً واسع في التكبير يعني سواء رفعت ثم كبرت أو كبرت ثم رفعت أو رفعت مع التكبير فإن فعلت أي صفة من هذه الصفات فأنت مصيب للسنة

وإذا سجد يضع اليدين حذاء المنكبين وإن شاء قدمهما وجعلهما على حذاء الجبهة أو فروع الأذنين وكل هذا مما جاءت به السنة

قوله "كالسجود" أي كما يفعل في السجود إذا سجد بأن يجعل يديه حذو منكبيه

قوله "ويسمع الإمام من خلفه" لا بد من رفع الصوت وإن كان لا يسمع صوته من وراءه استعان بمبلغ يبلغ عنه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين جاء وأبو بكر يصلي بالناس وكان صلى الله عليه وسلم مريضاً لا يسمع صوته المأمومين فصلى أبو بكر عن يمينه وجعل يبلغ الناس تكبير رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوت منخفض كبر أبو بكر بصوت مرتفع فسمعه الناس رواه البخاري ومسلم فهذا هو أصل التبليغ وراء الإمام

فيسمع الإمام من خلفه هذا على سبيل الوجوب لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لو كان الأمر غير واجب لم يكن هناك داع إلى أن يبلغ أبو بكر التكبير لمن خلف النبي صلى الله عليه وسلم

ثانياً : لا يتم اقتداء المأمومين بالإمام إلا بسماع التكبير ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب

قوله "كقراءته في أوليي غير الظهرين" أي كما يسمع القراءة في أوليي غير الظهرين وقوله "أوليي" مثنى حذفت النون للإضافة والظهران هما الظهر والعصر واطلق عليهما اسم الظهرين تغليبا كما نقول العشائين ويسن أن يجهر بالقراءة ما عداء الظهرين والسر في ذلك أن الليل تقل فيه الوساوس ويجتمع فيه القلب واللسان على القراءة فيكون إجتماع الناس على صوت الإمام وقراءته أبلغ من تفرقهم ولهذا لا يشرع الجهر في النهار إلا في صلاة جامعة كصلاة الجمعة والعيدين والإستسقاء والكسوف لأن الناس مجتمعون

قوله "وغيره نفسه" أي ويسمع غيره

قوله "ويقبض كوع يسراه" بعد التكبير ورفع اليدين

والكوع مفصل الكف من الذراع ويقابله الكرسوع وبينهما الرسغ فالكوع العظم الذي يلي الإبهام والكرسوع هو الذي يلي الخنصر والرسغ هو الذي بينهما ووردت السنة بوضع اليد على الذراع من غير قبض.أخرجه البخاري

قوله "تحت سرته" أي يجعل يده اليمنى واليسرى تحت السره هذا هو المشهور من المذهب ونص الإمام أحمد إلى أنه يضعها فوق السرة وحديث سهل بن سعد الذي في البخاري أن الوضع يكون على الصدر وهذا هو الأقوى

قوله "وينظر مسجده" أي موضع سجوده لحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان ينظر إلى موضع سجوده في حال صلاته" أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي

أو ينظر إلى تلقاء وجهه إلا إذا كان جالساً فإنه ينظر إلى يده حيث يشير عند الدعاء

أو ينظر إلى إمامه ليتحقق من متابعته ولهذا قال البراء بن عازب "كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا قالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، لَمْ يَحْنِ أحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حتَّى يَقَعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ" رواه البخاري ومسلم

والأمر في هذا واسع ينظر الإنسان إلى ما هو أخشع له إلا في الجلوس فإنه يرمي ببصره إلى إصبعه حيث تكون الإشارة كما ورد ذلك إلا في صلاة الخوف لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ..." النساء(71) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عيناً فجعل ينظر إلى ناحية الشعب وهو يصلي أما النظر إلى السماء فهو محرم بل من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك واشتد قوله فيه حتى قال "لينتهين" يعني الذين يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة "أو لتخطفن أبصارهم" أخرجه البخاري عن انس بن مالك رضي الله عنه

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/3/24 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 106 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة لحكام المسلمين وشعوبهم - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 105 الجزء الثالث ‌‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 104 ‌‌ الجزء الثالث حكم الإسلام فيمن أنكر تعدد الزوجات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 103 الجزء الثالث ‌‌الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 102 الجزء الثالث : ليس الجهادللدفاع فقط - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 101 الجزء الثالث ‌‌حكم من مات من أطفال المشركين - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر