ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الثامن عشر دعاء الاستفتاح 

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 27 ربيع الأول 1434هـ | عدد الزيارات: 2619 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

قوله "ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" يقول "سبحانك اللهم وبحمدك" و معناه التنزيه "وتبارك اسمك" أي أن اسم الله نفسه كله بركة "وتعالى جدك" أي ارتفع ارتفاعاً معنوياً والجد بمعنى العظمة أي عظمتك عظيمة عالية "ولا إله غيرك" هذه هي كلمة التوحيد أي لا معبود حق إلا الله

هذا هو دعاء الاستفتاح الذي اختاره الإمام أحمد

و عن أَبي هُرَيْرَةَ ، قَالَ :"كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْكُتُ بيْنَ التَّكْبِيرِ وبيْنَ القِرَاءَةِ إسْكَاتَةً - قالَ أَحْسِبُهُ قالَ: هُنَيَّةً - فَقُلتُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ، إسْكَاتُكَ بيْنَ التَّكْبِيرِ والقِرَاءَةِ ما تَقُولُ؟ قالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ" رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري

ولا يجمع بين النوعين وإن كان الثاني أصح من الأول

وهناك استفتاحات طويلة يقولها في صلاة الليل منها حديث علي بن ابي طالب رضي الله عنه "أن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، كانَ إذَا قَامَ إلى الصَّلَاةِ، قالَ: وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ، لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ. وإذَا رَكَعَ قالَ: اللَّهُمَّ لكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لكَ سَمْعِي وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي وَعَصَبِي. وإذَا رَفَعَ قالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الأرْضِ، وَمِلْءَ ما بيْنَهُمَا وَمِلْءَ ما شِئْتَ مِن شَيءٍ بَعْدُ. وإذَا سَجَدَ قالَ: اللَّهُمَّ لكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ. ثُمَّ يَكونُ مِن آخِرِ ما يقولُ بيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَسْرَفْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ" أخرجه مسلم ومنها عنْ أَبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، قالَ "سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ: بأَيِّ شَيءٍ كانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قالَتْ: كانَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإذْنِكَ؛ إنَّكَ تَهْدِي مَن تَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" أخرجه مسلم

ومنها حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ لكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ الحَقُّ ووَعْدُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ حَقٌّ، وقَوْلُكَ حَقٌّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ حَقٌّ، والنَّبِيُّونَ حَقٌّ، ومُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ، وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ - أوْ: لا إلَهَ غَيْرُكَ - قالَ سُفْيَانُ: وزَادَ عبدُ الكَرِيمِ أبو أُمَيَّةَ: ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، قالَ سُفْيَانُ: قالَ سُلَيْمَانُ بنُ أبِي مُسْلِمٍ: سَمِعَهُ مِن طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" أخرجه البخاري

ومنها حديث أنس رضي الله عنه "أنَّ رَجُلًا جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَاتَهُ قالَ: أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بالكَلِمَاتِ؟ فأرَمَّ القَوْمُ، فَقالَ: أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بهَا؟ فإنَّه لَمْ يَقُلْ بَأْسًا فَقالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلتُهَا، فَقالَ: لقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا" أخرجه مسلم

ومنها حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال "بيْنَما نَحْنُ نُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذْ قالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: مِنَ القَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قالَ رَجُلٌ مَنِ القَوْمِ: أَنَا، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ قالَ ابنُ عُمَرَ: فَما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ ذلكَ" أخرجه مسلم

ولا يستفتح في صلاة الجنازة لأنها مبنية على التخفيف إذ لا ركوع فيها ولا سجود ولا تشهد

قوله "ثم يستعيذ" يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وإن شاء قال : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ، وإن شاء قال : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

والاستعاذة للقراءة وليست للصلاة إذ لو كانت للصلاة لكانت تلي تكبيرة الإحرام والله يقول فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم

وفائدة الاستعاذة ليكون الشيطان بعيداً عن قلب المرأ وهو يتلو كتاب الله حتى يحصل له بذلك تدبر القرآن وتفهم معانيه والانتفاع به

لأن هناك فرقاً بين أن تقرأ القرآن وقلبك حاضر وبين أن تقرأ وقلبك لاه

ومعنى أعوذ بالله أي التجئ وأعتصم به

والشيطان هو الشيطان الأول الذي أمر بالسجود لآدم فلم يسجد

والشيطان الرجيم فهو مرجوم بلعنة الله وهو راجم لغيره بالمعاصي

قوله "ثم يبسمل" أي يقول باسم الله الرحمن الرحيم

قوله "سراً" أي يبسمل سرا إذا كانت الصلاة جهرية وهذا هو المذهب

قوله "وليست من الفاتحة" بل هي آية مستقلة يفتتح بها كل سورة من القرآن ما عدا سورة التوبة "براءة من الله..." فإنه ليس فيها بسملة

والدليل على أن البسملة ليست من الفاتحة ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "مَن صَلَّى صَلاةً لَمْ يَقْرَأْ فيها بأُمِّ القُرْآنِ فَهي خِداجٌ ثَلاثًا غَيْرُ تَمامٍ. فقِيلَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: إنَّا نَكُونُ وراءَ الإمامِ؟ فقالَ: اقْرَأْ بها في نَفْسِكَ؛ فإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: قالَ اللَّهُ تَعالَى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وبيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، ولِعَبْدِي ما سَأَلَ، فإذا قالَ العَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ}، قالَ اللَّهُ تَعالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وإذا قالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قالَ اللَّهُ تَعالَى: أثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وإذا قالَ: {مالِكِ يَومِ الدِّينِ}، قالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وقالَ مَرَّةً فَوَّضَ إلَيَّ عَبْدِي، فإذا قالَ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قالَ: هذا بَيْنِي وبيْنَ عَبْدِي، ولِعَبْدِي ما سَأَلَ، فإذا قالَ: {اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذينَ أنْعَمْتَ عليهم غيرِ المَغْضُوبِ عليهم ولا الضَّالِّينَ} قالَ: هذا لِعَبْدِي ولِعَبْدِي ما سَأَلَ" أخرجه مسلم

قوله "يقرأ الفاتحة" وهي أعظم سورة في كتاب الله وسميت فاتحة لأنه افتتح بها المصحف في الكتابة ولأنها تفتتح بها الصلاة في القراءة وهي أم القرآن لأن جميع مقاصد القرآن موجودة فيها فهي مشتملة على التوحيد بأنواعه الثلاثة وعلى الرسالة وعلى اليوم الآخر وعلى طرق الرسل ومخالفيهم وجميع ما يتعلق بأصول الشرائع موجود في هذه السورة ولهذا تسمى السبع المثاني فعن أبي سعيد بن المعلى قال "كُنْتُ أُصَلِّي، فَدَعانِي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، قالَ: ألَمْ يَقُلِ اللَّهُ: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذا دَعاكُمْ؟، ثُمَّ قالَ: ألا أُعَلِّمُكَ أعْظَمَ سُورَةٍ في القُرْآنِ قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ، فأخَذَ بيَدِي، فَلَمَّا أرَدْنا أنْ نَخْرُجَ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّكَ قُلْتَ: لَأُعَلِّمَنَّكَ أعْظَمَ سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ قالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ، هي السَّبْعُ المَثانِي، والقُرْآنُ العَظِيمُ الذي أُوتِيتُهُ" رواه البخاري

وقد خصها الله بالذكر في قوله "ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم" الحجر(87) والفاتحة ركن من أركان الصلاة وشرط لصحتها فلا تصح الصلاة بدونها لقوله صلى الله عليه وسلم "لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ" رواه البخاري وقال أيضاً "كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج" رواه مسلم أي فاسدة

ولا يقرأ المأموم خلف الإمام إلا الفاتحة فقط

قوله "فإن قطعها بذكر أو سكوت غير مشروعين وطال أو ترك منها تشديدا أو حرفا أو ترتيبا لزم غير مأموم إعادتها" أي لما قال الحمد لله رب العالمين جعل يثني على الله سبحانه وتعالى سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله بكرة وأصيلا والله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وقام يدعو بدعاء ثم قال "الرحمن الرحيم" فهذا غير مشروع وإذا طال الفصل وجب عليه الإعادة وكذلك لو قطعها بسكوت قال "الحمد لله رب العالمين" ثم سمع ضوضاء فسكت يستمع ماذا يقول الناس وطال الفصل فإنه يعيدها من جديد لأنه لا بد فيها من التوالي لكن اشترط المؤلف فقال "غير مشروعين" أي الذكر والسكوت فإن كانا مشروعين كما لو قطع ليسأل الله أن يكون من الذين أنعم الله عليهم مثل لما مر "صراط الذين أنعمت عليهم" قال اللهم اجعلني منهم وألحقني بالصالحين فهذا يسير ثم هو مشروع في صلاة الليل

قوله "او ترك منها تشديدة" مثل لو ترك تشديد الباء من قوله "رب العالمين" فلا يصح لأن الحرف المشدد عبارة عن حرفين فإذا ترك التشديد أنقص حرفا

قوله "أو حرفا" مثل أن يترك "أل" في "غير المغضوب عليهم" فلا تصح

قوله "أو ترتيبا" إذا أخل بترتيبها فقال "الحمد لله رب العالمين *مالك يوم الدين *الرحمن الرحيم" فإنها لا تصح لأنه أخل بالترتيب وترتيب الآيات توقيفي عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس اجتهاديا

قوله "لزم غير مأموم إعادتها" أي لزمت إعادتها على غير مأموم لأن قراءة الفاتحة في حق المأموم على ما ذهب إليه المؤلف ليست بواجبة وظاهر كلامه أنه يلزمه إعادة الفاتحة كلها والصحيح أنه يلزمه إعادة ما أخل به وما بعده لأن ما قبله وقع صحيحا والمدة ليست طويلة و أما حكم قراءة الفاتحة على المأموم فهو الوجوب على القول الراجح

قوله "ويجهر الكل بآمين في الجهرية" أي المنفرد والمأموم والإمام للجهرية وهذا هو المذهب لكن المنفرد إن جهر بقراءته جهر بآمين وإلا فلا ومعنى آمين اللهم استجب من غير تشديد الميم حتى لا ينقلب المعنى حينئذ إلى قاصدين

قوله "ثم يقرأ بعدها سورة" ثم يسكت الإمام بعد قراءة الفاتحة سكتة يسيرة ثم يسن له أن يقرأ بعد الفاتحة بسورة على قول جمهور أهل العلم

قوله "تكون في الصبح من طوال المُفَصّل وفي المغرب من قصاره وفي الباقي من أوساطه"

المُفَصّل ثلاثة أقسام

من "ق" إلى "عم" هذا هو الطوال

من "عم" إلى "الضحى" أوساط

من "الضحى" إلى آخره قصار

وسميت مفصلاً لكثرة فواصله لأن سوره قصيرة

وفي المغرب من قصاره ، يعني من الضحى إلى آخره هذا هو الأفضل

وفي الباقي من أوساطه من "عم" إلى "الضحى"

فهذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم لكنه أحياناً يقرأ في الفجر من القصار وفي المغرب من الطوال "فمرة صلى الفجر بإذا زلزلت قرأها مرتين" أخرجه أبو داود وصححه الألباني "ومرة في المغرب بسورة الأعراف" أخرجه البخاري "وقرأ بسورة الطور"أخرجه البخاري ومسلم "وقرأ بسورة المرسلات" أخرجه البخاري ومسلم

إذ لا بأس أن يطيل في بعض الأحيان في المغرب ويقصر في الفجر وفي الباقي من أوساطه

والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد معاذ بن جبل أن يقرأ في صلاة العشاء بسبح والليل إذا يغشى والشمس وضحاها ، فدل هذا على أن هذا هو الأفضل

قوله "ولا تصح الصلاة بقراءة خارجة عن مُصحف عُثمَان" نفي الصحة يقتضي الفساد ومصحف عثمان رضي الله عنه هو الذي جمع الناس عليه في خلافته وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي والقرآن لم يجمع بل كان في صدور الرجال وفي عسب النخل وفي اللحاف "الحجارة البيضاء" الرهيفة وما أشبه ذلك ثم جمع في خلافة أبي بكر رضي الله عنه حين استحر القتل بالقراء في اليمامة أخرجه البخاري ثم جمع في عهد عثمان رضي الله عنه بعد أن اختلفت لهجات الناس فكتبوا لعثمان رضي الله عنه في ذلك فاستشار الصحابة بجمع المصحف بل القراءات على حرف واحد يعني على لغة واحدة وهي لغة قريش واختارها وأحرق ما سواها أخرجه البخاري فاجتمعت الأمة على هذا المصحف ونقل إلينا نقلا متواترا ينقله الأصاغر عن الأكابر ولم تختلف فيه الأيدي ولا النقلة بل هو محفوظ بحفظ الله إلى يوم القيامة

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/3/24 هــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر