الدرس 340 حد البغي

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الجمعة 9 جمادى الآخرة 1434هـ | عدد الزيارات: 5890 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

وجوب السمع والطاعة لإمام المسلمين في غير معصية الله.

إن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين وضرورياته، بل لا قيام للدين ولا الدنيا إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصالحهم إلا باجتماعهم، ولا بد عند الاجتماع من أمير ، وقد أمر الشارع به في الاجتماع القليل العارض كالسفر تنبيهاً بذلك على ما هو أهم وهو اجتماع الناس تحت إمام واحد

ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد والعدل ونصر المظلوم وإقامة الحدود ولا يتم ذلك إلا بالقوة والإمارة.

وقد أمر الله جل وعلا بطاعة ولاة الأمر فقال تعالى:" يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " ( النساء 59)

وأمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال :" مَن أطاعَنِي فقَدْ أطاعَ اللَّهَ، ومَن عَصانِي فقَدْ عَصَى اللَّهَ، ومَن أطاعَ أمِيرِي فقَدْ أطاعَنِي، ومَن عَصَى أمِيرِي فقَدْ عَصانِي. " أخرجه البخاري في صحيحه.

وهذا ما لم يأمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا يطاع فيها؛ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" السَّمْعُ والطَّاعَةُ علَى المَرْءِ المُسْلِمِ فِيما أحَبَّ وكَرِهَ، ما لَمْ يُؤْمَرْ بمَعْصِيَةٍ، فإذا أُمِرَ بمَعْصِيَةٍ فلا سَمْعَ ولا طاعَةَ." أخرجه البخاري في صحيحه، والسمع والطاعة لولاة الأمر في غير معصية الله أمر مجمع على وجوبه عند أهل السنة والجماعة وأصل من أصولهم التي باينوا بها أهل البدع والأهواء.

أحكام البغاة:

الخروج على الأئمة.

إذا تمت البيعة للإمام بأن بايعه أهل الحل والعقد ثبتت ولايته ووجبت طاعته ويكفي بقية الرعية أن يعتقدوا دخولهم تحت طاعة الإمام وأن يسمعوا ويطيعوا فمن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" رواه مسلم

ولا يجوز الخروج على ولي الأمر ولا نزع يد من طاعته ولو جار وظلم ولا الدعاء عليه وإنما الواجب على المسلم أن يكره ظلمه ومعصيته ويصبر عليه ويناصحه ويجب على أهل العلم والفضل الاجتهاد في مناصحته سراً من غير إثارة فتنة أو تحريض عليه

فعن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم " قيل : يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف ؟ فقال : " لا، ما أقامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ، وإذا رَأَيْتُمْ مِن وُلاتِكُمْ شيئًا تَكْرَهُونَهُ، فاكْرَهُوا عَمَلَهُ، ولا تَنْزِعُوا يَدًا مِن طاعَةٍ. " رواه مسلم

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتة جاهلية " متفق عليه

ولذا أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم الأنصار بالصبر لما أخبرهم أن الأمراء سيستأثرون عليهم ويمنعونهم حقوقهم ، أما الخروج على الإمام فلا يجوز إلا إذا أتى كفراً صريحاً، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان مما أخذ علينا أن بايعناه على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا وألا ننازع الأمر أهله قال : إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان " متفق عليه

والبغاة لغة : جمع باغ من البغي وهو التعدي والظلم

وشرعاً: هم قوم لهم قوة ومنعه يخرجون على الإمام بتأويل سائغ

كيف التعامل معهم

يجب على الإمام أن يراسل الخارجين عليه فيسألهم عما ينقمون عليه درءاً للمفسدة وقطعاً لحجتهم فإن نقموا عليه حراماً كما لو ذكروا ظلماً وجب عليه إزالته وإن كان حلالاً لكن التبس فاعتقدوا مخالفته للحق فإنه يبين لهم ما أشكل عليهم ويذكر لهم حجته فإن رجعوا وإلا كانوا بغاة يجب قتالهم لدفع شرهم وعلى الرعية معونة الإمام في قتالهم لأنهم لما قامت عليهم الحجة وأزيلت شبهتهم صاروا مفسدين في الأرض قال تعالى :" وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله " ( الحجرات 9)

ويحرم قتال البغاة بما يعم كالقذائف المدمرة كما يحرم قتل ذريتهم وجريحهم ومدبرهم ومن ترك القتال منهم ومن أسر منهم يحبس حتى تخمد الفتنة ولا تغنم أموالهم لبقاء ملكهم عليها وما ذهب حال المقاتلة من الأنفس والأموال فهو غير مضمون إلا من وجد ماله بعينه فإنه يأخذه

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434/6/9 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 5 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي