ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس 111: العقيقة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 5 شعبان 1434هـ | عدد الزيارات: 5353 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

العقيقة فعيلة بمعنى مفعولة فهي عقيقة بمعنى معقوقة ، والعق في اللغة القطع ومنه عق الوالدين أي قطع صلتهما

والمراد بالعقيقة هنا الذبيحة التي تذبح عن المولود سواء كان ذكراً أو أنثى

وسميت عقيقة لأنها تقطع عروقها عند الذبح

ولو قال قائل والذبيحة العادية تقطع عروقها فهل يصح أن تسمى عقيقة نقول لا لكن مناسبة التسمية لا تنسحب على جميع ما وجد فيه هذا المعنى ولهذا نسمي المزدلفة جمعاً ولا نسمي عرفة جمعاً ولا نسمي منى جمعاً فما سمي لمعنى من المعاني فإنه لا يقاس عليه ما شاركه في هذا المعنى فيسمى بهذه التسمية

ولهذا لا نقول الأضحية عقيقة ولا الهدي عقيقة ولا ذبيحة الأكل عقيقة مع أن سبب تسمية العقيقة بذلك موجود في هذا

وعندنا في الخرج وفي المملكة يسمون العقيقة تميمة يقولون لأنها تتم أخلاق المولود وأخذوا هذا من حديث الحسن بن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه ويسمى " أخرج أحمد وقال الترمذي حسن صحيح

قال ابن القيم في تحفة المولود ص 50 قد جعل الله سبحانه النسيكة عن المولود سبباً لفك رهانه من الشيطان الذي يعلق به من حين خروجه إلى الدنيا فكانت العقيقة فداء وتخلصاً له من حبس الشيطان له ومنعه له من سعيه في مصالح آخرته التي إليها معاده

وشرعاً هي الذبيحة عن المولود ذكراً أو أنثى

وقالت اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله العقيقة هي ما يذبح في اليوم السابع من الولادة شكراً لله عز وجل على ما وهبه من الولد ذكراً كان أو أنثى وهي سنة . أ.هـ

سنة في حق الأب وإن لم يكن الأب موجوداً ومات وابنه حمل فإن الأم تقوم مقام الأب في هذه المسألة

تسن العقيقة فهل يشترط في ذلك القدرة أو حتى للفقير نقول إذا كانت الواجبات الشرعية يشترط فيها القدرة فالمستحبات من باب أولى فالفقير لا نقول له اذهب واقترض لكن إذا كان الإنسان لا يجد الآن إلا أنه في حكم من يجد كموظف ولد له ولد في نصف الشهر وراتبه على قدر حاجته فهو الآن ليس عنده دراهم لكن في آخر الشهر سيجد الدراهم فهل نقول اقترض ثمن العقيقة واشتر به حتى يأتيك الراتب أو نقول انتظر حتى يأتيك الراتب الثاني أحسن لأنه يحصل به إبراء الذمة ولا يدري الإنسان ربما تحصل فيما بين ولادة المولود وبين حلول الراتب أشياء تستلزم الأموال فيأتيه مرض أو تنكسر السيارة وما أشبه ذلك فالأولى أن يقال لا تقترض حتى إن رجوت الوفاء عن قرب فانتظر والعقيقة لا تلزم في اليوم السابع أو في اليوم الرابع عشر أو الحادي والعشرين

واللجنة برئاسة ابن باز رحمه الله تقول إذا أخرها عن السابع جاز ذبحها في أي وقت ولا يأثم في تأخيرها والأفضل تقديمها ما أمكن

يذبح عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة

والغلام الذكر هكذا جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتفريق بين الذكر والأنثى عن الغلام شاتان ينبغي أن تكون الشاتان متقاربتين سناً وحجماً وشبهاً وسمناً وكلما كانتا متقاربتين كان أفضل فإن لم يجد الإنسان إلا شاة واحد أجزأت وحصل بها المقصود لكن إذا كان الله قد أغناه فالاثنتان أفضل وعن الجارية شاة الجارية الأنثى وهذا أحد المواضع التي يكون فيها الرجل ضعف المرأة

وهل هناك مواضع أخرى ؟

الجواب: نعم هي الفرائض والدية والشهادة والصلاة لأن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً فإذا كانت امرأة تحيض أكثر الحيض صار لها من الصلاة في كل شهر نصف شهر فيزيد الرجل عليها بنصف شهر وكذلك أيضاً في العطية إذا أعطى الإنسان أولاده فإنه يعطى الذكر مثل حظ الانثيين وأيضاً ورد في الحديث أن عتق الذكر عن عتق جاريتين لحديث أبي أمامه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أيما أمريء مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه له من النار " أخرجه الترمذي وصححه ابن القيم في الهدي

يسن أن تذبح في اليوم السابع فإذا ولد يوم السبت فتذبح يوم الجمعة يعني قبل يوم الولادة بيوم هذه هي القاعدة وإذا ولد يوم الخميس فهي يوم الأربعاء وهلم جرا

والحكمة في أنها تكون في اليوم السابع أن اليوم السابع تختم به أيام السنة كلها فإذا ولد يوم الخميس مر عليه الخميس والجمعة والسبت والأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء فبمرور أيام السنة يتفاءل أن يبقى هذا الطفل ويطول عمره

وتسن العقيقة ولو مات قبل السابع وهذا رأي اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله بل لو مات بعد نفخ الروح فيه قبل الولادة يعق ويسمى قال ذلك ابن باز رحمه الله ، إذاً إذا خرج من بطن أمه ميتاً بعد نفخ الروح فيه يعق عنه لأنه بعد نفخ الروح سوف يبعث فهو إنسان ترجى شفاعته يوم القيامة بخلاف من خرج قبل نفخ الروح فإنه لا يعق عنه لأنه ليس بإنسان ولهذا فإن الجنين لا يبعث يوم القيامة إذا سقط قبل نفخ الروح فيه لأنه ليس فيه روح حتى تعاد إليه يوم القيامة

إذاً عندنا أربع مراتب

أولاً: خرج قبل نفخ الروح فيه فلا عقيقة له

ثانياً: خرج ميتاً بعد نفخ الروح فيه يعق عنه

ثالثاً: خرج حياً ومات قبل اليوم السابع يعق عنه

رابعاً: بقي إلى اليوم السابع ومات في اليوم الثامن يعق عنه إذا الحالات الثلاث يعق عنه إلا الأولى إذا مات قبل نفخ الروح فلا ويسمى في اليوم السابع وينبغي في اليوم السابع حلق رأس الغلام الذكر ويتصدق بوزنه ورقاً أي فضة وهذا إذا أمكن بأن يوجد حلاق يمكنه أن يحلق رأس الصبي

فإن لم يوجد وأراد الإنسان أن يتصدق بما يقارب وزن شعر الرأس فلا بأس

والظاهر أن حلق الرأس في هذا اليوم له أثر على منابت الشعر لكن قد لا نجد حلاقاً يمكنه أن يحلق رأس الصبي لأنه في هذا اليوم لا يمكن أن يضبط حركته فربما يتحرك ثم إن رأسه لين قد يؤثر عليه الموسى فإذا لم نجد فإنه يتصدق بوزنه ورقاً بالخرص

وفي هذه المناسبة يجب أن يختار الإنسان لولده الاسم الذي لا يعير به عند الكبر ولا يؤذى به لأن الأب قد يعجبه اسم معين لكن في المستقبل يتأذى به الولد فيكون سبباً لأذية ابنه ومعلوم أن أذية المؤمن حرام وعليه فيختار أحسن الأسماء وأحبها إلى الله وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن " وأما ما يروى خير الأسماء ما عبد وحمد فهذا لا أصل له ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكر الشيخ بكر أبو زيد في رسالته تسمية المولود ص26 مراتب الأسماء استحباباً وجوازاً كما يلي

أولاً: استحباب التسمية بهذين الاسمين عبد الله وعبد الرحمن وهما أحب الأسماء إلى الله تعالى كما ثبت بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي الصحابة نحو ثلاثمائة رجل كل منهم اسمه عبد الله وبه سمي أول مولود للمهاجرين بعد الهجرة إلى المدينة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما

ثانياً: ثم استحباب التسمية بالتعبيد لأي من أسماء الله الحسنى كعبد العزيز وعبد الملك وأول من تسمى بهما ابنا مروان بن الحكم والرافضة لا تسمي بهذين الاسمين منابذة للأمويين

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الهروي رحمه الله سمى أهل بلده بعامة أسماء الله الحسنى والرسل وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه باسم أبيه إبراهيم . رواه مسلم

رابعاً: بأسماء الصالحين من المسلمين فقد ثبت من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين من قبلهم " رواه مسلم

خامساً: ثم يأتي من الأسماء ما كان وصفاً صادقاً للإنسان بشروطه وآدابه ثم قال ص 31 يتبين أن اسم المولود يكتسب الصفة الشرعية متى توفر فيه هذان الشرطان

الشرط الأول: أن يكون عربياً

الشرط الثاني: أن يكون حسن المبنى والمعنى لغة وشرعاً . أ.هـ كلام الشيخ بكر أو زيد رحمه الله

ويقول ابن عثيمين رحمه الله إذا لم يعجبه التسمية بعبد الله وعبد الرحمن لكثرة هذين الاسمين في حمولته ويخشى من الاشتباه كما يوجد في بعض الحمائل الكبار حتى إنه ربما يكون الكتاب الذي يرسل إلى فلان يصل إلى فلان الآخر المساوي له في الاسم أو يحتاج أن يذكره إلى خامس جد أو ما أشبه ذلك فله أن يسمي باسم آخر لكن يختار ما هو أنسب وأحسن

ويحرم أن يسمى باسم يعبد لغير الله فلا يجوز أن يسمي عبد الرسول ولا عبد الحسين ولا عبد علي ولا عبد الكعبة ، والذي ينبغي أن يختار الأسماء الموجودة في عرفه والتي يألفها الناس وليس فيها محظور شرعي وأما الأسماء الغربية فهي إن كانت من الأسماء المختصة بالكفار فهي حرام لأن هذا من أبلغ التشبه بهم ومن أكبر ما يجعلهم في العلياء فإذا كان المسلمون يختارون أسماء هؤلاء الكفار مثل جورج وما أشبهه فإنهم بذلك يعظمونهم

وبالله التوفيق

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1434-8 -4

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي