الدرس الثاني : كتاب الجهاد 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 2 شهر رمضان 1434هـ | عدد الزيارات: 3007 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

ليس جهاد الكفار بالقتال واجباً على المرأة ، ولكن عليها جهاد بالدعوة إلى الحق ، وبيان التشريع ، في حدود لا تنتهك فيها حرمتها ، مع لبس ما يستر عورتها ، وعدم الاختلاط بالرجال غير المحارم ، وعدم الخضوع بالقول والخلوة بالأجانب ، قال الله تعالى في نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم " وَٱذكُرۡنَ مَا يُتلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱلحِكمَةِ " الأحزاب 34 ، وثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله هل على النساء من جهاد ؟ قال : نعم عليهن جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة " رواه أحمد وابن ماجه ، وثبت عنها أيضاً أنها قالت : يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد ؟ قال : لكن أفضل الجهاد حج مبرور " رواه البخاري .

الغلول هو أخذ شيء من الغنيمة قبل قسمة الإمام ، فلا يجوز لما ورد من الأدلة الشرعية في منع الغلول ، ويلحق به ما يؤخذ عن طريق الخيانة من بيت المال ، ومن غلة الأوقاف ، ومال اليتامى ، ونحو ذلك .

من أخذ شيئاً من مقتنيات شركة يهودية يعمل فيها يجب أن يرد الأدوات إلى الشركة إلا إذا سمحت له بها ولو كانوا كفاراً لأنهم مستأمنون في بلاد المسلمين ولأموالهم حرمة بموجب عقد الأمان فلا يحل أخذها بغير حق .

رأى أكثرية أعضاء هيئة كبار العلماء الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء ، من أن المراد بقوله تعالى " وَفِي سَبِيل الله " التوبة 60 ، الغزاة المتطوعون بغزوهم ، وما يلزم لهم من استعداد ، وإذا لم يوجدوا صرفت الزكاة كلها للأصناف الأخرى ، ولا يجوز صرفها في شيء من المرافق العامة ، إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الفقراء والمساكين ، وبقية الأصناف المنصوص عليهم في الآية .

الوفاء بالعهد فيما لا يخالف شرع الله تعالى واجب قال تعالى " وَأَوۡفُواْ بِٱلعَهدِۖ إِنَّ ٱلعَهْدَ كَانَ مَسئولاً " الإسراء 34 ، سواء كان مع الهندوس أو مع غيرهم ، ما لم يحصل منهم إخلال بالعهد أو إساءة إلى الإسلام .

الهجرة هي الخروج من بلد الكفر إلى بلد الإسلام ، وهي واجبة ، قال تعالى " إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ٱلمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُستَضعَفِينَ فِي ٱلأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَاهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا " النساء 97 .

قال ابن كثير على هذه الآية : هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة ، وليس متمكناً من إقامة الدين ، فهو ظالم لنفسه ، مرتكب حرامًا بالإجماع أ.هـ تفسير ابن كثير ج1 ص541 .

أما قوله صلى الله عليه وسلم " العبادة في الهرج كهجرة إليَّ " أخرجه أحمد ومسلم ، فهو يدل على فضل العبادة لله وحده في أوقات الفتن والقتال، وأنها في الفضل كهجرة للنبي صلى الله عليه وسلم لمَّا كان المسلمون يهاجرون إليه في المدينة من بلاد الكفر مكة قبل الفتح ، والهجرة في سبيل الله هي الانتقال من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، كما انتقلَ المسلمون من مكة قبل إسلام أهلها إلى المدينة لكونها صارت بلد إسلام بعد مبايعة أهلها للنبي صلى الله عليه وسلم ، وطلبهم هجرته إليهم ، وتكون الهجرة أيضاً من بلاد شرك إلى بلاد شرك أخف شرًّا، وأقل خطراً على المسلم ، كما هاجر بعض المسلمين من مكة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بلاد الحبشة ، وإذا كان المسلم لا يستطيع أن يأمن على نفسه وعلى دينه من الفتن في بلده شُرع له الهجرة منها إذا استطاع إلى بلد يأمن فيها على نفسه ودينه .

كل بلاد أو ديار يقيم حكامها وذوو السلطان فيها حدود الله ، ويحكمون رعيتها بشريعة الإسلام ، وتستطيع فيها الرعية أن تقوم بما أوجبته الشريعة الإسلامية عليها فهي دار إسلام ، فعلى المسلمين فيها أن يطيعوا حكامها في المعروف ، وأن ينصحوا لهم ، وأن يكونوا عوناً لهم على إقامة شؤون الدولة ، ودعمها بما أوتوا من قوة علمية وعملية ، ولهم أن يعيشوا فيها ، وألا يتحولوا عنها إلا إلى ولاية إسلامية ، تكون حالتهم فيها أحسن وأفضل ، وذلك كالمدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها ، وإقامة الدولة الإسلامية فيها ، وكمكة بعد الفتح فإنها صارت بالفتح وتولي المسلمين أمرها دار إسلام بعد أن كانت دار حرب تجب الهجرة منها على من فيها من المسلمين القادرين عليها .

وكل بلاد أو ديار، لا يقيم حكامها وذوو السلطان فيها حدود الله ، ولا يحكمون في الرعية بحكم الإسلام، ولا يقوى المسلم فيها على القيام بما وجب عليه من شعائر الإسلام ، فهي دار كفر ، وذلك مثل مكة المكرمة قبل الفتح ، فإنها كانت دار كفر ، وكذا البلاد التي ينتسب أهلها إلى الإسلام ، ويحكم ذوو السلطان فيها بغير ما أنزل الله ، ولا يقوى المسلمون فيها على إقامة شعائر دينهم ، فيجب عليهم أن يهاجروا منها ، فراراً بدينهم من الفتن إلى ديار يُحكم فيها بالإسلام ، ويستطيعون أن يقوموا فيها بما وجب عليهم شرعاً ، ومن عجز عن الهجرة منها من الرجال والنساء والولدان فهو معذور ، وعلى المسلمين في الديار الأخرى أن ينقذوه من ديار الكفر إلى بلاد الإسلام ، أما من قوي من أهلها على إقامة شعائر دينه فيها ، وتمكن من إقامة الحجة على الحكام وذوي السلطان ، وأن يصلح من أمرهم ، ويعدل من سيرتهم ، فيشرع له البقاء بين أظهرهم لما يرجى من إقامته بينهم من البلاغ والإصلاح مع سلامته من الفتن .

إذا أردت العمل وطلب الرزق فعليك بالسفر إلى بلاد المسلمين لأجل ذلك ، وفيها غنية عن بلاد الكفار لما في السفر إلى بلاد الكفر من الخطر على العقيدة والدين والأخلاق ، ولا يجوز التجنس بجنسية الكفار لما في ذلك من الخضوع لهم والدخول تحت حكمهم .

يجب على المسلم أن يبلغ ما لديه من العلم ، قلَّ ذلك أو كثر ، لمن لم يعلمه ، من دون تحديد بوقت أو قدر من العلم سوى الحاجة إلى بيان ما عنده وتبليغه ، وقد يتعين عليه إذا لم يوجد من يقوم بالبلاغ والبيان اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وعملاً بما رواه أحمد والبخاري والترمذي عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " بلغوا عني ولو آية " ، وما رواه أحمد والترمذي وابن حبان ، عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " نضَّر الله امرءً سمع منا شيئًا فبلغه كما سمعه ، فرب مُبَلَّغ أوعى من سامع " ، وحذراً مما توعد الله به كاتم العلم بقوله سبحانه " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْـزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " البقرة 159 .

ويحرم عليه أن يقول ما لا يعلم ، أو يخوض فيما ليس له به علم لقوله تعالى " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَـزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " الأعراف 33 ، وقوله " وَلَا تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِۦ عِلمٌ " الإسراء 36 ، وغير ذلك من النصوص التي في معنى ما تقدم حثاً على البلاغ ، وتحذيراً من القول في الإسلام بغير علم .

العلوم الإسلامية أنواع علم التوحيد بأقسامه توحيد الربوبية ، وتوحيد العبادة ، وتوحيد الأسماء والصفات وعلم الفقه بأقسامه ، والمدخل إلى تعلم هذه العلوم دراسة كتاب الله تعالى و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فيبدأ الداعية في إرشاده الناس إلى الحق بتعليمهم التوحيد ، ثم أصول العبادات ، وما يحتاج إليه من المعاملات وليكن ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة ، والنقاش الهادئ بقصد الوصول إلى الحق قال تعالى " ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلحِكمَةِ وَٱلمَوۡعِظَةِ ٱلحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحسَنُۚ " النحل 125 .

طلب العلم الذي يتوقف عليه صحة إيمانك وأداء الفرائض لا يتوقف على إذن الوالدين وما كان من العلوم فرض كفاية فاستَأْذِن فيه الوالدين .

يحرم إيداع الأموال في البنوك الربوية ولو كان بعض معاملاتها ربوية وبعضها غير ربوية إلا إذا خفت على ما لديك من النقود الضياع ولم تجد طريقاً لحفظها إلا البنوك الربوية فلك أن تضعها فيها بلا فوائد .

دراسة العلوم التكنولوجية من فروض الكفاية فإذا درسها أبناء المسلمين للإستفادة منها فهم على أجر على حسب نياتهم .

الطريقة المثلى لتعلم العلوم الشرعية ، نوصيك بتقوى الله وأن تتعلم من العلم الشرعي ما تقيم به أمور دينك ودنياك وأن تسأل أهل العلم عما أُشكل عليك وأن تسجل من العلوم ما تحتاج إلى تسجيله وتحرص على حفظ القرآن الكريم وحفظ ما تيسر من السنة كعمدة الحديث للشيخ عبد الغني المقدسي وبلوغ المرام للحافظ ابن حجر ولا يلزمه أن يبدأ بشيء من الفقه وأصول الفقه لمذهب معين بل يختار من ذلك ما هو الأسهل والأصلح بمشاورة أهل العلم يستعين بذلك على فهم الكتاب والسنة ولا يعذر بالجهل من عنده القدرة على تعلم ما هو واجب عليه من ضروريات الدين ولم يتعلم ، والواجب على كل مسلم أن يتفقه في دينه حتى يعرف ما أوجب الله عليه وما حرم فيما لا يسعه جهله ولو بالسفر من بلد إلى بلد إذا لم يجد في بلده من يعلمه لقول الله تعالى " فَٱعلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱستَغفِرۡ لِذَنبِكَ " محمد 19 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيراً يفقه في الدين " متفق على صحته .

واحرص على العمل بما علمت فإن من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم ونوصيك بوجه خاص بالصحيحين وبلوغ المرام ومنتقى الأخبار وزاد المعاد لابن القيم والعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية وكتاب التوحيد وكشف الشبهات وثلاثة الأصول والقواعد الأربع لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله جميعاً وجميع علماء المسلمين

أما حديث طلب العلم فريضة على كل مسلم ضعَّفه الأكثر وحسنه بعضهم ومعناه صحيح في الجملة لأن المسلم يجب عليه أن يتعلم من دينه ما لا يسعه جهله وتعليم العلوم الإٍسلامية من غير المسلم لا يجوز لأن الشأن فيه أنه غير مأمون في ذلك فليس أهلاً لتلقيها منه أما تعلم العلوم الدنيوية فما كان منها نافعاً غير ضار كالحساب ونحوه فللمسلم أن يتعلم بقدر حاجته وحاجة أمته

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

30 - 8 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر