ﺟﺪﻳﺪ اﻟﻤﻮﻗﻊ

الدرس الثالث عشر : الربا 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 9 شهر رمضان 1434هـ | عدد الزيارات: 2364 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

العملة الورقية " ورق البنكنوت " حكمه في التعامل حكم النقد ذهباً أو فضة ، فيحرم وضعها في البنك ونحوه بنسبة مئوية من رأس المال المودع ، كثرت النسبة أو قلت لأن ذلك ربا ، والربا محرم بالكتاب والسنة والإجماع .

والدولارات والأريلة والإسترلينيات ونحوها من ورق البنكنوت ، حكمها في التعامل حكم النقد ذهباً أو فضة ، فيحرم بيع الجنس الواحد منها بعضه ببعض متفاضلاً أو إلى أجل ، ويجوز بيع جنس منها بآخر منها متفاضلاً إذا كان يداً بيد ، وعلى هذا يجوز بيع الدولار بالأريلة نقداً 3.37 ثلاثة أريلة وسبعة وثلاثين هللة أو أقل أو أكثر ، ويحرم بيع الدولار بالأريلة إلى أجل بـ 3.75 ثلاثة أريلة وخمس وسبعين هللة أو أقل أو أكثر لما في ذلك من ربا النسأ .

والمصارف والبنوك التي لا تتعامل بالربا يجوز التعامل معها ، وإذا كانت تتعامل بالربا فلا يجوز التعامل معها ، وليست بنوكاً إسلامية .

لا يجوز إعطاء تاجر الخضار مبلغاً وأخذ ربح معين كل شهر لأن ذلك من الربا وإنما الجائز أن يكون بينكما جزء مشاع معلوم من الربح كالنصف والثلث ونحوهما ، واشتراط 2% لقاء تأخير القسط عن وقته المحدد من الربا المحرم بالكتاب والسنة والإجماع على ذلك ، فلا يجوز لك دفع الفائدة ، ولا يجوز للشركة العربية للسيارات أخذها ، وبذلك تكون هذه المعاملة الربوية محرمة وغير صحيحة لقوله سبحانه وتعالى " وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا " البقرة 275

إذا كانت الأسهم لا تمثل نقوداً تمثيلاً كلياً أو غالباً ، وهي معلومة للبائع والمشتري جاز بيعها وشراؤها لعموم أدلة جواز البيع والشراء وإنما تمثل أرضاً أو سيارات أو عمارات ونحو ذلك جاز بيعها وشراؤها بثمن حال أو مؤجل على دفعة أو دفعات ، ولا يجوز شراء السند المذكور والذي يحمل مبلغا قدره 700000 سبعمائة ألف ريال مؤجلاً ، بمبلغ ثلاثمائة ألف ريال 300000 نقداً لأن هذا من الربا وهو محرم ، قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ " البقرة 278 ، 279 ، وثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم " لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال : هم سواء " .

ولا بأس ببيع الأسهم وشرائها إذا كانت في شركات لا تتعامل بالربا ، وإنما هي شركات أملاك كالشركات المعمارية ، وكشركة الكهرباء ، وشركة الأسمنت وغيرها من الشركات الإنتاجية ، إذا كانت شركات قائمة بالفعل وليست تحت الإنشاء ، وإذا ربحت فربحها حلال ، ويجوز أخذ غلة هذه الأسهم لأنه ناتج عن عمل مباح ، وهو إنتاج الأسمنت والزراعة ، وكذلك شركات التعمير إذا لم تستغل رؤوس أموال هذه الشركات بالاستثمار الربوي .

ربا النسيئة مأخوذ من النسأ ، وهو التأخير ، وهو نوعان :-
الأول : قلب الدين على المعسر ، وهذا هو ربا الجاهلية ، فيكون للرجل على الرجل مال مؤجل ، فإذا حلَّ قال له صاحب الدين إما أن تقضي ، وإما أن تربي ، فإن قضاه وإلا زاد الدائن في الأجل وزاد في الدين مقابل التأجيل ، فيتضاعف الدين في ذمة المدين .
الثاني : ما كان في بيع جنسين اتفقا في علة ربا الفضل ، مع تأخير قبضهما أو قبض أحدهما ، كبيع الذهب بالذهب أو بالفضة ، أو الفضة بالذهب مؤجلاً أو بدون تقابض في مجلس العقد .
أما ربا الفضل فهو مأخوذ من الفضل ، وهو الزيادة في أحد العوضين ، وجاءت النصوص بتحريمه في ستة أشياء ، وهي الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح ، فإذا بيع أحد هذه الأشياء بجنسه حرم التفاضل بينهما ، ويقاس على هذه الأشياء الستة ما شاركهما في العلة ، فلا يجوز مثلاً بيع كيلو ذهب رديء بنصف كيلو ذهب جيد ، وكذا الفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، لا يجوز بيع شيء منها بجنسه إلا مثلاً بمثل ، سواءً بسواء ، يداً بيد .
لكن يجوز بيع كيلو ذهب بكيلوين فضة إذا كان يداً بيد لاختلاف الجنس ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلاً بمثل ، سواءً بسواء ، يداً بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد " رواه مسلم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .

وبيع دراهم نقداً بدراهم أكثر منها إلى أجل ربا نسيئة وربا فضل ، وقد دلَّ الكتاب والسنة على تحريم الربا بنوعيه ، وبناءً على ذلك لا يجوز بيع أربعة آلاف نقداً بستة آلاف إلى أجل ، وليس للبائع إلا رأس ماله ، وهو أربعة آلاف فقط ، وإن حصل بينكما نزاع فالمرجع للمحكمة ، وعليكما جميعاً التوبة إلى الله سبحانه من هذا الذنب العظيم لقول الله سبحانه " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " النور 31 .

وبيع الشيكات أو الكمبيالات بالخسارة أي أقل من الثمن المكتوب لا يجوز لما فيه من ربا النسأ وربا الفضل ، واشتراط الجمعية التعاونية على المستأجر 10% مقابل تأخير الأجرة عن وقتها المحدد لاستحقاقها لا يجوز لأنه يشبه ربا الجاهلية في قول الدائن إما أن تقضي أو تربي ، أي تزيد .

مسألة : والدي باع إبلاً بثمن 6000 ستة آلاف جنيه مصري لمدة عام ، واشترط على الشخص المشتري بعد عام أن يزيد فوق الثمن ثلاثة آلاف جنيه مصري ، وتوفي والدي قبل أخذ هذا المال ؟
والجواب : إذا كان الأمر كما ذكر فإن الثلاثة آلاف المشروطة على المشتري إذا لم يسدد في مدة عام تعتبر رباً لا يحل أخذها .

معنى بيع الكالئ بالكالئ هو بيع النسيئة بالنسيئة ، أي بيع الدين بالدين ، وهو غير جائز ، وله صور منها :-

أولاً : أن يبيع ما في الذمة حالاً من عروض وأثمان بثمن مؤجل لمن هو عليه أو غيره .

ثانياً : أن يجعل رأس مال السلم ديناً ، كأن يسلم مائة درهم إلى سنة في آصع من طعام أو نحوه ، فإذا انقضى الأجل قال الذي عليه الحق للدافع ليس عندي ما أعطيك إياه ، ولكن بعني هذا الطعام بمائتي درهم إلى شهر ونحوه .
أما مسألة بيع السلعة المقبوضة التي اشتريتها بأجل ، ثم تبيعها بأجل قبل أن تدفع ثمنها فهو جائز ولا تدخل في مسألة بيع الكالئ بالكالئ لأنه بيع للسلعة التي قبضتها واستقرت في ملكك بالشراء .

الإيداع في البنوك بربح معين لا يجوز لأن هذا عقد يشتمل على ربا ، وقد قال الله " وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا " البقرة 275 ، وقال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ " البقرة 278 ، 279 ، وهذا القدر الذي يأخذه الدافع للوديعة لا بركة فيه ، قال تعالى " يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ " البقرة 276 ، هذا النوع من الربا ربا نسيئة وفضل لأن المودع يدفع نقوده للبنك بشرط بقائها مدة معلومة بربح معلوم

وإن أمكن من عنده نقود أن يودعها عند من يغلب على ظنه أنه لا يستعملها في البيوع المحرمة تعيَّن عليه ذلك ، فإن لم يأمن على بقائها عنده ولم يتمكن من إيداعها عند من يستعملها في المعاملات المشروعة ، وخشي عليها الضياع فليتحر بقدر الإمكان في جعلها عند أقل البنوك تعاملاً في المحرمات ، وإذا كان البنك يستعين بما وضعه لديهم المودع من الأموال في المعاملات الربوية ، وكان صاحب المال يستطيع أن يحفظ ماله من السراق ونحوهم بطرق أخرى ليس فيها ربا حرم عليه إيداعه في البنك وغيره ممن يستعمله في معاملات محرمة ، ويستعين به على ارتكاب المنكرات ، فإن وسيلة الشر شر ، والإعانة على فعل المحرم حرام ، والوسائل لها حكم الغايات .

والعمل في البنوك التي تتعامل بالربا محرم لأن الموظف فيها إما كاتب حساب الربويات ، أو متسلم النقود التي يتعامل فيها بالربا ، أو مسلم لها ، أو حاملها أو ناقل أوراقها ، من مكتب إلى آخر ، أو مكان إلى آخر ، أو مساعد لهؤلاء على أعمالهم بقضاء مصالحهم في البنك ونحوه ، فهم في عمل محرم بطريق مباشر أو غير مباشر ، وما يتقاضاه المكلف بذلك على القيام بعمل محرم من الأجر حرام .

وإيداع نقود في البنوك ونحوها تحت الطلب أو لأجل مثلاً بفائدة ، مقابل النقود التي أودعها حرام ، وإيداعها بدون فائدة في بنوك تتعامل بالربا فيما لديها من أموال محرم لما في ذلك من إعانتها على التعامل بالربا ، والتمكين لها من التوسع في ذلك - اللهم إلا إذا كان مضطراً لإيداعها خشية ضياعها أو سرقتها ولم يجد وسيلة لحفظها إلا الإيداع في البنوك الربوية - فربما كان له في إيداعها فيها رخصة من أجل الضرورة .

والتعاون مع البنك الذي يتعامل بالربا بعمولة ، مقابل إحضار عملاء له يودعون فيه نقودهم في نظير نسبة مئوية من رءوس أموالهم مثلاً حرام صريح .

والربح الذي حدد لك بنسبة مئوية من رأس مالك الذي اتجر به البنك ، مع سائر الأموال الأخرى ربا محض فلا يجوز له أخذها بحجة أنه سينفقها على الفقراء لأن الله حرم الربا مطلقاً ، وشدد الوعيد فيه ولا تجوز الصدقة منه لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، لكن إن كان قد قبض الفوائد الربوية فعليه أن يصرفها على الفقراء تخلصاً منها وليس له أن يستفيد منها .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

7 - 9 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 118 الجزء الثالث ‌‌هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ؟ - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 116 الجزء الثالث حكم التوسل بالموتى وزيارة القبور - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 115 الجزء الثالث ‌‌حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 114 الجزء الثالث ‌‌إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 113 الجزء الثالث : تابع الدروس المهمة لعامة الأمة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر