الأضحية

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 4 ذو الحجة 1434هـ | عدد الزيارات: 1854 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي شرع لعباده التقرب إليه بذبح القربان وقرن النحر له بالصلاة في محكم القرآن وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والامتنان وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى على كل إنسان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا

أما بعد

عباد الله: اتقوا الله تعالى وتقربوا إليه بذبح الأضاحي فإنها سنة أبيكم إبراهيم الذي أمرتم باتباع ملته وسنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي منذ هجرته إلى المدينة، والأضحية سنة مؤكدة لا يستحب تركها لمن يقدر عليها هذا رأي أكثر أهل العلم والأضحية أفضل من الصدقة بقيمتها والنبي صلى الله عليه وسلم ضحى والخلفاء بعده ولو علموا أن الصدقة أفضل لعدلوا إليها ومن أراد أن يضحي فدخلة العشر فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئاً والنهي للتحريم وإن فعل استغفر الله تعالى ولا فدية عليه إجماعاً سواء فعله عمداً أو نسياناً وتجزئ البدنة عن سبعة وكذلك البقرة

وأفضل الأضاحي البدنة ثم البقرة ثم الشاة والكبش أفضل أجناس الغنم

ويسن استسمان الأضحية واستحسانها لقول الله تعالى "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"الحج:32. ولا تجزئ الأضحية إلا من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها، ولا تجزئ الأضحية إلا بما بلغ السن المعتبر شرعًا وهي ستة أشهر في الضأن وسنة في المعز وسنتان في البقر وخمس سنوات في الإبل

ولا تجزئ الأضحية إلا بما كان سليمًا من العيوب التي تمنع من الإجزاء فلا يضحي بالعوراء البين عورها وهي التي نتأت عينها العوراء أو انخسفت ولا بالعرجاء البين ضلعها وهي التي لا تستطيع المشي مع السليمة ولا بالمريضة البين مرضها وهي التي ظهر آثار المرض عليها بحيث يعرف من رآها أنها مريضة من جرب أو حمى أو جروح أو غيرها ولا بالهزيلة التي لا مخ فيها فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئِلَ: ماذا يُتَّقى مِن الضَّحايا؟ فقال: أربعٌ: وقال البَراءُ: ويَدي أقصرُ مِن يدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- العَرجاءُ البَيِّنُ ظَلَعُها، والعَوراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والمَريضةُ البَيِّنُ مَرضُها، والعَجفاءُ التي لا تُنقي.رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.

فقيل للبراء بن عازب رضي الله عنه راوي هذا الحديث إني أكره أن يكون في الأذن نقص أو في القرن نقص أو في السن نقص فقال ما كرهت فَدَعْه ولا تحرمه على أحد فهذه العيوب الأربعة مانعة من الإجزاء دل على ذلك الحديث وقال به أهل العلم ويلحق به ما كان مثلها أو أشد فلا يضحي بالعمياء ولا بمقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين ولا بما أصابها أمر تموت به كالمجروحة جرحًا خطيرًا أو المنخنقة والمتردية من جبل لأن هذه العيوب بمعنى العيوب الأربعة التي تمنع من الإجزاء بنص الحديث

فتجزئ الأضحية بمقطوعة الأذن أو مشقوقتها وتجزئ الأضحية بمكسورة القرن وهي التي ذهب قرنها من أصله وتجزئ الأضحية بمقطوعة الذنب من الإبل والبقر والمعز .

فأما مقطوعة الألية من الضأن فلا تجزئ في الأضحية فإن كانت من نوع لا ألية له من أصل الخلقة فلا بأس بها

وتجزئ الأضحية بما نشف ضرعها من كبر أو غيره إذا لم تكن مريضة مرضًا بينًا وتجزئ الأضحية بما سقطت ثناياها أو انكسرت

ويجزئ الخصي لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين موجوءين والوجأ رض الخصيتين وما قطعت خصيتاه أو شلتا فهو كالموجوء ولأن الخصا ذهاب عضو غير مستطاب يطيب اللحم بذهابه ويكثر ويسمن

وتجزئ الجماء وهي التي لم يخلق لها قرن والصمعاء وهي صغيرة الأذن والبتراء وهي التي لا ذنب لها

وكلما كانت الأضحية أكمل في ذاتها وصفاتها وأحسن منظرًا فهي أفضل فاستكملوها واستحسنوها وطيبوا بها نفسًا

هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا

أما بعد

عباد الله: أكمالاً للحديث عن بعض الأحكام الفقهية في الأضاحي إذا أوجب أي نوى أضحية صحيحة سليمة من العيوب ثم حدث بها عيب يمنع الإجزاء ذبحها واجزأته بشرط ألا يكون هو سبب إحداث العيب بدليل ما روى أبو سعيد قال "ابتعنا كبشاً نضحي به فأصاب الذئب من إليته فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرنا أن نضحي به وإذا عين أضحيته فولدت فولدها تابع لها حكمه حكمها سواء كان حملا حين التعيين أو حدث بعده يذبح ولدها معها لأنه صار أضحية على وجه التبع لأمه بدليل ما روي عن علي رضي الله عنه أن رجلاً سأله فقال يا أمير المؤمنين "إني اشتريت هذه البقرة لأضحي بها وأنها وضعت هذا العجل فقال علي لا تحلبها إلا فضلاً عن تيسير ولدها فإذا كان يوم الأضحى فاذبحها وولدها عن سبعة وإذا أوجب أضحية ثم مات لم يجز بيعها

والاستحباب أن يأكل ثلث أضحيته ويهدي ثلثها ويتصدق بثلثها ولو أكل أكثر جاز ولا بأس أن يعطي الجزار منها بشرط أن يكون هدية أو صدقة لا على أن ذلك عوضاً عن عمله

ويجوز أن يبدل الأضحية إذا أوجبها بشرط أن يكون بخير منها

ولا يجزئ الذبح قبل تمام صلاة العيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى"رواه البخاري.

ويجوز النحر في يوم العيد وثلاثة أيام بعده وينبغي أن يكون الذبح في النهار وإن ذبح في الليل جاز

ويستحب أن يذبحها مسلم وإن ذبحها بيده كان أفضل وإلا حضر الذبح وإن ذبحها بنفسه فالأولى أن يحضر من سيشركهم فيها ويقول عند الذبح بسم الله والله أكبر والنية تجزئ عن ذكر اسم من يضحي عنه وإن ذكره فحسن

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56. وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين اللهم تقبل من الحجاج حجهم وأوصلهم إلى الديار المقدسة سالمين وأعدهم إلى ديارهم غانمين وأقبل من المضحين أضاحيهم واجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد وأوقف نزيف دمائهم اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم من أرادنا أو أراد المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له اللهم ول على المسلمين خيارهم واكفف عنهم شرارهم اللهم فك أسر المأسورين واغفر ذنب المذنبين واقبل توبة التائبين اللهم لا تدع لنا في هذا المقام من ذنب إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا كرباً إلا نفسته ولا ديناً إلا قضيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا أيما إلا زوجته ولا ضالاً إلا هديته ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولنا صلاح إلا اعنتنا على قضائها ويسرتها لنا واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم

عباد الله: أذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.العنكبوت:45.

1434-12-3

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 3 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي