الزكاة 1

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 26 ذو الحجة 1434هـ | عدد الزيارات: 1889 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله الذي فرض الزكاة تزكيةً للنفوسِ وتنميةً للأموال، ورتَّبَ على الإنفاق في سبيله خلفاً عاجلاً وثوابًا جزيلًا في المآل، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، الملكُ الكبيرُ المتعالُ ، وأشهد أن محمدا عبدُه ورسولُه الذي حاز أكملَ صفاتِ المخلوقينَ، وأجلَّ الخصالِ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، وسلم تسليمًا.

أما بعدُ:

عبادَ الله: اتقوا الله تعالى وأدُّوا زكاةَ أموالكم، فإن الزكاةَ قرينةُ الصلاة في كتاب الله، مَنْ جحدَ وجوبَها كفرَ، ومن منعها بخلا وتهاونا فسقَ، ومن أدَّاها معتقدا وجوبًَها راجيا ثوابَها فليبشرْ بالخير الكثير، والخلفِ العاجلِ والبركةِ، قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ"سبأ:39. وقال "مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة:261.

عباد الله : أدوا الزكاة قبل أن تفقدوا المال مرتحلين عنه أو مرتحلا عنكم فإنما أنتم في الدنيا غرباء مسافرون والمال وديعة بين أيديكم لا تدرون متى تعدمونه ، أدوا زكاة أموالكم قبل أن يأتي اليوم الذي يُحمى عليه في نار جهنم فتكوى به الجباه والجنوب والظهور قبل أن يمثل لصاحبه شجاعا أقرع فيأخذ بشدقيه ويقول : أنا مالك أنا كنزك

عباد الله: لقد جاءت النصوص عامة مطلقة في وجوب الزكاة في الذهب والفضة في الذهب إذا بلغ عشرين دينارا أي خمسة وثمانون جراماً وفي الفضة إذا بلغت مائتي درهم (595) جرام وفي العملة الورقية (595) جرام من الفضة لأنه يؤخذ بأقل النقدين لصالح الفقير وهذا هو نصاب الذهب والفضة والعملة الورقية فما كان أقل منه فلا زكاة فيه وما كان منه فأكثر ففيه ربع العشر وهذه الأوراق النقدية التي تتعاملون بها بدلا عن الذهب والفضة لها حكم الفضة.

وبما أن سعر الذهب يرتفع وينخفض فنسأل أصحاب محلات الذهب عن سعر غرام الذهب فإذا قالوا مثلا سعر غرام الذهب لهذا اليوم (200) ريال فنضرب 85 200X فيكون الناتج يساوي (17000) فمن كان عنده ذهب بهذه القيمة فيزكيه فما كان أقل فلا، وسعرُ الغد الله أعلمُ به.

أما الفضة فسعر الغرام من الفضة فهو شبه ثابت نضرب 595 4X وهو سعر غرام الفضة اليوم فيكون الناتج يساوي 2380 فمن كان عنده فضة أو عملة ورقية بهذه القيمة ففيها الزكاة ومن كان أقل فلا

عباد الله: لقد اختلف العلماء رحمهم الله في الحلي حلي المرأة من الذهب والفضة إذا كانت تلبسه أو تعيره هل تجب فيه الزكاة أو لا وقد قال الله تعالى "فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا"النساء:59. وإذا رددنا ذلك النزاع إلى الكتاب والسنة وجدنا الصواب مع العلماء الذين قالوا بوجوب الزكاة فيه

أولا : لعموم الأدلة الموجبة للزكاة في الذهب والفضة من غير استثناء

ثانيا: للأدلة الخاصة الصريحة في وجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة منها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " أنَّ امرأةً أتت رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ومعها ابنةٌ لها وفي يدِ ابنتِها مَسكتانِ غليظتانِ مِن ذهبٍ فقالَ لها أتُعطينَ زَكاةَ هذا قالت لا قالَ أيسرُّكِ أن يسوِّرَكِ اللَّهُ بهما يومَ القيامةِ سوارينِ من نارٍ قالَ فخلعَتْهما فألقتْهما إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وقالت هما للَّهِ عزَّ وجلَّ ولرسولِه" صحيح أبي داود للألباني.

ثالثا: عدم المعارض الصحيح لهذه الأدلة وإذا ثبت الدليل وانتفى المعارض وجب القول بما قام الدليل عليه

أيها المسلمون: إن القول بوجوب الزكاة في حلي النساء من الذهب والفضة ليس ببدع من الأقوال فقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وجماعة من الصحابة والتابعين وذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه ورواية عن الإمام أحمد رحمه الله واختاره من المتأخرين شيخنا السلفي أبو عبد الله عبد العزيز بن باز رحمه الله وعلى كل حال فإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل إذا جاءت به الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا قول لأحد بعدها

فأدوا زكاة الحلي إذا بلغ نصابا فعند تمام الحول ادفعوا ربع العشر

عباد الله: إن مما تجب به الزكاة عروض التجارة وهي ما أعده الإنسان للبيع والاتجار به من حيوان وعقار وأثاث ومتاع وأوان وغير ذلك كل شيء عندك للتجارة فهو عروض تجارة إذا حال الحول فقومه كم يساوي ثم أخرج ربع عشر قيمته ولمعرفة ربع العشر قسِّم المبلغ على (40) ومن عروض التجارة أيضا ما يكون عند مربي الإبل والبقر والغنم التي يربونها للبيع فأما العقارات التي أعدها الإنسان له ولا يريد بيعها وإنما يريد أن يسكنها فهذه ليس فيها زكاة ولا زكاة فيما أعده الإنسان لبيته من الأواني والفرش ونحوها ولا فيما أعده الفلاح لحاجة الفلاحة من المكائن وآلات الحرث ونحوها وخلاصة ذلك أن كل شيء تعده لحاجتك سوى الذهب والفضة فلا زكاة فيه وما أعددته للاتجار والتكسب ففيه الزكاة

هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على المصطفى الأمين

أما بعد

عباد الله: إن الديون التي عند الناس لا يجب عليك إخراج زكاتها حتى تقبضها فإذا قبضتها وكان الدين على مليء وجب أن تخرج عنه زكاة كل السنوات الماضية وإن كان على فقير أو مماطل لم يجب أن تخرج إلا عن سنة واحدة فقط وإن أخرجت زكاة الدين قبل قبضه فلا بأس

عباد الله: اعلموا أنه لا تنفع الزكاة ولا تبرأ بها الذمة حتى يخرجها على الوجه المشروع بأن يصرفها في مصارفها الشرعية في الأصناف الثمانية التي ذكر الله تعالى "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"التوبة:60. فالفقراء والمساكين هم الذين لا يجدون كفايتهم وكفاية عائلتهم فمن كان له كفاية من صنعة أو حرفة أو تجارة أو راتب أو عطاء من بيت المال أو نفقة ممن تجب عليه نفقته أو غير ذلك فإنه لا يجوز إعطاؤه من الزكاة إلا أن يكون عليه طلب لا يستطيع وفاءه فلا بأس أن تعطيه لوفاء دينه وكما يجوز لك أن تعطي المطلوب لقضاء الطلب فيجوز لك أن تذهب أنت بنفسك إلى من له الطلب وتقول هذا عن فلان فأسقطه من دينه ولو لم تخبر المطلوب بذلك ولا يجوز أن تأخذ الزكاة من المزكي وأنت في غير حاجتها حتى ولو أعطيتها للفقير فهذا حرام ما لم يعطك إياها لإيصالها للمحتاج .

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56. وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين اللهم فقهنا في ديننا وعلمنا ما جهلنا وذكرنا ما نسينا اللهم اعصمنا من الذنوب والمعاصي واملأ قلوبنا بالطاعة وأصلح شباب المسلمين ونسائهم وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين اللهم اجعلنا من المؤدين لزكاة أموالنا على الوجه الشرعي من غير تأخير ولا مداهنة لقريب ولا إبعاد لمستحق ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

عباد الله: اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.العنكبوت:45.

1434-12-25هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 8 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي