ترك الشغل بعيوب الناس

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 8 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 4108 القسم: خطب الجمعة

الحمد لله يحب من يستر عيب غيره فيستره في الدنيا والآخرة وأشهد أن لا إله إلا الله يكره أن يتحدث المسلم بما يشين غيره وأشهد أن محمداً رسول الله القائل "المسلم أخو المسلم، لا يظلِمه ولا يُسلِمُه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كُرْبةً، فرَّج اللهُ عنه بها كُرْبة من كُرَب يوم لقيامة، ومن ستر مسلماً، ستره الله يوم القيامة"رواه مسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تأدب بآدابه

أما بعد

فقد قال الله تعالى: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون.النور:19.

عباد الله : من الآداب الإسلامية أن يحترم الإنسان شعور غيره فلا يلتمس عيوبه ولا يكشف دخائله ومخبآته ولا يذيع فيه قالة السوء لتسوء سمعته وسيرته بل يعمل دائماً على ستر عيوبه ولا يعمد ابدأ إلى إذاعة عيب أخيه بل يحب لأخيه ما يحب لنفسه

والله تبارك وتعالى يستر في الدنيا والآخرة عيب من ستر عيب أخيه في الدنيا فلا يفضحه في الدنيا ولا في الآخرة

واعلم يا عبد الله أن هذا الستر مشروط بشروط لا بد من ملاحظتها منها أن يكون العيب متعلقاً بحق الله تعالى لا بحق العبد فإذا كان متعلقاً بحق العبد كالسرقة مثلاً وجبت المبادرة بضبط السارق أو منعه منها حتى لا يضيع حق العبد ومنه أن يكون المستور عليه من ذوي الهيئات والمروءات الذين لم يعتادوا الإجرام فإذا كان من السقاط الأشرار المجرمين الفجار الذين لم يبالوا بفعل النكرات والمجاهرة بها وجب الضرب على يديه وإبلاغ أمره إلى أولى الأمر حتى يسلم الناس من شره وظلمه فإن الستر عليه والحال هكذا يطمعه في التمادي فيما هو فيه وهذا إشاعة للفوضى

والإسلام دين الفطرة الخالد جاء لإصلاح حال الناس في معاشهم ومعادهم وحفظ الإنسانية كلها من داء اختلال الأمن العام

فالله جل شأنه يكره أن يتحدث المسلم في أخبار الناس ويتتبع عوراتهم أو يتقول عليهم ويذيع الشائعات الكاذبة دون تحرج وتثبت فإن هذا إيذاء لهم ونيل من كرامتهم واشتغال بما لا جدوى فيه ولا نفع وهو أيضاً إثارة للعداوة والفتن وفتح لأبواب الشر والفرقة

وإن من يشغل نفسه بعيوب غيره لا يخلو من ثلاثة أغراض فإما أن يكون غرضه الشماتة والمجاهرة بسروره بذلك وإما أن يقصد التشهير بصاحبه وفضيحته بين الناس وإما أن يدعي إظهار التحزن والتحسر لما أبتلي به

ومن البداهة أنه لا شيء من هذه الأمور الثلاثة يصلح أن يكون عذراً أو مبرراً يسوغ له إهمال عيوب نفسه واشتغاله بما لا يعنيه ولا يفيده شيء من عيوب الناس

فالخوض في أعراض الناس وسيرهم وترويج الشائعات الكاذبة عنهم واغتيابهم والإيقاع بهم منكرات تسيء إلى المجتمع أيما إساءة وتصير به إلى التفرق والنزاع

فيا أيها المسلم اتق الله ولا تخض مع من يخوضون في الباطل ولا تندفع مع دعاة السوء ومختلقي الأراجيف والشائعات الكاذبة فإن ذلك جناية على نفسك وعلى المجتمع الإنساني

وصفوة القول أن طريق الخير ممهدة للمجتمع فمن أقبل عليها وفقه الله وزاده هدى ومن أعرض عنها خذله وصرفه إلى ما أراد مصداقاً لقوله تعالى "إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً"الإنسان:3. ونار العذاب رهيبة هائلة وقسوة العذاب فيها فوق ما تتصور العقول ولذلك قال تعالى : فما أصبرهم على النار.البقرة:175

وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة على المصطفى

أما بعد

عباد الله: إن من رداءة المجتمع إلا من عصم الله من يشتغل بعيوب غيره وينسى عيوب نفسه وليس هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا هدي صحابته ولا التابعين ففي الماضي إخوانكم فتحوا الفتوحات وقدموا لكم العلم النافع وأفعالهم تسبق أقوالهم أما أنتم يا من تنشغلون بعيوب الآخرين ماذا قدمتم للأمة أعداء الإسلام يبذلون قصارى جهدهم لإفسادكم وأنتم تستقبلون صديدا أفكارهم بكل رحابة صدر لأنكم لا تعون ما يخطط لإفسادكم فانتبهوا لإنفسكم

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"الأحزاب:56. وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين اللهم اجعلنا من المنشغلين بإصلاح أنفسنا ومن تحت أيدينا ومن المساهمين في إصلاح المجتمع بأقوالنا وأفعالنا اللهم اسلل سخائم صدورنا ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ولا تجعلنا حاسدين ولا محسودين واجعلنا صالحين مصلحين محسنين غير مفسدين، اللهم عليك بأعداء الإسلام عامة وحسن نصر اللات في لبنان خاصة

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.البقرة:201. وأدخلنا الجنة مع الأبرار واغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.النحل:90. فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.العنكبوت:45.

1435-1-8

الحمد لله يحب من يستر عيب غيره فيستره في الدنيا والآخرة وأشهد أن لا إله إلا الله يكره أن يتحدث المسلم بما يشين غيره وأشهد أن محمداً رسول الله القائل "من ستر أخاه المسلم في الدنيا فلم يفضحه ستره الله يوم القيامة" صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تأدب بآدابه

أما بعد

فقد قال الله تعالى: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون

عباد الله : من الآداب الإسلامية أن يحترم الإنسان شعور غيره فلا يلتمس عيوبه ولا يكشف دخائله ومخبآته ولا يذيع فيه قالة السوء لتسوء سمعته وسيرته بل يعمل دائماً على ستر عيوبه ولا يعمد ابدأ إلى إذاعة عيب أخيه بل يحب لأخيه ما يحب لنفسه

والله تبارك وتعالى يستر في الدنيا والآخرة عيب من ستر عيب أخيه في الدنيا فلا يفضحه في الدنيا ولا في الآخرة

واعلم يا عبد الله أن هذا الستر مشروط بشروط لا بد من ملاحظتها منها أن يكون العيب متعلقاً بحق الله تعالى لا بحق العبد فإذا كان متعلقاً بحق العبد كالسرقة مثلاً وجبت المبادرة بضبط السارق أو منعه منها حتى لا يضيع حق العبد ومنه أن يكون المستور عليه من ذوي الهيئات والمروءات الذين لم يعتادوا الإجرام فإذا كان من السقاط الأشرار المجرمين الفجار الذين لم يبالوا بفعل النكرات والمجاهرة بها وجب الضرب على يديه وإبلاغ أمره إلى أولى الأمر حتى يسلم الناس من شره وظلمه فإن الستر عليه والحال هكذا يطعمه من التمادي فيما هو فيه وهذا إشاعة للفوضى

والإسلام دين اللفطرة الخالد جاء لإصلاح حال الناس في معاشهم ومعادهم وحفظ الإنسانية كلها من داء اختلال الأمن العام

فالله جل شأنه يكره أن يتحدث المسلم في أخبار الناس ويتتبع عوراتهم أو يتقول عليهم ويذيع الشائعات الكاذبة دون تحرج وتثبت فإن هذا إيذاء لهم ونيل من كرامتهم واشتغال بما لا جدوى فيه ولا نفع وهو أيضاً إثارة للعداوة والفتن وفتح لأبواب الشر والفرقة

وإن من يشغل نفسه بعيوب غيره لا ي خلو من ثلاثة أغراض فإما أن يكون غرضه الشماتة والمجاهرة بسروره بذلك وإما أن يقصد التشهير بصاحبه وفضيحته بين الناس وإما أن يدعي إظهار التحزن والتحسر لما أبتلي به

ومن البداهة أنه لا شيء من هذه الأمور الثلاثة يصلح أن يكون عذراً أو مبرر يسوغ له إهمال عيوب نفسه واشتغاله بما لا يعينه ولا يفيده شيء من عيوب الناس

فالخوض في أعراض الناس وسيرهم وترويج الشائعات الكاذبة عنهم واغتيابهم والإيقاع بهم منكرات تسيء إلى المجتمع أيما إساءة وتصير به إلى التفرق والنزاع

فيا أيها المسلم اتق الله ولا تخض مع من يخوضون في الباطل ولا تندفع مع دعاة السوء ومختلقي الأراجيف والشائعات الكاذبة فإن ذلك جناية على نفسك وعلى المجتمع الإنساني

وصفوة القول أن طريق الخير ممهدة للمجتمع فمن أقبل عليها وفقه الله وزاده هدى ومن أعرض عنها خذله صرفه إلى ما أراد مصداقاً لقوله تعالى "إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً" ونار العذاب رهيبة هائلة وقسوة العذاب فيها فوق ما تتصور العقول ولذلك قال تعالى : فما أصبرهم على النار

فاتق الله يا عبد الله واستمع إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله ووسعته السنة ولم يدل عنها إلى البدعة

وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 5 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي