الهجرة 3

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 14 محرم 1435هـ | عدد الزيارات: 1821 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأ شهد أ ن محمداً عبدُه و رسولُه
يَاأيُّها الذين ءامَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَا ته ولاتموتن إلا وأنتم مُسلمُون (آل عمران:102)
يَاأيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (النساء:1)
يَا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قَولاً سَديداً يُصلح لَكُم أَ عما لكم وَ يَغفر لَكُم ذُنُوبَكُم وَ مَن يُطع الله وَ رَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً (الأحزاب:71)

أما بعد

عباد الله: في كل عام يمر علينا شهر محرم ومعه ذكرى هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكة إلى مدينة الرسول المدينة النبوية ومع تجدد الذكرى يتجدد الأمل وتتداعى الذكريات ذكريات الثبات على المبدأ ذكريات الإيمان بالحق والتضحية في سبيله ذكريات الصحبة الخيرة والتوافق العجيب خلال ثلاث عشرة سنة في مكة دعائم الإيمان تثبت في قلوب كانت إلى عهد قريب تعبد الحجر والقمر والكواكب والنجوم ونقلها هذا الوحي المنزل من عالم إلى عالم من أوهام إلى حقائق وتمر الذكرى ذكرى الألم في العذاب بمكة والصمود في وجه الطغيان مهما علا تحمل الرسول القائد عليه الصلاة والسلام أكثر من طاقة انسان عادي تحمل الاستهزاء والسخرية والتكذيب وما أشد أن يكذبك قوم هم يعرفون صدقك وأمانتك وأشد من ذلك أن يكون هؤلاء المكذبون هم أقرباءَك وذوي رحمك.

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة

وتعدى الأمر إلى الإيذاء الجسدي فهذا عقبة بن أبي معيط يضع سلى الجزور على الهادي البشير وهو ساجد وذاك أبو لهب وزوجه يضعان الأذى في طريقه ثم رحلته إلى الطائف وكيف أغروا سفهاءهم بمن جاء لإنقاذهم من الضلال فأدموه بالحجارة وكان همه الأول رضا ربه أما آلامه وجراحه فإنه يحملها معه كما يحمل دعوته صابراً محتسباً ليبلغ رسالته وليكون قدوة لأصحابه البررة الذين ضربوا معه أمثلة الصدق والصبر

أليس منهم بلال صاحب أَحدٌ أَحد وآل ياسر وعمار وسمية

وتمضي الأيام والمعاناة تزداد والصمود يقوى والعزيمة لا تعرف الكلل ولا الملل ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وينطلق ركب الهجرة حتى يبلغ قباء أول مسجد أسس على التقوى ويصلي أول جمعة في أمن وطمأنينة ويبقى أربعة عشر يوماً ثم يمضي إلى حيث أُمرت القصوى إلى حيث يبدأ بأول عمل في تأسيس المجتمع المسلم والدولة المسلمة، إن ذلك العمل هو بناء المسجد النبوي مؤكداً أهمية المسجد في بناء المجتمع المسلم ومن المسجد كانت الانطلاقة انطلاقة العلم والجهاد والعمل والدعوة والتنظيم والبناء انطلاقة الدولة

وأعطتنا الهجرة دروساً عظيمة في اليقين الثابت على الحق أعطتنا أنه مهما اشتد الظلام فإن ذلك ايذاناً بقرب بزوغ الفجر وكلما اشتدت العواصف كان ذلك بشارة بنزول المطر وكلما كان كل شيء ينبئ بأن الأمور تسير من سيء إلى أسوء كان ذلك بشارة على أن هذا السوء لا بد له من نهاية

وأخيراً إن الذي بحاجة إلى النصر هم المسلمون الذين يعانون اليوم من الظلم وتكالب قوى الشر عليهم وهذا يوجب عليهم التضامن والتعاون والبحث عن عوامل النصر التي ذكرها الحكيم بقوله: يا أيها الذين ءامنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون (الأنفال:45)

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم

الخطبة الثانية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

أما بعد

عباد الله: لنتأمل كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما هاجر من مكة إلى المدينة أول عمل قام به هو بناء المسجد وهذا يدل على أهمية الصلاة لذا قال صلى الله عليه وسلم "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه النسائي وصححه الألباني وتذكرنا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا" رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، وإن واقع الأمة الإسلامية يتطلب منا أن نكون يداً واحدة مع جميع إخواننا المسلمين في كل مكان لا أن يكون الرافضة أقوى منا تماسكاً في وقوفهم ضد أهل السنة في إيران والعراق وسوريا واليمن والأحواز

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"(الأحزاب:56) وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا رواه مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين اللهم اجعلنا من المنشغلين بإصلاح أنفسنا ومن تحت أيدينا ومن المساهمين في إصلاح المجتمع بأقوالنا وأفعالنا اللهم اسلل سخائم صدورنا ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ولا تجعلنا حاسدين ولا محسودين واجعلنا صالحين مصلحين محسنين غير مفسدين وآمرين بالمعروف وناهين عن المنكر اللهم طهر قلوبنا من النفاق والرياء والسمعة اللهم عليك بالرافضة وجميع المنافقين اللهم طهر الأقصى من دنس اليهود اللهم أعنا على مجاهدة أنفسنا ومن تحت أيدينا

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (البقرة:201) وأدخلنا الجنة مع الأبرار واغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون (النحل:90) وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون (العنكبوت:45)

1435-1-14هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 1 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي