الدرس 155: النكاح 4

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 27 صفر 1435هـ | عدد الزيارات: 1782 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

أولى الناس بولاية المرأة في الزواج أبوها ثم أبوه وإن علا ثم ابنها ثم ابنه وإن نزل ثم أخوها لأبويها ثم أخوها لأبيها ثم الأقرب فالأقرب من العصبات على ترتيب الميراث ثم السلطان وينوب عنه الحاكم الشرعي أما الأمير وهو ما يسمى بالحاكم الإداري فإن نيابته عن ولي الأمر فيما هو من الأمور الإدارية وفي تنفيذ أحكام القضاء

ومما ذكرنا يتضح أنه ليس للأمير ولاية على من لا ولي لها من النساء وإنما ولايتها إلى القاضي في حال عدم وجود ولي لها من أهلها

فالولاية على المرأة في عقد النكاح تكون للأب ثم لوصيه فيه ثم للجد من قبله ثم لبقية العصبة الأقرب فالأقرب كالميراث وعدم قيام الأب بالإنفاق على ابنته لا يسقط ولايته عليها

س: عقدت لأختي قبل سن البلوغ وقد انجبت أطفالاً ؟

ج: عقد النكاح صحيح والأولاد ينسبون إلى أبيهم قطعا إن كان عقدك لأختك بعد بلوغ خمسة عشر عاما أو الاحتلام أو إنبات الشعر الخشن حول القبل فوجود واحدة من هذه العلامات كافية في البلوغ وإن كان لم يوجد شيء منها عند العقد فيجدد العقد والأولاد ينسبون إلى أبيهم لوجود شبهة النكاح

ولا يتولى عقد نكاح المرأة إلا مكلف رشيد فإن لم يكن فالقاضي لأن السلطان ولي من لا ولي له

والرشيد هو: الذي يحسن التصرف وذلك بأن يتحرى الكفء المناسب الذي يصلح لموليته

س: امرأة تدعي أنها أرضعتني وأمي تنفي ذلك ؟

ج: إن كانت المرضعة عدلاً وجزمت بأنها أرضعتك خمس رضعات فأكثر في الحولين فهي أمك من الرضاعة وأولادها ذكوراً وإناثاً إخوة لك من الرضاعة ولا اعتبار لنفي أمك الرضاع لأن المُثبِت مقدم على النافي

س: المرأة في بلد والولي في بلد آخر يتعذر الإتصال عليه ؟

ج: المرأة التي ليس لها ولي أو لها ولي ولكن يتعذر الاتصال به بأي وسيلة من وسائل الاتصال فإن السلطان هو الذي يزوجها والقاضي نائب عن السلطان في ذلك فإذا زوجها السلطان أو نائبه صح العقد

س: رجل مأذون شرعي هل له أن يعقد لنفسه ؟

ج: نعم يجوز له أن يعقد لنفسه على امرأة يتولى عقد المرأة وليها فيزوجه إياها مع استيفاء شروط النكاح الأخرى لأن له أن يتولى عقد زواجه ممن يريد الزواج بها وهو غير مأذون بالإجماع مادام مستوفيا لشروط الولاية وكونه مأذونا له من قبل ولي الأمر في إبرام عقود النكاح لا يزيده إلا قوة وصلاحية

س: حكم اختلاف الدين بين البنت ووليها ؟

ج: إذا كانت البنت كافرة وأبوها مسلم فلا ولاية له عليها لأن من شروط صحة النكاح اتفاق الدين بين الولي وموليته فلا يزوج كافر مسلمة ولا مسلم كافرة

ولا يصح عقد بدون ولي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي

ولا تجوز الخلوة بالمرأة المخطوبة ولا تقبيلها ولا لمسها لأنها بمنزلة المرأة الأجنبية قبل عقد النكاح الصحيح

وإذا عقد الولي الأبعد للمرأة في النكاح مع وجود الولي الأقرب بدون عذر شرعي للولي الأقرب ولا وصية منه فإن عقده باطل ولا يصح معه النكاح لأنه لا ولاية له على المرأة مع وجود مستحقها وهو الولي الأقرب منه

ويجوز للوالد أن يزوج ابنه الذي لم يبلغ الحلم ويتولى الأب نفسه عقد النكاح نيابة عن ابنه

ويجوز للأب أن يباشر عقد النكاح لابنه إذا وكله الابن وكان بالغاً على إجراء عقد النكاح ويكون النكاح صحيحاً إذا تمت أركانه وشروطه وانتفت موانعه وقد دلت الأدلة الشرعية على أن زواج المسلم بالمسلمة لا ينعقد ولا يصح إلا بولي وشاهدين عدلين لقوله صلى الله عليه وسلم "لا نكاح إلا بولي" وشاهدي عدل ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً أنه قال "البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة" ولأن عمر رضي الله عنه أتى بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة فقال: هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو كنت تقدمت فيه لرٌجِمت.

أما زواج المسلم بالكتابية فلا يصح أيضاً إلا بشهادة مسلمين عدليين في أًقوال أهل العلم لعموم ما تقدم من الأحاديث والآثار ولموافقته مقاصد الشرعية

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان وكانت مسلمة وأبو سفيان لم يسلم وكَّل النبي صلى الله عليه وسلم عمرَو بن أمية الضمري فتزوجها من ابن عمها خالد بن سعيد بن العاص وكان مسلما

قلت: الحادثة وقعت حين كانت أم حبيبة مع زوجها في فترة الهجرة إلى الحبشة فتنصر زوجها وكان الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة فأجري له عقد النكاح وهي بالحبشة تطيباً لخاطرها

وإن عضل أقرب أولياء حرة فلم يزوجها بكفء رضيته زوجها الأبعد فإن لم يكن فالحاكم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: السلطان ولي من لا ولي له

ولا يجوز للمرأة أن تعقد لنفسها لقوله صلى الله عليه وسلم "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" وقوله صلى الله عليه وسلم "لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها" والكتابية يزوجها والدها فإن لم يوجد أو وجد وامتنع يزوجها أقرب عصبتها فإن لم يوجدوا أو وجدوا وامتنعوا يزوجها القاضي المسلم إن وجد فإن لم يوجد زوجها أمير المركز الإسلامي في منطقتها لأن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة دلت على ذلك لكن ليس للمسلم أن ينكح الكتابية إلا إذا كانت محصنة وهي الحرة العفيفة عن الزنا

وإذا تم العقد وأحد الشاهدين غير مسلم تجب إعادة العقد بشاهدي عدل

والأصل في المسلم العدالة والمحافظة على الصلاة وإذا كنت لا تعلم عنه شيئا فالأصل أنه يصلي ويجوز لك الشهادة على عقد النكاح وإن علمت أنه لا يصلي وهي تصلي أو العكس فلا تشهد على عقد النكاح لأنه باطل وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لا أشهد على جور

ويصح عقد النكاح بشاهدين عدلين من أقارب الزوجين إذا لم يكونا من عمودي نسب المشهود له أي آبائه وأجداده أو أبنائه وأبناء أبنائه لعدم التهمة في حقهم فتقبل شهادة الأخ لأخيه ولا تقبل شهادة الولد لوالده ولا شهادة الوالد لولده

س: عن الكفاءة في الزواج ؟

ج: الصحيح أن المعتبر في النكاح الكفاءة في الدين لا في النسب لعموم قوله تعالى "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (الحجرات 13) ولما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج فاطمة بنت قيس وهي قرشية أسامة بن زيد مولاه رضي الله عنهم ولما ثبت من أن زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم تزوج زينب بنت جحش وهي أسدية ولما رواه البخاري عن عائشة أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشي وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم تبنى سالما وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى لامرأة من الأنصار

ولما رواه الترمذي عن أبي حاتم المزني قال قال النبي صلى الله عليه وسلم "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير قالوا يا رسول الله وإن كان فيه قال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه" ثلاث مرات.

ولما رواه أبو داود عن أبي هريرة أن أبا هند رضي الله عنهما حجم النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ فقال صلى الله عليه وسلم "يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه" وأخرجه الحاكم وحسنه لكن لا بد من استئذان البكر واستئمار الثيب وحصول الرضا ولو كانت المخطوبة أعجمية وخاطبها قرشي للأحاديث الواردة في اعتبار ذلك

س: لي ولد يشرب الدخان ويحلق اللحية وهو يصلي الصلوات المكتوبة وطلب مني أن أزوجه امرأة فهل يحق لي أزوجه أم لا ؟
ج: تشرع مساعدته في الزواج لأن هذه المذكورات لا تمنع ذلك وتنصحه بتوفير لحيته وإعفائها وترك التدخين ونرجو أن يكون تزويجك له من أسباب صلاحه وطاعته لك لأن الخير يأتي بالخير

س: ما حكم الزواج من فتاة متبرجة أحبها وقد وعدتني بالعودة إلى الله ؟

ج: إذا كان الواقع ما ذكر من استعدادها لترك التبرج والعودة إلى الله سبحانه فيجوز لك تزوجها إن كانت مسلمة أو كتابية محصنة عسى الله أن يهديها ويحقق لك ما تصبو إليه من تحصين فرجك والتسبب في هدايتها

س: ما حكم تزويج من يدخن ؟

ج: يجب على ولي أمر المرأة أن ينظر في أمر من يخطب موليته وأن يتقصى الأخبار عنه ما استطاع ويختار لها صاحب الدين وذا الخلق الكريم ومن معاملته حسنة مع الناس فاسأل عن الرجل فإن كان مقيما لأركان الإسلام من التوحيد والصلوات الخمس والزكاة والصيام والحج إلى غير ذلك من الأخلاق الكريمة وحسن الخصال فزوجه بعد إذن المخطوبة وإن كان يقع منه بعض المعاصي إذا لم تجد خيرا منه

س: ما حكم الذي يزوج ابنته للذي لم يعرف شيئاً من أركان الإسلام ؟

ج: ينبغي لولي المرأة أن يختار لموليته الأصلح دينا وخلقا وأمانة لدلالة الأدلة الشرعية على ذلك

س: لي ابن يبلغ من العمر الآن أربعين سنة فيه شيء من قصور نمو العقل حيث إن النمو العقلي لديه بمعدل سنة في كل سبع سنوات كما قال أحد الأطباء ؟

ج: يشرع لكم تزويجه من ماله ما دام يرغب في ذلك لما في ذلك من إعفافه

قلت: يجب إعلام الزوجة بالقصور العقلي لديه .

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-2-27 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 4 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 140 الجزء الرابع ‌‌أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة. - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي