الدرس 181: آداب الأكل والشرب

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 11 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 1882 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالأكل باليمين والشرب باليمين وعلل الأمر بأن الشيطان يأكل ويشرب بشماله رواه مسلم

وفي حديث جابر رضي الله عنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل بالشمال فقال "لا تأكلوا بالشمال فإن الشيطان يأكل بالشمال" رواه أحمد

فمن هذه الأحاديث يتضح أن النهي عن الأكل والشرب بالشمال لئلا نتشبه بعدونا الشيطان

والأصل أن يشرب الإنسان قاعدا وهو الأفضل وله أن يشرب قائما وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمرين للدلالة على أن الأمر في ذلك واسع

ولا يجوز التنفس ولا النفخ في الإناء عند الشرب لما في الصحيحين عن أبي قتادة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء" رواه مسلم

وفي سنن الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الشراب فقال رجل القذاة أراها في الإناء فقال أهرقها قال إني لا أروى من نفس واحد قال فأبن القدح إذا عن فيك" وقال الترمذي حديث حسن صحيح، ومعنى أبن القدح أي أبعده

وهدي النبي صلى الله عليه وسلم عند ابتداء الأكل من الطعام أن يقول "بسم الله" لما ثبت من حديث عمرو بن سلمة قال: كنت غلاما في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي: يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك

وإذا كان في الأوراق البسملة أو آية أو آيات من القرآن أو أحاديث لم يجز الأكل عليها أو رميها في القمامة والأوساخ بل تحرق أو تدفن في مكان بعيد عن القاذورات وممرات الناس أو تمزق تمزيقا يذهب معالم البسملة والآيات والأحاديث ولا حرج في ذلك

والمخدرات من الخبائث وقد حرم الله على عباده جميع الخبائث ولم يحل لهم إلا الطيبات كما في قوله تعالى في سورة المائدة "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ" وقوله في سورة الأعراف في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم "وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ" ولما روى أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتر" ومعلوم أن المخدرات من المفترات ولما في المخدرات من الأضرار العظيمة وقد قال عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار

ويحرم بيع الحشيشة وشراؤها واستعمالها أكلا وشربا ومضغا لما فيها من الإسكار والمضار والمفاسد العظيمة وقد ورد النهي عن المسكر ففي صحيح مسلم وسنن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل مسكر خمر وكل خمر حرام" وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "كل مسكر حرام" رواه أحمد ولا يجوز الأكل من ثمنها

ويحرم تعاطي الشمة ويجب على متعاطيها الإقلاع عنها بأن يصدق العزم وأن يكون قوي الإرادة في تركها وأن يكثر من ذكر الله والاستغفار وصلاة متعاطيها وصومه وحجه صحيح إذا استوفى كل منها شروط صحته ولا تأثير لاستعمال الشمة في ذلك

وكل ما يشم أو يتعاطى من المخدرات على اختلاف أنواعها حرام وفيه وعيد شديد ومن جملة ذلك الشمة وكذلك ما يسمى بالقات فإنه قد ثبت أنه من جملة المفترات

والشمة مادة خبيثة لأنها مركبة من مواد خبيثة محرمة واستعمالها من الصائم مع ما فيه من الإثم يبطل صومه كسائر استعمال المواد المفطرة

وإذا بلغت الكلونيا بما فيها من الكحول درجة الإسكار بشرب الكثير منها حرم الإبقاء عليها قلت أم كثرت ووجبت إراقتها وإتلافها لأنها خمر وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر المسلمين بإراقة ما لديهم من الخمور حينما نزل قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ" سورة المائدة

ولما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم "ما أسكر كثيره فقليله حرام" وعلى ذلك يحرم شربها والتطيب أو التطهير بها أما إن لم تبلغ درجة الإسكار بما فيها من الكحول بشرب الكثير منها فيجوز شراؤها واقتناؤها واستعمالها تطيبا وتطهيرا بها لأن الأصل الجواز حتى يثبت ما ينقل عنه

ولا يجوز شرب الشيشة لخبثها ولما فيها من أضرار صحية واجتماعية واقتصادية

وكل بيرة خالية من الكحول المسكر يجوز شربها

ولا يجوز خلط البيرة بكحول مسكر سواء كان قليلا أم كثيرا فإن خلطت بشيء من الكحول المسكر حرم شربها إذا بلغت بذلك حد الإسكار بشرب الكثير منها وإلا جاز شربها

لا يجوز الأكل بالملاعق والشوك المصنوعة من الفضة أو الذهب وكذا المطلية بأحدهما

ولا يجوز بيع الأواني والأدوات الصحية إذا كانت مطلية بالذهب أو الفضة على الرجال والنساء لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخر" متفق على صحته

وقوله صلى الله عليه وسلم "الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم" متفق على صحته واللفظ لمسلم

وبقية الاستعمالات ملحقة بالأكل والشرب لعموم العلة والمعنى سدا للذريعة وكذا الساعات والنظارات المطلية بالذهب أو الفضة لا يجوز بيعها على الرجال

والمموه بالذهب والفضة يدخل في ذلك لأن فيه استعمالا للذهب والفضة في الأكل والشرب

والقات محرم لا يجوز لمسلم أن يتعاطاه أكلا وبيعا وشراء وغيرها من أنواع التصرفات المشروعة في الأموال المباحة وقد صدر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فتوى في تحريمه من 16 صفحة في 11/4/1376 هـ انظر فتاوى اللجنة الدائمة المجلد 22 ط 1 من ص 159 - 174

حفظ الله المسلمين من الوقوع في الشبهات

وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1435-3-11 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة