غزوة بدر

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 10 ربيع الثاني 1435هـ | عدد الزيارات: 1852 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.آل عمران:102.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً.النساء:1.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً.الأحزاب:70-71.

أما بعد

عباد الله: الجهاد فرضه الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة وتكوين الدولة الإسلامية ومن أجل اتساعها وإزالة الحواجز التي تمنع من ذلك كان لا بد من الجهاد فكانت غزوة بدر أول هذه الغزوات التي انتصر فيها الحق على الباطل ويسرني أن أسرد عليكم تاريخ هذه الغزوة المباركة فأحداث هذا التاريخ يطول عرضه ولا شك أن المسلم الذي يرد المسجد ملم بعض الإلمام بتفاصيل هذه الأحداث لأنها جزء من بناء دينه المتين وفصل من فصول التاريخ لأمتنا الإسلامية المجيدة وإنما الذي يعنينا هو أن نقف بكم على المعالم البارزة في ذلك التاريخ وهي المعالم التي تحمل في طياتها دروساً في الكفاح وعظات تفيدنا في حاضرنا الذي هو نقطة انطلاق إلى مستقبلنا ونجمل هذه الدلائل والدروس فيما يلي

يدلنا السبب الأول لغزوة بدر أن الدافع الأصلى لخروج المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن للقتال و الحرب وإنما كان الدافع قصد الإستيلاء على عير قريش القادمة من الشام تحت إشراف ابى سفيان غير أن الله تبارك وتعالى أراد لعباده غنيمة أكبر ونصراً أعظم وعملاً أشرف وأكثر إنسجاماً مع الغاية التى ينبغى أن يستهدفها المسلم فى حياته كلها فأبعد عنهم العير التى كانوا يطلبونها وأبدلهم بها نفيراً لم يكونوا يتوقعونه وفى هذا دليل على أمرين

الأول: أن عامة ممتلكات الحربيين تعتبر بالنسبة للمسلمين أموالاً غير محترمة وهذا حكم متفق عليه عند عامة الفقهاء

الأمر الثانى: أنه بالرغم من مشروعية هذا القصد فإن الله تبارك وتعالى أراد لعباده المؤمنين قصداً أرفع من ذلك وأليق بوظيفتهم التى خلقوا من أجلها ألا وهى الدعوة الى دين الله و الجهاد فى سبيل ذلك والتضحية بالروح و المال فى سبيل إعلاء كلمة الله ومن هنا كان النصر العظيم حليف أبى سفيان فى النجاة بتجارته بمقدار ما كانت الهزيمة العظيمة حليف قريش فى ميدان الجهاد بينهم وبين المسلمين

ثانيا: عندما نتأمل كيف يجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أصحابه ليشاورهم فى الأمر الذى فوجئوا به بعد أن أفلت منهم العير وطلع عليهم النفير العظيم المدجج بالسلاح الكامل نقف على دلالتين شرعيتين لكل منهما أهمية بالغة

الدلالة الأولى: إلتزامه صلى الله عليه وسلم مبدأ التشاور مع أصحابه وإذا إستعرضنا حياته صلى الله عليه وسلم وجدنا أنه كان يلتزم هذا المبدأ فى كل أمر لا نص فيه من كلام الله مما له علاقة بالتدبير و السياسة الشرعية ومن أجل هذا أجمع المسلمون على أن الشورى فى كل ما لم يثبت نص ملزم فيه من كتاب الله أو سنة أساس تشريعى لا يجوز إهماله

الدلالة الثانية: إذا رأى الحاكم أن من الخير للمسلمين أن لا يجابهوا اعدائهم بالحرب وتثبت من صلاحية رأيه بالتشاور و المذاكرة فله أن يجنح الى سلم ريثما يأتى الظرف المناسب والملائم للقتال وهذا ما اتفق عليه الفقهاء ودلت عليه مشاهد كثيرة من سيرته صلى الله عليه وسلم اللهم إلا إذا داهم العدو المسلمين فى عقر دورهم وبلادهم فإن عليهم دفعه بالقوة

ثم إن الصحيح الذى اتفق عليه الفقهاء أن هذه الشورى مشروعة ولكنها ليست بملزمة

ثالثاً: يجوز للإمام أن يستعين فى الجهاد وغيره بالعيون و المراقبين يبثهم بين الأعداء ليكتشف المسلمون خططهم و أحوالهم وليتبينوا ما هم عليه من قوة فى العدة و العدد

وقد فعل هذا هو بنفسه صلى الله عليه وسلم ومعه رجل من أصحابه حتى وقف على شيخ من العرب فسأله النبى صلى الله عليه وسلم عن قريش وعن محمد و أصحابه

رابعاً: أهمية التضرع لله وشدة الإستعانة به: فقد رأينا كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم يجأر إلى الله داعياً متضرعاً باسطاً كفيه الى السماء يناشد الله عز وجل أن يؤتيه نصره الذى وعد حتى سقط عنه رداءه مع وثوقه بالنصر حيث أنه أشار إلى مصارع الناس في أماكن متفرقة من الأرض وذلك بقوله هذا مصرع فلان وقد وقع الأمر كما قال وهذا يدل على أن وظيفة العبودية التي خلف من أجلها الإنسان هي ثمن النصر في كل حال

خامساً: الإمداد بالملائكة فى غزوة بدر: فنزول الملائكة للقتال مع المسلمين إنما هو مجرد تطمين لقلوبهم واستجابة حسية لشدة إستغاثتهم وما النصر إلا من عند الله

سادساً: إن مسألة الأسرى ومشاورة الرسول صلى الله عليه وسلم فى شأنهم وما أعقبه من حكم إفتدائهم بالمال ثم نزول آيات تعتب على النبى صلى اله عليه وسلم وعلى أصحابه إتخاذ ذلك الحكم

دلتنا هذه الواقعة على أن النبى صلى الله عليه وسلم كان له أن يجتهد والذين ذهبوا الى هذا وهم جمهور علماء الأصول إستدلوا على ذلك بمسألة أسرى بدر وإذا صح للرسول صلى الله عليه وسلم أن يجتهد صح منه بناءاً على ذلك أن يخطىء فى الإجتهاد ويصيب غير أن الخطأ لا يستمر بل لابد أن تنزل آية من القرآن تصحح له إجتهاده فإذا لم تنزل آية فهو دليل على أن إجتهاده صلى الله عليه وسلم قد وقع على ما هو الحق فى علم الله تعالى

جعلني الله وإياكم من المعتبرين بالأحداث وجعل الله حروب المسلمين من أجل إعلاء كلمة الحق

هذا واستغفروا ربكم إنه كان غفاراً

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

أما بعد

عباد الله: بنظرة تأمل لواقع المسلمين في الوقت الحاضر يعتصر القلب ألماً لما يسمع من أخبارهم ففي فلسطين وكشمير وسوريا وبورما وأهل السنة في العراق لا نملك إلا أن نسأل الله لهم العون والتمكين، وفي افغانستان والصومال ومصر وتونس وليبيا نسأل الله لهم أن يجمع شملهم وألا يجعل بأسهم بينهم، وفي الشيشان نسأل الله الذي نصرهم في البداية أن ينصرهم في النهاية لقطف الثمار، أما في اليمن فنسأل الله أن ينصرهم على الحوثيين الرافضة الكفرة الفجرة

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وأكثروا من ذكر الله وادعوا لإخوانكم المستضعفين في كل مكان وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله

1435-4-10

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

1 + 5 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي