الدرس 292 الحج

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 3 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1478 القسم: الفوائد الكتابية

الإخوة الأفاضل

تعلمون أن الحج الركن الخامس من أركان الإسلام فأدّوا ما فرض عليكم من الحج إلى بيته الحرام حيث استطعتم إليه سبيلاً، فقد قال الله تعالى "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" (آل عمران 97)وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الإسلام بني على هذه الخمس، فلا يتم إسلام العبد حتى يحج، ولا يستقيم بنيان إسلامه حتى يحج

ففريضة الحج ثابتة بكتاب الله تعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم وبإجماع المسلمين عليها إجماعًا قطعيًّا فمَن أنكر فريضة الحج فقد كفر ومَن أقَرَّ بها وتركها تهاونًا فهو على خطر فكيف تطيبُ نفس المؤمن أن يترك الحج مع قدرته عليه بماله وبدنه وهو يعلم أنه من فرائض الإسلام وأركانه كيف يبخل بالمال على نفسه في أداء هذه الفريضة وهو يُنفق الكثير من ماله فيما تهواه نفسه وكيف يوفر على نفسه التعب في الحج وهو يُرهق نفسه في التعب في أمور دنياه وكيف يتثاقل فريضة الحج وهو لا يجب في العمر إلا مرّة واحدة وكيف يتراخى ويؤخّر أداءه وهو لا يدري فلربما لا يستطيع الوصول إليه بعد عامه

فاتَّقوا الله عباد الله وأدوا ما فرضه الله عليكم من الحج تعبّدًا لله تعالى، ورضًا بحكمه، وسمعًا وطاعة لأمره إن كنتم مؤمنين "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً" (الأحزاب 36)

إن المؤمن إذا أدّى الحج بعد بلوغه مرّة واحدة فقد أسقَطَ الفريضة عن نفسه وأكمل بذلك أركان الإسلام

إن من تمام رحمة الله ومن بالغ حكمته أن جعل لفرائضه حدودًا وشروطًا لتنضبط الفرائض وتتحدّد المسؤولية وجعل هذه الحدود والشروط في غاية المناسبة للفاعل والزمان والمكان، ومن هذه الفرائض الحج، فله حدود وشروط فمنها البلوغ، ويحصل البلوغ في الذكور بواحد من أمور ثلاثة: إنزال المني، أو تمام خمس عشرة سنة أو نبات شعر العانة، وفي الإناث بهذه الثلاثة وزيادة أمر رابع وهو الحيض، ومن شروط وجوب الحج أن يكون مستطيعًا بماله وبدنه فالاستطاعة بالمال أن يملك الإنسان ما يكفي لحجه زائدًا عن حوائج بيته وما يحتاجه من نفقة وكسوة له ولعياله وأجرة سكن لمدة سنة وقضاء دَيْون حاله، والدَّيْن كل ما ثبت في ذمة الإنسان من قرض وثمن مبيع وأجرة وغيرها فمَن كان في ذمته درهم واحد حالٌّ فهو مَدِين ولا يجب عليه الحج حتى يبرئ ذمته منه إما بوفاء أو إسقاط لأن قضاء الدَّيْن مهم جدًّا، حتى إن الرَّجل لَيُقتل في سبيل الله شهيدًا فتكفّر عنه الشهادة كل شيء إلا الدَّيْن فإنها لا تكفّره، وحتى إن الرَّجل ليموت عليه الدَّين فتتعلّق نفسه بدَيْنه حتى يُقضى عنه

والاستطاعة بالبدن أن يكون الإنسان قادرًا على الوصول بنفسه إلى البيت؛ أي مكة بدون مشقة فإن كان لا يستطيع الوصول إلى البيت أو يستطيع الوصول ولكن بمشقة شديدة كالمريض فإن كان يرجو الاستطاعة في المستقبل انتظر حتى يستطيع ثم يحج، فإن مات حُجَّ عنه من تركته، وإن كان لا يرجو الاستطاعة في المستقبل كالكبير والمريض الميؤوس من برئه فإنه يُوَكِّل مَنْ يحج عنه من أقاربه أو غيرهم، فإن مات قبل التوكيل حُجّ عنه من تركته، وإذا لم يكون للمرأة مَحْرم فليس عليها حج؛ لأنها لا تستطيع السبيل إلى الحج فإنها ممنوعة من السفر بدون مَحْرم

والرسول صلى الله عليه وسلم حينما أخبره رجل أن زوجته ذهبت بدون محرم وأنه قد اكتتب في الجهاد أمره صلى الله عليه وسلم أن يحج مع امرأته

ولا بدَّ أن يكون المحْرَم بالغًا عاقلاً، فمَن كان دون البلوغ لا يكفي أن يكون محْرَمًا؛ لأن المقصود من المحْرَم حفظ المرأة وصيانتها وهيبتها وذلك لا يحصل بالصغير

والمرأة يحرم عليها السفر على أي حال وعلى أي مركوب طائرة أو سيارة إلا بمحرم وهو زوجها وكل من يحرم عليه نكاحها تحريماً مؤبداً

اللهم يسر أمر الحجيج وتقبل منهم واحفظهم في حلهم وترحالهم

وبالله التوفيق

1435-5-3 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 8 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي