الدرس 281 الربا

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 3 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1387 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله الذي فضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً

الربا كبيرة من كبائر الذنوب فاحذروا أسباب سخطه وعقابه احذروا من ما حذركم الله منه إن كنتم مؤمنين واحذروا الربا فإنه من أسباب لعنة الله تعالى ومقته وإن الربا من أكبر الكبائر التي حذر الله تعالى منه في كتابه وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منه في سنته وأجمع المسلمون على تحريمه ، اسمعوا قول الله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ " (البقرة 278-279) .

اسمعوا قول الله تعالى " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ "(البقرة 275 -276)" .

افهموا هذه الآية العظيمة وما تتضمن من التحذير من الربا والوعيد عليه وافهموها وعوها ونفذوها فإن لم تفهموها فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون أو طالعوا ما قاله المفسرون فيها إن كنتم تقدرون لقد قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسير الآية: ذكر الله الظالمين أهل الربا والمعاملات الخبيثة وأخبر أنهم يجازون بحسب أعمالهم فكما كانوا في الدنيا في طلب المكاسب الخبيثة كالمجانين عوقبوا في البرزخ بأنهم لا يقومون من قبورهم أو يوم بعثهم ونشورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس أي من الجنون والصرع

ولقد صدق رحمه الله تعالى فإن المرابين كالمجانين لا يعون موعظة ولا يرعون عن معصية نسأل الله لنا ولهم الهداية
أيها الإخوة

اسمعوا ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء" رواه مسلم

اسمعوا ما صح عنه من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "رأى في منامه نهرا من دم فيه رجل قائم وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رماه الرجل الذي على شط النهر بحجر في فمه فرده حيث كان فجعل الرجل الذي في نهر الدم كلما جاء ليخرج رماه الرجل الذي على شط النهر بحجر في فمه فيرجع كما كان فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الرجل الذي رآه في نهر الدم فقيل هذا آكل الربا" رواه البخاري

اسمعوا ما رواه أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "أتى ليلة أسري به على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء أكلة الربا"

واسمعوا ما جاء في الحديث "الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه" رواه الحاكم وله شواهد

واعلموا يا عباد الله أن المداينة أقسام منها ما هو حلال ومنها ما هو رباً حرام

القسم الأول: أن يحتاج إلى شراء سلعة وليس عنده ثمن حاضر ينقده، فيشتريها إلى أجلٍ معلومٍ بثمن زائد على ثمنها الحاضر فهذا جائز مثل أن يشتري سيارة بعشرة آلاف يدفع القيمة بعد سنة، وتكون قيمته لو بيع نقداً تسعة آلاف وهذا داخل في قوله تعالى "يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ" (البقرة 282)

القسم الثاني: أن يشتري السلعة إلى أجل لقصد الاتجار مثل أن يشتري قمحاً بثمن مؤجل زائد على ثمنه الحاضر ليتجر به إلى بلد آخر أو لينتظر به زيادة السوق فهذا جائز أيضاً لدخوله في الآية السابقة

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذين القسمين أنهما جائزان بالكتاب والسنة والإجماع. ذكره ابن قاسم في مجموع الفتاوى ص499 ج29

القسم الثالث: أن يحتاج إلى دراهم فيأخذها من شخص بشيء في ذمته مثل أن يقول لشخص أعطني خمسين ريالاً بخمسة وعشرين صاعاً من البُرِّ أسلِّمها لك بعد سنة، فهذا جائز أيضاً، وهو السَلمُ الذي ورد به الحديث الثابت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قَدمَ النبي صلى الله عليه وسلّم المدينة وهم يسلِفُونَ في الثمار السنة والسنتين فقال صلى الله عليه وسلّم "مَن أسلف فليُسْلِف في كيلٍ معلوم إلى أجلٍ معلوم"

القسم الرابع: أن يكون محتاجاً لدراهم فلا يجد من يقرضه فيشتري من شخص سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها على صاحبها الذي اشتراها منه بثمن أقل منه نقداً، فهذه مسألة العينة، وهي حرام لقوله صلى الله عليه وسلّم "إذا ضنَّ الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أنزل الله بهم بلاءً لا يرفعه حتى يرجعوا لدينهم" رواه أحمد وأبو داود

ولأن هذه حيلة ظاهرة على الرِّبا، فإنه في الحقيقة بيعُ دراهم حاضرة بدراهم مؤجلة أكثر منها دخلت بينهما سلعة، وقد نص الإمام أحمد وغيره على تحريمها.

اللهم احفظنا من الوقوع في الربا واغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك

وبالله التوفيق

1435-5-3 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 3 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي