الدرس 280 محظورات الإحرام

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 3 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1385 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مبارك كما يحب ربنا يرضى وبعد

لقد فرض الله عليكم فرائض فلا تضيّعوها، وحَدَّ حدودًا فلا تعتدوها، فرض عليكم تعظيم شعائره وحرماته "وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ" (الحج 30 )ألا وإنَّ من شعائر الله مناسك الحج والعمرة "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ" (البقرة 158)فعظِّموا هذه المناسك فإنها عبادة عظيمة ونوع من الجهاد في سبيل الله

سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم "هل على النساء جهاد قال عليهنّ جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة" عظموا هذه المناسك بالقيام بما أوجب الله عليكم والبعد عما حرم عليكم "فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ" (البقرة 197)

عظموا هذه المناسك بالإخلاص فيها لله تعالى والاتباع لنبيكم محمد صلى الله عليه وسلم

قوموا بما أوجب الله عليكم من الطهارة والصلاة جماعة في أوقاتها والنصح للمسلمين واجتنبوا ما حرم الله عليكم من المحرمات العامة من الفسوق بجميع أنواعه

اجتنبوا الكذب والغِش، والخيانة، والنّميمة، والغِيبة، والاستهزاء بالمسلمين والسخرية منهم واجتنبوا الاستماع إلى المعازف والأغاني المحرمة

اجتنبوا كل ما يلهيكم عن إكمال مناسككم وإتمامها

واجتنبوا ما حرّمه الله عليكم تحريماً خاصاً بسبب الإحرام وهي محظورات الإحرام

فاجتنبوا الرفث وهو الجِماع ومقدّماته من اللمس والتقبيل والنظر بشهوة وتلذّذ؛ فالجِماع أعظم محظورات الإحرام وأشدّها تأثيرًا، مَن جامَع قبل التحلل الأول فسد حجه ولزمه إنهاؤه وقضاؤه من العام المقبل وفديةٌ بدنةٌ ينحرها ويتصدّق بها على الفقراء في مكة أو مِنى

واجتنبوا الأخذ من شعر الرأس فإن الله تعالى يقول: "وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّه"( البقرة 196) وأَلْحَقَ جمهور العلماء شعرَ بقية البدن بشعر الرأس وقاسوا عليه إزالة الأظافر وقالوا لا يجوز للمُحْرم أن يأخذ شيئًا من شعره أو أظافره إلا أن ينكسر ظفره فيؤذيه فله أخذ ما يؤذيه فقط وإذا اغتسل وسقط شيء من شعر رأسه فلا شيء عليه ومَنْ حلق رأسه أو شيئاً منه فعليه فدية يفدي بها نفسه من العقوبة وهي إما صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين من قوت البلد لكل مسكين نصف صاع أي تسعة كيلو غرام أو شاة يذبحها ويتصدق بها على المساكين ويكون الإطعام والذبح في مكة أو في مكان فعل المحظور

واجتنبوا قتل الصيد؛ فإن الله يقول "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ" (المائدة 95) سواء كان الصيد طائرًا كالحمام أم سائرًا كالظباء والأرانب، فمَنْ قتل صيدًا متعمّدًا فعليه الجزاء وهو إما ذبح ما يماثله من الإبل أو البقر أو الغنم فيتصدّق به على المساكين في مكة أو مِنى، وإما تقويمه بدراهم يتصدّق بِما يساويها من الطعام على المساكين في مكة أو مِنى لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد وإما أن يصوم عن إطعام كل مسكين يومًا

وأما قطع الشجر فلا تعلق له بالإحرام، فيجوز للمُحْرم وغير المحرم قطع الشجر إذا كان خارج أميال الحرم، مثل عرفة ولا يجوز إذا كان داخل أميال الحرم مثل مزدلفة ومِنى وحي الغسالة وجزء من حي العزيزية وجزء من الشرائع ومكة إلا ما غرسه الآدمي بنفسه فله قطعه، ويجوز للإنسان أن يضع البساط على الأرض ولو كان فيها حشيش أخضر إذا لم يقصد بذلك إتلافه

واجتنبوا عقد النكاح وخطبة النساء؛ فإنه قد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب" فلا يجوز للمحرم أن يتزوج سواء كان رجلاً أم امرأة ولا يزوج غيره ولا أن يخطب امرأة

واجتنبوا الطيب بجميع أنواعه دُهنًا كان أم بخورًا؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم "لا تلبسوا ثوبًا مسَّه الزعفران" وقال في الرَّجل الذي مات بعرفة وهو مُحْرم "اغسلوه بماء وسدر ولا تخمّروا رأسه ولا تحنّطوه؛ فإنه يُبعث يوم القيامة مُلبّيًا" والحنوط هو الطيب الذي يجعل في قطن على منافذ الميت ومواضع سجوده فلا يجوز للمحرم أن يدهن بالطيب أو يتبخر به وأما التطيب عند عقد الإحرام فهو سنة ولا يضر بقائه بعد عقد الإحرام فقد قالت عائشة رضي الله عنها كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم وقالت كأني أنظر إلى وبيص المسك أي بريقه في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم

واجتنبوا تغطية الرأس بِما يغطى به عادةً ويلاصقه كالعمامة والغُتْرة ؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته ناقته فمات "لا تخمّروا رأسه" أي لا تغطّوه

فأما ما لم تجرِ العادة بكونه غطاءً كالعفش يحمله المحرم على رأسه فلا بأس به إذا لم يقصد به الستر وكذلك ما لا يلاصق الرأس كالشمسية ونحوها فلا بأس به لأن المنهي عنه تغطية الرأس لا تظليله

وتحريم تغطية الرأس خاص بالذكور دون الإناث

وأخيراً لا تجب الكفارة إذا وقع في أحد المحظورات إلا إذا كان متعمداً عالماً وأما الناسي والجاهل فلا تجب عليه الكفارة، وكفارة المحظورات مخير بين واحد من ثلاث إما أن يطعم ستة مساكين ممن يسكنون داخل حدود الحرم المكي أو يصوم ثلاثة أيام ولو بعد العودة أو يذبح شاة توزع على فقراء الحرم

أما إذا ترك واجباً من واجبات الحج ولو ناسياً أو جاهلاً فإنه يجب عليه الفدية وهي ذبح شاة توزع على فقراء الحرم، وأما ترك الأركان فإنه يبقى في إحرامه حتى يأتي بذلك الركن مثل الطواف والسعي، أما ترك الوقوف بعرفة فإنه يفسد حجه ويلزمه إكماله والإتيان بحج آخر في العام القادم مع فدية بدنة، وأما ترك الإحرام فإنه لا ينعقد الحج أو العمرة أساساً فعمله لا يقبل منه

وبالله التوفيق

1435-5-3 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 6 =

/500
روابط ذات صلة
المقال السابق
الفوائد الكتابية المتشابهة المقال التالي