الدرس 269 توديع العام

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 4 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1656 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله وبعد

تمر الشهور وتمضى السنون ونحن في سبات غافلون عن الممات ومن علم أن الموت سنة الله في العالمين فكيف يطمع في البقاء وهو يرى كثرة الراحلين ومالك لا تستعد للرحيل أيها المسكين وأنت تعلم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: " كُنْ في الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ أوْ عَابِرُ سَبِيلٍ. " (صحيح البخاري)

أيها الناس : نحن في بداية العام فهنيئاً لمن أحسن واستقام وويل لمن أساء وارتكب الإجرام والمجرمون معروفون بسيماهم موعودن بالانتقام يوم الأخذ بالنواصي والأقدام

هلم نتسائل عن العام المنصرم وكيف قضيناه وتعال نتباحث عما سلف من العمر وكيف أمضيناه ولنفتش كتاب أعمالنا وكيف طويناه فإن كان خيراً حمدنا الله وشكرناه وإن كان شراً تبنا إلى الله واستغفرناه وعملنا من الحسنات ما يأتي على السيات فيمحها كم ولد من عظيم وكم مات فيه من عظيم وكم ولي فيه وعزل من كريم ولئيم وكم غني فيه من فقير معدم وافتقر فيه من غني كبير وسقط من زعيم وكم عز من ذليل وذل من عزيز وتقدم من زنيم وحوادث الزمان لا تحصى بحسبان وربك الرحمن كل يوم هو في شأن فعال لما يريد وهو الحكيم العليم يرفع قوماً ويضع آخرين فيؤتى الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الموت والحياة والتأخير والتقديم

حوادث الدهر كثيرة والناس عنها مشغولون وعبر الأيام جمة ونحن عنها غافلون ومدائن تعمر وأخرى تدمر وإذا أراد الله أمراً فإنما يقول له كن فيكون وهذه الدار للفناء وسكانها للموت والبلاء

كيف ينظر المرء ما أقبل من دهره ويتمنى لقبض المرتب تمام شهره وهو يعلم أن ذلك ينقص من عمره وأنها مراحل يقطعها من سفره وصفحات يطويها من دفتره فهل يسر أحد بوصوله إلى قبره ومفارقته لما له وأهله ومعشره إلا عبداً استعد للقدوم على الله بامتثال أمره واتخذ الدنيا طريقاً إلى مقره فأحسن فيما آتاه الله من صحة ومال وعلم وعقل ومكانة عالية في أهل عصره وراقب الله في فعله وتركه وسره وجهره

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما مِن عامٍ إلَّا والَّذي بعدَهُ شرٌّ منهُ حتَّى تلقَوا ربَّكم " (صحيح الترمذي للألباني) وقال عليه الصلاة والسلام " أعمارُ أمتي ما بينَ الستِّينَ إلى السبعينَ وأقلُّهم من يجوزُ ذلِكَ " (صحيح الترمذي للألباني.)

{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } (الأعراف 54)

اللهم اجعل عامنا هذا خير لنا من العام الماضي اللهم وفقنا فيه من العمل ما يرضيك عنا ويرفع درجاتنا ومقامنا عندك ووفقنا فيه لخدمة الإسلام والمسلمين

وصلى الله على نبينا محمد

1435-5-4 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 8 =

/500