373 البعد عن قرناء السوء

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الجمعة 2 ربيع الثاني 1441هـ | عدد الزيارات: 818 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

ينبغي نصح وإرشاد من يقول ما لا يليق عن العلماء وولاة الأمر والبيان لهم بأنهم يأثمون في ذلك فإن استمروا في هذا المنكر فاترك مجالسهم وقت الخوض في ذلك .

وكذا ينصح من يتكلم في النساء بترك ذلك فإن أبى وجب اعتزاله بعدا عن الشر وأهله وردعا له عن الشر ووسائله والمشروع في حق المسلم أن لا يجالس ولا يجاور من عليه خطر منه ابتعادا بنفسه عن أسباب الفتن فعلى من ابتلي بمثل هؤلاء أن يبتعد عنهم وأن يلتمس له مكانا وبيئة يأمن فيها من أسباب الفتن اللهم إلا إذا كان لديه حصانة دينية وقدرة على إنكار هذا المنكر أو تخفيضه فيشرع في حقه البقاء لهذا الهدف مع الأخذ بأسباب الحيطة والبعد عن الفتن .

لا يجوز مصادقة الفسقة ممن يعملون الفواحش ولا مجالستهم لقول الله تعالى : " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم " المجادلة 22 .

ولعموم قوله تعالى : " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره " الأنعام 68 .

أما من يحافظون على الصلاة ولكنهم يفعلون بعض المعاصي مثل شرب الدخان واللعب بالورق فلك أن تسكن معهم إذا كنت تنكر عليهم وتنصحهم فإن لم يمتثلوا النصيحة فاعتزلهم واسكن في مكان آخر .

ولا يجوز للمسلم حضور الحفلات التي يشرب فيها الخمر وغيره من المحرمات لأن المؤمن يدعوه إيمانه إلى الغيرة على محارم الله والبعد عن من يستحل المحرمات وهجرهم في ذات الله وبغضهم على قدر ما ارتكبوا من محارم الله لئلا يكون مشاركا لهم في الإثم .

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من رأي منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " .

وروي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وذكر في آخر الحديث " ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر " أخرجه الإمام الترمذي وقال : حديث حسن غريب . وأخرجه الإمام أحمد في المسند بنحوه وفي لفظ آخر " فلا يقعد على مائدة يشرب عليها الخمر . والحديث صحيح له شواهد تقويه .

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما : " كل أمتي معافى إلا المجاهرون " ومعناه أن كل واحد من أمة الإجابة إذا عمل ذنبا وهو مُسر به على خوف وحياء فإنه يرجى له العفو والصفح من الله جل وعلا يوم القيامة أما من أعلن بالمعصية وتحدث بها بين الناس واستخف بما فعل من الخطيئات فقد عرض نفسه لسخط الله وعقوبته أما قول الله تعالى " يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول " .

فالآية نزلت في المنافقين الذين يخافون من الناس ولا يخافون الله عز وجل وإنما يظهرون الإيمان خديعة ومكرا أما المؤمن فمطلوب أن لا يظهر المعصية إذا ابتلي بها وأن يتوب منها ولا يعود إليها والعاطفة الجبلية شيء والمحبة الدينية شيء آخر فإن بعض العصاة قد يكون لديه من حسن المعاملة والبشاشة ما يجلب القلوب إليه ومعلوم أن الحب والبغض يتبعضان فيُحب الشخص لما فيه من خصال خيرة ويبغض لما فيه من خصلة أو خصال سيئة .

ومن جالس من لم يحافظ على الصلاة لنصحه وأمره بالصلاة وبالمعروف عموما ونهيه عن المنكر رجاء أن يهديه الله وتستقيم أحواله فقد أحسن وأدى ما عليه من النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

أما من جالسه لمجرد الصحبة والتسلية أو لمصالح الدنيا فقط فقد أساء وأثم فعن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يُحْذِيَكَ وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنة " متفق عليه .

من أقام الصلاة على الوجه المشروع فإن صلاته تنهاه عن الفحشاء والمنكر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الذي ذكر له أنه يقوم الليل ويسرق في النهار : إن كان صادقا فسينهاه ما نقول أما إذا أديت الصلاة على غير الوجه المشروع فإنها لا تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر لما فيها من النقص .

شريعة الإسلام مبنية على اليسر والسهولة ورفع الحرج ولك أن تستمر في السكن مع غير المسلمين ما دمت لا تتمكن من العيش وحدك ولكن عليك أن تدعوهم إلى الله بأقوالك وأفعالك ومعاملتك لهم لعل الله أن يجعل فيك البركة .

وادعهم إلى محلك وأجب دعوتهم وادعهم إلى الله .

وإذا وجد المسلم شيئا للكافر المستأمن وجب عليه دفعه إليه .

ويجوز للمسلم إنقاذ الكافر إذا كان غير حربي من الغرق وهذا من باب الإحسان واستمالة قلب الكافر لعله يهتدي إلى الإسلام وليس ذلك من المحبة والمودة المنهي عنها .

وإسداء المنافع وفعل المعروف للكافر غير الحربي من الأمور الدنيوية فيجوز فعلها مع الكفرة مع بغض ما هم عليه من المعتقد والدين قال تعالى : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " الممتحنة 8 .

فيجوز للمسلم أن يعامل الكافر غير الحربي بالمعروف ويقابل بره بالبر ويتبادل معه المنافع والهدايا لكن لا يواليه ولاء ود ومحبة وإذا أحسن الكافر إلى المسلمين فإنه يجازى على إحسانه في الدنيا ولكن لا يكون ذلك سببا في دخوله الجنة وإنما يكون دخولها بالتوحيد والعمل بشرائع الإسلام .

لا ينبغي الدعاء للكافر بقول : بارك الله فيك أو الله يكرمك أو حفظك الله . وإنما يدعى له بالهداية للإسلام وإذا عمل معروفا فيبدي له الشعور الحسن بما يناسب المقام كقول أنا شاكر ونحو ذلك .

أما قول الله تعالى : " ما كان للنبي والذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " . فهي في حق من مات على الكفر .

ويباح الكلام مع الكفار رجالا ونساءً بشرط أمن الفتنة وأن يكون بقدر الحاجة وإذا سلم الكافر على المسلم فإنه يرد عليه بقوله " وعليكم " كما ورد في الحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم " .

ولا يجوز للمسلم تشييع جنازة الكافر لأن ذلك من موالاته وموالاته حرام وأما تعزيته فلا بأس بها إذا رأى المسلم المصلحة الشرعية في ذلك فيقول " أحسن الله عزاءك وجبر مصيبتك ولا يقول وغفر لميتك لأن الاستغفار للمشرك لا يجوز ومن أقام بين أظهر الكفار لغير مسوغ شرعي ولم يهاجر بدينه وهو قادر على ذلك فقد عرض نفسه لعقوبة الله وسخطه كما جاءت بذلك آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية .

وإذا كان يريد السفر إلى بلاد الكفار محتاجا إلى ذلك كصلة رحم واجبة ويأمن الفتنة ويستطيع أن يظهر دينه فيجوز له السفر وعليه أن لا يطيل المكث هناك ولا يجوز أن يقول المسلم لأخيه المسلم أنت يهودي أو نصراني لا على سبيل الجد ولا على سبيل المزاح وعليه أن يستغفر الله ويستبيح أخاه الذي قال له هذا الكلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك ونهى عنه .

وبالله التوفيق

1441-4-2هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 137 الجزء الرابع هذا هو طريق الرسل وأتباعهم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 136 الجزء الرابع توضيح معنى الشرك بالله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 135 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (3) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 134 الجزء الرابع  بيان معنى كلمة لا إله إلا الله (2) - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي