الدرس 12 التحذير من القمار وشرب المسكر وبيع الغرر

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 8 ذو القعدة 1441هـ | عدد الزيارات: 831 القسم: تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

فإن الله سبحانه وتعالى أحل لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمعاملات لحاجة الناس إليها وعظيم نفعها وسلامتها من الضرر ، وحرم عليهم الخبائثَ من المطاعم والمشارب والملابس والمعاملات لعظيم ضررها وعدمِ نفعها ، قال تعالى " يسألونك ماذا أُحل لهم قل أُحل لكم الطيبات " المائدة 4 ، وقال تعالى " يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطانُ أن يوقع بينكمُ العداوةَ والبغضاءَ في الخمر والميسر ويصدَكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون * وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغُ المبين " المائدة 90 - 92 ، وقال تعالى " الذين يتبعون الرسولَ النبي الأميَّ الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيباتِ ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين ءامنوا به وعزَّروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه أولئك هم المفلحون " الأعراف 157 .

فقد أوضح الله سبحانه في هذه الآيات أنه أحل لعباده الطيبات وحرم عليهم الخبائث ومن جملة الخبائث الخمرُ لعظم ضررها وسلبها العقول وجلبها الشحناء والعداوة بين المتعاطين لها وغيرِهم وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة فهي أمُ الخبائث ووسيلة الرذائل وهي من أقبح الكبائر وأعظم الجرائم ، وقد وعد الله من مات عليها أن يسقيه من طينة الخبال وهي عصارة أهلِ النار نستجير بالله من ذلك .

ومن جملة الخبائث الكسبية الميسر وهو القمار لما يترتب عليه من الأضرار العظيمة التي منها سلبُ الثروات وأكلُ المال بغير حق وجلبُ العداوة والشحناءُ والصدُ عن ذكر الله وعن الصلاة .

وكثيرٌ من الناس اليوم يتعاطى الميسر ولا يبالي بما قاله الله ورسولُه في تحريمه والنهي عنه وذلك لما جبلت عليه القلوب من الجشع والطمع والحرص على تحصيل المال بكل وسيلة ولو كان في ذلك غضبُ الله من العباد .

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الغرر ، رواه مسلم عن أبي هريرة ، ومن المعاملة الداخلة في القمار وفي بيع الغرر ما حدث في هذا العصر من وضع بعض الشركات والتجار جوائزَ خفيةً في بعض السلع التي يراد بيعها طمعا في استنزاف ثروات المسلمين وترغيبا لهم في شراء السلع المشتملة على الجوائز بأغلى من ثمنها المعتاد والاستكثار من تلك السلع رجاء الظفر بتلك الجوائز ولا ريب أن هذه المعاملات من الميسر ومن بيع الغرر لأن المشتري يبذل ماله الكثير رجاء مال مجهول لا يدري هل يظفر به أم لا وهذا من الميسر وبيع الغرر الذي حذر الله ورسولُه منه .

وهكذا بيع البطاقات ذواتِ الأرقام ليفوز مشتريها ببعض الجوائز إذا حصل على الرقم المطلوب ولا شك أن هذا العمل من الميسر الذي حرمه الله لما فيه من المخاطرة وأكل الأموال بالباطل .

فاتقوا الله أيها المسلمون ، واحذروا هذه المعاملات المحرمة وحذِّروا منها إخوانَكم واحرصوا على حفظ أموالكم وعدم صرفها إلا فيما تتحققون مَنْفَعَتَهُ وسلامتَه مما يخالف شرعَ الله .

لا يجوز إصدارُ المجلات والصحف التي تشتمل على نشر الصور النسائية الخليعة أو الداعية إلى الزنا والفواحش أو اللواط أو شرب المسكرات ونحو ذلك ولا يجوز العمل في مثل هذه المجلات لا بالكتابة ولا بالترويج ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ونشر الفساد في الأرض والدعوة إلى إفساد المجتمع ونشر الرذائل وقد قال الله عز وجل في كتابه المبين " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب " المائدة 2 .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثلُ أجور من تبعه لا يُنقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا " رواه مسلم

وقال صلى الله عليه وسلم " صنفان من أهل النار لم أرهما : رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مائلاتٌ مميلات رؤوسُهنَّ كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه مسلم

وبخلاف نشر الصور الخليعة والفجور فكم في طيات تلك الصحف من مقالات إلحادية تنشر الأفكار المسمومة والقصائد الباطلة وتدعو إلى إنكار الأديان ومحاربة الإسلام وإن من أقبح تلك الصحف وأكثرها ضرراً : المصور وآخر ساعة والجيل وروز اليوسف وصباح الخير ومجلة العربي ، فالواجب على الحكومات منع هذه الصحف منعا باتاً لما فيها من الضرر الكبير على المسلمين في عقائدهم وأخلاقهم ودينهم ودنياهم ولا ريب أن ولاة الأمر أول مسئول عن حفظ دين الرعية وأخلاقهم ، قال تعالى " ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر " الحج 40 ، 41 .

ولا ريب أن القضاء على هذه الصحف ومنع دخولها البلاد من أعظم نصر الله وحماية دينه ، وفي صحيح البخاري يقول النبي صلى الله عليه وسلم " كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْئُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا، والخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ."

وقال صلى الله عليه وسلم "ما مِن أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ المُسْلِمِينَ، ثُمَّ لا يَجْهَدُ لهمْ وَيَنْصَحُ، إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ معهُمُ الجَنَّةَ" رواه مسلم .

أراح الله البلاد من شر هذه المجلات والصحف ووفق ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح دينهم ودنياهم وسلامة عقائدهم وأخلاقهم إنه على كل شيء قدير .

وبالله التوفيق

7 - 11 - 1441هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

3 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر