المظاهرات

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 20 شوال 1434هـ | عدد الزيارات: 2214 القسم: خطب الجمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فصلي اللهم وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا


يَاأَيها الذين ءامَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَا ته ولاتموتن إلا وأنتم مُسلمُون.آل عمران:102.


يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً.النساء:1.


يَا أ يها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قَو لاً سَديداً يُصلح لَكُم أَ عما لكم وَ يَغفر لَكُم ذُ نُو بَكُم وَ مَن يُطع الله وَ رَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً.الأحزاب:70-71.

أما بعد

فقد ثبت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سَتَكُونُ فِتَنٌ ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي ، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ. رواه البخاري ومسلم. وعن المقداد بن الأسود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"إن السعيد لمن جُنِّب الفتن، إن السعيد لمن جُنِّب الفتن، إن السعيد لمن جُنِّب الفتن ولمن ابتلي فصبر فواها"صححه الألباني.
وإذا وقعت الفتن التي لا يعلم المسلم وجه الحق فيها فالواجب على المسلم الأمور التالية

أولاً: الاعتصام بالكتاب والسنة، والرجوع إلى أهل العلم والبصيرة المعتبرين حتى يوضحوا له الأمر، ويجلوا له الحقيقة لقول الله تعالى: وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم.النساء:83.
ثانيا: أن يبتعد عن الفتنة وأن لا يُشارك فيها بقولٍ أو فعلٍ أو حثٍ أو تأيدٍ، أو دعوة إليها، أو جمهرةٍ حولها، بل يجب البُعد عنها، والتحذير من المشاركة فيها، لحديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من سمع بالدجال فلينأ عنه.رواه أبو داود وصححه الألباني.
ثالثاً: الإقبال على العبادة والانشغال بها، واعتزال الناس، لما روى مسلم عن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العبادة في الهرج كهجرة إلي" والهرج اختلاط الأمور، والقتل والقتال
ونحن والحمد لله في بلاد الحرمين تحت ولاية مسلمة تدين بالحكم بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفي أعناقنا بيعة لهم على ذلك، ووقوع بعض الأخطاء لا يجيز الخروج على ولاة الأمر
وبناء على ما سبق: فإنه لا يجوز الخروج في المظاهرات التي يَخرجُ فيها بعض الناس إذ أن في هذه المظاهرة الخروج على ولي الأمر، والخروج على ولي الأمر من كبائر الذنوب، لقول الله تعالى: "يا أيها الذين ءامنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"النساء:59.، ولحديث أبي سلام قال قال حذيفة بن اليمان قلت: يا رسول الله إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شر، قال: نعم، قلت: هل وراء ذلك الشر خير، قال: نعم، قلت: فهل وراء ذلك الخير شر، قال: نعم، قلت: كيف؟ قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك، قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع.رواه مسلم. وطاعة ولاة الأمر في طاعة الله، والمعاصي لا يطاعون فيها، ولكن لا يجوز الخروج على ولي الأمر إذ في ذلك مفاسد فمن هذه المفاسد

أولاً: إراقة الدماء وسفك الدماء يعتبر من أعظم الجرائم بعد الشرك بالله تعالى

ثانياً: اختلال الأمن وهذا من أعظم البلايا والمصائب فإنه لا طعم للحياة مع الخوف وقد امتن الله على قريش بالأمن فقال تعالى : الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.قريش:4.

ثالثاً: اختلال التعليم والصناعة والتجارة والزراعة واختلال الحياة كلها

رابعاً: فسح المجال لتدخل الدول الأجنبية الكافرة

خامساً: فتح المجال للمفسدين في الأرض من عصابات كالسراق ونحوهم وعصابات المنتهكين للأعراض وغيرها من الفتن التي لا أول لها ولا آخر وتأتي على الأخضر واليابس

ولهذا احذروا أشد التحذير من الدخول في المظاهرات أو المشاركة فيها أو الحث أو التأييد والتجمهر لأن هذه الأمور من العظائم وكبائر الذنوب

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر والحكيم

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى

اتقوا الله واحذروا من الخروج على ولي الأمر فإن في ذلك إحداث للفوضى وإخلال بالأمن وطاعة ولي الأمر واجبة وقد صدر بيان من هيئة كبار العلماء يحذر من ذلك إذ لا يجوز الخروج على ولي الأمر إلا إذا توفرت الشروط الخمسة الأتية

أحدها: أن يفعل ولي الأمر كفراً لا فسقاً ولا معصيةً
الثاني: أن يكون الكفر بواحا أي واضحاً لا لبس فيه، فإن كان فيه شك أو لبس، فلا يجوز الخروج عليه
الثالث: أن يكون هذا الكفر دليله واضح من الكتاب أو السنة، ودليل هذه الشروط الثلاثة قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لما سئل عن الأمراء وظلمهم قال:إلا أن تروا كفراً بواحا عندكم من الله فيه برهان.رواه البخاري.
الرابع: وجود البديل المسلم الذي يحل محل الكافر، ويزيل الظلم، ويحكم بشرع الله، وإلا فيجب البقاء مع الأول
الخامس: وجود القدرة والاستطاعة، لقول الله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم"التغابن:16.، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم.رواه البخاري.

ثم إن إنكار المنكر على ولي الأمر لا يكون بالخروج عليه، بل يكون بالطرق الشرعية المناسبة، بالنصيحة من قبل أهل العلم، وأهل الحل والعقد من العقلاء، وذلك أن من شرط إنكار المنكر أن لا يترتب عليه منكر أشد منه، ولا تُرتكب المفسدة الكبرى لدفع المفسدة الصغرى
وإنكار المنكر على ولي الأمر بالخروج عليه بالمظاهرات وغيرها يترتب عليها مفاسد كبرى، أعظم مما يطالب به من إصلاحات أو إزالة ظلمٍ أو غيرها

أسأل الله تعالى أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحمي بلادنا منها، وأن يوفق ولاة أمورنا لِما يكون سبباً في حفظ الأمن من الاستقامة على دين الله وتحكيم شرعه، وإصلاح ما يحتاج إلى إصلاح
وأن يثبتنا على دين الله القويم إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وقوموا إلى صلاتكم

1434-10-19

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

5 + 8 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي