الدرس 138: حكم الخروج من العمل

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 18 صفر 1435هـ | عدد الزيارات: 2739 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

س: حكم الخروج من العمل

ج: يجب عليك الحضور لعملك حسب مواعيد العمل الرسمية ولا ينبغي لك الخروج من العمل إلا بإذن من رئيسك حسب النظام

فالموظف يجب عليه الحضور في مكان العمل كل وقت الدوام ولو لم يكن عنده عمل ولا يجوز له الانصراف إلا لأمر ضروري يسمح به النظام ولا يجوز التزوير بإثبات الحضور والانصراف الرسمي وهو غير صحيح فالواجب على السائل وعلى زملائه التوبة إلى الله والتقيد بأداء الواجب

س: ما حكم تقدم الموظف لدائرة حكومية يعمل فيها بطلب إجازة مرضية وهو غير صادق ؟

ج: إذا كان واقع الموظف كما ذكر فلا يجوز ذلك لما فيه من الكذب وغش الدولة وأخذ ما يقابل أيام الإجازة المرضية الكاذبة من المال بغير حق

والواجب على من وكل إليه عمل يتقاضى في مقابله راتبا أن يؤدي العمل على الوجه المطلوب فإن أخل بذلك من غير عذر شرعي لم يحل له ما يتقاضاه من الراتب لأنه يأخذه في غير مقابل وعليه يجب التوبة وعدم العودة والتزام الأمانة في أداء العمل الذي يوكل إليه والتصدق فيما يقابل ما أخذ من راتب بدون عذر شرعي

وهذا رداً على سائل يقول إنه معلم ويغيب بسبب نوم أو كسل ويأتي بأعذار كاذبة وأحياناً يتغاضى عنه مديره

س: أنا مسلم من مصر عملت عمل بلاط في بيت في العراق ولم أتقن العمل لعدم تخصصي في ذلك وقد تقاضيت الأجر كاملاً وندمت على فعلي وأنا الآن في أفغانستان للجهاد ؟

ج: يجب عليك أن ترد النقود إلى صاحبها بأي طريق يمكنك إلا إذا سامحك صاحب الحق بكل المبلغ أو بعضه

والإخلاص في العمل الوظيفي أو المستأجر عليه هو أداؤه على الوجه المطلوب والمتفق عليه في العقد أو النظام الوظيفي وهو من الأمانة التي يجب أداؤها كما في قوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا" النساء آية 58

س: حكم الواسطة في إرساء المناقصة ؟

ج: لا يجوز للجنة إرساء المناقصة أن تجامل هذا الموظف في إرساء المناقصة على بيته أو بيت والده ولا أن تحابي في زيادة أجرة المنزل لما في ذلك من الضرر على من دخل معه في المناقصة من جهة ولما فيه من غبن الحكومة وخيانتها وإدخال الضرر عليها ولا يجوز لذلك الموظف ولا لغيره ممن علم بهذا الغش والظلم أن يقره بل عليه أن ينكره ويغيره إن قدر على تغييره لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم

س: رجل يعمل في شركة كهرباء القاهرة وفيه اختلاط ؟

ج: إذا كان الواقع كما ذكر من الاختلاط على الوجه المذكور في العمل فعليه أن يتجنب ذلك العمل محافظة على دينه وبعدا عن مثار الفتنة

س: ما حكم العمل في وظيفة مضيف جوي في الخطوط السعودية أو غيرها ؟

ج: خدمة الركاب وتقديم الأطعمة والمشروبات غير المحرمة من الأعمال الجائزة لكن عمل الذكور مع بنات فاتنات كاسيات عاريات واختلاطهم بهن في العمل محرم لأنه مثار فتنة ومدعاة لانتشار الشر والفساد فيحرم على المسلم أن يعمل في هذا المجال محافظة على دينه وبعدا عن ذرائع الفساد وانتهاك الأعراض "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"

س: عندنا في العمل الحكومي يوجد الاختلاط بصورة مشينة ؟

ج: إذا كان الواقع كما ذكرت ولم تستطع تغيير المنكر فاجتهد مع المسئولين في نقلك إلى عمل آخر لا اختلاط فيه فإذا لم يتم ذلك فاترك هذا العمل واكتسب من عمل لا منكر فيه ولو غير حكومي محافظة على دينك وبعدا عن مثار الفتنة وطرق الكسب المشروعة كثيرة

س: حكم الرهان ؟

ج: أما الحلف بغير الله وقول القائل ما شاء الله وشئت ومالي إلا الله وأنت ونحو ذلك فإن قام بقلبه تعظيم لمن حلف به من المخلوقين وما حلف به فإن كان جاهلا علم فإن أصر فهو والعالم ابتداء سواء كل منهما يكون مشركا شركا أكبر وكذا في قوله ما شاء الله وشئت ولولا الله وأنت فإن اعتقد أن هذا الشخص شريك مع الله لا يقع شيء إلا بمشيئة الله ومشيئة هذا الشخص فإن كان جاهلا علم فإن أصر فهو والعالم ابتداء سواء كل منهما مشرك شركا أكبر

وأما إذا حلف بغير الله بلسانه ولم يعتقد بقلبه تعظيم من حلف به أو ما حلف به وكذلك إذا قال ما شاء الله وشئت ولولا الله وأنت فهذا إن كان جاهلا علم فإن أصر فهو والعالم ابتداء سواء كل منهما مشرك شركا أصغر وكونه شركا أصغر هذا لا يعني أن المسلم يتساهل في ذلك فان الشرك الأصغر أكبر الكبائر بعد الشرك الأكبر قال ابن مسعود رضي الله عنه "لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا" فاليمين الغموس من الكبائر ومع ذلك فقد جعل ابن مسعود رضي الله عنه الشرك الأصغر أكبر منها

وسر المسألة: أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به هذا هو الأصل وأما قول القائل ما شاء الله وشئت ونحو ذلك فإن الواو تقتضي التسوية بين المعطوف والمعطوف عليه أي أن المعطوف مساو للمعطوف عليه والله جل وعلا "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" وأما الحلف بالقرآن فليس من هذا الباب لأن القرآن من كلام الله وكلامه جل وعلا صفة من صفاته واليمين الشرعية هي اليمين بالله أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته قال صلى الله عليه وسلم "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" أخرجه البخاري عن ابن عمر

وأما الرهان فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "المغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت مما ينتفع به في الدين كما في مراهنة أبي بكر رضي الله عنه وهو أحد الوجهين في المذهب" وقال البعلي بعد سياقه لكلام شيخ الإسلام في الاختيارات قال: قلت وظاهر ذلك جواز الرهان في العلم وفاقا للحنفية لقيام الدين بالجهاد والعلم. أ.هـ

وأما مراهنة أبي بكر فقد ثبتت في المسند والترمذي وغيرهما "أنه لما اقتتلت فارس والروم فغلبت فارس الروم وبلغ ذلك أهل مكة وكان ذلك في أول الإسلام ففرح بذلك المشركون لأن المجوس أقرب إليهم من أهل الكتاب فأخبر أبو بكر رضي الله عنه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله "الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ" فخرج أبو بكر رضى الله عنه فراهن المشركين على أنه إن غلبت الروم في بضع سنين أخذ الرهان وإن لم تغلب الروم أخذوا الرهان. رواه البخاري

وجه الدلالة: أن الصديق رضي الله عنه فعله وعلم به الرسول صلى الله عليه وسلم فأقره ولو كان غير جائز في مثل هذا النوع لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لا يجوز له أن يؤخر البيان عن وقت الحاجة باتفاق العلماء وهذا هو وقت الحاجة فعلم أنه جائز

والرهان في المسائل العلمية يدخل في هذا النوع لأن كلا منهم المقصود منه غرض ديني ففي مراهنة أبي بكر رضي الله عنه مصلحة للإسلام لأن فيها مصلحة دينية صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به من أن الروم سوف يغلبون بعد ذلك وفيها ظهور أقرب الطائفتين إلى المسلمين على أبعدهما

والأجر المقدر بين المتراهنين لمن غلب لا يجوز أن يكون منها أو من أحدهما بل يكون من شخص خارج عن الرهان

والمراهنة في حكم القمار لا يجوز استعمالها إلا إذا كانت فيما أباحه الشرع المطهر وذلك في المسابقة بالإبل والخيل والرمي لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر" رواه أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه

تراهن نفران من أربعمائة إلى أربعمائة أي من صار عليه الحق يدفع أربعمائة والذي صار له الحق حلف أنه لن يسمح لصاحبه ؟
ج: المراهنة بين اثنين أو فريقين على الصفة المذكورة لا يجوز أخذ ما عين فيها لأنها ضرب من الميسر الذي حرمه الله سبحانه وتعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ" ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر" رواه أحمد والثلاثة وصححه ابن حبان وعلى الحالف أن يترك أخذ المبلغ وأن يكفر عن يمينه الكفارة المنصوصة في قول الله سبحانه "لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ" المائدة 89

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-2-18هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 140 الجزء الرابع ‌‌أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة. - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 139 الجزء الرابع  الحاجة للقضاء الشرعي - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 138 الجزء الرابع  أخلاق المؤمنين والمؤمنات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة