الدرس 137: عقود الإجارة

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 18 صفر 1435هـ | عدد الزيارات: 2341 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

س: عندي محل تجاري يعمل به بائع رأس مال المحل مائة ألف ريال وإيجاره خمسة عشر ألف ريال تم الاتفاق بيني وبين العامل على أن يدفع لي شهريًّا خمسة آلاف ريال ويدفع أيجار المحل علمًا أن الدخل الشهري بمعدل عشرين ألف ريال والأرباح في حدود 40% أي ثمانية ألاف ريال شهريًّا تقريبًا قد تزيد وقد تنقص وحفاظًا على حقي جردت عليه المحل وبعد سنتين أستلم محلي رأس ماله مائة ألف ريال إذا زادت أدفع له الزيادة وإن نقصت أطالبه بالنقص وكل منا رضي بذلك ؟

ج: هذا العقد لا يجوز لأنه عقد إجارة تضمن تأجير أعيان تستهلك والأعيان المستهلكة لا يجوز تأجيرها إضافة إلى ما يؤدي إليه من الغرر والجهالة ولأنه في حكم القرض المشروط فيه المنفعة وكل قرض جر نفعًا فهو ممنوع

س: حكم أخذ أجرة على كتاب الله ؟

ج: يجوز لك أن تأخذ أجرا على تعليم القرآن فإن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا امرأة بتعليمه إياها ما معه من القرآن وكان ذلك صداقها وأخذ الصحابي أجرة على شفاء مريض كافر بسبب رقيته إياه بفاتحة الكتاب وقال في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم‏ "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله" أخرجه البخاري ومسلم

وإنما المحظور أخذ الأجرة على نفس تلاوة القرآن وسؤال الناس بقراءته

فيجوز أخذ الأجر على تعليم القرآن في أصح قولي العلماء لعموم قوله صلى الله عليه وسلم‏ "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله" .

وتعليم القرآن وتحفيظه التلاميذ في المدارس وغيرها مشروع سواء كان بأجرة أم بغير أجرة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" فتعلم القرآن الكريم وتعليمه من أفضل القرب إلى الله عز وجل إذا صلحت النية وأخذ معلمي القرآن الأجرة على تعليمه لا ينافي حصول الثواب والأجر من الله جل وعلا إذا خلصت النية

ولا يجوز لمسلم أن يقرأ القرآن مقابل أجر يعطيه إياه من طلب منه أن يقرأ ولا يجوز له أن يتخذ ذلك حرفة ومصدر رزق له

ويجوز للمسلم أن يدرس في المدارس التي تضم مسلمين ونصارى ما يشرع أو يباح من العلوم ويحرم على المسلم أن يعلم الكافر مطلقا العلوم التي يستعين بها الكفار على المسلمين كالصناعات الحربية والتدريب على الرماية وسائر أعمال الحرب وما يساعد عليها

وقال ابن المنذر ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن أبي العاص "واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا" رواه أحمد

وروى الخمسة عن عثمان بن أبي العاص قال "آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتخذ موذنا لا يأخذ على أذانه أجرا" رواه الترمذي وابن ماجه وابن أبي شيبة والطبراني وأبو نعيم

وهذا الحديث يدل على أن المؤذن لا يأخذ أجرا على أذانه فإن لم يوجد متطوع بالأذان فلا مانع من أن يجري الإمام له رزقا من بيت المال

وروي عن الإمام أحمد الجواز ورخص فيه مالك لأنه عمل معلوم يجوز أخذ الرزق عليه أشبه سائر الأعمال

ويجب على المؤذن أن يقوم بأداء الأذان على الوجه الكامل ومن ذلك المحافظة عليه في جميع الأوقات وإذا حصل منه تساهل وتفريط فإنه آثم وما يأخذه من بيت المال لا يحل له وعلى من عرف أحدا يتهاون في الواجب عليه أن ينصحه ويعظه فإن استجاب فهو المطلوب وإلا فيرفع أمره إلى الجهة المختصة لتنظر فيما بدر منه

س: أنا طبيبة استقلت من العمل وقد عرض علي أصحاب عيادات أن تكتب العيادات باسمي لقاء مبلغ ثابت من المال ؟

ج: ما ذكرته لا يجوز لك عمله لما فيه من الغش والتغرير بالناس وأخذ المال بغير حق أما الطريقة الصحيحة فهي أن تباشري العمل بنفسك وتنصحي لله ولعباده في عملك

ولا يجوز إعفاء الموظف الذي تساهل في أداء عمله ولم ينفذ التعليمات التي لديه بل يجب أن يحاسب في ذلك ويطالب بما فرط فيه من مال الشركة

ولا يجوز لك العمل عند من يؤجر الغرف والشقق المفروشة التي تستعمل للمعاصي وفعل المنكرات لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان والأجرة التي تحصل عليها في مقابل ذلك حرام عليك لأنها في مقابل عمل محرم فالتمس الرزق من طرق مباحة وفي الحلال غنية عن الحرام والله سبحانه يقول "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"

يجوز تغسيل الميت بأجرة والأولى أن يقوم بها متبرع إذا تيسر ذلك

س: لقد عمل عندي رجل يمني دهان في منزلي وقدر الله عليه وتوفي بحادث سيارة وعندي له مبلغ ثلاثة آلاف ريال إلخ ؟

ج: عليك أن تحفظ حق هذا العامل عندك حتى يحضر وارثه وتتأكد منه وتسلمه إياه ما دمت قد عرفت أن له أخا سيحضر لأخذ حق أخيه ولو طالت المدة وإن نميته له في تجارة ونحوها فذلك خير وإن أمكن تسليم ما لديك من حق لرئيس المحكمة التي بمنطقتكم كفاك ذلك وتأخذ منه سندا بتسلمه ذلك منه فهو أحوط وأيسر لك

ولا يجوز المماطلة بأجرة العمال وعدم تسديدها لقوله صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم

س: كنت متعاقدا من القاهرة مع أحد المواطنين السعوديين على راتب شهري قدره ألفين وخمس مائة ريال ولما وصلت لم يعطني سوى ألفي ريال بحجة إن العمل بسيط فهل يجوز لي أن آخذ من المال الذي تحت يدي ما يكمل حقي المكتوب في العقد دون أن يدري ؟
ج: يجب لك الراتب الذي تعاقدت عليه مع من استقدمك لقوله صلى الله عليه وسلم "المسلمون على شروطهم" وإذا حصل بينك وبينه خلاف فعليك بمراجعة المحكمة الشرعية للنظر في قضيتكما ولا يجوز لك الأخذ من ماله بغير إذنه وعلمه

س: في عام 1400 هـ عمل لدي أحد الإخوة السودانيين ولم أعرف اسمه ولا عنوانه وبقي لدي من أجرة عمله مبلغ وقدره ثمانمائة ريال وذهب ولم أره من ذلك الوقت ؟

ج: عليك إذا كنت لا تعرفه ولا تعرف عنوانه ولا من يعرفه التصدق بالمبلغ المذكور بالنية عن صاحبه فإن جاءك في يوم من الأيام فهو بالخيار إن شاء أمضى الصدقة والأجر له وإن شاء أخذ حقه منك ويكون أجر الصدقة لك

س: أعمل بمؤسسة بيع المفروشات ومسؤول عن أحد فروعها ووعدني صاحب المحل أن يعطيني 1 % من نسبة المبيعات ولم يفي بوعده وقد حصلت عل مبلغ ستون ألف ريال بدون علمه بسبب بعض الأِشياء القديمة صلحتها وبعتها فهل أخذ هذا المبلغ ليكون من ضمن حقي ؟

ج: عليك بدفع المبلغ الآخر لصاحب المؤسسة وأخبره بالواقع فإن أعطاك شيئا بطيب نفس فاقبله وأما النسبة التي لك عند صاحب العمل فاطلبها منه بالوجه المشروع وإن تنازعتم فالمرجع في ذلك المحكمة

فلا يجوز لك أن تأخذ من صاحب العمل ما يعادل ما تبقى لك من الأجرة بدون علمه ولكن لك الحق بأن تطالبه بما تبقى بالطرق المشروعة ولو بالمرافعة إلى المحاكم

س: أعمل في بقالة ومنذ شهور لم أحصل على مرتبي فهل يجوز أن آخذ راتبي من البقالة ؟

ج: لا يجوز لك أخذ راتبك من البقالة التي تشتغل فيها بدون علم صاحبها وعليك بمطالبة كفيلك بمرتبك إذا احتجت إليه فإن أبى فإنك تقوم برفع شكايتك إلى الجهة المختصة لتلزمه بذلك

س: وسيط يعمل في شركة وله راتب ثابت في هذه الشركة ويعمل وسيط بين هذه الشركة التي يعمل بها وشركة أخرى ويشتري منها بعض الماكينات ويأخذ عمولة من الشركة التي تبيع الماكينات من غير طلب منه ؟

ج: ما دام أن هذا الوسيط له راتب شهري في الشركة التي يعمل فيها فأخذ عمولة من الشركة الثانية مقابل التعامل معها للشراء لصالح الشركة الموظف فيها لا يجوز لأنه مظنة لهضم الشركة التي هو موظف فيها من جهة السعر فلا يستقصي فيه ومن جهة جودة البضاعة التي يشتريها لها

س: رجل يعمل في محل ويرسله صاحب المحل لشراء بعض الأشياء الخاصة بالمحل فيذهب إلى البائع فيقول له هذه تباع في السوق بــ 20 ريال وسأعطيها له بــ 18 ريال ويقول البائع الريالان من أجلك أنت فيأخذها ؟

ج: يجب على العامل أن يرد على صاحب المحل فرق السعر ولا يجوز له أخذه لأن أخذه شيء من القيمة خفية عن صاحب المحل نوع من الخيانة ولو كان الرد بطريقة خاصة لا يعلم صاحب المحل أن الرد منه

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-2-18هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 2 =

/500
جديد الدروس الكتابية
 الدرس 146 الجزء الرابع  الاستسلام لشرع الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 145 الجزء الرابع: وجوب طاعة الله ورسوله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 144  الجزء الرابع الحلف بغير الله - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 143 الجزء الرابع تأويل الصفات - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 142 الجزء الرابع التحدث بالنعم والنهي عن الإسراف - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 141 الجزء الرابع ‌‌أخلاق أهل العلم  . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة