الدرس 264 العدل بين الأولاد

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 4 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1977 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله وبعد

في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال:"أعْطَانِي أبِي عَطِيَّةً، فَقالَتْ عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لا أرْضَى حتَّى تُشْهِدَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَى رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنِّي أعْطَيْتُ ابْنِي مِن عَمْرَةَ بنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فأمَرَتْنِي أنْ أُشْهِدَكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: أعْطَيْتَ سَائِرَ ولَدِكَ مِثْلَ هذا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ واعْدِلُوا بيْنَ أوْلَادِكُمْ، قالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. "

كان بشير والد النعمان له أولاد من نساء متعددات وكانت والدة النعمان تريد من زوجها أن يخص ابنها بشيء دون إخوته فأعطاه شيئاً من ماله دون إخوته فطلبت أن يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده على تلك الهبة حتى تكون ثابتة لا يطرأ عليها تغيير ولا إبطال ما دام الرسول صلى الله عليه وسلم شهد عليها وأقرها ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو المبعوث بالرحمة والعدالة والمساواة ومحاربة الظلم والعدوان استنكر ذلك وعابه وأبى أن يشهد عليه وعده من الجور والظلم فقال :" فَاتَّقُوا اللَّهَ واعْدِلُوا بيْنَ أوْلَادِكُمْ" .

وقد دل الحديث دلالة واضحة على وجوب المساواة في العطية بين الأولاد وأن التفضيل ظلم وجور إلا إذا رضوا به ووافقوا عليه كما وقع من أبي بكر رضي الله عنه فيما وهبه لعائشة رضي الله عنها وقد رجع عند موته لأنها لم تقبضه

عباد الله : من أراد أن يبره أولاده وأن يترحموا عليه إذا مات وأن لا تثور الأحقاد ويقع الظلم وتقطع الأرحام ويدعى عليه بعد موته بدلاً من أن يدعى له فليتق الله وليسو بين أولاده

وفي صحيح مسلم " أنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ له عِنْدَ مَوْتِهِ، لَمْ يَكُنْ له مَالٌ غَيْرَهُمْ، فَدَعَا بهِمْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا، ثُمَّ أَقْرَعَ بيْنَهُمْ، فأعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً، وَقالَ له قَوْلًا شَدِيدًا. " فالنبي صلى الله عليه وسلم أبطل هذا التصرف وهذا العمل مع أنه عمل خير وتحرير رقاب غير أن فيه ظلماً على الورثة وحرماً نالهم أبطله وردهم في الملك ما عدا الثلث فأمضاه والثلث كثير كما قال صلى الله عليه وسلم

وجاء أن أحد الصحابة طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه فقال عمر الخليفة الراشد : إني أظن أن الشيطان قذف في قلبك وأيم الله لترجعهن أو لأورثهن من مالك ثم آمر بقبرك فيرجم كما رجم قبر أبي رغال فالطلاق مباح ولكن ظن عمر رضي الله عنه أن مراده حرمان زوجاته وحجر المال على بنيه فقال فيه هذا القول الغليظ وألزمه هذا الإلزام فمن فرق قسمة الله وتمرد على الدين وقسم ماله أو أوقفه على حسب هواه وما يمليه عليه شيطانه كأن يقصد حرمان زوجته أو زيادة بعض أولاده على بعض فراراً من وصية الله بالعدل فهذا إثم ومنكر وتحيل على تغيير شرع الله وقسمته.

اللهم ارزقنا العدل بين أولادنا.

وبالله التوفيق

1435-5-4 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 6 =

/500