الدرس 262 المسجد الأقصى

المقال
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 4 جمادى الأولى 1435هـ | عدد الزيارات: 1945 القسم: الفوائد الكتابية

الحمد لله وبعد

مضى على احتلال اليهود للمسجد الأقصى سنوات عديدة وهم يعيثون به فسادا وبأهله عذاباً

إنه المسجد الذي أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ليعرج من هناك إلى السماوات العلى إلى الله جل وتقدس وعلا إنه لثاني مسجد وضع في الأرض لعبادة الله وتوحيده ففي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال "قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول قال المسجد الحرام قلت ثم أي قال المسجد الأقصى قلت كم بينهما قال أربعون سنة" إنه لثالث المساجد المعظمة في الإسلام التي تشد الرحال إليها لطاعة الله وطلب المزيد من فضله وكرمه قال النبي صلى الله عليه وسلم "وَلا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِي، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى." (صحيح البخاري ) إنه المسجد الذي يقع في الأرض المقدسة المباركة مقر أبي الأنبياء إبراهيم وابنيه سوى إسماعيل، مقر إسحاق ويعقوب إلى أن خرج يعقوب وبنيه إلى يوسف في أرض مصر فبقوا هنالك حتى صاروا أمة بجانب الأقباط الذين يسومونهم سوء العذاب حتى خرج بهم موسى فرارا منهم وقد ذكر الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل بهذه النعمة الكبيرة وذكرهم موسى نعم الله عليهم به وبغيره إذ جعل فيهم أنبياء وجعلهم ملوكا وآتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين في وقتهم وأمرهم بجهاد الجبابرة الذين استولوا على الأرض المقدسة وبشرهم بالنصر حيث قال "يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم " وإنما كتبها الله لهم لأنهم في ذلك الوقت أحق الناس بها حيث هم أهل الإيمان والصلاح والشريعة القائمة "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ "(الأنبياء 105) ولكنهم نكلوا عن الجهاد "قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ "(المائدة 22) وقالوا " قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ "(المائدة 24) ولنكولهم عن الجهاد ومواجهتهم نبيهم بهذا الكلام النافر حرم الله عليهم الأرض المقدسة فتاهوا في أرض سيناء وهي ما بين مصر والشام أربعين سنة لا يهتدون سبيلا حتى مات أكثرهم أو كلهم إلا من ولدوا في التيه فمات هارون وموسى عليهما الصلاة والسلام وخلفهما يوشع بن نون فيمن بقي من بني إسرائيل من النشء الجديد وفتح الله عليهم الأرض المقدسة وبقوا فيها حتى آل الأمر إلى داود وسليمان وكان يعقوب قد بناه قبل ذلك ولما عتا بنو إسرائيل عن أمر ربهم وعصوا رسله سلط الله عليهم ملكا من الفرس يقال له بختنصر فدمر بلادهم وبددهم قتلا وأسرا وتشريدا وخرب بيت المقدس للمرة الأولى ثم اقتضت حكمة الله عز وجل بعد انتقامه من بني إسرائيل أن يعودوا إلى الأرض المقدسة وينشائوا نشأً جديدا وأمدهم بأموال وبنين وجعلهم أكثر نفيرا فنسوا ما جرى عليهم وكفروا بالله ورسوله " ۖ كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ " (المائدة 70)، فسلط الله عليهم بعض ملوك الفرس والروم مرة ثانية واحتلوا بلادهم وأذاقوهم العذاب وخربوا بيت المقدس وتبروا ما علوا تتبيرا

كل هذا بسبب ما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله عز وجل ورسله عليهم الصلاة والسلام "وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ "(الأنعام 129)، ثم بقي المسجد الأقصى بيد النصارى من الروم من قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ثلثمائة سنة حتى أنقذه الله من أيديهم بالفتح الإسلامي على يد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في السنة الخامسة عشرة من الهجرة فصار المسجد الأقصى بيد أهله ووارثيه بحق وهم المسلمون "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "(النور55) وبقي في أيدي المسلمين حتى استولى عليه النصارى من الفرنج أيام الحروب الصلبية في الثالث والعشرين من شعبان سنة 492هـ فدخلوا القدس في نحو مليون مقاتل وقتلوا من المسلمين نحو ستين ألفا ودخلوا المسجد واستولوا على ما فيه من ذهب وفضة وكان يوما عصيبا على المسلمين أظهر النصارى شعائرهم في المسجد الأقصى فنصبوا الصليب وضربوا الناقوس وحلت فيه عقيدة إن الله ثالث ثلاثة – أن الله هو المسيح بن مريم والمسيح ابن الله وهذا والله من أكبر الفتن وأعظم المحن وبقي النصارى في احتلال المسجد الأقصى أكثر من تسعين سنة حتى استنقذه الله من أيديهم على يد صلاح الدين الأيوبي يوسف بن أيوب رحمه الله في 27 رجب سنة 583 هـ، وكان فتحا مبينا ويوما عظيما مشهودا أعاد الله فيه إلى المسجد الأقصى كرامته وكسرت الصلبان ونودي فيه بالأذان وأعلنت فيه عبادة الواحد الديان ثم إن النصارى أعادوا الكرة على المسلمين وضيقوا على الملك الكامل ابن أخي صلاح الدين فصالحهم على أن يعيد إليهم بيت المقدس ويخلوا بينه وبين البلاد الأخرى وذلك في ربيع الآخر سنة 626هـ، فعادت دولة الصليب على المسجد الأقصى مرة أخرى وكان أمر الله مفعولا واستمرت أيدي النصارى عليه حتى استنقذه الملك الصالح أيوب ابن أخي الكامل سنة 642 هـ، وبقي في أيدي المسلمين وفي ربيع الأول سنة 1387هـ، احتله اليهود أعداء الله ورسوله بمعونة أوليائهم من النصارى ولا يزال تحت سيطرتهم

نسأل الله أن يخلصه من أيديهم كما نسأله أن يريح إخواننا في اليمن من الحوثيين الرافضة الخبثاء

وبالله التوفيق

1435-5-4 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 1 =

/500