الدرس 233: موقف المسلم من الفرق 3

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 21 ربيع الأول 1436هـ | عدد الزيارات: 2268 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

س: كبير علماء بوهرة يصر على أنه يجب على أتباعه أن يقدموا له سجدة كلما زاروه، ونشر ذلك في جريدة باكستانية مفصلاً ؟

ج: السجود نوع من أنواع العبادة التي أمر الله بها لنفسه خاصة، وقربة من القرب التي يجب أن يتوجه العبد بها إلى الله وحده لعموم قوله تعالى "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ"(النحل 36) فلا يصح أن يسجد لغيره تعالى من المخلوقات عامة، ولقوله تعالى "أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا" (النجم 59- 62) فأمر بالسجود له تعالى وحده، فإذا كان حال البوهرة، كما ذكر في السؤال فسجودهم لكبيرهم عبادة وتأليه له، واتخاذ له شريكًا مع الله أو إلهًا من دون الله، وأمره إياهم بذلك أو رضاه به يجعله طاغوتًا يدعو إلى عبادة نفسه، فكلا الفريقين التابع والمتبوع كافر بالله خارج بذلك عن ملة الإسلام والعياذ بالله

وما ذكر من تقبيل نساء البوهرة يد كبيرهم ورجله وتقبيلهن يد كل فرد من أسرته ورجله لا يجوز، ولم يعرف ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا مع أحد من الخلفاء الراشدين وذلك لما فيه من الغلو في تعظيم المخلوق، وهو ذريعة إلى الشرك

ثانيا: لا يجوز للرجل أن يصافح امرأة أجنبية منه ولا أن يمس جسدها لما في ذلك من الفتنة، ولأنه ذريعة إلى ما هو شر منه من الزنا ووسائله، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن من هاجرن إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ" (الممتحنة 12) إلى قوله "غَفُورٌ رَحِيمٌ" (الممتحنة ختام الآية 12)قال عروة: قالت عائشة : فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم "قد بايعتك" كلامًا، ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله قد بايعتك على ذلك" رواه البخاري ومسلم

فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايع النساء مصافحة، بل بايعهن كلامًا فقط مع وجود المقتضي للمصافحة ومع عصمته وأمن الفتنة بالنسبة له فغيره من أمته أولى بأن يجتنب مصافحة النساء الأجنبيات منه بل يحرم عليه ذلك فضلا عن تقبيل يده ورجله وأيدي أفراد أسرته وأرجلهم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إني لا أصافح النساء" رواه أحمد، وقد قال الله تعالى "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" (الأحزاب 21)وإذا كان كبير علماء بوهرة يدعي أنه ملك الروح والإيمان فدعواه باطلة، لأن الأرواح والقلوب بيده سبحانه يصرفها كيف يشاء فيهديها إلى الإيمان أو يضلها عن سواء السبيل فإن ذلك ليس إلى أحد سوى الله، لقوله سبحانه "فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ" (الأنعام 125)وقوله "مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا" (الكهف لا17) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن تصريف القلوب بهدايتها وإضلالها إلى الله دون سواه، ولما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم "قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يصرفها كيف يشاء" رواه مسلم

ومن دعائه صلى الله عليه وسلم عند فزعه إلى ربه بقوله "يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك" رواه أحمد والترمذي

وكذا دعوى كبير البوهرة أن ملكه الكلي لجميع أملاك الوقف وأنه غير محاسب على جميع الصدقات وأنه هو إله على الأرض كلها دعواه باطلة سواء صدرت منه أم من غيره، فهو كفر صريح ومن ادعى ذلك فهو طاغوت يدعو إلى تأليه نفسه وعبادتها، وبطلان ذلك معلوم من دين الإسلام بالضرورة

قلت: إن جماعة البهرة من فرقة الإسماعيلية الرافضة ويتواجدون في بعض دول العالم منها الدول العربية والقارة الهندية والمركز الرئيسي في الهند مدينة بومباي وهم حريصون على إقامة علاقات متينة مع الحكام، وعددهم مليون ونصف المليون منهم عشرة آلاف في مصر وفي الإمارات العربية المتحدة يتمركزون في دبي، نسأل الله أن يخرجهم من ضلالهم فهم فرقة ضالة مضلة خارجة عن الإسلام

س: ما قول علماء الإسلام في فرقة الإسماعيلية الأغاخانية التي تسكن شمال باكستان، ومن معتقداتهم

الكلمة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله وأشهد أن أمير المؤمنين علي الله، ويعتقدون أن أغاخان شاه كريم هو إمامهم، وهو مالك كل شيء من الأرض والسماء وما فيهما وما بينهما بالخير والشر، ويعتقدون أنه الحاكم في العالم بقضه وقضيضه، ولا يرون اتباع الشريعة الإسلامية بل يعتقدون أن أغاخان هو القرآن الناطق والقرآن الحقيقي الأصلي، وهو الكعبة وهو البيت المعمور، وهم لا يعتقدون وجوب الصلوات الخمس ويقولون بوجوب الدعوات الثلاثة مكانها المسجد هم يتخذون معبدًا آخر مكان المسجد ويسمونه بـ: جماعت خانه ويجحدون الزكاة الشرعية ويؤدون مكانها من جميع أصناف المال وينكرون الصيام ويعتقدون أن الأصل أغاخان هو الحج وغير ذلك ؟

ج: أولًا: اعتقاد أن الله حل في علي أو غيره كفر محض مخرج من ملة الإسلام، وكذلك اعتقاد أن هناك متصرف في الكون غير الله كفر أيضًا

ثانيا: اعتقاد أن هناك أحدًا يسعه الخروج عن اتباع الشريعة فهو كفر مخرج من الملة

ثالثا: من أنكر وجحد شيئًا من أركان الإسلام أو من واجبات الدين المعلومة بالضرورة فهو كافر ومارق من دين الإسلام

رابعًا: إذا كان واقع هذه الطائفة هو ما ذكرته في السؤال فلا يجوز الصلاة على موتى من ذكر ولا دفنهم في مقابر المسلمين، ولا تجوز مناكحتهم ولا تحل ذبيحتهم ولا معاملتهم معاملة المسلمين

س: جماعة في الباكستان تسمى البريلوية أو جماعة نواري نسبة إلى رئيسهم الحالي المعروف بنواري

يعتقدون أن الرسول حي حاضر وناظر وأن الأولياء وأصحاب القبور يصلون عندهم وكذا إشادة القباب وقولهم يا رسول الله، يا محمد ويسخطون بمن يجهر بالتأمين ويرفع يديه في الصلاة ويعتبرونه وهابي وتقبيل الأصابع أثناء الوضوء والأذان وبعد الصلاة ويتحلقون بعد صلاة الجمعة واقفين ويكتبون فوق المحراب: يا محمد، فهل تجوز الصلاة خلفهم ؟

ج: من هذه صفاته لا تجوز الصلاة خلفه، ولا تصح لو فعلت من عالم بحاله لأن معظمها صفات كفرية وبدعية تناقض التوحيد الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه وتعارض صريح القرآن، مثل قوله "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ" (الزمر 30)وقوله "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" (الجن 18)وينكر عليهم البدع التي يفعلونها بأسلوب حسن فإن قبلوا فالحمد لله، وإن لم يفعلوا هجرهم وصلى في مساجد أهل السنة، وله في خليل الرحمن أسوة حسنة: وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا" (مريم 48)

مذهب الدروز

أصل الدروز فرقة سرية من فرق القرامطة الباطنية يتسمون بالتقية وكتمان أمرهم على من ليس منهم، ويلبسون أحيانا لباس التدين والزهد والورع ويظهرون الغيرة الدينية الكاذبة، ويتلونون ألوانًا عدة من الرفض والتصوف وحب آل البيت ، ويزعمون أنهم حملة لواء الإصلاح بين الناس وجمع شملهم ليلبسوا على الناس ويخدعوهم عن دينهم حتى إذا سنحت لهم الفرصة وقويت شوكتهم ووجدوا من الحكام من يواليهم وينصرهم ظهروا على حقيقتهم، وأعلنوا عقائدهم وكشفوا عن مقاصدهم، وكانوا دعاة شر وفساد ومعاول هدم للديانات والعقائد والأخلاق

يتبين ذلك لمن تتبع تاريخهم وعرف سيرتهم من يوم وضع عبد الله بن سبأ الحميري اليهودي أصولهم وبذر بذورهم فورثها لاحقهم عن سابقهم وتواصوا بها وأحكموا تطبيقها واستمر ذلك إلى وقتنا الحاضر

والدروز وإن كانوا فرعًا من فروع القرامطة الباطنية لهم مظاهرهم الخاصة من جهة نسبهم ونسبتهم من الهوة والزمن الذي ظهروا فيه والظروف التي ساعدتهم على الظهور

وينسب الدروز إلى درزي وهو: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الدرزي، ويرى الزبيدي في التاج أن الصواب ضبط الدرزي بفتح الدال نسبة إلى أولاد درزة وهم السفلة والخياطون والحاكة

وظهر محمد بن إسماعيل الدرزي أيام الحاكم بأمره أبي علي المنصور بن العزيز أحد ملوك العبيديين الذين حكموا مصر قريبًا من مئتي سنة وزعموا أنهم من آل البيت زورًا وبهتانًا وأنهم من نسل فاطمة رضي الله عنها

قلت: وحيث أن الدروز فرع من فروع القرامطة الباطنية فلا بد من الإشارة إلى أن القرامطة الباطنية جاؤا من الأحساء في سنة 317 هجرية في موسم الحج فعملوا عملهم الشنيع من قتل الحجاج ورمي جثث البعض منهم في بئر زمزم ولم يتمكن الناس من إكمال حجهم وأخذوا معهم الحجر الأسود وبقي عندهم 22 سنة ثم أعادوه بعد تلك الفترة

والله المستعان

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عما يحكم به في الدروز والنصيرية ، فأجاب وهؤلاء الدرزية والنصيرية كفار باتفاق المسلمين، لا يحل أكل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم، بل ولا يقرون بالجزية فإنهم مرتدون عن دين الإسلام ليسوا مسلمين ولا يهود ولا نصارى ولا يقرون بوجوب الصلوات الخمس ولا وجوب صوم رمضان ووجوب الحج، ولا تحريم ما حرم الله ورسوله من الميتة والخمر وإن أظهروا الشهادتين مع هذه العقائد، فهم كفار باتفاق المسلمين، فأما النصيرية فهم أتباع أبي شهيب محمد بن نصير وكان من الغلاة الذين يقولون إن عليًا إله وهم ينشدون

أشهد أن لا إله إلا *** حيدرة الأنزع البطين
ولا حجاب عليه إلا *** محمد الصادق الأمين
ولا طريق إليه إلا *** سلمان ذو القوة المتين

وقال عن الدروز كفر هؤلاء مما لا يختلف فيه المسلمون بل من شك في كفرهم فهو كافر مثلهم فهم كفرة ضالون

وبالله التوفيق

وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين

1436-03-20 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي