الدرس 341: بر الوالدين 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 4 جمادى الآخرة 1439هـ | عدد الزيارات: 1453 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الوالدة لها حق كبير على ولدها بالاحترام والتوقير والبر والإحسان، كما أمر الله سبحانه وتعالى بذلك، ونهى عن الإساءة إليها بالقول أو الفعل، فليس لك الحق في منع والدتك من الخروج إلى الجيران والأقارب، حتى وإن كان والدك متوفى إلا إذا ترتب على خروجها مفاسد، فإنه يجب عليك أن تنصحها برفق وحكمة، وتبين لها مضار الخروج‏

ولا يلزمك أن تسكن أمك وإخوانك معك ما دام أن لهم مسكناً يكفيهم، لاسيما وأنك تخشى من تكرر ما حصل من المشاكل بينهم وبين زوجتك، ولكن أحسن إليهم بالمودة والصلة، وإن كانوا لا يسكنون معك‏

والتوبة واجبة من جميع الذنوب، ويغفر الله للتائب كل الذنوب إذا صحت توبته كما قال تعالى (‏قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا‏) الزمر: 53

ويشرع للذي كان عاقاً لوالديه حتى ماتا أن يكثر الدعاء لهما إذا كانا مسلمين ويتصدق عنهما، ويسدد ما عليهما من الديون إذا كان عليهما ديون وليس لهما تركة تسدد منها، وينفذ وصاياهما إذا كان لهما وصايا شرعية

رؤيتك لغير العورة من جسم أمك لا حرج عليك فيه، وأما العورة فتجعل عليها ستاراً في حال تنظيفها، وتلبس على يدك حائلاً يحول بينك وبين مماسة يدك للعورة، ونظفها من وراء الستارة، إذا تعذر على غيرك القيام بذلك

إذا تصدقت عن والديك المتوفين بلحم أو طعام أو غيرهما فهذا أمر مشروع، ويرجى وصول ثوابه إليهما، لعموم حديث سعد رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ هل يتصدق عن والدته الميتة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدق عنها، رواه البخاري ومسلم

يجوز لك الاعتمار عن والدتك المتوفاة، حتى وإن لم تحج، وقد ذكر السائل أنه سبق وأن اعتمر عن نفسه

لعن الأبوين وسبهما من أكبر العقوق، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، لأن الله تعالى قال (‏فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما * ‏واخفض لهما جناح الذُل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) الإسراء: 23-24

فيجب على من يسب والديه ويلعنهما أن يتوب إلى الله ويحسن إلى والديه، ويطلب منهما المسامحة، وصلاته صحيحة، لكنه يأثم أشد الإثم على سب والديه ولعنهما

حاول أن تصلي الجمعة والجماعة في المسجد، لأن ذلك واجب عليك، ولا تطع والدك في الامتناع من حضور الصلوات في المساجد إلا إذا كان هناك خوف محقَقْ يحول بينك وبين المسجد، فإنه يجوز لك أن تصلي في البيت، وإن وجدت من يصلي معك في البيت فصلوا جماعة، لأن صلاة الجماعة واجبة

وطاعة الوالدين واجبة، وصيام النافلة سنة، فإذا أمرك والداك بترك الصيام النفل وجب عليك طاعتهما

وعلى الشاب المسلم أن يطلب العلم النافع على العلماء المحققين، ويتمسك بالسنة، ويكون مع جماعة المسلمين السائرين على منهج السلف الصالح، ويبتعد عن التيارات المشبوهة والغوغائية الجاهلية، ويبر بوالديه ويطيعهما في غير معصية الله، ويحسن إلى أقاربه وإخوانه المسلمين

طاعة الأم واجبة، وترك قيادة السيارة تحقيق لرغبتها ورفق بها هو من البر، ولكن ما دام أن والدتك توفيت ومصلحتك تتطلب قيادة السيارة، فنرجو ألا حرج عليك في تعلم قيادة السيارة، لأن تأثر والدتك إنما هو في حياتها‏

الواجب على الأبناء أن يبروا آباءهم ويحسنوا إليهم، وأما اتخاذ تقبيل الأبناء لرُكب آبائهم شعاراً بعد صلاة الجمعة فلا أصل لذلك فلا يجوز

لا تقبل الشرط الذي اشترط عليك والدك، وهو طرد أمك من بيتك لأجل أن يقوم بتزويجك، لأن هذا معصية وعقوق لوالدتك، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)

وسيرزقك الله خيراً مما عند والدك إذا حافظت على بر والدتك، لقول الله تعالى (‏ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) الطلاق: 2

إذا كان والدك يمنعك من الاختلاط ببعض الاجتماعات التي يخشى عليك منها فهو محق في ذلك، ويجب عليك طاعته في تجنبها، وإن كان يمنعك من صلاة الجماعة في المسجد بعد الأذان فلا تطعه في ذلك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأما مسألة الدش الذي في البيت فعليك بمناصحة الوالد في إزالته وبيان ما فيه من الأضرار، فإن حصل المقصود فالحمد لله، وإلا فاجتنب النظر فيما يبثه واعتزل الجلوس لذلك

قيام الغير بغسل فرج العاجز عن غسل عورته وتنظيفها من النجاسة، فلا بأس بذلك ويكون من وراء حائل يستر العورة، ويجعل الغاسل على يده قفازاً أو لفافة حتى لا يمس العورة مباشرة، وهكذا له حلق عانته، ويجوز كشف العورة لأجل ذلك، لأنه من الضرورة، ويتولى الرجال ذلك مع الرجال، والنساء مع النساء، إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر ذلك، فلا حرج للضرورة المقتضية لذلك، لقول الله عز وجل (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) الأنعام: 119

إذا كان والدك عنده من يقوم بخدمته، وهي والدتك وأختك، فلا مانع أن تأخذ زوجتك وأولادك إلى مكان عملك، وتزور والدك بين الحين والآخر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏ (لا ضرر ولا ضرار) وقوله صلى الله عليه وسلم‏ (إنما الطاعة في المعروف)

وعليك أن تجتهد حسب طاقتك في استسماحه، والدعاء له بالتوفيق، أصلحه الله، ويسر أمرك وأمر كل مسلم

إذا كان لا يمكن نقل والديك معك إلى البلاد التي تهاجر إليها فراراً بدينك، وهما بحاجة إلى إقامتك معهما، فإنه يجب عليك البقاء معهما والبر بهما، وتكون معذوراً في ترك الهجرة، ويكون حكمك حكمهما، لقوله تعالى (‏إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا * فأولئك عسى اللهُ أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا) النساء: 98-99، ولقوله تعالى (‏فاتقوا الله ما استطعتم) التغابن: 16

نوصيك بزيادة الحرص على تعلم العلم الشرعي والتفقه في الدين ونفع الناس بما تعلمه من دين الله تعالى حسب الاستطاعة، كما يجب عليك التوقف عما لا تعلمه حتى تسأل أهل العلم عنه

وأما منع والدك لك من القراءة على المصابين بالمس ومن عقود الزواج، فإن استطعت أن تقنعه بفائدة ذلك وجدواه للناس فهذا حسن، وإلا فيلزمك طاعة والدك، وفي ذلك خير إن شاء الله

وأما إمامتك للناس في الصلوات فإن كان يوجد غيرك ممن يحسن القراءة، ويعرف أحكام الصلاة، فلا تلزمك إمامتهم، وإن لم يوجد من هو صالح للإمامة إلا أنت، فيتعين عليك إمامتهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) الحديث‏

نوصيك ببر والدتك، وطيب الكلام معها، وعدم إظهار التضجر منها، وعليك بمداومة نصيحة أختك بالأسلوب الحسن للكف عن إثارة المشكلات، إن كانت غير محقة، فإن لم ينفع ما سبق فإن استطعت أن تخرج إلى بيت مستقل أنت وزوجتك من غير إضرار بوالدتك وأختك، فهذا حسن، حتى تبتعد بقدر الإمكان عن حدوث المشكلات والمناوشات التي تكدر عليك معيشتك، وإن لم تستطع فعليك بالصبر والتحمل، والله تعالى يقول (‏فإن مع العسر يسرا * ‏إن مع العسر يسرا) الشرح: 5-6

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1439/6/30

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي