الدرس 166: باب الرهن 5

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 6 جمادى الآخرة 1439هـ | عدد الزيارات: 1198 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

قول المؤلف رحمه الله (ومتى حل الدين) على المدين وهو الراهن

قوله (وامتنع من وفائه) امتنع الراهن عن وفائه

قوله (فإن كان الراهن أذن للمرتهن أو العدل في بيعه باعه ووفى الدين) أذن للمرتهن إذا كان الرهن بيد المرتهن، أو العدل إذا كان الرهن عند عدل، أي: عند رجل عدل اتفقا عليه، فإن كان الراهن أذن للمرتهن أو للعدل في بيعه باعه ووفى الدين

مثاله: رهن مزرعته عند شخص استدان منه خمسمائة ألف، ثم حل الدين، وقد أذن للمرتهن إذا حل الدين ولم أوف فبع، فإذا حل الدين، وقال: أوفني، فقال: ليس عندي شيء، فهنا يبيعه ولا يحتاج إلى تجديد الإذن

وقوله (أو العدل) مثل أن تكون السيارة التي رهنها عند الدائن بيد شخص ثالث، لعدم ثقته بالمرتهن، فجعلها عند شخص آخر عدل مأمون، وقال له: إذا حل الدين ولم أوف فبع السيارة وأوف المرتهن، فإذا حل الدين وامتنع الراهن من الوفاء، فإن العدل يبيعها

قوله (وإلا أجبره الحاكم على وفائه أو بيع الرهن) إذا رهن العين ولم يأذن ببيعها عند حلول الأجل وامتنع عن الوفاء، فيترافع الطرفان إلى الحاكم، ما لم يرض الدائن ببقاء الدين بدون بيع الرهن، فيجبره الحاكم على وفائه، إذا كان المدين بيده شيء، وإن كان فقيرا أو مماطلاً أجبره على بيع الرهن، أو يأذن للعدل أو للمرتهن في بيعه

قوله (فإن لم يفعل باعه الحاكم ووفى دينه) إذا عجز عن وفائه، يتولى الحاكم بيع الرهن ووفاء الدين

فإذا كان ثمن الرهن مساوياً للدين، أعطيناه ثمنه، وإن كان أقل، مثل أن يكون الدين عشرة آلاف ريال وثمن الرهن سبعة آلاف، أعطيناه ثمن الرهن وبقي له على الراهن ثلاثة آلاف، وإن بيع الرهن بأكثر من الدين، استوفى المدين حقه، والباقي يرد إلى الراهن

قوله (ويكون عند من اتفقا عليه) الضمير في قوله (يكون) يعود على الرهن، وقوله (اتفقا) الألف تعود على الراهن والمرتهن، هذا في حال ما لم يرض الراهن بكونه بيد المرتهن، لعدم ثقته به، فيقال لهما: اختارا من يكون بيده، فإذا اختارا فلاناً صار بيده، وإن اختلفا قال أحدهما: أنا أريد فلاناً، وقال الثاني: أنا أريد فلاناً الآخر، فنرجع للقاضي، لأن له الولاية العامة ويعين من شاء

قوله (وإن أذنا) الضمير يعود على الراهن والمرتهن

قوله (له) أي: للعدل

قوله (في البيع لم يبع إلا بنقد البلد) ولا يبيع بنقد غيره

مثال ذلك: هنا نقد البلد الريال السعودي، فلا يبيع بالدولار مثلاً

ولو قال: أنا أريد أن أبيعه بمثل الدَّين، وهو مرهون بدولارات، فظاهر كلام المؤلف، يبيع بنقد البلد

والصحيح أنه يبيعه أولاً بجنس الدين ثم بنقد البلد

قوله (وإن قبض الثمن فتلف في يده فمن ضمان الراهن) لأن الدين ثابت في ذمة الراهن حتى يستلمه المرتهن، فالمرتهن الآن لم يستلم الثمن، فلم يوف دينه، فإذا تلف فمن ضمان الراهن، بشرط أن يكون بلا تعد ولا تفريط، فإن كان بتعد أو تفريط صار هناك ضامن آخر، وهو العدل الذي وُكل من قبل الطرفين

مثاله: باع العدل الرهن وقبض الثمن، ثم حدث حريق في البيت وتلف الثمن، فيرجع المرتهن إلى الراهنْ، ولا يرجع الراهن إلى العدل، لأنه تلف بلا تعد ولا تفريط

مثال آخر: قبض العدل الثمن، ووضعه على عتبة المحل، ثم نسي وذهب إلى بيته، ثم تذكر ورجع، فلم يجده حيث سُرق، فالضمان للمرتهن على الراهن، والراهن يرجع على العدل، لأنه فرط في الحفظ

قوله (وإن ادعى دفع الثمن) أي العدل

قوله (إلى المرتهن فأنكره ولا بينة ولم يكن بحضور الراهن) فيضمن العدل

صورة المسألة: أذن الراهن للعدل أن يبيع الرهن ويوفي صاحبه، فباعه ثم جاء إلى صاحبه، وقال: يا فلان هذا ثمن الرهن الذي ارتهنته، فأخذ الدراهم، وذهب المرتهن إلى الراهن وقال: أوفني، فرجع الراهن إلى العدل وقال: ألست تقول: إنك أوفيته؟ قال: بلى، فذهبا إلى المرتهن فقال: لا ما وفاني، والعدل ليس عنده بينة، والراهن لم يحضر، فيضمن العدل، لأنه فرط بعدم إشهاده، وكان عليه أن يشهد حتى تبرأ ذمته ويؤدي الأمانة كما أُمر، فيرجع المرتهن على الراهن، لأن الدين ثابت في ذمته ويرجع الراهن على العدل

إذاً العدل إذا أوفى المرتهن بدون بينة، ولا حضور الراهن وأنكر المرتهن فعليه الضمان

قوله (كوكيل) أي: كما لو فعل الوكيل في قضاء الدين وقال: إني وفيت، وأنكر الدائن ولم يكن هناك بينة، ولا بحضور الموكل فإنه يضمن

مثال ذلك: صاحب مخبز، اشتريتُ منه كيس خبز ثمنه ريال، وبعد أن ذهبتُ به إلى البيت ذهب جاري يشتري خبزاً، فأعطيته ريالاً قيمة الكيس ليعطيه للخباز، فأعطاه إياه، وقال: هذا عن الرجل الذي أخذ منك كيس الخبز، ولم يكن هناك شهود، ثم إن صاحب المخبز لما مررت به قال: أعطني قيمة الخبز، فقلتُ: أعطيته جاري ودفعه لك، فقال: ما أعطاني شيئاً، فهنا يضمن الجار الريال، لأنه لم يُشهد عليه شاهدين

والصحيح: أنه لا يضمن، لأن هذا الوكيل يقول للذي وكله: أنت لو ذهبت توفي بهذا الريال ما أشهدت عليه، فكيف تعدني مفرطا وأنت بنفسك تفعل ما أفعل

ولو أعطى صاحب المخبز فاتورة للوكيل بأنه تسلم الثمن، فالأصل أن الإقرار مقبول، فيكفي إعطاء الفاتورة عن الإشهاد

قوله (وإن شرط) الفاعل هو الراهن

قوله (ألا يبيعه) أي: المرتهن

قوله (إذا حل الدين) مثاله: قال: رهنتك هذا الدكان بمائة ألف ريال بشرط ألا تبيعه إذا حل الدين، فالرهن صحيح، والشرط فاسد، لأنه منافياً لمقتضى العقد، إذ مقتضى العقد هو التوثقة، وإذا كان إذا حل الدين لم يبعه فأين التوثقة، فالمذهب أن العقد صحيح والشرط فاسد

وبناء على ذلك إذا حل الدين، فيجوز للمرتهن أن يبيعه، لأن الشرط غير صحيح

قوله (أو إن جاءه) الفاعل الراهن، والمفعول المرتهن

قوله (بحقه في وقت كذا وإلا فالرهن له لم يصح الشرط وحده) الضمير في قوله (بحقه) يعود على المرتهن، والحق هو الدين، فإن جاءه بحقه في الوقت، انفك الرهن، وإن لم يأت بحقه في الوقت المحدد، بقي الرهن بحاله، والدين بحاله أيضاً، لأن الشرط غير صحيح

مثال ذلك: رجل أرهن شخصا سلاحه، فقال: خذ هذا السلاح رهناً عندك، فإن جئتك بحقك أول يوم من رجب، وإلا فالسلاح لك، فقال: لا مانع، فإن هذا الشرط لا يصح، فإذا جاء أول يوم من رجب، ولم يوف بحقه، بقي السلاح على رهنه وبقي الدين في ذمة الراهن، كأن شيئاً لم يكن

والصحيح صحة هذا الشرط، لأن الأصل في العقود وشروطها الجواز والصحة، لقول الله تعالى (يا أيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود) المائدة: 1، وهذا يشمل الوفاء بالعقد أصله وشرطه، ولقوله تعالى (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) الإسراء: 34

والشرط عهد، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالا) صححه الألباني عن عائشة رضي الله عنها

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

05-06-1439 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي