الدرس 170 :الضمان 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: السبت 8 رجب 1439هـ | عدد الزيارات: 1163 القسم: شرح زاد المستقنع -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ....

قوله :فصلٌ وتصح الكفالة :الكفالة هي العقد الثالث من عقود التوثقة لأن عقود التوثقة رهن وضمان وكفالة.

والكفالة :- التزام جائز التصرف إحضار بدن من عليه الحق أو إحضار من يصح ضمانه حتى تدخل الأعيان المضمونة كالعواري.

فالضمان أن يلتزم إحضار الدين ،والكفالة إحضار البدن فإذا أحضر الكافل المكفول وسلمه لصاحب الحق برئ منه سواء أوفاه أو لم يوفه .

فالضمان يضمن الدين والكفالة ضمان من عليه الدين

فقوله :وتصح الكفالة : الضمان سنة للضامن لما فيه من مساعدة أخيه وتفريج كربته وغير ذلك بشرط أن يكون الضامن قادراً على الوفاء أما إذا كان فقيراً ثم بعد أن يحل الأجل يطالب وليس عنده شيء ،فهذا مكروه لأنه يُلزم نفسه مالاً يلزمه وكذا الكفالة من حيث هي سنة للكفيل بشرط القدرة على إحضار بدن المكفول أو إيفاء الدين عنه ،وإلا فلا يكفل .

ولهذا نجد أناس يشكون ديوناً عليهم سببها أنهم يكفلون الناس ،فالحذر من كفالة المتساهل والمتلاعب ،بل احرص على ألا تكفل لقلة الثقة في الوقت الحاضر.

قوله :بكل عين مضمونة :يصح كفالة بدن من هي عنده ،والعين المضمونة هي التي تضمن بكل حال سواء بتفريط أو بغير تفريط

مثاله :- المسروق عند السارق عين مضمونة ،والمغصوب عند الغاصب عين مضمونة ،والمخطوف عند الخاطف عين مخطوفة ،وكذا المبيع بكيلٍ أو وزن ؛وما أشبه ذلك قبل قبضه من الأعيان المضمونة على البائع ،فكل عين تُضمن فإنها تصح الكفالة ببدن من هي عنده.

أما العارية فعلى ما جرى عليه المؤلف أنها عين مضمونة.

تصح كفالة من هي عنده ،والصحيح أنها ليست من الأعيان المضمونة بل هي أمانة .

قوله :وببدن من عليه الدين كرجلٍ في ذمته لشخص خمسة آلاف ريال فطالبه صاحب الحق فرد عليه ليس معي شيء فهدده بالرفع إلى الجهات المسؤولة فقال إنسان محسن أنا أكفل الرجل يعني إحضاره فيصح هذا فتجوز الكفالة ببدن من عليه دين ثابت .

قوله :لاحد : أي لا ببدنِ من عليه حد

مثاله :- رجل سارق أمسكته الدولة لتقطع يده فطلب مهلة حتى يذهب إلى أهله ،وقال رجل أنا أكفله فلا يصح أن يكفله لتعذر الاستيفاء من الكفيل إذا لم يرجع فلا فائدة من الكفيل ،أما لو كانت الكفالة ماليه جاز ذلك ،وهذا هوالمشهور من المذهب الذي سار عليه المؤلف .

قوله :ولا قصاص :أي أن يكون قاتلاً وطالب أولياء المقتول بقتله بعد ثبوت إدانته ،وأراد السلطان أن يقتله فطلب الذهاب لأهله لتوديعهم ،وقال يكفلني فلان فلا يصح لأنه لو تعذر حضور هذا الذي وجب عليه القصاص لم نتمكن من استيفائه من الكفيل ،والمذهب أنه لا تصح كفالة بدن من عليه قصاص للتعليل السابق .

فالقاعدة في هذا أن كل شخص لا يمكن الاستيفاء منه لو تغيب المكفول ،فإنه لا يصح أن يكفل .

مثال آخر :- امرأة أمسكت بزوجها ولها ضَرة وقالت أنت لا تُقسم لي فالليلة المقبلة لي وأنت لم تحضر منذ ثلاث ليالٍ والآن لابد من المحاكمة فقال لها أمهليني فرفضت فقام رجل فقال أنا أكفل الرجل أن يحضر إليك فهذا لا يمكن لأن المكفول لو لم يحضر فإن الكفيل لا يمكن أن يقوم مقام المكفول ،وأحكام الله لا تؤخذ باللعب واللغو الذي لا فائدة منه.

قوله :ويعتبر رضا الكفيل لا مكفول به : لأنه سوف يلتزم بحق ،وإذا لم يرض بذلك فإنه لا يلزم به والمكفول له لا تَمكن له الكفالة إلا بطلب منه فإذا تقدم إنسان يكفل له ،وقال المكفول له لا حاجة في أن تكفل فلاناً أنا أعرفه فهنا لا كفالة لأن المكفول له يجوز له إسقاط الكفالة بعد ثبوتها فعدم قبولها من أول الأمر من باب أولى .

وقوله : لا مكفول به :المكفول به هو الدين ،وصحة العبارة :لا مكفول :أي لا يعتبر رضا المكفول ،فلو قال إنسان لشخص أنا أكفل فلاناً فقال المكفول أنت تكفلني ؟! من أنت ؟! أنا أوثق منك عند الناس وأوفى ،أنا لا أرض أن تكفلني ،فلا يعتبر قوله لأن الشرع حقاً للمكفول له وحقاً للكفيل ،فهما صاحبا الحق أما المكفول فليس له حق ،لكن إذا كان يترتب على هذا سوء السمعة بالنسبة للمكفول فإنه لا يجوز أن يتقدم أحد في كفالته لأن ذلك يضر بسمعته .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن ماجة عن عبادة بن الصامت (لا ضرر ولا ضرار) حسنه الألباني .

قوله :فإن مات : الضمير يعود على المكفول ؛أي إن مات المكفول برئ الكفيل حتى من الدين لأنه لما مات المكفول فلا يمكن إحضاره ،والفرق بين الكفالة والضمان ،أن الكفالة إذا مات المكفول برئ الكفيل ،والضمان إذا مات المضمون لم يبرأ الضامن .

قوله :أو تلفت العين بفعل الله تعالى :أي إذا كفله بعين مضمونة فتلفت العين بفعل الله مثل أن تأتي عاصفة قوية فتتلف هذه العين ،أو سيل عظيم يجترف هذه العين .

فهذه تلفت بفعل الله لا بتعد ولا تفريط ،فيبرأ الكفيل ولو كان ضماناً لم يبرأ

قوله :أو سلّم نفسه برئ الكفيل :أي جاء المكفول في الوقت المحدد فيبرأ الكفيل .

مثاله :الدين يحل في أول يوم من شهر محرم ،فجاء هذا الرجل أول يووم من محرم وسلم نفسه لصاحب الحق فيبرأ الكفيل سواء قدر على الاستيفاء منه أو لم يقدر لأنه إنما التزم بإحضار بدنه وقد حضر .

وبالله التوفيق .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

7/7/1439 هـــ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

7 + 1 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر