الدرس السادس والثلاثون: التعزية

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأحد 11 ذو القعدة 1434هـ | عدد الزيارات: 1821 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

تقبل العزاء من أهل الميت في المقبرة قبل الدفن أو بعده لا حرج فيه ، والتعزية سنة ، وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب فيها بما رُوي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة " رواه ابن ماجه ، وتكون بكلمات طيبة تعين على الصبر والرضا بالقدر ، وطمأنينة النفس إلى قضاء الله رجاء المثوبة ، وخشية العقوبة .

ويجوز أن تخرج المرأة في التعزية المشروعة إذا لم يوجد بخروجها محاذير أخرى ، كتعطر وتبرج ونحو ذلك مما يسبب الفتنة لها أو بها .

وليس للتعزية وقت محدود ، ولا مكان محدود ، ويكره الجلوس للتعزية والاجتماع من أجلها يوماً أو أياماً لأن ذلك لم يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه الراشدين لأن في ذلك إثارة للحزن وتجديداً له ، وتعطيلاً لمصالحهم .

ويشرع الدعاء والاستغفار للميت المسلم لما ورد في ذلك من الأدلة ، وقراءة القرآن بنية أن يكون ثوابها للميت لا تشرع ، والمشروع أن يقال في حق الميت المسلم : رحمه الله لا المرحوم .

الإعلان عن وفاة الميت بشكل يشبه النعي المنهي عنه لا يجوز ، كما لا ينبغي اتخاذ لوحة في المسجد للإعلان فيها عن الوفيات وأشباهها ، ذلك لأن المساجد لم تُبن لهذا .

الزكاة ركن من أركان الإسلام ، فمن تركها جاحداً لوجوبها يُبَين له حكمها ، فإن أصر كفر ، ولا يصلى عليه ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ، أما إن كان تركها بخلاً وهو يؤمن بوجوبها فهو عاص معصية كبيرة وفاسق بذلك ولكن لا يكفر ، يغسل ويصلى عليه إذا مات على هذه الحال ، وأمره إلى الله يوم القيامة .

يبدأ حول الزكاة لمال الورثة من يوم وفاة والدهم ، أما الثلث فليس عليه زكاة .

الدين على مليء تجب فيه الزكاة كلما حال عليه الحول ، والدين لا يمنع الزكاة ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يرسل عماله لقبض الزكاة وخُرَّاصه لخرص الثمار ، ولم يقل لهم انظروا هل أهلها مدينون أم لا .

تجب الزكاة في الذهب إذا بلغ عشرين مثقالاً ، فيجب فيه نصف مثقال ، ولا يجب في الفضة حتى تبلغ مئتي درهم ، ومقدارها بالمثاقيل مائة وأربعون مثقالاً فيجب فيها خمسة دراهم .

وتجب الزكاة في الحبوب كلها وفي كل ثمر يكال ويدخر ويعتبر لوجوبها في الحبوب والثمار شرطان :-

الأول : أن تبلغ نصاباً قدره بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار خمسة أوسق ، والوسق ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم .
الثاني : أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة .

ويجب العشر فيما سقي بغير مؤونة ونصف العشر فيما سقي بكلفة كالمكائن ، وإن كان يسقى نصف السنة ففيه ثلاثة أرباع العشر ، وإذا اشتد الحب وبدا الصلاح في الثمر وجبت الزكاة ، ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في الجرين ، فإن تلفت قبله بغير تعدٍ منه سقطت الزكاة ، سواء خرصت أو لم تخرص ، ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابساً ، والإبل لا زكاة فيها حتى تبلغ خمساً ، فتجب فيها شاة ، والبقر لا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين ، فيجب فيها تبيع ، وهي التي لها سنة والغنم لا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين فتجب فيها شاة ، فالإبل والبقر والغنم لا تجب إلا في السائمة منها وهي التي ترعى في أكثر الحول .

الزكاة واجبة في الدين على المقرض إذا كان مدينه مليئاً ، وحال الحول على الدين ، وكان المبلغ نصاباً بنفسه ، أو بضمه إلى غيره من نقد أو عروض تجارة مما يزكى .

والزكاة واجبة في الديون المؤجلة كل سنة إذا حال عليها الحول ، وكانت نصاباً بنفسها أو بضمها إلى غيرها مما يزكى من نقد أو عروض تجارة .

لا يجوز لمن وجبت عليه الزكاة أن يتحايل عليها بالخصم من الدين الذي له على الغريم لأن في ذلك وقاية لماله ، وعلى صاحب المال أن يخرج زكاة المال من جنسه ، فيخرج من المال النقدي نقداً ويخرج من البر براً ومن الأرز أرزاً ومن التمر تمراً وهكذا .
وأما المال المعد للتجارة فتجب فيه الزكاة إذا بلغ نصاباً بنفسه أو بضمه إلى غيره مما يزكى من النقد ، أو عروض التجارة وحال عليه الحول ، ويخرج مقدار ربع العشر ، 2.5% نقداً .

أجمع العلماء على وجوب الزكاة في سائمة الإبل والبقر والغنم ، إذا بلغت نصاباً ، وأوله في الإبل خمس ، وأوله في البقر ثلاثون ، وأوله في الغنم أربعون ، والسائمة هي الراعية للحشائش ونحوها ، ضد المعلوفة .

وإذا كانت هذه البقر والغنم يراد بها التجارة فإنها تقوم عند تمام الحول ابتداء من نية التجارة ، وإن كان اشتراها للتجارة بنى على حول النقود التي اشتراها بها ، وتزكى زكاة عروض التجارة ، أما إن كانت لغير التجارة فلا زكاة فيها لأن من شرط وجوب الزكاة في الإبل والبقر والغنم أن تكون سائمة وهي الراعية .
تجب الزكاة في الأرانب المتخذة للتجارة إذا بلغت قيمتها نصاباً بنفسها أو بضمها إلى غيرها مما يزكى وحال عليها الحول ، ويخرج ربع العشر من قيمتها كعروض التجارة .

الذي تحرر لنا في مقدار الصاع النبوي أنه قدر أربع حفنات بيدي الرجل المعتدل في الخلقة ، وهذا هو الذي ذكره بعض أهل العلم ، كصاحب النهاية والقاموس .

يجوز إخراج الزكاة من النخيل بسراً لأنه صالح للأكل وهو نصف العشر لأنه يسقى بمئونة .

ليس في العسل المنتج بواسطة النحل زكاة وإنما تجب الزكاة في قيمته إذا أعده للبيع وحال عليه الحول ، وبلغت قيمته النصاب ، وفيه ربع العشر .

تجب الزكاة في العنب إذا بلغ نصاباً ، وهو خمسة أوسق فيخرج نصف العشر وإذا باعه أخرج من ثمنه نصف العشر أما إن كان السقي بدون كلفة فالواجب العشر إذا بدأ صلاحه وكان نصاباً .

التين ليس فيه زكاة لأنه من جملة الفواكه كالرمان والكمثرى ونحوها ، وليس مما يكال أو يدخر .

القهوة نوع من الحبوب التي تكال وتدخر فتجب فيها الزكاة ووقت خرجها إذا اشتد الحب .

لا تجب الزكاة في نبات القطن ولا في قصب السكر المنتج بالزراعة ، ولكن تجب الزكاة في ثمنه إذا باعه وحال على الثمن الحول ، وكان نصاباً بنفسه أو بضمه إلى مال زكوي لصاحبه نقدي أو عروض تجارة ، ولا تجب الزكاة في الحطب والحشيش والقصب الفارسي .

المحرر عندنا أن نصاب الذهب الذي تجب فيه الزكاة عشرون مثقالاً ، ومقدار ذلك بالجنيه السعودي 11 جنيه وثلاثة أسباع جنيه ، والدرهم قطعة فضة صغيرة ، وهي عملة كانت رائجة في أول الإسلام ، يبلغ وزنها ستة دوانق ، أي نصف مثقال وخُمْس مثقال ، ومئتا درهم من الفضة هي نصاب الفضة .

يجوز دفع المرأة زكاة مالها لزوجها إذا كان من أهل الزكاة لأن نفقته لا تلزمها ، ولما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لامرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أن تدفع زكاة مالها لزوجها عبد الله

نصاب الفضة 140مثقالاً ، وهي 200 درهم من الدراهم الموجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهي تساوي 56ريالاً سعودياً فضياً .

نصاب الذهب بالجرام الحالي المعمول به الآن 91 جراماً وثلاثة أسباع جرام ، وزكاته ربع العشر .

يخرج زكاة حلي الذهب حسب سعره يوم حال عليه الحول ووجبت فيه الزكاة ، لا على ثمنه يوم الشراء ، وتجب الزكاة في الذهب حلي أو غير حلي على مالكته وإن أخرج زوجها أو غيره عنها بإذنها جاز ذلك .

الزكاة تجب في المال المدخر للأيتام من التقاعد إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول .

إذا وضع جماعة نقوداً في صندوق لتنفق في وجوه البر على ألا يعود إلى أحدهم منها شيء فلا زكاة فيه لأنها خرجت من ملكهم بدفعها إلى صندوق البر .

المال الموقوف لبناء مسجد لا تجب فيه الزكاة ، وقيمة بيت وقف تعطلت منافعه فباعوه ويريدون شراء بدله لا تجب فيه الزكاة لأن من شروط الزكاة الملك وهذا الشرط مفقود هنا .

يزكي الشخص عن أمواله في مساهمة بأن يزكي رأس ماله وأرباحه كلما حال عليه الحول فوراً لقوله سبحانه " وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ " النور 56 ، وهذه الآية وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث كلها تقتضي وجوب إخراج الزكاة على الفورية .

إذا بلغ المال المقرض نصاباً وحده أو بضمه إلى ما يملك من غيره من نقود وعروض تجارة وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة على المقرض لا على المقترض ، إذا كان المقترض ملياً .

تجب الزكاة في الأراضي المعدة للبيع والشراء لأنها من عروض التجارة ، فهي داخلة في عموم أدلة وجوب الزكاة من الكتاب والسنة .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

9 - 11 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

4 + 8 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر