الحج 1

الخطب
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 29 ذو القعدة 1434هـ | عدد الزيارات: 1972 القسم: خطب الجمعة

الحمدُ لله الذي فرض الحج على عباده إلى بيته الحرام، ورتَّب على ذلك جزيل الأجر ووافر الإنعام، فمَن حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه نقيًّا من الذنوب والآثام، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة دار السلام، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله أفضل من صلَّى وزكَّى وحجَّ وصام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما تعاقبت الليالي والأيام، وسلَّم تسليمًا.

أما بعد

أيها الناس: اتَّقوا الله تعالى وأدّوا ما فرض عليكم من الحج إلى بيته الحرام حيث استطعتم إليه سبيلاً، فقد قال الله تعالى "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ"(آل عمران:97). وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الإسلام بني على هذه الخمس، فلا يتم إسلام العبد حتى يحج، ولا يستقيم بنيان إسلامه حتى يحج.

ففريضة الحج ثابتة بكتاب الله تعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم وبإجماع المسلمين عليها إجماعًا قطعيًّا فمَن أنكر فريضة الحج فقد كفر ومَن أقَرَّ بها وتركها تهاونًا فهو على خطر فكيف تطيبُ نفس المؤمن أن يترك الحج مع قدرته عليه بماله وبدنه وهو يعلم أنه من فرائض الإسلام وأركانه كيف يبخل بالمال على نفسه في أداء هذه الفريضة وهو يُنفق الكثير من ماله فيما تهواه نفسه وكيف يوفّر نفسه عن التعب في الحج وهو يُرهق نفسه في التعب في أمور دنياه وكيف يتثاقل فريضة الحج وهو لا يجب في العمر إلا مرّة واحدة وكيف يتراخى ويؤخّر أداءه وهو لا يدري فلربما لا يستطيع الوصول إليه بعد عامه.

فاتَّقوا الله عباد الله وأدوا ما فرضه الله عليكم من الحج تعبّدًا لله تعالى، ورضًا بحكمه، وسمعًا وطاعة لأمره إن كنتم مؤمنين "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً"(الأحزاب:36).

إن المؤمن إذا أدّى الحج بعد بلوغه مرّة واحدة فقد أسقَطَ الفريضة عن نفسه وأكمل بذلك أركان الإسلام

عباد الله: إن من تمام رحمة الله ومن بالغ حكمته أن جعل لفرائضه حدودًا وشروطًا لتنضبط الفرائض وتتحدّد المسؤولية وجعل هذه الحدود والشروط في غاية المناسبة للفاعل والزمان والمكان، ومن هذه الفرائض الحج، فله حدود وشروط فمنها البلوغ، ويحصل البلوغ في الذكور بواحد من أمور ثلاثة: إنزال المني، أو تمام خمس عشرة سنة أو نبات شعر العانة، وفي الإناث بهذه الثلاثة وزيادة أمر رابع وهو الحيض، ومن شروط وجوب الحج أن يكون مستطيعًا بماله وبدنه فالاستطاعة بالمال أن يملك الإنسان ما يكفي لحجه زائدًا عن حوائج بيته وما يحتاجه من نفقة وكسوة له ولعياله وأجرة سكن لمدة سنة وقضاء دَيْون حاله، والدَّيْن كل ما ثبت في ذمة الإنسان من قرض وثمن مبيع وأجرة وغيرها فمَن كان في ذمته درهم واحد حالٌّ فهو مَدِين ولا يجب عليه الحج حتى يبرئ ذمته منه إما بوفاء أو إسقاط لأن قضاء الدَّيْن مهم جدًّا، حتى إن الرَّجل لَيُقتل في سبيل الله شهيدًا فتكفّر عنه الشهادة كل شيء إلا الدَّيْن فإنها لا تكفّره، وحتى إن الرَّجل ليموت عليه الدَّين فتتعلّق نفسه بدَيْنه حتى يُقضى عنه

والاستطاعة بالبدن أن يكون الإنسان قادرًا على الوصول بنفسه إلى البيت؛ أي مكة بدون مشقة فإن كان لا يستطيع الوصول إلى البيت أو يستطيع الوصول ولكن بمشقة شديدة كالمريض فإن كان يرجو الاستطاعة في المستقبل انتظر حتى يستطيع ثم يحج، فإن مات حُجَّ عنه من تركته، وإن كان لا يرجو الاستطاعة في المستقبل كالكبير والمريض الميؤوس من برئه فإنه يُوَكِّل مَنْ يحج عنه من أقاربه أو غيرهم، فإن مات قبل التوكيل حُجّ عنه من تركته.

هذا واستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المرسلين ، وبعد :

عباد الله : اعلموا أنه إذا لم يكن للمرأة مَحْرم فليس عليها حج؛ لأنها لا تستطيع السبيل إلى الحج فإنها ممنوعة من السفر بدون مَحْرم.

والرسول صلى الله عليه وسلم حينما أخبره رجل أن زوجته ذهبت بدون محرم وأنه قد اكتتب في الجهاد أمره صلى الله عليه وسلم أن يحج مع امرأته

ولا بدَّ أن يكون المحْرَم بالغًا عاقلاً، فمَن كان دون البلوغ لا يكفي أن يكون محْرَمًا؛ لأن المقصود من المحْرَم حفظ المرأة وصيانتها وهيبتها وذلك لا يحصل بالصغير.

والمرأة يحرم عليها السفر على أي حال وعلى أي مركوب طائرة أو سيارة إلا بمحرم وهو زوجها وكل من يحرم عليه نكاحها تحريماً مؤبداً.

هذا وصلوا على نبيكم كما أمركم الله بذلك في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"(الأحزاب:56). وقال عليه الصلاة والسلام من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا.رواه مسلم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين وأعل بفضلك كلمة الحق والدين، واجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد وأوقف نزيف دمائهم اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم من أرادنا أو أراد المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً له اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم واكفف عنهم شرارهم اللهم فك أسر المأسورين واغفر ذنب المذنبين واقبل توبة التائبين اللهم لا تدع لنا في هذا المقام من ذنب إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا كرباً إلا نفسته ولا ديناً إلا قضيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا أيماً إلا زوجته ولا ضالاً إلا هديته ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولنا صلاح إلا اعنتنا على قضائها ويسرتها لنا واغفر اللهم لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين.اللهم وفق ولي امرنا وولي عهده لما تحب وترضى ، وانصر جنودنا في الحد الجنوبي على الرافضة.

اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.(النحل:90). فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.(العنكبوت:45).

1434-11-27هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

9 + 2 =

/500
جديد الخطب الكتابية
روابط ذات صلة
الخطب السابق
الخطب الكتابية المتشابهة الخطب التالي