الدرس الحادي والستون : الربا

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الأربعاء 5 ذو الحجة 1434هـ | عدد الزيارات: 2067 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

الخدمة التي يقدمها البنك للعميل من شركة وغيرها من تغطية حسابه لقاء وجود حسابه الجاري لديها هو من باب قرض جر نفعاً فهو محرم لا يجوز شرعاً .

الفوائد الربوية لا حق فيها للبنك الربوي لإساءته باستثمار الأموال في عقود ربوية ولا حق للآخذ لتمكينه لصندوق التوفير من استثمار مبلغه في الربا وعلمه بذلك فعوقب كل منهما بحرمانه منه وصرفه في وجوه البر كمهر البغي وحلوان الكاهن كسائر الأموال المصادرة عقوبة لمكتسبها ، وليس ذلك من باب الصدقة ولم يُسمَّ في الفتوى صدقة وإنما هو تخلص من مال حرام عوقب المسيء بمصادرته وحرمانه منه وإنفاقه في مصالح الأمة العامة وهي وجوه البر ما عدا المساجد فلا تبنى به تطهيراً لها من مثل هذا الكسب .

مسألة : طلب أحد الموسرين من البنك الذي يودع أمواله لديه احتساب الفائدة على ماله ودفعها للجمعية ؟

والجواب : يجب أن يوقف المذكور الإيداع بربح سواء عين الربح لهذه الجمعية أو غيرها لكون ذلك من الربا المحرم بالكتاب والسنة والإجماع .
وما وصل إلى الجمعية يجوز لها إنفاقه في حاجات الجمعية وإذا علمت أن الفائدة ستستمر لحسابها حَرُمَ على المسئولين فيها أن يقبلوا هذا المبلغ لما فيه من التعاون مع المودع على الربا وإغرائه به .

قيام الصراف ببيع الدولارات الأمريكية لأحد عملائه في خارج المملكة مقابل الريالات السعودية على أن يقوم العميل بدفع الريالات السعودية للصراف على دفع متفرقة ومدد مختلفة ربا النسأ وهو محرم بالنص والإجماع .

مسألة : هل يجوز قضاء الدين بنقد آخر بعد اتفاق الطرفين يقترض كذا ريالات على أن يدفع كذا دنانير بعد الاطلاع على سعر اليوم ؟

والجواب : إذا كان الواقع كما ذُكر من الشرط حرم لأنه صرف مؤجل وإنما يجوز ذلك إذا كان يدا بيد في المجلس .

مسألة : استدنت مبلغ 20 ألف روبية باكستانية من أخي وكان هذا المبلغ آنذاك يساوي مثلاً سبعة آلاف ريال سعودي وأريد رد المبلغ إليه ويساوي هذا المبلغ " عشرين ألف روبية باكستانية " الآن ألفي ريال سعودي فهل يجوز رد المبلغ إليه بالريال السعودي ألفي ريال أو يُرد إليه سبعة آلاف ريال حسب سعره وقت الاستدانة أو يجب رد المبلغ بالروبية الباكستانية مثلما أخذت منه ؟

والجواب : يجب عليك أن ترد المبلغ الذي اقترضته من أخيك بنفس العملة التي أخذتها منه سواء زادت قيمتها أو نقصت بالنسبة لمعادلتها بالعملات الأخرى فترد عليه العشرين ألف روبية باكستانية التي اقترضتها بعشرين ألف روبية باكستانية من غير زيادة ولا نقصان ، ولك أن ترد عليه ما يقابل قيمتها وقت السداد بعملة أخرى سعودية أو غيرها بشرط التقابض في المجلس لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله سائل أنه يبيع بالدراهم ويأخذ الدنانير ويبيع بالدنانير ويأخذ الدراهم فقال صلى الله عليه وسلم : " لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء " .

صرف ذهب بدراهم يُشترط فيه التقابض في المجلس ، والأموال الربوية كالبر والشعير والتمر والزبيب فتجوز المعاوضة فيها إذا اتحدَ الجنس بشرط المماثلة والتقابض في المجلس ويجوز التفاوت فيها مع اختلاف الجنس إذا كانت المعاوضة منجزة لا تأخير فيها عند وقت العقد ، ويحرم التفاوت بين العوضين مطلقاً معجلاً أو مؤجلاً إذا اتحد الجنس ، ويحرم تأخير العوضين الربويين مطلقاً وكذا يحرم تأخير أحدهما إلا إذا كان أحد الربويين نقداً والآخر غير نقد كما في بيع السلم والبيع لأجل .

لا يجوز بيع عشرة أريلة سعودية ورقاً بأحد عشر ريالاً سعودياً ورقاً ، ويجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقاً إذا كان ذلك يداً بيد فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية بريال سعودي ورقاً كان أو فضة أو أقل من ذلك أو أكثر إذا كان ذلك يداً بيد ، ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة بثلاثة أريلة سعودية ورق أو أقل أو أكثر يداً بيد لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه ولا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة .

إذا كان التبادل بين عملتين من جنس واحد وجب التساوي بينهما والتقابض بالمجلس وحرم التفاضل بينهما وحرم تأخير القبض فيهما أو في إحداهما شرعاً ، وإذا كانتا من جنسين جاز التفاضل بينهما شرعاً سواء كان ذلك في السوق السوداء أم في غيرها وحرم تأخير بعضهما أو إحداهما .

لا حرج في استبدال الدولار بالجنيه المصري إذا كان استبداله يداً بيد في مجلس العقد لمصلحة أهل النقود ، ويجوز الاتجار بالعملة بشرط التقابض في مجلس العقد سواء اتحد الجنس أو اختلف وبشرط التماثل إذا اتحد الجنس .

يجوز تحويل العملة من بلد إلى بلد آخر ولو زاد سعرها في البلد الآخر إذا اختلف جنس العملة ، أما إذا اتحد الجنس فلا يجوز إلا مِثلاً بمثل ، ويجوز أخذ عمولة على صرف وتحويل العملات .

مسألة : صرف الهلل هل هو محرم أم حلال أن أبيع التسعة ريالات معدن بعشرة ريالات ورق وأعطي فوق ذلك اللبان أو مسواك ؟

والجواب : بعد دراسة اللجنة للاستفتاء واستعراضها لما صدر منها سابقاً في الموضوع رأت أنه لا مانع من التفاضل في صرف العملة الورقية السعودية بالعملة المعدنية السعودية لاختلاف المادة بينها بشرط التقابض في مجلس العقد .

يشترط لصرف العملات بعضها ببعض التقابض في مجلس العقد ، ولا يجوز استلام بعضها وتأجيل البعض الآخر فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد " .

لا يجوز للمتصارفين أن يتفرقا إلا بعد استلام كل منهما كامل مبلغ الصرافة وعلى ذلك فلا يجوز لمن دفع لشخص 500 ريال لصرفها أن يأخذ 300 ريال في الحال والباقي بعد الافتراق بزمن ولو قصر .

اختلاف أسعار الدولار من وقت لآخر حسب تغير العملات في الأسواق لا حرج فيه .

مسألة : باع إنسان مصاغاً من الذهب لآخر وليس مع المشتري بعض القيمة أو كل القيمة ولا بعد أيام أو شهر أو شهرين هل هذا جائز ؟
والجواب : إذا كان الثمن الذي اشترى به مصاغ الذهب ذهباً أو فضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية أو مستنداتها لم يجز بل هو حرام لما فيه من ربا النسأ وإن كان الشراء بعروض كقماش أو طعام أو نحوهما جاز تأخير الثمن .

مسألة : يحضر إليه شخص معه ذهب مستعمل فيشتريه منه وتعرف قيمته بالريالات وقبل دفع القيمة في المكان والزمان يشتري ذهباً جديداً ، ما حكم ذلك ؟

والجواب : في مثل هذه الحالة يجب دفع قيمة الذهب المستعمل ثم البائع بعد قبض القيمة بالخيار إن شاء يشتري ممن باع عليه ذهباً جديداً أو من غيره ، وإن اشترى منه أعاد عليه نقوده أو غيرها قيمة للجديد حتى لا يقع المسلم في الربا المحرم في بيع رديء الجنس الربوي بجيده متفاضلاً لما روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب - أي جيد - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أَكُلَّ تمر خيبر هكذا ؟ قال : لا ، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : لا تفعل بِعْ الجمع أي التمر الذي أقل من ذلك بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيباً " .

مسألة : أنا أحد العاملين في التجارة بيعاً وشراءً في الذهب المصاغ والذي نقوم بشرائه من التجار المستوردين بالجملة نسدد القيمة لهم على دفعات هل هذا حرام ؟

والجواب : إذا كان الواقع كما ذُكر من البيع والشراء في الذهب المصوغ فالتعامل فيه على هذه الطريقة حرام إذا كان الثمن الذي يسدد به ما اشترى من الذهب المصاغ على دفعات من النقدين الذهب أو الفضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية لما في ذلك من ربا النسأ .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

4 - 12 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 9 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر