الدرس الثاني والستون : بيع الذهـب

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الخميس 6 ذو الحجة 1434هـ | عدد الزيارات: 2016 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد

الحلية التي كُتب عليها لفظ الجلالة لغرض تعليق نساء المسلمين لها على الصدر كما يُعلق النصارى حلية رُسم عليها الصليب ونساء اليهود حلية رُسمت عليها نجمة داود ، ونظراً لأن ما فيه اسم الله قد يُعلق للتعلق به في دفع ضر أو جلب نفع ، وقد يُعلق لغير ذلك ويفضي تعليقه إلى امتهانه كأن ينام عليه أو يدخل به في أماكن يُكره دخولها بشيء فيه كلام الله أو كُتب عليه اسم الله ترى اللجنة أنه لا يجوز استعمال هذه الحلية التي كُتب عليها اسم الجلالة ابتعاداً عن التشبه بالنصارى واليهود الذين نُهي المسلمون عن التشبه بهم وسداً للذريعة وحفاظاً على اسم الله من الامتهان ولعموم النهي عن تعليق التمائم .

دفع قيمة الذهب بعد مدة من عقد البيع لم يجز إذا كانت القيمة المؤخرة ذهباً أو فضة أو ما يقوم مقامهما في التعامل كالورق النقدي لما في ذلك من ربا النسأ وإن كانت من غيرهما كالبر والقماش والحديد ونحوها جاز .

إذا كان لبائع الذهب أقارب وأصدقاء ويشتري أحدهم منه مصاغاً وينقص المبلغ الذي معه وصاحب المحل يمضي البيع ويسجل الباقي عليه حتى يأتي به فلا يجوز ذلك لما فيه من ربا النسأ .

مسألة : أحياناً يشتري صاحب المحل ذهباً بالجملة بواسطة التليفون من مكة أو من خارج المملكة وهو في الرياض من صائغ معروف لديه ، والبضاعة معروفة لدى المشتري كأن تكون غوايش أو غير ذلك ويتفقون على السعر ويحول له الثمن بالبنك فهل يجوز ذلك ؟

والجواب : هذا العقد لا يجوز لتأخر قبض العوضين عنه الثمن والمثمن وهما معاً من الذهب أو أحدهما من الذهب والآخر من الفضة أو ما يقوم مقامهما من الورق النقدي وذلك يسمى بربا النسأ وهو محرم ، وإنما يُستأنف البيع عند حضور الثمن بما يتفقان عليه من الثمن وقت العقد يداً بيد .

مسألة : يشتري زبون ذهباً وليس معه إلا عربون ويطلب مني أن أرفع له الذهب حتى يأتي بالمبلغ ويستلمه مع العلم أن أسعار الذهب ليست ثابتة بين طلوع ونزول وأخبره بذلك فيقول أنا وحظي فهل أسجل السعر على ما اتفقنا عليه عند تسلمي العربون أو بسعر الاستلام ؟

والجواب : لا يجوز مثل هذا العمل لعدم التقابض في المجلس .

الاتجار في الحلي الذي به صورة إنسان أو حيوان لا يجوز لعموم أدلة تحريم التصوير وتعليق الصور ومنها قوله عليه الصلاة والسلام : " إن الله ورسوله حرَّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " ، والأصنام هي الصور سواء منها ما صُوِّر على شكل إنسان أو حيوان أو ما نُقش في حُلي على شكل إنسان أو على شكل أي ذات روح ولا فرق في ذلك بين من يبيعه على مسلم أو غير مسلم .

لا يتم البيع إلا بتسليم العوض وحصول التقابض في المجلس ، أما الحجز فلا يُعول عليه ولا يعتبر بيعاً ولا يدخل الذهب في ملك الحاجز وليس له التصرف فيه ولا المطالبة به لأن الحجز لا يتم به صرف ولا بيع وإنما هو وعد فقط .

بيع الذهب بالفضة أو ما أُعطي حكمها لا يجوز إلا يداً بيد لكن إذا أخذ السلعة من الذهب أو الفضة ليشاور عليها أهله أو غيرهم ثم يشتريها بعد ذلك على الوجه الشرعي أو يدعها فلا بأس بذلك .

مسألة : إنسان أخذ مني مصاغ ذهب وثمن المصاغ ألف ريال وقلت له ما يجوز إلا نقداً ، وقال سلفني ألف ريال وسلفته الألف ريال وأعطاني إياه ؟

والجواب : لا يجوز لأنه احتيال على الربا وجمع بين عقدين عقد سلف وعقد بيع وهو ممنوع أيضاً .

لا يجوز أن يبقى الذهب الذي اشتراه منك على حسابه حتى يأتي بالدراهم لأنه لم يتم العقد تخلصاً من ربا النسيئة ويبقى الذهب لديك في ملكك فإذا حضر ببقية الدراهم ابتدأتما عقداً جديداً يتم في مجلسه التقابض بينكما .

لو توقف شراؤه ذهبك بفضة على أن تشتري منه ذهباً بفضة لا يجوز لأنه من صور بيعتين في بيعة فاترك بيع ذهبك عليه واذهب إلى غيره ممن لا يشترط ذلك .

لا يجوز للرجل الأجنبي أن يدخل الذهب في يد المرأة سواء البائع أو غيره .

لا يجوز لتاجر الذهب أن يشترط على جاره أن يسدده قيمة ما باعه له ذهباً في حالة ارتفاع سعر الذهب لأن هذا من بيع الذهب بالذهب بدون تقابض في مجلس العقد .

إذا كان الصائغ سيقوم بصنعة ذهبك حُلياً حسب طلبك فيأخذ أجرة على عمله فلا بأس بذلك ، أما إن كان سيصنع لك الحلي المطلوب من ذهب غير ذهبك ويأخذ ذهبك مقابله مع الأجرة فهذا لا يجوز لأنه لابد من التساوي في المقدار إذا بيع الذهب بجنسه مع التقابض في المجلس .

البنك السعودي الأمريكي وغيره من البنوك إذا كانت أسست على ربا وتتعامل بالربا فلا تجوز المساهمة فيها لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان وقد نهى الله تعالى عنه بقوله " وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثمِ وَٱلعُدۡوَٰنِۚ " المائدة 2 .

المساهمة في البنوك أو الشركات التي تتعامل بالربا لا تجوز وإذا أراد المكتتب أن يتخلص من مساهمته الربوية فيبيع أسهمه بما تساوي في السوق ويأخذ رأس ماله الأصلي فقط والباقي ينفقه في وجوه البر ولا يحل له أن يأخذ شيئاً من فوائد أسهمه أو أرباحها الربوية ، أما إن كانت المساهمة في شركة لا تتعامل بالربا فأرباحها حلال .

بعد دراسة اللجنة للاستفتاء والنظام لصندوق الادخار لشركة الكهرباء في المنطقة الوسطى أفتت بأن معاملة صندوق الادخار معاملة ربوية حسبما ذُكر في المادة التاسعة من النظام لأن الواقع أن ما يبذله العامل للصندوق في حكم القرض الذي يتقاضى صاحبه فائدة .

الاشتراك في نظام الادخار بشركة أرامكو حرام لما فيه من ربا الفضل وربا النسأ وذلك لما فيه من تحديد نسبة ربوية تتراوح ما بين 5% و 100% من المال المدخر للموظف السعودي وكذا ما يُعطاه الموظف المدخر من المكافأة دون من لم يدخر من موظفيها كما هو منصوص في نظام ادخارها ، وتشجيع الموظف على الأداء الوظيفي والاستمرار بالعمل لا يكون إلا بما أباحه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا بالكسب الحرام .

مسألة : ما حكم ما يُسمى بالبطاقة الذهبية والبطاقة الفضية والتي تبيعها البنوك للمواطنين ولو لم يكن لهم حسابات والفائدة منها بالنسبة للمواطن أن يقترض بموجبها مبلغاً من هذا البنك الذي باعه هذه البطاقة على أن يرد هذا المبلغ خلال أربعين يوماً من تاريخ القرض فإذا تأخر عن هذه المدة فإن البنك يأخذ نسبة بسيطة مقابل التأخير وكلما تأخر كلما زادت النسبة ؟

والجواب : البطاقة الفضية أو الذهبية على الشرط المذكور بطاقة ربوية لا يجوز إصدارها ولا العمل بها لاشتمالها على قرض جر نفعاً وهذا ربا محرم والتعامل بها من التعاون على الإثم والعدوان .

مسألة : يُتداول بين الناس في الوقت الحاضر بطاقة " فيزا سامبا " صادرة من البنك السعودي الأمريكي وقيمة هذه البطاقة إذا كانت ذهبية 485 ريالاً ، وإذا كانت فضية 245 ريالاً تُسدد هذه القيمة سنوياً للبنك لمن يحمل بطاقة فيزا للاستفادة منها كاشتراك سنوي ، وطريقة استعمال هذه البطاقة أنه يحق لمن يحمل هذه البطاقة أن يسحب من فروع البنك المبلغ الذي يريده سلفة ويسدد بنفس القيمة خلال مدة لا تتجاوز أربعة وخمسين يوماً ، وإذا لم يسدد المبلغ المسحوب السلفة خلال الفترة المحددة يأخذ البنك عن كل مائة ريال من السلفة المبلغ المسحوب فوائد قيمتها ريالاً وخمس وتسعين هللة كما أن البنك يأخذ عن كل عملية سحب نقدي لحامل البطاقة 3.5 ريال عن كل مائة ريال تُسحب منهم أو يأخذون 45 ريالاً كحد أدنى عن كل عملية سحب نقدي ، ويحق لمن يحمل هذه البطاقة شراء البضائع من المحلات التجارية التي يتعامل معها البنك دون أن يدفع مالاً نقدياً وتكون سلفة عليه للبنك وإذا تأخر عن سداد قيمة الذي اشتراه أربعة وخمسين يوماً يأخذون على حامل البطاقة عن كل مائة ريال من قيمة البضاعة المشتراة من المحلات التجارية التي يتعامل معها البنك فوائد قيمتها ريالاً وخمس وتسعين هللة .

والجواب : إذا كان حال بطاقة سامبا فيزا كما ذُكر فهو إصدار جديد من أعمال المرابين وأكلٍ لأموال الناس بالباطل وتأثيمهم وتلويث مكاسبهم وتعاملهم وهو لا يخرج عن حكم ربا الجاهلية المحرم في الشرع المطهر إما أن تقضي وإما أن تربي لهذا فلا يجوز إصدار هذه البطاقة ولا التعامل بها .

وبالله التوفيق

وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

5 - 12 - 1434هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

2 + 7 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر