الدرس 153: النكاح 2

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الإثنين 27 صفر 1435هـ | عدد الزيارات: 1791 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

يشرع إعلان النكاح وعدم كتمانه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وأمره بضرب الدف والأصم الأخرس يزوج بالإشارة المفهومة التي يوجه بها في أكله وشربه وسائر أعماله لأن الإشارة المفهومة في هذه الحالة تقوم مقام الكلام في حقه

ويجوز لمأذون عقود الأنكحة أن يعقد لنفسه إذا توفرت أركان النكاح وشروطه وانتفت موانعه

وإذا دفع المعقود له نقودا لمأذون عقود الأنكحة بدون طلب من المأذون أو بطلب منه فله أن يأخذها إذا كان لا يأخذ رزقا من بيت المال على عمله فإن كان يأخذ من بيت المال فلا يجوز له ذلك

ويجوز للرجل أن يعقد النكاح لنفسه فمثلا لو قال ولي المرأة للرجل أنكحتك ابنتي فلانة فقال قبلت صح العقد إذا كان بحضور شاهدين عدلين

س: هل يجوز العقد تليفونياً إذا توفرت أركان النكاح وشروطه إلا أن الولي والزوج كل منهما في بلد ؟

ج: نظرا إلى ما كثر في هذه الأيام من التغرير والخداع والمهارة في تقليد بعض الناس بعضا في الكلام وإحكام محاكاة غيرهم في الأصوات حتى إن أحدهم يقوى على أن يمثل جماعة من الذكور والإناث صغارا وكبارا ويحاكيهم في أصواتهم وفي لغاتهم المختلفة محاكاة تلقي في نفس السامع أن المتكلمين أشخاص وما هو إلا شخص واحد ونظرا إلى عناية الشريعة الإسلامية بحفظ الفروج والأعراض والاحتياط لذلك أكثر من الاحتياط لغيرها من عقود المعاملات رأت اللجنة أنه ينبغي ألا يعتمد في عقود النكاح في الإيجاب والقبول والتوكيل على المحادثات الهاتفية تحقيقا لمقاصد الشريعة ومزيد عناية في حفظ الفروج والأعراض حتى لا يعبث أهل الأهواء ومن تحدثهم أنفسهم بالغش والخداع

س: مأذون شرعي أجرى عقد النكاح غير أنه صار سوء تفاهم بينه وبين والد الزوجة فحلف الولي أن يعيد عقد النكاح عند مأذون آخر فهل له ذلك ؟

ج: طلب والد الزوجة أن يعيد عقد نكاحها عند مأذون آخر لمجرد سوء التفاهم الذي حصل بينه وبين المأذون الأول الذي أثبت عقد النكاح لابنته من مدة من الزمن طلب غير جائز ولا مبرر له ولا ينبغي إجابة طلبه فإن العقد السابق مادام أنه مستوف لشروط النكاح وأركانه وانتفاء موانعه فهو عقد صحيح ولا ينبغي التلاعب بأحكام الله لأجل التشفي ولمجرد الحزازات والتشاحن وعلى والد الزوجة أن يكفر كفارة يمين لتعذر الوفاء بما حلف عليه وننصحه بحفظ أيمانه وأن لا يجعل الله عرضة ليمينه قال تعالى "وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ" (المائدة 89)وقال تعالى: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ " (البقرة 224)

س: هل يجوز عقد الزواج في كنيسة وهل يجوز عقد الزواج مرتين إحداهما على الطريقة الإسلامية والأخرى على الطريقة النصرانية وذلك لإرضاء الطرفين ؟

ج: لا يجوز عقد النكاح في الكنيسة ويكفي العقد الإسلامي ولا يجوز العقد الآخر

س: ما حكم الاشتراك مع المشركين في عقد نكاح بناتهم ؟

ج: لا تجوز مشاركة المسلمين للمشركين في حفلات عقد نكاح بناتهم ونحوها لما في ذلك من إشعارهم بإظهار ولائهم والرضى بما هم عليه من كفر بالله ونبذ لدين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه

وبإمكانك الرجوع لكتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "اقتضاء الصراط المستقيم" لأنه قد بسط القول في هذه المسألة وأشباهها.

س: نحن شباب مسلم والحمد لله من مصر ولكننا نقيم في هولندا ونسأل عن حكم الإسلام في بعض الشباب المسلم الذي يلجأ للزواج من الأوربية أو بعض النسوة الأجنبيات اللاتي معهن أوراق الإقامة وذلك للحصول على الإقامة في هولندا مع العلم أن هذا الزواج صوري أي حبر على ورق كما يقولون أي أنه لا يعيش معها ولا يعاشرها كزوجة هو فقط يذهب معها إلى مبنى الحكومة ومعه شاهدان ويتم توثيق العقد وبعد ذلك كل ينصرف لطريقه مقابل حصول المرأة على مبلغ مالي كبير

هل يجوز للمسلم أن يلجأ إلى هذه الحيلة للحصول على الإقامة وذلك نتيجة للظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر ؟

ج: عقد النكاح من العقود التي أكد الله عظم شأنها وسماه ميثاقا غليظا فلا يجوز إبرام عقد النكاح على غير الحقيقة من أجل الحصول على الإقامة

س: ما حكم انعقاد العقد بصلاة الفاتح المنقولة عن أحمد التيجاني وهي اللهم صلِّ على محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق وما حكم وليمة الملكة ؟

ج: ما ذكر من قراءة صلاة الفاتح عند عقد النكاح لا تفسد العقد لأن الخطبة قبل العقد مستحبة وليست من شروط النكاح وهي خطبة الحاجة الثابتة من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال "علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الحاجة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" آل عمران: 102

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" النساء (1)

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" (الأحزاب 70- 71)

أما إعداد وليمة عند الملكة ليست من البدع في الدين بل هي من العادات وحكمها بحسب ما يحف بها إن وقع إسراف وتبذير وإثقال على الزوج بما لا يستطيعه وضرب طبول ورقص واختلاط ونحو ذلك فلا يجوز وإن خليت من مقارفة محرم فلا بأس على أننا ننصح الزوجين وأولياء أمورهما بالرفق والبعد عن التكلف وبذل الأموال فيما لا منفعة من ورائه وكلما كان الزواج أقل نفقة وأيسر في الالتزامات كان ذلك أدعى إلى صلاح الحال وتوفيق الزوجين

س: ما حكم صلاة الفاتح اللهم صل على محمد الفاتح لما أغلق إلخ ؟

ج: صلاة الفاتح لا أصل لها في الشرع وما ليس له أصل في الشرع فهو بدعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" ولما تشتمل عليه من الألفاظ التي فيها غلو بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم" والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة بإجماع المسلمين وصيغتها معروفة في الأحاديث النبوية وليرجع في ذلك إلى مثل كتاب "جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام" للإمام ابن القيم لمعرفة الصلاة المشروعة على النبي صلى الله عليه وسلم وألفاظها المخرجة في الصحيحين وغيرهما

س: جرت العادة أن يعطى المأذون الشرعي مبلغا من المال مقابل عقد النكاح بين الزوجين هل يباح للمأذون الشرعي أخذ هذا المال علما أنه يذهب مع الزوج إلى مقر الزواج ولو طالت المسافة ؟
ج: إذا لم يكن موظفا لهذا الغرض يتقاضى عليه راتبا من الدولة جاز له أن يأخذ ما يعطاه مقابل تنظيم إجراء العقد وكتابته أما إذا كان موظفا فلا يجوز له حتى لو انتقل من مقر عمله إلى مقر المعقود لهما

س: هل يلزم إحضار مأذون شرعي عند إجراء عقد النكاح وأثناء العقد إذا كانت الزوجة حائض أو كان الولي عليه جنابة هل يؤثر ذلك على صحة العقد وهل من ثلاثة أشهر لإنهاء العدة أم يكفي ثلاث حيض ولو في شهر واحد لإجراء العقد ؟

ج: إذا كان الأمر كما ذكر في السؤال من الإيجاب والقبول منك ومن أبيها ومن الصداق مع حضور الشهود ورضا البنت المسماة في العقد فالنكاح صحيح وإن لم يتول عقد النكاح بينكما شخص آخر فإن ذلك ليس بشرط في صحة النكاح ولا كماله وإنما ألزمت الحكومة رغبتها بإجراء العقد على يد من أذنت له في ذلك وكتابته قضاء على الفوضى ومنعا للتلاعب ومحافظة على النسب والأعراض والحقوق ودفعا للتناكر عند النزاع وطاعة ولي الأمر في ذلك وأمثاله من المعروف واجبة لما في ذلك من إعانته على ضبط شؤون رعيته وتحقيق المصلحة لهم

ومن عقد على امرأة عقد نكاح وهي حائض فلا تأثير لحيضها على العقد عليها سواء كانت بكرا أم ثيبا بل العقد صحيح ويجوز أن تزف إليه وهي حائض ولكن لا يجوز له أن يطأها حتى ينقطع دم حيضها وتغتسل

وإذا أجري العقد بعد ثلاث حيضات بعد الطلاق فالعقد صحيح ولو أن ثلاث الحيضات وجدت في أقل من ثلاثة أشهر

وصحة عقد النكاح لا تشترط لها طهارة المتعاقدين من الحدث الزوج والزوجة أو أحدهما

ولا بأس بإجراء عقد النكاح في المسجد غير أنه ليس سنة والمداومة على عقد النكاح داخل المسجد واعتقاده من السنة بدعة من البدع لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وإن كان يحضر حفلة عقد النكاح نساء متبرجات وأطفال يؤذون في المسجد منع عقد ذلك النكاح في المسجد لما في ذلك من المفسدة

ولا تأثير على تشبيك الأصابع وفرقعتها حين إجراء عقد النكاح فلا أثر لذلك على العقد بل هو صحيح

وبالله التوفيق

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

1435-2-27 هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 132 الجزء الثالث : شروط قبول الدعاء - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 131 الجزء الثالث ‌‌وجوب النهي عن المنكر على الجميع - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة
الدرس السابق
الدروس الكتابية المتشابهة الدرس التالي