الدرس 172: الإيلاء

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 6 ربيع الأول 1435هـ | عدد الزيارات: 2190 القسم: تهذيب فتاوى اللجنة الدائمة -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

من قال لزوجته علي الحرام ألا أجامعك إلا بعد سنة من تاريخ الزعل والتحريم فقد ارتكب إثما بتحريمك ما أحل الله له وعليه التوبة إلى الله ويستغفره مما صنع ولا يحرم عليه جماع زوجته بهذا الحلف بل له أن يجامعها أثناء هذه السنة وإذا جامعها قبل انتهاء السنة فعليه كفارة يمين عما حصل منه من التحريم لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ* لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ"(المائدة 87_90) وقوله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ* قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" (التحريم 1-2) وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام والأولى أن تكون متتابعات

فلا يجوز للمسلم أن يحلف على ترك وطء زوجته فإن فعل ذلك ضربت له مدة أربعة أشهر فإن رجع عن إيلائه ووطئها فقد فاء وإن أبى الفيئة فرق بينهما الحاكم الشرعي لقوله تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " (البقرة226- 227)

ومن هجر زوجته أكثر من ثلاثة أشهر فإن كان ذلك لنشوزها أي لمعصيتها لزوجها فيما يجب عليها له من حقوقه الزوجية وأصرت على ذلك بعد وعظه لها وتخويفها من الله تعالى وتذكيرها بما يجب عليها من حقوق لزوجها فإنه يهجرها في المضجع ما شاء تأديبا لها حتى تؤدي حقوق زوجها عن رضا منها وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه فلم يدخل عليهن شهرا أما في الكلام فإنه لا يحل له أن يهجرها أكثر من ثلاثة أيام لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال "ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام" أخرجه البخاري ومسلم

أما إن هجر الزوج زوجته في الفراش أكثر من أربعة أشهر إضرارا بها من غير تقصير منها في حقوق زوجها فإنه يحلف وإن لم يحلف بذلك تضرب له مدة الإيلاء فإذا مضت أربعة أشهر ولم يرجع إلى زوجته ويطأها في القبل مع القدرة على الجماع إن لم تكن في حيض أو نفاس فإنه يؤمر بالطلاق فإن أبى الرجوع لزوجته وأبى الطلاق طلق عليه القاضي أو فسخها منه إذا طلبت الزوجة ذلك.

الظهار:

س: رجل قال لزوجته التي عمرها 12 سنة يجامع أمه ولا يجامعها بدون قصد ؟

ج: يعتبر ظهارا وهو منكر من القول وزورا.

يحرم على المسلم أن يتكلم به لقول الله تعالى "الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ" المجادلة آية 2

وإذا أراد أن يعود إلى امرأته وجب عليه أن يكفر قبل أن يمسها بعتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا

وإذا قال لزوجته أنت علي حرام حتى تقومي بلازم أولادي فإذا قامت بلازم الأولاد لم يقع تحريم وإن لم تقم بلازم الأولاد فقوله لزوجته أنت علي حرام هذا ظهار تلزمه كفارة الظهار وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد ولا يجوز له أن يقرب زوجته إلا بعد أن يكفر كفارة الظهار

وأما تحريم الزوجة بأنها ما تعول أولاد زوجها فإنها ترجع عنه وتقوم بشؤون أولاد زوجها وتكفر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة فإن لم تستطع ذلك كله فإنها تصوم ثلاثة أيام

ومن قال لزوجته لقد حرمت علي كما حرمت علي أمي فالذي حصل منه ظهار وهو محرم تجب عليه التوبة وإذا أراد العودة لزوجته فعليه الكفارة المغلظة قبل ذلك

ومن قال لزوجته إنه حرم على نفسه زوجته إن سكنها في كذا فإذا حنث في يمينه وسكنها فعليه كفارة ظهار صيام شهرين متتابعين لعدم وجود رقبة للعتق وذلك قبل مساسها فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا

إذا قال لزوجته أنت طالق تحرمين علي كما تحرم مكة على اليهود يقع به على زوجته طلقة واحدة فإن لم تكن آخر ثلاث فله مراجعتها ولا حاجة إلى رضاً منها ولا إلى عقد جديد وإن كانت الطلقة آخر ثلاث فلا تحل هذه الزوجة لزوجها الذي طلق حتى تنكح زوجاً غيره ويدخل بها ويطلقها وتخرج من العدة ولا يكون ذلك حيلة

وأما قوله "تحرمين علي كما تحرم مكة على اليهود" فإن كان الطلاق الذي وقع منه آخر ثلاث فقد صارت بهذا الطلاق أجنبية منه ولا يقع بقوله هذا شيء وإن لم تكن هذه الطلقة آخر ثلاث فإن هذا اللفظ يكون ظهارا وعليه كفارة الظهار

وأما الرجل الذي قال لزوجته "والله إنك علي مثل أمي إلا تصلح بنتي مع زوجها ظاناً أن زوجته هي السبب فتبين له براءة الزوجة فإن الظهار لم يقع منه لأنه أوقعه على أمر فتبين أن الواقع مخالف لما رتب الظهار عليه

وأما كون القاضي أمره بصيام شهرين كفارة ظهار وعجز عن الصيام فأخبره أهل الزوجة أن يصوم أو يطلق وطلق بناء على ذلك فهذا يدل على أنه رتب الطلاق على عجزه عن الصيام الذي وجب عليه كفارة عن الظهار الذي صدر منه وأن القاضي أفتاه بذلك وأن القاضي صادق على أنه أفتاه فبناء على ذلك يكون هذا الطلاق مبنيا على أمر يظن وجوبه فتبين أنه ليس بواجب فلا يقع

وإذا قال الزوج لزوجته أنا أخوك أو أنت أختي أو أنت أمي أو كأمي أو أنت مني كأمي أو كأختي فإن أراد بذلك أنها مثل ما ذكر في الكرامة أو الصلة والبر أو الاحترام أو لم يكن له نية ولم يكن هناك قرائن تدل على إرادة الظهار فليس ما حصل منه ظهارا ولا يلزمه شيء وإن أراد بهذه الكلمات ونحوها الظهار أو قامت قرينة تدل على الظهار مثل صدور هذه الكلمات عن غضب عليها أو تهديد لها فهي ظهار وهو محرم وتلزمه التوبة وتجب عليه الكفارة قبل أن يمسها وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا

ومن قال لزوجته تحرم علي وتحل لي والدتي ما تحل لي هي فما حصل منه من تحريم زوجته يعتبر ظهارا لا طلاقا فإذا أراد العودة لزوجته فيخرج كفارة الظهار

ومن قال لزوجته أنت علي مثل أمي فيعتبر ظهارا والظهار لا تبين به الزوجة بل هي باقية في عصمة زوجها إلا أنه لا يجوز له أن يمسها حتى يكفر كفارة الظهار وإذا توفي عنها ولم يكفر فلها حقها الإرثي منه

ومن قال لزوجته تراك محرمة علي مدة عام يعتبر ظهارا وإن كان تحريمه مؤقتا بعام هو منكر من القول وزورا وعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه من ارتكابه لهذا المنكر ثم إن لم يطأها حتى انتهى العام فلا كفارة عليه وإلا فعليه الكفارة

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وأعاذنا من نزغات الشيطان وكيده

وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وأصحابه أجمعين

1435-3-7هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

8 + 3 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 130 الجزء الثالث ‌‌طائفة الصوفية المتسولة: - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 129 الجزء الثالث الغزو الفكري . - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
روابط ذات صلة