تفسير سورة المطففين

الدرس
التصنيف : تاريخ النشر: الثلاثاء 2 ربيع الثاني 1437هـ | عدد الزيارات: 1657 القسم: تفسير القرآن الكريم -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد

سورة المطففين مكية وآياتها 36

بسم الله الرحمن الرحيم

وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَـئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَـذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ * كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَـؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ

المراد بالتطفيف هاهنا:البَخْس في المكيال والميزان، إما بالازدياد إن اقتضى من الناس، وإما بالنقصان إن قَضَاهم ولهذا فسر تعالى المطففين الذين وعدهم بالخَسَار والهَلاك وهو الويل، بقوله: ( الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ ) أي:من الناس ( يَسْتَوْفُونَ ) أي:يأخذون حقهم بالوافي والزائد، ( وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ) أي:ينقصون

ثم قال تعالى متوعدا لهم: ( أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ) ؟ أي:أما يخافُ أولئك من البعث والقيام بين يَدَي من يعلم السرائر والضمائر، في يوم عظيم الهول، كثير الفزع، جليل الخطب، من خسر فيه أدخل نارا حامية ؟

وقوله: ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) أي:يقومون حفاة عراة غُرلا في موقف صعب حَرج ضيق ضنَك على المجرم، ويغشاهم من أمر الله- ما تَعْجزُ القوى والحواس عنه .عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) "حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه " متفق عليه ، وروي عن المقداد بن عمرو بن الأسود ، رضي الله عنه ، قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تُدْنَى الشَّمْسُ يَومَ القِيامَةِ مِنَ الخَلْقِ، حتَّى تَكُونَ منهمْ كَمِقْدارِ مِيلٍ. قالَ سُلَيْمُ بنُ عامِرٍ: فَواللَّهِ ما أدْرِي ما يَعْنِي بالمِيلِ؟ أمَسافَةَ الأرْضِ، أمِ المِيلَ الذي تُكْتَحَلُ به العَيْنُ. قالَ: فَيَكونُ النَّاسُ علَى قَدْرِ أعْمالِهِمْ في العَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَن يَكونُ إلى كَعْبَيْهِ، ومِنْهُمْ مَن يَكونُ إلى رُكْبَتَيْهِ، ومِنْهُمْ مَن يَكونُ إلى حَقْوَيْهِ، ومِنْهُمْ مَن يُلْجِمُهُ العَرَقُ إلْجامًا. قالَ: وأَشارَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بيَدِهِ إلى فِيهِ. " رواه مسلم

كَلا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ * كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ

قوله (كلا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) قوله عز وجل (كلا) ردع ،أي ليس الأمر على ما هم عليه فليرتدعوا(إن كتاب الفجار) الذي كتبت فيه أعمالهم (لفي سجين ) (سجين) هي أسفل الأرضين السبع
فعن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سجين " أسفل سبع أرضين ، و " عليون " في السماء السابعة تحت العرش" أخرجه أبو داود وأحمد
ولهذا عظم أمره فقال: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ )

وقوله ( كِتَابٌ مَرْقُومٌ ) ليس تفسيرا لقوله ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ) وإنما هو تفسير لما كتب لهم من المصير إلى سجين، أي مرقوم مكتوب مفروغ منه، لا يزاد فيه أحد ولا ينقص منه أحد .

ثم قال: ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) أي:إذا صاروا يوم القيامة إلى ما أوعدهم الله من السَّجن والعذاب المهين المراد من ذلك الهلاك والدمار، كما يقال:ويل لفلان وكما جاء عن معاوية بن حيدة القشيري قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ويلٌ للذي يحدِّثُ بالحديثِ ليُضحكَ به القومَ فيكذبُ ويلٌ له ويلٌ له "رواه الترمذي وصححه الألباني ، ثم قال تعالى مفسرا للمكذبين الفجار الكفرة: ( الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ) أي:لا يصدقون بوقوعه، ولا يعتقدون كونه، ويستبعدون أمره قال الله تعالى: ( وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ) أي : معتد في أفعاله ؛ من تعاطي الحرام والمجاوزة في تناول المباح والأثيم في أقواله:إن حدث كذب، وإن وعد أخلف، وإن خاصم فجر.

وقوله: ( إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ ) أي:إذا سمع كلام الله من الرسول، يكذب به، ويظن به ظن السوء، فيعتقد أنه مفتعل مجموع من كتب الأوائل ، قال الله تعالى: ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) أي:ليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا، إن هذا القرآن أساطير الأولين، بل هو كلام الله ووحيه وتنـزيله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الرَّيْن الذي قد لبس قلوبهم من كثرة الذنوب والخطايا؛ ولهذا قال تعالى: ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) والرين يعتري قلوبَ الكافرين .

وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ العبدَ إذا أخطأَ خطيئةً نُكِتت في قلبِهِ نُكْتةٌ سوداءُ، فإذا هوَ نزعَ واستَغفرَ وتابَ سُقِلَ قلبُهُ، وإن عادَ زيدَ فيها حتَّى تعلوَ قلبَهُ، وَهوَ الرَّانُ الَّذي ذَكَرَ اللَّه كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" رواه الترمذي:وصححه الألباني .

وقوله: ( كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) أي:لهم يوم القيامة مَنزلٌ ونزل سجين، ثم هم يوم القيامة مع ذلك محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهم ، وفي هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ .

قوله: ( ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ) أي:ثم هم مع هذا الحرمان عن رؤية الرحمن من أهل النيران، ( ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) أي:يقال لهم ذلك على وجه التقريع والتوبيخ، والتصغير والتحقير

كَلا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ

يقول تعالى:حقا ( إِنَّ كِتَابَ الأبْرَارِ ) وهم بخلاف الفجار، ( لَفِي عِلِّيِّينَ ) أي:مصيرهم إلى عليين، وهو بخلاف سجين .

عليين مأخوذ من العلو، وكلما علا الشيء وارتفع عظم واتسع؛ ولهذا قال معظما أمره ومفخما شأنه: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّون ) ثم قال مؤكدا لما كتب لهم: ( كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) وهم الملائكة .

ثم قال تعالى: (إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ) أي:يوم القيامة هم في نعيم مقيم، وجنات فيها فضل عميم، (عَلَى الأرَائِكِ) وهي:السرر المزينة بالفرش الحسان، (يَنْظُرُونَ) إلى ما أعده الله لهم من النعيم وينظرون إلى وجه ربهم الكريم .وقوله: ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ) أي:تعرف إذا نظرت إليهم في وجوههم نضرة النعيم، أي:صفة الترافة والحشمة والسرور والدِّعة والرياسة؛ مما هم فيه من النعيم العظيم فإن توالي اللذات والمسرات والأفراح يكسب الوجه نوراً وحسناً وبهجة .وقوله: (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ) أي يسقون من خمر الجنة والرحيق من أسماء الخمر (مختوم) أي أن ذلك الشراب مختوم من أن يداخله شيء ينقص لذته أو يفسد طعمه (ختامه مسك) وذلك الختام الذي ختم به مسك ، وقوله: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) أي:وفي مثل هذا الحال فليتفاخر المتفاخرون، وليتباهى ويكاثر ويستبق إلى مثله المستبقون فهذا أولى ما بذلت فيه نفائس الأنفاس وأحرى ما تزاحمت في الوصول إليه فحول الرجال فليتسابقوا في المبادرة إليه بالأعمال الموصلة إليه .وقوله: (وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) أي:ومزاج هذا الرحيق الموصوف من تسنيم، أي:من شراب يقال له تسنيم، وهو أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه ولهذا قال: ( عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ) أي : يشربها المقربون صِرْفًا وهي أعلى أشربة الجنة على الإطلاق فلذلك كانت خالصة للمقربين الذين هم أعلى الخلق منزلة، وتُمزَجُ لأصحاب اليمين مَزجًا أي مخلوطة بالرحيق وغيره من الأشربة اللذيذة.

لما ذكر جزاء المجرمين وجزاء المحسنيين وذكر ما بينهما من التفاوت العظيم، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ

يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين، أي:يستهزئون بهم ويحتقرونهم وإذا مروا بالمؤمنين يتغامزون عليهم، أي:محتقرين لهم، ( وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ) أي: إذا انقلب، أي:رجع هؤلاء المجرمون إلى منازلهم، انقلبوا إليها فاكهين، أي:مهما طلبوا وجدوا، ومع هذا ما شكروا نعمة الله عليهم، بل اشتغلوا بالقوم المؤمنين يحتقرونهم ويحسدونهم، ( وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّون ) أي:لكونهم على غير دينهم، قال الله تعالى: ( وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِين ) أي:وما بُعث هؤلاء المجرمون حافظين على هؤلاء المؤمنين ما يصدر من أعمالهم وأقوالهم، ولا كلفوا بهم؟ فلما اشتغلوا بهم وجعلوهم نصب أعينهم .

ولهذا قال : ( فَالْيَوْمَ ) يعني:يوم القيامة ( الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ) أي:في مقابلة ما ضحك بهم أولئك .

عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ

عَلَى الأرَائِكِ يَنْظُرُونَ أي:إلى الله عز وجل، في مقابلة من زعم فيهم أنهم ضالون، ليسوا بضالين، بل هم من أولياء الله المقربين، ينظرون إلى ربهم في دار كرامته .

وقوله: ( هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) ؟ أي:هل جوزي الكفار على ما كانوا يقابلون به المؤمنين من الاستهزاء والتنقص أم لا؟ يعني:قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمه وأكمله، فكما ضحكوا في الدنيا من المؤمنين ورموهم بالضلال ضحك المؤمنون منهم في الآخرة حين رؤهم في العذاب والنكال الذي هو عقوبة الغي والضلال عدلاً من الله وحكمة والله عليم حكيم .

تم تفسير سورة المطففين ولله الحمد والمنة

2 - 4 - 1437هـ

التعليقات : 0 تعليق
إضافة تعليق

6 + 6 =

/500
جديد الدروس الكتابية
الدرس 128 الجزء الثالث ‌‌ تحريم الأغاني  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 127 الجزء الثالث ‌‌مضاعفة الحسنات ومضاعفة السيئات  - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 126 ‌‌بيان حرمة مكة ومكانة البيت العتيق - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 125 ‌‌حكم إعفاء اللحية - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 124 الجزء الثالث ‌‌أهمية الغطاء على وجه المرأة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر
الدرس 123 الجزء الثالث ‌‌حكم قيادة المرأة للسيارة - تهذيب وتحقيق فتاوى ابن باز -- للشيخ د . مبارك بن ناصر العسكر